الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافات المتاسلمين 20 - خرافة ابو لؤلؤة ( المجوسي)

زهير جمعة المالكي
باحث وناشط حقوقي

(Zuhair Al-maliki)

2020 / 10 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


خرافات المتأسلمين 20- خرافة أبو لؤلؤة (المجوسي)
نتناول اليوم قصة أصبحت من كثر ترديها وسماعهاعلى والمناير من المسلمات التي لاتقبل الجدل ولا النقاش الا وهي قصة (أبو لؤلؤة (المجوسي ) ) لقذ أصبحت هذه القصة عنوانا للعداء التاريخي بين (العرب ) و ( العجم) وبني على أساسها الكثير من الروايات والاحكام الشرعية التي تم اختراعها من قبل (المتأسلمين ) لاخفاء القصة الحقيقية والدوافع الحقيقية لاغتيال الحاكم الثاني للدولة (عمر ابن الخطاب) . سنركز على جزئية صغيرة من القصة الا وهي الجواب على سؤال " هل كان أبو لؤلؤة مجوسيا ؟ " سوف لن نتعرض لدوافع القتل لانها ستكون مجال لبحث قادم في سلسلتنا لكشف الزيف في تاريخ العرب . وكما تعودنا فلن نستخدم سوى المصادر التاريخية المعتمدة لدى من يسمون انفسهم "اهل السنة والجماعة " . ولنبدء القصة من البداية .
المعروف في قتل عمر بن الخطاب أنه حدث في شهر ذي الحجة سنة 23 هـ، الموافق لسنة 644 حين عودته إلى المدينة من الحج عندما طعنه أبو لؤلؤة فيروز الفارسي بخنجر من نصلين ست طعنات، وهو يُصلي الفجر بالناس، وحاول المسلمون القبض على القاتل فطعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم ستة، فلما رأى رجل من المسلمين ذلك ألقى رداءا كان معه على أبي لؤلؤة فتعثر مكانه وشعر أنه مأخوذ لا محالة فطعن نفسه منتحرا . والرواية كما وردت في صحيح البخاري طبعة دار ابن كثير - دمشق بيروت ،1423 – 2002 ،كتاب فضائل الصحابة باب البيعة والاتفاق على عثمان ابن عفان وفيه مقتل عمر الحديث 3700 الصفحة 910 "قال عمرو بن ميمون: إني لقائم (في الصف ينتظر صلاة الفجر)، ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس، غداة أصيب، وكان إذا مرّ بين الصفين، قال استووا، فإذا استووا ، تقدّم فكبّر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس، فما هو إلا أن كبَّر، فسمعته يقول: قتلني -أو أكلني- الكلب، حين طعنه، فطار العلج بسكين ذات طرفين، لا يمرُّ على أحد يمينًا ولا شمالًا إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلًا، مات منهم سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه بُرْنسًا، فلما ظنّ العلج أنه مأخوذ نحر نفسه، وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدّمه -للصلاة بالناس، فمن يلي عمر، فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرُون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر وهم يقولون: سبحان الله، فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة، فلما انصرفوا قال عمر: يا ابن عباس، انظر من قتلني، فجال ساعة، ثم جاء، فقال: غلام المغيرة، قال: الصَّنَع (يشير إلى غلام المغيرة بن شعبة، أبو لؤلؤة فيروز)، قال: نعم، قال: قاتله الله لقد أمرت به معروفًا، الحمد لله الذي لم يجعل منيّتي بيد رجل يدّعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك -يريد العباس وابنه عبد الله- تحبّان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقًا، فقال عبد الله إن شئت، فعلت، أي: إن شئت قَتَلنا. قال: كذبت -أي أخطأت- بعدما تكلموا بلسانكم، وصلّوا قبلتكم، وحجوا حجّكم. فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه، وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، فأُتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه، ثمّ أتي بلبن فشربه فخرج من جُرْحه، فعلموا أنه ميت." . وقد ذكرت المصادر التاريخية ان أبو لؤلؤة كان مجوسيا كما ذكر ذلك ابن تيمية في كتابه منهاج السنة " وأبو لؤلؤة كافر باتفاق أهل الإسلام كان مجوسياً من عباد النيران، فقتل عمر بغضا في الإسلام وأهله، وحبا للمجوس، وانتقاما للكفار، لما فعل بهم عمر حين فتح بلادهم، وقتل رؤساءهم، وقسم أموالهم " .
ناتي الان لمناقشة القصة بناء على ما أوردته كتب التاريخ المعتمدة . أولا لقد ذكرت كتب الحديث الأساسية ومنها البخاري ومسلم ، حديث منسوب للرسول يقول " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" وقد جاءت عدة أحاديث ، تدل على المعنى نفسه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : ( لأخرجنَّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً ) أخرجه مسلم، عن أبي عبيدة بن الجرَّاح رضي الله عنه قال : آخرُ ما تكلَّم به النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا يهودَ أهل الحجاز ، وأهل نجران من جزيرة العرب ، واعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) رواه أحمد (3/221) وصححه ابن عبد البر في "التمهيد"(1/169) ، ومحققو المسند ، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (1132) . . لو صحت هذه الاحاديث فيكون وجود (مجوسي) في المدينة مخالفة من عمر لامر الرسول بإخراج المشركين من الجزيرة حتى لو كان وجوده بناء على طلب من المغيرة ابن شعبة .
ان الطبري في كتابة تاريخ الرسل والملوك ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، طبعة دار المعارف ، سنة 1387 – 1967 ، الجزء الرابع الصفحة 190 . وابن الاثير في كتابه ، الكامل في التاريخ ،طبعة دار الكتب العلمية، سنة النشر: 1407 – 1987 ، الجزء الثاني الصفحة 446 ذكروا ان أبو لؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب لم يكن مجوسيا وإنما كان نصرانيا حيث ذكروا "عن المسور بن مخرمة قال: “خرج عمر بن الخطاب يطوف يوما في السوق فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وكان نصرانيا ” وذكرى الطبري نفس الرواية قائلا “خرج عمر بن الخطاب يوما يطوف في السوق فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وكان نصرانيا”.
لو رجعنا الئ القصة التي رواها البخاري نجد ان حادثة القتل قد حصلت داخل المسجد وفي الصف الأول من المسجد أي ان " أبو لؤلؤة " كان واقفا في الصف الأول من المصلين بدليل ان الراوي "عمرو بن ميمون" يقول "إني لقائم ، ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس " . ثم يقول بعد ذلك " وأما نواحي المسجد فإنهم لا يدرُون، غير أنهم قد فقدوا صوت عمر" ، أي ان الحادثة حصلت في الصفوف الامامية من المصلين ، فكيف يقف "مجوسي" في الصفوف الأولى من المصلين . خصوصا ان عمر كان يعرف أبو لؤلؤة شخصيا بدليل القصة التي يرويها الطبري وابن كثير حول الكلام الذي حصل بين عمر وأبو لؤلؤة . اذن يجب على ابن تيمية ومن يقول برأيه ان يفسر لنا كيف أن رجلا مجوسيا كافرا يسمح المسلمون بدخوله في المسجد ليصلي فيه ؟ إن هذا معناه أنه كان مسلما، ولو لم يكن لما أجاز له المسلمون دخول المسجد، بل لما أجازوا له البقاء في المدينة المنورة لأن النبي قد حرّم بقاء المشركين فيها هي ومكة المكرمة، فإبقاؤه فيها طوال تلك السنوات دليل على إسلامه.
من ناحية أخرى نجد ان كتب الحديث ذكرت بأن ابنته (لؤلؤة) كانت مسلمة تصف الإسلام، كما ذكره المصنف (مصنف عبد الرزاق) ، تأليف "عبد الرزاق بن همام الصنعاني أبو بكر" ، تحقيق مركز البحوث وتقنية المعلومات ، منشورات دار التأصيل ، 1436 – 2015 ، الجزء الخامس ، كتاب المغازي ،الحديث 10538 "أتى ابنة أبي لؤلؤة جارية صغيرة تدعي بالإسلام فقتلها، فأظلمت المدينة يومئذ على أهلها ثلاثا" وذكر ذلك أيضا ابن حزم في المحلى ، وعلى هذا فقد كان أبو لؤلؤة مسلما لأن كون ابنته صغيرة تصف الإسلام دليل على أن أباها قد لقّنها إياه، وإسلام الصغار إنما يكون تبعاً لإسلام آبائهم، فتعامل معشر أهل المدينة مع البنت على أنها مسلمة وحزنهم على قيام عبيد الله بن عمر بقتلها ظلما حتى أن المدينة أظلمت يومئذ على أهلها.. هذا دليل على أن أباها كان مسلما، إذ لو كان كافرا لما اعتبر أحد ابنته مسلمة، ولما حزن لقتلها، بل لما طالب أحدٌ بالاقتصاص من عبيد الله بن عمر لقتله إياها، لأن المسلم لا يُقتل بقتله كافرا وهذا حكم مجمع عليه. وحيث قد نصّ المؤرخون على أن جمعا من (الصحابة) قد طالبوا عثمان بن عفان بقتل عبيد الله بابنة أبي لؤلؤة فإن هذا كاشف عن كونها مسلمة، فيكون أبوها بالأصل مسلما.
كما ان البيهقي في "السنن الكبرى (سنن البيهقي الكبرى) " ، تحقيق محمد عبد القادر عطا ، منشورات دار الكتب العلمية ، 1424 – 2003 ، الجزء الثامن ، كتاب الجراح ، الصفحة 108 ، الحديث 16083 "عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال لما طعن عمر رضي‌الله‌عنه وثب عبيد الله بن عمر على الهرمزان فقتله فقيل لعمر إن عبيد الله بن عمر قتل الهرمزان قال: ولم قتله؟ قيل: قال إنه قتل أبي. قيل: وكيف ذاك؟ قال رأيته قبل ذلك مستخليا بأبي لؤلؤة وهو أمره بقتل أبي. قال عمر: ما أدري ما هذا انظروا إذا أنا مت فاسألوا عبيد الله البينة على الهرمزان هو قتلني، فإن أقام البيّنة فدمه بدمي وإن لم يقم البيّنة فأقيدوا عبيد الله من الهرمزان. فلمّا ولي عثمان رضي‌الله‌عنه قيل له ألا تمضي وصية عمر رضي‌الله‌عنه في عبيد الله قال ومن وليّ الهرمزان؟ قالوا: أنت يا أمير المؤمنين فقال فقد عفوت عن عبيد الله بن عمر" . أي ان عثمان لم يكتفي بعدم معاقبة عبيد الله ابن عمر على قتله لطفلة ولرجل مسلم ولرجل ذمي بل انه اعتبر نفسه وليا لدمهم وعفا عن عبيد الله ابن عمر .
اذا رجعنا الى أبو لؤلؤة فيروز ولتأكيد كونه مسلما ان ابن أخيه هو " عبد الله ابن ذكوان " فقيه المدينة وامير المؤمنين في الحديث حيث يروي الذهبي في كتابه "المختصر في الرجال " "عبد الله بن ذكوان أبو عبد الرحمن هو الإمام أبو الزناد المدني مولى بني امية ، وذكوان هو أخو أبو لؤلؤة قاتل عمر ، ثقة ثبت روى عنه مالك والليث والسفيانان . مات فجأة في شهر رمضان سنة 131 " . كما ذكره في الطبقة الرابعة من اعلام النبلاء في كتابه المعنون " سير أعلام النبلاء - السيرة النبوية - سيرة الخلفاء الراشدين " تحقيق شعيب الأرناؤوط وبشار معروف وآخرون ، منشورات مؤسسة الرسالة 1402 – 1982 ، الجزء الخامس الصفحة 445 بقوله "ابو الزناد عبد الله بن ذكوان الإمام الفقيه الحافظ المفتي أبو عبد الرحمن القرشي المدني ، ويلقب بأبي الزناد ، وأبوه مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة زوجة الخليفة عثمان ، وقيل : مولى عائشة بنت عثمان بن عفان ، وقيل : مولى آل عثمان ، ذكوان كان أخا أبي لؤلؤة قاتل عمر . قاله أبو داود السجزي ، عن أحمد بن صالح .
طبعا سيقول قائل ان كون ابن أخيه مسلما لا يعني انه مسلم نقول انما ذكرنا ابن أخيه لتعزيز حقيقة ان ابنته الصغيرة كانت مسلمة وانه كان يصلي في الصف الأول من المصلين في المسجد النبوي فكيف يكون مجوسيا؟
مما تقدم نصل الى ان أبو لؤلؤة فيروز لم يكن مجوسيا أساسا بل نصرانيا ثم اسلم ومعنى انه يصلي في الصف الأول من المصلين يعني انه من المصلين المعروفين . والا يكون عمر قد خالف حديث اخرجوا المشركين من جزيرة العرب . وهنا يقول قائل وماذا سنستفيد من كون أبو لؤلؤة مسلم او مجوسي ؟ والجواب هو ان هذه القضية وامثالها أصبحت تمثل حكما شرعيا مازال يتحكم بحياة الناس الى يومنا هذا وما دمنا اثبتنا ان أبو لؤلؤة كان مسلما فهذا يلقي بضلاله عن السبب الذي قتل عمر من اجله وهذا ما سبكون محل بحث عن قريب جدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي