الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وكالة سي آي أيه CIA نقلت البشرية بخفة من التملك الطبيعي إلى التملك المفرط .

مروان صباح

2020 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


/ هذا العمود سوف يجيب عن كثير من الأسئلة التى أثارتها سلوكيات جهاز استخباراتي بات عمره 72 عاماً ومازال في مكتمل العطاء ، فهل كانت وكالة CIA أفعالها مرآة صادقة عكست عن جوهر الديمقراطية والخطاب التقليدي للبيت الأبيض ، أم كانت الخلفية التى تخفي صمت خطط الإدارات في قيادتها للعالم ، هنا نتكلم عن وكالة لا يمكن مقارنتها بجهاز آخر في العالم والتى تقدر موازنتها المعلن عنها سنوياً ب 70 مليار دولار أمريكي ، بالطبع بخلاف مشاريعها المنتشرة في العالم التى تدر لها المليارات والتى ايضاً على الأغلب توظف في مهمات ومشاريع سرية لا تطلع عليها غرف الديمقراطية الأمريكية ، ايضاً يقدر العاملين الرسميين ب 250 ألف موظف وجاسوس ، يعلو كعب المرتبطين بالوكالة ابتداءً من الملوك وايضاً الرؤساء ، مروراً بالعلماء وليس انتهاءً برجال الأعمال إلى عامل بسيط في مقهى أو عامل نظافة أو أي وظيفة أخرى يمكن لها تقديم المعلومات ، بل تحولت وكالة السي آي أيه بعد 72 عام إلى أهم أرشيف عالمي يقتني لكثير من المعلومات والمنتوجات للجنس البشري على مر العصور فضلاً على القضايا الشخصية وايضاً تاريخ الحكومات بشكل عام ، لقد ورثت من النظام النازي ارشيف كامل عن العالم ، لكن ما مضى من طرق للتجسس قد مضى ، ولم تعد تلك سوى تراثية تعود له الأكاديميات من أجل تدريس طلابها للمراحل التى تنامت بها المؤسسة الاستخباراتية ، لأن عالم التكنولوجيا وفر للوكالة وشبيهاتها أساليب تجسوسية تتحكم منها عن بعد ، وبالتالي ، هي أكثر أمنً وأسرع وأشمل ، على سبيل المثال ، أي سماعة في أي جهاز ما تستطيع الوكالة التنصت من خلالها على أي هدف من أهدافها ، بل أيضاً من خلال كاميرات أجهزة الكومبيوتر أو المحول يمكن لها التنصت بالصوت والصورة ، ولأن الأغلبية الساحقة تجهل من غير قصد ، كيف تبنى المعلومات في هذه الأجهزة وكيف تتداخل وأين مصيرها ، أي أن عندما يحذف الشخص العادي معلوماته من جهازه الخاص ، في الحقيقة الأغلبية لا تعرف أين ذهبت ، بل الناس تقيس الحذف هنا كما هو تمزيق الأوراق ورميها في سلة المهملات هناك ، في السابق كانت مؤسسات الاستخبارات توكل عامل النظام بجمع قمامة الهدف ، وبالتالي أصبحت الحياة من ألف إلى الياء مسيطر عليها استخباراتياً ، إذن ، بإختصار من يرغب تفادي رصده أو التجسس عليه ليس أمامه سوى أمرين ، أما الدخول لعالم التكنولوجيا ويصبح شريك عالمي في تطوير نظام الحماية . وهذا بصراحة يحتاج إلى مواكبة التجديد وبالتالي يتطلب ذلك أموال طائلة لكل تحديث ، بل ايضاً كل من يعتقد بأن الحماية الآتية من الخارج هي آمنة ، فهو خاطئ الاعتقاد ، أما الطريقة الأخرى ، هي التخلي التام عن جميع الاختراعات الحديثة ، لأن إذا أخذنا على سبيل المثال ، كاتب المقال أو معدّ تقرير صحفي ، قبل أن يرسل مقاله أو تقريره ، تكون الجهات الاستخباراتية قرأته ، ولعل في مطاردة ابن لادن مؤسس تنظيم القاعدة علامة كبرى ، لقد تمكن دون أدنى شك إفقاد وكالة السي آي أيه تتبعه بالطرق الحديثة ، بالطبع يعود ذلك لتخليه عن حداثة التكنولوجية تماماً ، بالفعل اضطرت وكالة CIA العودة إلى التجسس التقليدي والمسح الجغرافي ( البدائي ) لكي تتعرف على مكانه .

لم تكن على الإطلاق دعاية فنتازية أو ضرب من الخيال ، الثابت بالفعل ، كانت الدول في الزمن القريب وليس بالبعيد تتخوف من زرع جواسيس مزدوجين في دوائرها ، أما اليوم هاجس هذه الدول هو التقنيات الحديثة والتى يطرأ عليها تطور سريع من الصعب ملاحقتها من دول متواضعة الإمكانيات ، وبالتالي تفيد التقارير الخاصة بعالم التجسس والتجسس المضاد ، أن أغلب هذه الدول تخضع إلى مراقبة حثيثة التى تجعل من الوكالة حاضرة بجميع الأزمات والأحداث التى تمر بها هذه الدول ، بل الوكالة راقبت مخططاتها في كثير من الدول التى صنعت فيها انقلابات أو عندما أعادت تشكيل العديد من المؤسسات النقابية والحزبية أو الثقافية ، وهذا المجال الأخير تحديداً ، يخضع لاهتمام كبير لدى الاستخباراتيين ، هناك شغل عليه منذ قرون بعيدة ، بالطبع مع تطور التكنولوجيا أرتبط المشروع الثقافي مع المؤسسات الإعلامية والمراكز البحوث والسينما ، حرص الممول على أن يتحكم بإيقاعهم ، الطبلة وطرقعة الكعوب ، ويتابع التطور طفرته في هذه الأسواق ، هناك عالم جديد من الصناعات التى صنعت على شكل الطيور بهدف التصوير والتنصت ، مازالت أغلب الدول تجهل ذلك ، في القرن الماضي كانت الوكالة CIA وايضاً استخبارات الدول الكبرى ، تستخدم طائرات التجسس الصغيرة ، لكن ليست بالحجم الحالي ، وقد سجل التاريخ حادثة الطائرات الأمريكية التى بفضلها كشفت صواريخ الروسية في كوبا والتى ايضاً أطاحت بأهم رجل مخابرات في العالم ( آلن دالاس ) ، هذا الرجل كان له الأسبقية في تحويل الأرشيف وكالة الاستخبارات الأمريكية إلى مادة علمية ، جعل من المعلومات البشرية التى بحوزة الوكالة إلى مختبرات تحليلية ، مهمتها مراقبة صفات الأشخاص الأحياء الذين يرتبطون بشخصيات رحلوا ، لكن ملفاتهم على قيد الحياة ، وبالتالي الوكالة تعتبر أرشيفها بالكنز الذي يسمح لها دراسة كل حالة على حد وتتعامل معها من واقع معرفي مسبق وتاريخي .

ما هو أكثر أهمية ، بعد سقوط دالاس من موقع رئاسة وكالة الاستخبارات الأمريكية والذي صنفه العالم الاستخباراتي بصاحب نظريات المؤامرات التى لا تحدها حدود ولا تقيدها قيود ، طورت الوكالة عملها وباتت تعمل على توجيه البشرية للانتقال من التملك الفطري إلى شهوة التملك ، بالطبع كما هو معروف بأن حسب التركيبة الخلوقية للفرد ، يلد التملك مع المولد كجزء من سلوكه الاعتيادي ، كاللذة ، وطالما عرّفوا سابقاً العلماء ، بأن الكينونة جوهرها التملك ، جاؤوا رجال الاستخبارات بفكرتهم الجديدة من هذا الجزء ، انطلاقاً من قاعدة أساسية ، ( التملك يجعل المالك حي وعدم ذلك سيكون ضمن تصنيف الأموات ) ، وبالتالي الأغلبية الساحقة ترغب بالحياة ، إذن ترغب بالتملك الذي يجعلها ذات قيمة بين الآخرين ، وايضاً طالما استطاعوا نزع الضوابط عن مفهوم التملك ، أصبح الإفراط هو وجهة كل راغب بالملكية من أجل التفوق على الآخر ، وبالتالي حسب مفهوم المفكرين ، يوجد علاقة وثيقة بين الثروة والفقر ، في المحصلة يتساويان من حيث النتيجة ، لأن الأصل في الموضوع هو الاجتهاد من أجل وصول المجتهد إلى الأفضل وليس الامتلاك ، هذه السياسات التغيرية أدت إلى تغير في الإحساس الفزيائي لصالح النفسي ، فبدل أن يستخدم الفرد عبارة على سبيل المثال ( أشعر بالسعادة مع زوجتي ) تحولت الفكرة ، أشعر بالسعادة في بيتي ، وعلى هذا النمط الامتلاكي المفرط ، أصبحت الأشياء أهم من الأشخاص ، بل في هذا النظام الامتلاكي ، خسرت البشرية تساؤلات متعددة مثل الوجودية وأسبابها والرحيل ومقاومته أو الإعداد له أو البعث وما يترتب عليه ، إذن أدركوا صانعو سياسات CIA بأن البشرية تنقسم إلى ثلاثة أنواع ، الأول ، وهو مارّ في الطريق ، سيقطع وردة متدلية من حديقة ما ، أما الآخر ، يصنف بالنادر ، عندما يقطع الوردة ، يبحث عن جذورها من أجل امتلاكها ومراقبتها وهذا النوع لا بد من السيطرة عليه أو تغييبه ، أما الأخير ، يستمتع فقط بمراقبتها والاشتمام لرائحتها عن بعد ومراقبة الطرفين .

إذن ، الهدف من ذلك كله ، دفع الُمتمرّكزين حول القدوة إلى التمركز حول الأشياء ، التى يصنعها أي فرد عن بعد ، وبالتالى مع مرور الوقت أصبح من الصعب إقناع هذه الأجيال المعاصرة بالأفراد الوطنين أو بالعيش بعيدةُ عن شهوة المليكة ، ( أنا أريد ) ، هو الشعار المرحلي ، فالفارق بين من يقود العالم والمقتاد ، تماماً كالذي يمتلك سيارة وأخر أبتكر فكرة التى صنعت السيارة ، إذن ، سعت وكالة السي آي أيه على وجه الخصوص في العالم الثالث إلى تعزيز السلطة المطلقة ، لأن نتائجها كانت بارعة ، بالتأكيد أنتجت مجتمعات مسلوبة الإحساس ، وهؤلاء المسلوبون مع رحيل شخصية مؤثرة مِّن حياتهم ، يتيهون ، يتشتتون ، لأنهم كانوا رهينة للشخص وليس للفكرة ، ولأن ايضاً في المقابل ، وهذه يوضح المقاصد العميقة للفكرة ومغزى التحول ، عندما يتبرع بل غيتس بثروته التى تقدر 102 مليار دولار للمحتاجين في العالم ، يدرك ضمنياً أن العقل الذي جاء بكل هذه الثروة ، وطالما على قيد العمل ، فإن المال يعوض في أي وقت ، بل عائلته الصغيرة لم تعترض على ذلك لأنها تربت على الإنتاج الذاتي وليس على الاعتماد على الآخر ، فالثروة لديهم تساوت مع الفقر أو كما قال الملياردير مؤسس تويتر جاك دورسي بعد تخليه عن ثروته ( إذا تألم أحد يجب أن أتألم أنا كذلك ) ، وبالتالي هؤلاء استطاعوا المحافظة على الفطرة التى ولدوا عليها ، بالطبع عكس تماماً ، من سرقوا قوت الشعوب ، فهؤلاء لا يمكن لهم التخلي عن ثروتهم ، لأنهم ببساطة شهوانين والمؤهل الوحيد الذي يمتلكونه هو السرقة . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي