الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربع الأخير .... تخاريف (7) كوفيد - 19

نضال عرار

2020 / 9 / 27
سيرة ذاتية


كانت عشتار آلهة أم ( الحب والحياة والشغف الجنسي والإباحية ) وكانت آلهة للحرب ، أعتقد أن عشتاروت لم تكن أكثر من أنثى برية وحشية كما آل الأمرلأفروديت وفينوس عند الإغريق واليونان ، ولو نجحت أنانا ( عشتاروت ) بإغواء غلغامش لتغيرت الكثير من صفاتها الوحشية في الجنس والحرب لكان الملك الجبار قد ساهم في ترويضها وكبح جماح رغباتها المنفلتة .

كان صيف بيروت عام 1982 وحشيآ كذلك الأمر ، شديد الحرارة والرطوبة والحصار كان وحشيا مفرطا في همجيته كانوا شعب الله المختار (بنوإسرائيل ) ولم نكن سوى حفنة من الكنعانيين الأغيار ، لذا توجب فينا الذبح المقدس . قيظ بدون ماء ورطوبة البحر تزيد من لهب المدينة ، لا كهرباء في صيف بيروت كانت السجائر تضيئ ليلي أستنير بجمرها وأنفث دخانها في الهواء ليمتزج مع رائحة الموت والبارود .
من يروض هذا الجنرال المجنون ؟!!!!
هواء جبلي كنعاني عليل يلف مسائي ، هنا على أرض كنعان قسمت الأرض بوعد الرب بين أسباط اليهود إلا سبط اللاويين كانت لهم خدمة الكهنوت وتقاسم الغنائم من دمنا ولحمنا .
إذا كان الجنس المكبوت لم يصل إلى غايته الغرائزية ( اللبيدو ) أنتج ما يعرف بالحب عند الإنسان كما يرى فرويد ، فإن هذا المنطق لا يستوي مع الآلهه كما رأيناه عند عشتاروت آلهة الحب بغريزتها المنفلته وإباحيتها التي وصفت في رؤيا يوحنا بالزانية " الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة* التي زنى معها ملوك الارض وسكر سكان الارض من خمر زناها* " .هنا مباح كل أشكال القتل والموت على أرض الفينيق ، تما ما كما أبيح القتل على أرض كنعان ، أم أنها عذابات الفلسطيني في رؤى أشعيا ؟!
بيروت ... كورنيش المزرعة ، المدينة كلها تحترق ورائحة البارود تنتشر في كل مكان .. يتهشم الزجاج فوق رؤوسنا ... تعوي الطائرات والمدافع والبوارج تهتز المدينة يقصفون مقبرة الشهداء يستشهد الشهداء من جديد نحمل بعض من لحمنا إلى المشافي على عجل ونودع بَعضُنَا ظهرأ ... ويستمر القصف ....مساءأ نربت على أجسادنا وأرواحنا إطمئنانآ بالسلامة !!!
كان ذاك يوم الأحد الدامي .
كان يسوع المخلص فلسطينيا ، قتله الحاكم الروماني لولاية يهوذا ببلاطس النبطي تحت تأثير كهنة المعبد اليهودي ... صلب عيسى إبن مريم عند أبواب أورشليم .
وعند أبواب بيروت كان الجنرال ينتظر رايات كنعانية بيضاء تسلمه المدينه ، غير أن الرياح لم تسر كما يشتهي ، قاومت المدينة ثلاثة شهور حتى إستعصت عليه .
كان صابر محي الدين في تلك الأيام مثالا
للمثقف العضوي ، قيادي شاب دائم الحركة والفكر والنشاط ، في أحد أمسيات بيروت جاء باحثا عني ، بعد السلام وضحكته الجميلة الودودة قال لي " مبروك لقد ظهرت نتائج الثانوية مبارك نجاحك "
ربت الرجل على ظهري وسحبني خارج القاعدة العسكرية وهمس لي " لقد تواصلت مع دمشق وأوصيت بإبتعاثك للتعليم في إحدى الدول الإشتراكية .... إسمعني جيدآ الدراسة في دمشق باتت غير محمودة ولا أحد يعلم ما ستكون عليه العلاقة مع النظام ، حاول أن تتخطى الأعوام القادمة في التحصيل الجامعي " ربت على كتفي مودعآ ومضى .
هذا الرجل من نمط آخر تبنى تجربتي منذ البدايات رافقته غير مرة وكان حريصا علي ، وكنت أحترم رأيه كثيرآ . وإنني لمقتنع مهما كتبت وأطلت الكتابة فإنني لن أفي هذا الأمير الثوري الأنيق حقه .
لم يكن داوود جنرالآ بل راعي أغنام شارك في حرب بنو إسرائيل على جالوت ملك العماليق بقيادة طالوت الذي إستأذنه لقتال جالوت .
حزنت عشتار حزنا عميقآ لموت زوجها تموز ، فنزلت إليه في العالم السفلي ، توقفت الحياة على الأرض ، إنقطع النسل وهلك الزرع فأمرت السماء بعودة عشتار وعاد معها تموز إلى الحياة .
ليل بيروت الطويل ، يترنح ظلال البنايات من القنابل المضيئة ، صوت الطائرات وحده يملئ المكان ، بوارج من البحر تدوي مدافعها لتدمر في المدينة كيفما إتفق وكما تشاء ، وقف آخر لإطلاق النار ، فرصة أخرى للبحث عن ماء نستحم به .
في بيروت .....
لحظي العاثر لم أحضر أيما حفل ساهر ... ولكني هناك إحتفلت وبإحدى قواعد الثورة إبان الحصار بنجاحي في الثانوية العامة وكتب يومها الصحفي جِبْرِيل عِوَض .. ( هنا تذكرة الدخول إرادة ثورية ) !!!
وفي بيروت ... مزبلة الأوزاعي
أقسمت لكل الأصدقاء بأنني لست ذاك المقاتل اللذي يحمل RBG ، دونما جدوى ... كان ثمة شبيه لي وما زلت أذكره ويذكرني !!!
إقتنعت أورشليم أن داوود ليس جنرالآ وأن أولئك المقاتلين الأغيار أحفاد كنعان لن يرفعوا الراية وتحركت الوساطات العربية لحفظ ماء وجهها ، توقفت الحرب ودقت ساعة الرحيل ، رفضت الرحيل إلى اليمن السعيد أو الجزائر قلت جازما حازما لكل الضغوطات العبثية إما أن أعود إلى دمشق أو إلى دمشق ، كنت متأكدآ أنه ثمة عشتار تنتظرني على بر الساحل السوري !
بقي إعتراف صغير ....
لم تقنعني كل إشارات النصر ووداع الأمهات والعائلات للمقاتلين وحفنات الأرز التي غطت رأسي بوشاية النصر ، مُذ أصبحت على متن السفينة القبرصية راحلا عن بيروت أدركت أننا سنغرق !!!ا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في