الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر حسين مردان / بعقوبيا

مصطفى الهود

2020 / 10 / 2
سيرة ذاتية


الشاعر حسين مردان/ بعقوبيا

خرجت تظاهرات هادرة في بعقوبة تستنكر معاهدة بورتسموث وتقودها القوى الوطنية وعلى راسهم الحزب الشيوعي وقد القى الشاعر حسين مردان كلمة في المتظاهرين (قمت ازرع الفضاء بجمل نـــــــارية لا ينطق بهــــــا الا من كان يحلـــــــــــــــم
بشرف التفاف الحبل حول عنقه) وبعد انتهاء التظاهرات بدأت عملية مطاردة حسين مردان من قبل الشرطة والقت القبض عليه وسيق الى المحكمة.(من مذكرات الشاعر حسين مردان( .
شاعر البؤس والحرمان ورائد الادب المكشوف، ولد حسين مردان في بعقوبا لأسرة كردية الاصل سنة 1927، وانقطع عن الدراسة صبيا وقد سمعت من بعض كبار السن انه سكن منطقة ام النوه في مدخل بعقوبة وسكن منطقة المنجرة اشهر مناطق بعقوبة القديمة يقول عنه من رافقه انه كان كثير التمرد والابتعاد عن طريق الايمان وانتقل بعدها الى بغداد وعمل في حقل الصحافة سنة 1947 وطبع اول مجموعة شعرية له سنة 1949 بعنوان(قصائد عارية) فجاءت تعبر عن نفسه القلقة المحرومة التي تضطرم فيها الشهوة وتعتلج بالعواطف الهائجة وعقبها بمجموعات ترى فيها لفحات تذكرنا بأزاهير الشر للشاعر الفرنسي شارك بودلير وقد حوكم حسين مردان سنة 1952بسبب ما سمي بالبذاءة في قصائده العارية كما حوكم بودلير في باريس في منتصف القرن التاسع عشر بسبب اشعاره المتحررة، وقضى شاعرنا مدته في السجن كضريبة ادبية فرضت عليه.
عاش شاعرنا بائسا براتب ضئيل يدره عليه في عمله في الصحف مخبرا ومحررا حتى ادركه الحمام في بغداد في تشرين الاول عام 1972، قال الدكتور داود سلوم ان مادة قصائد عارية واللحن الاسود قد اثارت بعض النقاد من ذوي المقايس الخلقية وبعض المحافظين من رجال الدين والحلقات الاجتماعية وان مقاساه حسين مردان في حقله ومقاساة الاخرين في حقول اخرى مختلفة يظهر فيه تحديد الحرية في التفكير والتاليف للذين يريدون ان يقولوا ما يرغبون او يعتقدون انه الحقيقة.
وقال الدكتور سلوم ان حسين مردان بالرغم من جراته في الموضوعات الشعرية التي عالجها لم يتحرر من الوزن القديم والقافية المتكررة الا في مواضيع قليلة .
مؤلفاته:
• قصائد عارية 1949
• عزيزتي فلانه 1952
• نشيد الانشاد 1955
• هلاهل نحو الشمس 1955
• الربيع والجوع
• مقالات في النقد الادبي 1955
• رسالة من شاعر الى رسام 1956
• الارجوبة هادئة الحبال
• طراز خاص
• العالم تنور
سيرة بلون اخر:
هذا الشاعر البوهيميّ المشاكس المشرّد التائه في شوارع بغداد وأزقتها والمرتاد مقاهيها الثقافية، بدءا من مجيئه إليها عام 1946 بشعره الإيروتيكي الفضائحيّ الصادم والتحريضيّ، خرج عن المألوف وأشعل حرائق في جسد القصيدة العربية، وجدلا في المشهد الشعريّ العربيّ الحديث، فقد حمل شعره «الصارخ في البرية» رغم انحرافه وشهوانيته وإباحيته المفرطة، نقمة على الواقع ورسم قبح الحياة الساقطة وأزاح اللثام عن وجه مجتمع زائف من منظور شاعر محبط ويائس، لكنه مغرور بنفسه.
حسين مردان (1927-1972 ) طائر يغنّي في غير سربه، وصوت جريء فضائحيّ وغرائبيّ في الشعر العربيّ الحديث في تحريضه على الانحلال والفساد بالمثل، أي بكتابة قصائد جنسية فاضحة وقاسية في إباحيتها، وقد اعتمد هذا الأسلوب من قناعة وهمية سوداوية، بأنّ شعر الحضيض يوصله إلى القمة. عاش حياة غريبة ممسوحة بالبؤس والحرمان، فقد طردته والدته وشقيقته من البيت، كما يعترف في مقالته المعنونة (حسين مردان) «لكي يصبح رجلا قويا في المستقبل. ومنذ ذلك اليوم بدأ ينمو بأعماقي ذلك (المسخ البشع) الذي تمخّض أخيرا عن (حسين مردان) (الشاعر الملعون)». نزف يراعه شعرا غريبا فقد لبس قناع شارل بودلير (1821-1867 ) وفق مفهومه الخاصّ لديوان «أزهار الشر» الصادر عام 1857 وتفاطع معه في شعر البغيّ والغرابة، خاصة في ديوانه «قصائد عارية « 1949، وكرّاسه الحامل قصيدة «اللحن الأسود» 1950، اللذين أوصلاه إلى ردهات المحاكم لإسرافه في الإباحية والفانتازم أي التخيّل الشهوانيّ، لكن في شهر يوليو/ تموز 1950 أصدرت المحكمة قرارها بالإفراج عن الشاعر وديوانه.
شعر حسين مردان الإيروتيكيّ مرايا عاكسة لحياته القاتمة، واحتجاج ورفض لواقع مرّ وهو هروب من قسوة الحياة، هذا ما يتراءى في قصيدة «براكين» التي يصف فيها نفسه بخط أسود في جبين الدهور:
ما حياتي وفجر عمري ولّى
وكوت صفرة الذبول زهوري
يا ليالي لم أعد أتشهى
كلّ ثغر مضمّخ بالعطور
كرهت نفسي الوجود وملّت
عشرة الأرض في ظلال الفجور
النرجسية وتقديس الذات
في عتبة ديوانه «قصائد عارية» يبرز غروره ونرجسيته. فهو يهدي ديوانه إلى نفسه بهذا التوصيف النرجسيّ « لم أحبّ شيئا مثلما أحببت نفسي، فإلى المارد الجبّار الملتف بثياب الضباب إلى الشاعر الثائر والمفكّر الحرّ إلى، حسين مردان أرفع هذه الصرخات التي انبعثت من عروقه في لحظات هانئة، من حياته الرهيبة» ـ ح . مردان بغداد 26-11-1949. هذه النرجسية كافية لشحن الشعر بالاستفزاز والصدام مع المتلقّي، وهو يعرف أنّ القارئ سيكره شعره، لكنّه سيقرأه، ففي عتبة الديوان يخاطب القارئ مستفزا وشاتما «وإنّي لأضحك ببلاهة أعجب كلما تصورتك وقد استبد بك الغضب، فرميت بكتابي بحنق واشمئزاز، وعلى شفتيك المرتجفتين ألف لعنة ولعنة. ولكن ثق أنّك لا تفضلني على الرغم من قذارتي، إلا بشيء واحد وهو إنّي أحيا عاريا بينما تحيا ساترا ذلك بألف قناع». ويطلب من القارئ العزوف عن قراءة الديوان إن كان يخشى ذلك، ويورد تحت عنوان قصيدته «للطين» مقولة ذكورية استعلائية ودونية تجاه المرأة عامة: «لن أحبّ إلا المرأة التي تحتقر جميع الرجال وتسجد تحت قدمي». وفي هذه القصيدة يرفض ويزيل «الشرف الرفيع» و«التقى» عن المرأة ويحثّها على الفجور «ما الطهر ما الشرف الرفيع، وما التقى غير اختلاقات الزمان الأقدم فاستهتري يا بنت آدم كلنا في الأصل للطين المدنّس ننتمي، وتهتكي وهبي لكل متيم، ما يشتهي من جسمك المتضرّم»، وكأنّه يتقمّص صوت ولادة بنت المستكفي (994-1091) في قولها «أمكّن عاشقي من صحن خدّي وأعطي قبلتي من يشتهيها». والمرأة عنده جسد شهوانيّ لا يلتقيها إلا في الحانات هذه العقدة وسمت جميع أشعاره.
شعره لا يحتفي بالمرأة الفكر والروح، بل الجسد والشهوة على غرار صاحب «أفاعي الفردوس» إلياس أبي شبكة.
حسين مردان في بورتريه جبرا إبراهيم جبرا
في «صيّادون في شارع ضيّق» 1960 لجبرا إبراهيم جبرا، التي تندرج ضمن جانب الرواية السيرذاتية، التي تحكي بتماه مع بطلها جميل فرّان مجيء جبرا إلى بغداد عام 1948 للتدريس في إحدى كلياتها، ترتسم صورة حسين مردان وراء اسم «حسين عبد الأمير» الصحافيّ العامل في جريدة «تلغراف الصباح» الذي تعرّف إليه السارد جميل فران في يومه الأوّل وهو يسير في أزقة بغداد، وفي شارع الرشيد. فقد قال حسين لجميل فران أنّه أتى بقصيدة ليريها لسميحة، التي تعمل بغيا، وكانت مشغولة وحين يسأله جميل إن كان يعشق بغيا؟ أجابه «لا أبدا. هذا أمر شائع في تاريخ الأدب وأنا دائما أذكر بودلير الذي كتب القصائد عن تلك الزنجية الفظيعة». ويصوّر حسين مردان المنعوت بالغريب والبوهيميّ من قبل جميل فرّان، بأنّه أشعث، ومهلهل الثياب. ولهجته بغدادية غريبة تجمع بين خشونة الصحراء وشهوانية الحضارات القديمة. ومن حيث مذهبه في الشعر، يعرّف نفسه بأنّه شاعر سيريالي. ويشير جبرا في مقدمة كتابه «أدونيس أو تموز» الذي هو ترجمة للجزء الأوّل من مجلد «الغصن الذهبي» The Golden Bough لجيمس فريز ر، والذي ترجمه جبرا وهو في القدس في أواسط أربعينيات القرن العشرين، والذي صدر في بيروت عام 1957 بأنّ حسين مردان بيّض مسوّدته.

المرأة لا تستحق من الشاعر أكثر من قصيدة واحدة
صاحب هذه المقولة الدونية للمرأة هو حسين مردان في مقالة نثرية له بعنوان «شخصية المرأة» كتب فيها مبررا مقولته «لأنّ شاعر العصر، لا يمكنه أن يضحّي بعشرة أعوام من عمره القصير، في التغنّي بامرأة واحدة، خاصة إنّ الحب نفسه فقد معناه القديم، ومن الأفضل لنا أن نحذف كلمة الحب من لغات العالم، ونضع عوضا عنها كلمة – اشتهاء- فهذه الكلمة أقرب إلى المفهوم العصريّ للحب». ومردان شاعر الاشتهاء انشغل شعره في وصف أجساد نساء الحانات والمواخير، وموقفه من المرأة رفضي وقمعي، فهو مصاب بالميسوجينية، أي كره النساء وازدرائهن، ونعتهن باللهاث وراء الشهوات، كما يتغنّى بالعنف الجسديّ تجاههن وشعره مترع بالسادية المازوخية، كما في قصيدة «بنات الليل». وهو غرائبي في كرهه للمرأة الجميلة وعشقه للمرأة القبيحة على حدّ توصيفه في قصيدة «عبادة القبح». عالمه غرائبيّ ينمّ عن نفس متوجعة مكلومة. وشعره تقويضيّ وصاخب وخال من رفيف الكلمة الشاعرية ذات الموسيقى الهامسة الشفيفة، وهو صدى لعالمه الفجائعيّ وغضبه وجلد لذاته المهزومة ولاغترابه.
شيفرته الشعرية
شيفرة حسين مردان الشعرية مركّبة من عالم اللذة الغارق في رسم تضاريس أجساد نساء الحانات والمباغي والشهوانية، كما أنّ صورته في أشعاره غرائبية تتقاطع مع «لوليتا» ناباكوف في حب وممارسة الجنس مع طفلة، كما في قصيدة «بنات الليل». هذه الصورة القبيحة والسادية تجاه المرأة تتجلى في ديوانه «قصائد عارية» يقول في قصيدة «زرع الموت»، التي يسفح فيها شعره الإيروتيكي الجارح في تغنّيه بعشيقته السمراء التي يتماهى فيها مع شعر بودلير، الذي أحبّ فتاة زنجية وكتب شعرا فيها نكاية بعائلته البورجوازية إبليس والكأس والماخور أصحابي نذرت للشبق المحموم أعصاب من كلّ ريانة الثديين ضامرة تجيد فهم الهوى بالضفر والناب شعره لا يحتفي بالمرأة الفكر والروح، بل الجسد والشهوة على غرار صاحب «أفاعي الفردوس» إلياس أبي شبكة. وشعره شهوانيّ مترع بثاني أكسيد الكربون وشبه خال من الأكسجين، ومليء بالسقطات الفكرية ولا يليق بعالم الشعر المسكون بربات الخيال والفنّ والجمال. ولعلّ ذلك عائد لحياته الشريدة البوهيمية كما يبوح في قصيدة «ثدي أمي»:
قد رضعت الفجور من ثدي أمي وترعرعت في ظلام الرذيلة فتعلمت كلّ شيء ولكن لم أزل جاهلا معاني الفضيلة
حسين مردان شاعر عبثي صاخب شحن الحركة الأدبية بالحراك وتصادم مع القضاء والرقابة وانتصر، لكنّه طبع شعره بمعاداة تاء التأنيث ونون النسوة بشكل.
الشاعر الصعلوك حسين مردان
للمرة الثانية أكتب عن أشهر الشعراء الصعالكة في بغداد في القرن العشرين، حسين مردان، والسبب أن في كل مرة أذكر اسمه وأكتبه بوضوح يصر المصحح أن يغيره من مردان إلى مروان، وكأن حسين ناقص أن نهزأ به ميتاً بعد أن كانت الحكايات تدور حوله وهو حي، لعلنا ننطلق من اسم أبيه، ليس من أحد سمي بهذا الاسم غير والده، فمردان، يعني «صرصور»، وكان أبو عليوي معجباً باسم والده.
حسين مردان قروي نزح إلى بغداد من بعقوبة، وما أن دخل المدينة حتى تربع على عرشها، بل أشعلها جنوناً، فأصبح ملكاً لصعاليكها. حينما جاء بغداد لم يكن نكرة، كانت صعلكته قد سبقته مع قصائده المتميزة،.
والتي تجاوزت كل الخطوط الحمراء، لتزج بالشاعر في المحاكم والمعتقلات لأنه تحدى القيم الأخلاقية السائدة، واعتدى على المحرمات الاجتماعية كما يقال عنه، إلا أنه دافع عن نفسه في المحاكم، فاضطر الحاكم لتبرئته بعد أن استطاع أن يبين قدسية ما طرح وإن كان قد فهم على أنه تجاوز للأخلاق والمحرمات، لكنه سجن أيضاً مرات أخرى.
مما يحكى عنه من الطرائف، أنه وجودي حتى قبل أن يقرأ سارتر وكامي، إلا أن الصدفة قد جمعته بسارتر في موسكو، وإن لم تكن أكثر من التحية والتقاط صور تذكارية حملها معه إلى بغداد، متبجحاً بهذا اللقاء، وقد رد على سائليه عما دار من حوار مع سارتر أجاب كما يروي ذلك عبد الرحمن مجيد الربيعي.
ــ لا علاقة لكم أيها الحفاة الرعاع أشباه الأدباء بلقاء القمم، كنا أنا وسارتر نقرر مصير الكون. حسين مردان حوكم ست مرات. أول وجودي بالفطرة دون أن يقرأ الفلسفة الوجودية أو يتعرف عليها. أول من كتب قصيدة النثر في الوطن العربي، بعفوية بالغة في البساطة، بل حتى قبل أن تصدر مجلة شعر اللبنانية، وقد سمى هذا الجنس من الشعر (نثر مركز) .
من حكاياته الطريفة.. وبعد أن أصبح لديه راتب جيد، سافر إلى اسطنبول، وأحبها وكرر السفر إليها بحجة أن امرأة تركية جميلة تعشقه، وأنه يحمل لها الهدايا لترحب به بالقول بالعامية العراقية (هله أبو عليوي.. اجيت) يضحك زملاؤه ويبادر أحدهم هي تركية كيف تعلمت اللهجة العراقية.
ويجيب عن ثقة.. أي نعم هي تركية.. اني علمتها تحجي بالعراقي، وتتصاعد حركات الغمز واللمز، والضحكات المكتومة، فهم يعرفون أنها حكاية ملفقة، وسؤال خبيث يظل بلا جواب.
ليش أنت ما تعلمت تركي يا مردان.
الحكايات كثيرة عن حسين مردان لكن الأهم في تاريخه أنه شاعر لم يأخذ حقه في الدراسة، وكاتب مقال صحفي لم يرتفع لمستواه كبار الصحفيين، هو ملك الصعاليك وشيخهم وسيدهم مثلما هو شاعر متميز لم تتكرر تجربته على الإطلاق، انتهى....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت