الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحيدة

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2020 / 9 / 30
الادب والفن


عاشت وحيدة ، وماتت وحيدة ، بالمعنى الحقيقى للكلمة ، ماتت وحيدة عن عمر يناهز الستون عاما ، واقاربها فى معظمهم يقول عنها البت وحيدة ، يستكثر عليها بعض اقاربها ، حتى عبارة وحيدة مجردة.

ولدت وحيدة لابويين مستوريين يمتلكان قدرا لا يستهان به من الارض الزراعية ، والتى صارت تباع بالمتر لدخولها كردون المبانى .

ولدت بعيب خلقى فى الفم بحيث كان معوج اشد الاعوجاج ، ولا اعلم ان كان هذا العيب الخلقى كان قابلا للتجميل من عدمه ، ولكن ما اعلمه يقينا انه لا احد ساعد هذه المسكينة على خوض غمار التجربة ، رغم انه لم يكن ليدفع مليما واحدا من جيبه ، ففقد كان القليل من ميراث وحيدا كفيلا بسد كل مصاريف الجراحة التجميلية ان كان لها ان تتم . فمن المؤكد انه خلال العشرون عاما الاخيرة فان جراحات التجميل فى العالم كله ، تقدمت كثيرا

عاشت وحيدة مع اخ لها وزوجته اقرب للخادمة منها الى صاحبة منزل او حتى فرد فى اسرة المنزل ، تنادى الكل بأبلة اواستاذة ممن هم فى حكم اولادها ان كانت قد تزوجت ، والكل يناديها وحيدة ، روحى يا وحيدة تعالى يا وحيدة ، فى مشاوير ومهام لا تنتهى

وما ان انتهت مهامهما فى التربية وحمل الاولاد وتربيتهم وتخرجهم من المدارس والكليات وحتى زواجهم ، حتى غادرها الجميع . وكان شقيقها الذى كانت تعيش فى كنفه قد سبقها الى دار الاخرة
ثم غادرت سيدة المنزل زوجة اخو وحيدة المنزل بل والبلدة كلها وتركت وحيدة وحيدة تماما ، بعد ان نال الزمن من وحيدة ولم تكن قادرة بشكل مناسب على القيام بمهامها الانسانية لنفسها .

وعاشت وحيدة سنوات طوال بعدها لا احد يعلم عنها شيئا ، الا عرضا ، ترى كيف عاشت وحيدة سنواتها الاخيرة بدون معين ولا سند ، كيف كانت تفكر فى سنين عمرها التى ضاعت هباء لا احد يدرى ، حتى انهارت صحتها فجاة .

فانتبهت زوجة اخيها للموقف وحاولت تدارك الامر ، ولكن الوقت كان قد فات بالفعل على انقاذ وحيدة .

سالت احد اقاربها ، لماذا لم تتزوج وحيدة ؟ بالتاكيد كان هناك من يمكن ان يتزوجها ان لم يكن لمظهرها فمالها يشفع لها ، ردت على من سالتها لتقول لقد رفض الجميع ان تتزوج وكانوا يقولون ، ان المتقدم لزواجها لابد ان يكون طامعا فيها .

يا لرهافة احساسهم ، وحنوهم على وحيدة وخشيتهم على مالها ، من ان يناله احد غيرهم ، ومضت السنين بوحيدة حتى نادى المنادى انتقلت الى رحمة الله وحيدة ، وماتت وحيدة ، وحتى العزاء لم يحضره سوى اقل القليل حتى من سوف يرثوا وحيدة لم يحضرو ا الجنازة .

وهكذا عاشت وحيدة ، وماتت وحيدة ، ترى كانت تفكر فى سنواتها الاخيرة او حتى فى ايامها الاخيرة ، انا لم ارها فى الفترات القليلة التى تصادف ان قابلتها ، برمة بحياتها ـ او انها كانت ناقمة ، كانت، بالعكس ، تبادرنى ازيك يا استاذ عامل ايه ؟ بصوت عال و شبه ضاحكة ساخرة ، وكانها تسخر منا ومن حياتها وحياتنا ، التى تروح وتنتهى ، لاسباب غير اسباب وحيدة ولكنها فى كل الاحوال تنتهى .

رحم الله وحيدة التى كان لها من اسمها نصيب كبير ، وعوضها مولاها عن شقاء الحياة التى عاشتها فى الدنيا ، بنعيم مقيم فى الدار الاخرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا