الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعراس الثعالب – 7 –

ربيع نعيم مهدي

2020 / 10 / 1
الادب والفن


للتذكير: الأحداث من نسج الخيال ولا علاقة لها بما حصل على أرض الواقع..

(53)
لم تفُلح مساعي المفاوض إلا في جنيّ ثمار الخيبة، طاهر يحيى تحدث بصراحة
- السفينة للبعث ونحن مجرد مسافرين على متنها، القرار بيدهم..
وقبل ان يخرج يونس الطائي من معسكر الرشيد لحق به أحد الجنود لإبلاغه بضرورة المرور بدار الاذاعة قبل العودة الى وزارة الدفاع.

(54)
"ما الذي يبحث عنه في هذا الوقت؟"، سؤال دار في ذهن حافظ علوان وهو يراقب الزعيم
- حافظ.. هل تستطيع مساعدتي في البحث عن ملف القانون رقم 80؟
- قانون النفط؟
- نعم
- بالأمس وضعته في أحد أدراج المكتب
سبق الزعيم مرافقه واخرج مسودة القانون، اختار له مكاناً يصلح للجلوس بين فوضى الانقاض، تصفح القانون فيما كانت يده الاخرى تبحث عن قلم.
حافظ تملكته الحيرة من فعل الرجل، فما معنى مراجعة القانون والموت يقف على بعد أمتار قليلة، وكأن الأمر تحقيق أُمنية لمحكوم بالإعدام امسك المرافق بيد الزعيم وسلمه القلم، نظر الأخير في الوجوه ثم ابتسم
- سأوقع الآن على قرارٍ يقضي بإعدامنا..
ترك توقيعه على القانون وسلمه لحافظ علوان طالباً منه إعادته الى مكانه
- عذراً سيادة الزعيم.. ما نفع التوقيع؟.. ومن سينفذ القانون؟!!
- لا تخف يا حافظ.. ليس كل ما نعرفه يمكن أن يُقال، القانون سيُنَفذ.. في الغد، في العام القادم، المهم انه سيُنَفذ، لا يوجد أحد يجرؤ على كسر القواعد..
في هذه اللحظة سقطت قذيفة بالقرب من مقر الزعيم كأنها تحاول اسكاته.

(55)
متسلح بالأمل، دخل مفاوض الزعيم دار الاذاعة للقاء عبد السلام عارف
- استاذ يونس.. المجلس الوطني لقيادة الثورة قرر أن يقبل استسلام عبد الكريم قاسم دون قيد أو شرط
تفحص المفاوض وجوه الموجودين، حاول ان يجد ما يستطيع به تغيير موقفهم، فهو لا يريد العودة الى وزارة الدفاع المحاصرة خالي الوفاض، تقدم خطوتان بهدوء وامسك سماعة الهاتف ثم اتصل
- سيادة الزعيم.. استسلام بلا شروط
اختطف عبد السلام عارف السماعة وصرخ
- اسمعني جيداً يا كريم ... ليس أمامك سوى الاستسلام .. بلا رتبة.. وبلا سلاح... والافضل لك ان تستسلم بملابسك الداخلية..
بالرغم من خوفه، رفض المفاوض ما تفوه به عبد السلام
- ما الذي تحاول فعله؟.. هل تريد إرضاء رفاقك؟؟.. الست أول من نادى "لا زعيم إلا كريم"؟؟.. تذكر انه معلمك في الكلية وآمرك عندما كُنتَ في الجيش.. هذه ليست أخلاق العسكر .. اتيت الى هنا ولديّ رجاء واحد فقط.. هو ان تسمحوا له بالخروج من البلاد.
سادت الصمت على وجوه الحاضرين، فلا أحد منهم يريد تغيير مصير الزعيم، ولا أحد يريد الاعتراف بالنوايا.
علي صالح السعدي حسم المفاوضات واشار الى عناصر الحرس القومي باعتقال يونس الطائي وحجزه في احدى الغرف، ثم التفت الى رفاقه وسأل
- والآن؟.. هل نستطيع إعلان الحرب؟

(56)
حجارة وعصى وبعض القناني المملوءة بمواد حارقة، هذا سلاح مجموعة الرفاق التي تحصنت في مدخل زقاقٍ يُشرف على شارع الجمهورية، عاد ثالثهم بعد ان غاب لساعة وهو يحمل عدداً من قناني المشروبات الروحية.
- لماذا تأخرت ؟
- لم يكن سهلاً إقناع "عبود"
- ماذا فعلت؟
- تحدثت له كثيراً عن الزعيم حتى بكيت وعدما فاض الدمع في عينيه تفاوضت معه على ترك زجاجة واحد لهذه الليلة..
أكملوا الحديث عن مفاوضات عبود وهم يعملون على تجهيز قنابل المولوتوف
- كنت أخشى ان يغير موقفه فسارعت الى جمع ما متوفر وهو يبكي، ولا أدري هل كان بكائه على الزعيم أم على زجاجات الخمر .. وعندما خرجت صرخ وسألني "ماذا سأفعل غداً؟
- وبماذا أجبت؟
- قلت له ان "الله كريم"
- أنسيت اننا في رمضان؟!
- الله كريم
ضحك الثلاثة دون ان يعلموا ان الموت على موعدٍ معهم بعد ساعات.

(57)
بين حلفائه في مجلس قيادة الثورة قرأ عبد السلام نص البيان 13، تردد كثيراً في التعليق على مضمونه لكنه اكتفى بالقول
- على بركة الله
سُلم البيان لهناء العمري ليلحق بحزمة البيانات التي أُذيعت في ذلك اليوم
- "نظراً لقيام الشيوعيين عملاء وشركاء عبد الكريم قاسم في تعاونه بمحاولات يائسة لإحداث البلبلة بين صفوف الشعب وعدم الانصياع للأوامر والتعليمات الرسمية. وعليه تقرر تخويل القطعات العسكرية وقوات الشرطة والحرس القومي بإبادة كل من يتصدى للإخلال بالأمن. وإننا ندعو جميع أبناء الشعب المخلصين بالتعاون مع السلطة الوطنية بالإرشاد عن هؤلاء المجرمين والقضاء عليهم". الحاكم العسكري العام العقيد رشيد مصلح التكريتي
كلمات ركيكة شكلت مضمون البيان، لكنها كانت كفيلة برسم خارطة الطريق لعناصر الحرس القومي وهم يبحثون عن كنوز الدم.

(58)
قصف مكثف وقنابل عمياء تتسارع لاحتضان الأرض، كلها رسائل جعلت الزعيم يدرك ان المفاوض فشل في أداء مهمته.
أحدهم أشار على الزعيم بضرورة الخروج من وزارة الدفاع والعبور الى قاعة الشعب ومن ثم التسلل عن طريق المستشفى العام الى منطقة الثورة، وتجميع الموالين للقيام بهجوم مضاد.
الفكرة كانت معقولة ومقبولة في ذلك الضرف، لكن تنفيذها أقرب للمستحيل، فمع حلول منتصف الليل استحكمت قطعات الانقلاب حصارها ولم تفلح محاولات التسلل إلا في إجبار الزعيم ومن معه على المبيت في قاعة الشعب.

(وللحكاية بقية)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة