الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي يجعل المذكرة الوزارية عرضة للنقض بمقتضى قانون الإلتزامات والعقود؟

محمد رتيبي

2020 / 10 / 2
دراسات وابحاث قانونية


تعتبر المذكرة بمثابة وثيقة للاتصالات الإدارية، الهدف منها توجيه عمل الإدارة العمومية وفق أهداف محددة. في هذا الصدد، إذا اعتبرنا المذكرة الوزارية بمثابة نص قانوني، فينبغي أن نعتبرها كذلك، فقط على سبيل المجاز لا الحقيقة، لأن النص القانوني له خصائص، على سبيل المثال، فهو غير قابل للنقض أمام المحاكم المختصة على خلاف المذكرة التي تقبل الطعن، أمام المحاكم الإدارية : فما هي الأسباب التي تجعل المذكرة عرضة للنقض ؟ وما هي الشروط التي يجب أن تتوفر من واضع المذكرة؟ كيف يتجلى دور قانون الإلتزامات والعقود في حماية حقوق الإدارة والموظف على حد سواء؟

بداية، إن أي تحليل لهذه الأسئلة، يقتضي تسمية الأسماء بمسمياتها، ونقصد بذلك مفهوم النقض، وقانون الإلتزامات والعقود فكيف تتحدد دلالة كل واحد منهما؟

قانون الإلتزامات والعقود* عبارة عن مرجع وضعه المشرع المغربي بتاريخ 9 رمضان من سنة 1331 للهجرة، وهو يضم كتابين، أول قل قسمين، يمكن التعبير عنهما على النحو التالي :
القسم الأول : في الإلتزامات على نحو عام
القسم الثاني : في مختلف العقود المسماة وفي أشباه العقود التي ترتبط بها.

يعتبر قانون الإلتزامات والعقود مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم علاقات الأشخاص بعضهم ببعض. ويتناول نوعين من الروابط وهي روابط الأحوال الشخصية، وروابط الأحوال العينية، كما يتطرق للأحكام المتعلقة بمصادر الإلتزام وأوصاف الالتزام، وآثار الالتزام، وانتقال الالتزام، وأنقضاء الإلتزام. وإثبات الإلتزام*1

بهذا المعنى، يمكننا القول بأن مراقبة مدى احترام قانون الإلتزامات والعقود هو من اختصاص المحاكم الإدارية، والمحاكم التجارية، ومحاكم الاستئناف الإدارية، ومحكمة النقض. على أن المحكمة الإدارية هي المختصة في النظر حول ما إذا كانت المذكرة تتسق مع أحكام ومقتضيات قانون الإلتزامات والعقود.

ينبغي هنا أن نشير إلى أن "ما الذي يجعل المذكرة الوزارية عرضة للنقض أمام قانون الإلتزامات والعقود؟

إن المذكرة باعتبارها نصا تنظيميا تخضع لسلطة ورقابة المحاكم الإدارية"

لقد صدر القانون الخاص بالمحاكم الابتدائية في عام 1993 م و 1414 من التاريخ الهجري، والجدير بالذكر أن المحاكم الإدارية في داخل المملكة المغربية نجدها تتوزع إلي ما يقارب سبعة أقسام ولعل السبب في ذلك هو أن لديها القدرة على أن تشمل من جانبها كافة الجهات الرئيسية والأساسية في داخل حدود المملكة المغربية، ويجدر بنا هنا أن نشير إلى أن المحاكم الإدارية في داخل المملكة المغربية، تخضع إلي عدة مبادىء، أهمتلك المبادئ، مبدأ القضاء الجماعي. ويقصد بهذا المبدأ أن كافة الأحكام التي يتم إصدارها من قبل المحاكم الإدارية تكون في المقام الأول خاضعة للحكم الجماعي من قبل هيئة قضائية تتكون من ثلاثة من القضاء ذوي الجنسية المغربية2"

يمكننا أن نلخص دور المحكمة الإدارية في المراقبة*2. لكن هذا النوع من المحاكم رغم كونه يمتلك سلطة المراقبة، إلا أن هذه السلطة، ليست مطلقة، بل مقيدة بسلطة أخرى تتجاوزها وهي سلطة محكمة النقض وهو الطعن على حكم محاكم الاستئناف إذا شابها مخالفة فى القانون أو خطأ فى تطبيقه أو تأويله، أو إذا وقع بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر ذلك على الحكم، ولا يترتب على الطعن بالنقض وقف تنفيذ الحكم ولكن يجوز لمحكمة النقض أن تأمر بوقف تنفيذه مؤقتاً إذا طلب ذلك فى صحيفة الطعن وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر 3

هكذا نجد، أن المشرع المغرب ينظر إلى المذكرة باعتبارها إلتزام يحدد علاقة الأفراد بعضهم ببعض من جهة، وعلاقتهم بالمرفق الإداري من جهة ثانية. لذلك فمراقبة المذكرات الوزارية تدخل في صميم المحاكم الإدارية والمحاكم الإدارية ذات الطابع الاستئنافي . لكن ما الذي يجعل المذكرة عرضة للنقض أمام هذا النوع من المحاكم بمقتضى قانون الإلتزامات والعقود ؟

1 عدم كتابة المذكرة بلغة واضحة ودقيقة : لأن دقة اللغة هي الشرط الأول لكي تكون المذكرة مشروعة.
2 إذا تمت صياغة المذكرة دون احترام للالتزامات التي تحدد حقوق وواجبات الفرد والإدارة على حد سواء.
3 عدم تبرير مقتضيات المذكرة بالشكل الكافي : هنا ينبغي الإشارة إلى أن أي مذكرة يجب أن تبني قراراتها وفق دراسة للموضوع، وأن تقدم البراهين المصوغة لقراراتها.
4 عدم احترام الموضوعية، والمقصود بذلك، أن يقحم كاتبها رأيه الشخصي.
5 عدم وصول المذكرة للجهات المعنية في الوقت المناسب والمكان والجهة المحددة. ( احترام شروط التراسل الإداري).

إن دور المحاكم الإدارية بشقيها العادية والإستئنافية مهم بلا يب، ذلك النص القانوني إنما يهدف إلى حماية حقوق الشخص، سواء أكان ماديا أو معنويا.

يمكننا أن نسجل إذن، بأن المذكرة الوزارية تكتسب مشروعيتها من خلال النصوص القانونية التي اعتمدها المشرع المغربي على مستوى القانون المدني، فالعلاقة بين المذكرة والقانون المدني يمكن التعبير عنها بعبارة الفيلسوف اليوناني أرسطو المنطقية، حيث النص الأدنى يأخذ مشروعيته من النص الأعلى ( النص القانوني) والنص الأدنى يجب أن يصاغ بالشكل الذي يخدم فيه النص الأعلى.

لاشك أن المشرع المغربي، كان على بينة من الإختلالات التي يمكن أن تشوب النص، بل وسوء التأويل الذي يمكن أن يتعرض له، مادمنا لا نتعامل مع نصوص رمزية متواطأ حولها، لذلك فقانون الإلتزامات والعقود جاء ليضبط معنى الإلتزامات بين الأفراد ويضيق الخناق على كل تأويل يسعى إلى إلحاق الضرر سواء بالشخص المادي أو الشخص المعنوي.

مصادر وتعليقات :

* صدر قانون الإلتزامات والعقود، بتاريخ 9 رمضان 1331 هجرية الموافق ل 12 أغسطس 1913.

1 النظرية العامة للالتزامات والعقود، مجلة المعلومة القانونية، بتصرف

2 مجلة المحامين، أنواع المحاكم في المغرب واختصاصاتها، بتصرف.

*1 fonctionneront les tribunaux administratifs
Par L Economiste | Edition N°:115 Le 03/02/1994 |

*2 Découvrir la justice administrative et son organisation, conseil-etat./demarches-services/les-fiches-pratiques-de-la-justice-administrative/decouvrir-la-justice-administrative-et-son-organisation








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د


.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي




.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا