الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعصب القومي وكارثيته

محيي الدين محروس

2020 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


نرى - للأسف! - بعض المثقفين السياسيين العرب الذين يتواجدون في قيادات التنظيمات الثورية، وبعض الشخصيات الوطنية التي تعتبر نفسها مع الثورة السورية التي تهدف للتغيير نحو دولة المواطنة والحرية والكرامة لكل مواطن، نجدهم عند الحديث عن القضية الكُردية وعن أهلنا الكُرد في سوريا يأخذون موقفاً قومياً مُتعصباً!
ولا يترددون في توجيه الاتهامات بالخيانة لهذا الفصيل الكُردي أو ذاك! وبعضهم يتجاوز النقد ليقوم بالتشكيك في مواطنتهم السورية…وبأنهم جاؤوا من تركيا أو العراق ..أو من المريخ! مع العلم بأن تواجد الكُرد في مناطق كُردستان وجبالها - ٦١٢ قبل الميلاد - هو قبل أكثر من ألف ومئتي سنة من مجيء العرب من شبه الجزيرة العربية إلى بلاد الشام مع „ الفتوحات الإسلامية - العربية „ - بين عامي ٦٣٣ و٦٤٠ ميلادية ! ودون الحاجة هنا، للتذكير بمسألة „ العارب العاربة „ و „ العرب المُستعَربة „.
لذا لا بد من التأكيد بأن الكُرد في سوريا والعراق وتركيا وإيران هم من سكان الأرض الأصليين تاريخياً ولم يأتوا من بلادٍ أخرى…ونفس الأمر ينطبق على تواجد الآشوريين - السريان في سوريا والعراق قبل تواجد العرب.
ما هي مصادر التعصب القومي العربي؟
تاريخياً: ترافق الشعور القومي مع الأفكار التحررية من السلطنة العثمانية … وبعد ذلك من الحركات الاستعمارية للبلاد العربية. ففي هذه المرحلة أخذ طابعاً تحررياً ووطنياً. ولكن بعد ذلك استغلت بعض القيادات السياسية هذا الشعور القومي العربي للوصول إلى السلطة رافعةً الشعارات القومية: الوحدة العربية ..الأمة العربية … الشعب العربي الواحد … وصولاً إلى: ذات رسالةٍ خالدة !! إلى جانب شعارات أهمية وحدة العرب „ لرمي الإسرائيليين في البحر „ ..! فكانت حرب التحرير في الخامس من حزيران عام ١٩٦٧ ..والتي تحولت إلى نكسة للأنظمة وللشعوب العربية بعد احتلال الجولان والضفة الغربية وسيناء…وبعدها لرفع شعار „ إزالة آثار عدوان ٥ حزيران!
أما مظاهر هذا التعصب على الصعيد الداخلي في سوريا…وخاصةً تحت حكم النظام البعثي:
- سياسة التهحير القسري للكُرد من مناطق سكنهم، واستبدالهم بالقبائل العربية!
- منع تعليم اللغة الكُردية ومنع تداول الكتب والصحف الكٌردية!
- سياسة التعريب لتسميات المناطق الجغرافية الكُردية…ولتسميات القرى والأحياء الكُردية!
- التجاوزات والجرائم في حرمان حق المواطنة السورية للكثير من الكُرد، وهي حق طبيعي لكل مواطن سوري!
تسمية الدولة: الجمهورية العربية السورية، وبالتالي كل مواطن في هويته الشخصية هو „ عربي سوري „ ! وفي هذا هضم لحقوق كل المواطنين السوريين غير العرب: الكُرد والآشوريين - السريان والتركمان والشركس والأرمن!
ومن الجدير بالتذكير بالكوارث الإنسانية -التاريخية للبشرية نتيجة التعصب القومي:
لهتلر - النازية الألمانية، ولموسيليني - الفاشية الإيطالية!
أمام هذا الواقع السياسي والاجتماعي الكارثي كانت ردات الفعل من بعض قيادات التنظيمات والشخصيات الكُردية توجيه غضب الشارع ليس نحو القيادات السياسية الاستبدادية الحاكمة بل نحو „ العرب „ والترك „ …!
ولكن بالمقابل هناك تنظيمات سياسية وشخصيات كُردية عديدة تعي هذه الحقيقة بأن العداء هو مع هذه الأنظمة الاستبدادية وليس مع مكونات المجتمع غير الكُردية. وبنفس الوقت تناضل لتوحيد الصفوف الكُردية - الكُردية، والكُردية مع باقي المكونات السورية - وهذا ما نتابعه اليوم من نشاطات سياسية في شمال شرق الفرات - من
أجل بناء نظام لا مركزي وديمقراطي ودولة المواطنة التي لا مكان فيها للتمييز بين المواطنين على أساس الدين أو القومية أو الجنس أو الفكر. نظام اللامركزية الإدارية الذي يوسع دائرة المشاركة الشعبية في تسيير كل منطقة شؤونها بذاتها ( هذا يتنافى مع الإدارة الذاتية على أساس ديني أو قومي ).
بالمقابل لا بد من توجيه الاهتمام للتصدي لكل مَن يقوم بالتحريض على أساس قومي من خلال نشر فكر المواطنة المتساوية دون قيد أو شرط. ومن خلال تربية الأجيال القادمة بثقافة المواطنة والمواقف الإنسانية دون التمييز بين إنسانٍ وآخر. هذه المهمة ليست بالسهلة وتحتاج لعمل مستمر ولسنوات طويلة لنسطيع إزالة آثار ما يُسمى „ التربية القومية „ التي في الواقع هي ضد القوميات وضد الإنسان. نحتاج إلى ثورة ثقافية - تعليمية - إعلامية مستمرة لتخطي ما زرعته من أحقاد بعض التنطيمات ذات التعصب القومي.
نحتاج في دولة المواطنة إلى دستور إنساني يحترم ويُساوي بين كل المواطنين والمواطنات بغض النظر عن الدين والقومية والجنس والفكر… وعقوبات صارمة لمن يُخالف ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح