الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحشاؤنا؛ قنابلٌ موقوتةٌ

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 10 / 5
الطب , والعلوم


عَلَّمتْنا الكيمياء منذ الصِغر؛ بأن الأكسجين، رغم خموله وعدم قابليته للاشتعال، إلا أنه يساعد على اشتعال النار، التي يتفجر بها الهيدروجين المتوهج؛ عند اندماج أنويته؛ وعندما تقترن ذرة أكسيجين بذرتي هيدروجين؛ يولد جزيء ماء؛ وبتجمع عدة ملايين منه؛ تتشكل قطرة من الماء النقي... الخ.
وتَعَلمْنا من البيولوجي أن عمليات التمثيل الغذائي أو الأيض Metabolism ما هي إلا تفاعلات كيميائية؛ يساعد فيها الأكسجين على احتراق الطعام (كوقود) في الخلايا؛ وتتولد عن احتراقه الطاقة اللازمة لقيام الجسم بوظائفه الحيوية المختلفة، والطاقة الكلية تنتج من حرق الغذاء في ظل وجود الأكسجين في المسعر القُنْبلِيّ (أكسدة الطعام).
وأن الطاقة الناجمة يستهلك الجسم جزءاً منها، وما يتبقى يختزنه على شكل مواد دهنية تشكل رصيداً للطاقة داخل أجسامنا لحين الحاجة إليها؛ ما يعني بأن جميع تفاعلات الاحتراق هي تفاعلات تنشر الحرارة. وفي ظل غياب مثل هذه الطاقة الغذائية؛ لصومٍ طويل أو امتناع قسري؛ يبدأ الجسم في الاعتماد على أنسجته ومكوناته الداخلية؛ أي أن الجسم يبدأ بأكل نفسه بنفسه إن لم يجد ما يأكله؛ بعد نفاذ رصيده من الدهون.
وبعد الاطلاع على بعض الأسرار البيوكيميائية لأجسادنا؛ ستزداد الإثارة اشتعالاً لو علمنا بأن الأكسجين - الذي نتنفسه ويجري بدمائنا- في عملية حرق الغذاء، لا يميل للاقتران والتفاعل إلا مع الهيدروجين المستخلص من عملية الحرق، وهو العنصر المُتَفجِر والقابل للاشتعال في أي لحظة.
وسيزداد الأمر هياجاً وتوهجاً؛ لو علمت بأن وسيلة النقل المنوطُ بها نقل خزان الوقود هذا (الغذاء أو الطاقة)، والذي يتألف من مواد شديدة الخطورة، إلى أجزاء الجسم المختلفة، هو الفسفور الذي يدخل في تركيب الأدينوسين ثلاثي الفوسفات ATP (فوسفات عالي الطاقة)، المسؤول عن نقل وتخزين الطاقة في الخلايا أثناء عملية أيض الكربوهيدرات والبروتينات والدهون، والفسفور عنصر انتحاري؛ فبمجرد أن يلمح في أجوائه درجة حرارة 34 درجة مئوية؛ يستدير ويُشعل النار في نفسه.
كل هذا في وسط بيئي حراري شبه مغلق، إضافة إلى ذلك مناخ العملية المُعبأ بالأكسدة والفسفرة والتميؤ... الخ؛ والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: في ظل توافر كل شروط مثلث الحريق (الوقود، الحرارة، الأكسجين)؛ الأمر الذي يُنذر بمحرقة لا محالة، لماذا لا تشتعل أحشاؤنا وتفلت من تلك المحرقة النظرية؟

والإجابة: ببساطة تكمن في أن تفاعلات تلك العناصر الخطرة يتم ببطء شديد، خلال بضع ساعات، حتى لا تصل حرارة التفاعلات إلى درجة الاشتعال الذاتي auto-ignition temperature، ودرجة الاشتعال الذاتي لمادة ما؛ عبارة عن أدنى درجة حرارة تشتعل فيها المادة تلقائيًا في جو طبيعي بدون مصدر اشتعال خارجي، مثل لهب أو شرارة؛ لذا؛ فقد أفلتت أحشاؤنا من تلك التفجيرات المحرقة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سندوتش بالتنمية البشرية.. ماما دهب بعتبر كل زبون جزء منى و


.. الأمير وليام يستأنف أنشطته بعد إصابة كيت بالسرطان




.. -ناسا- تتهم الصين بالقيام بأعمال عسكرية في الفضاء وتحذر من و


.. كل يوم - متحدث مجلس الوزراء: رئيس الوزراء حريص على القيام بج




.. فريق طبي أردني ينطلق لشمال قطاع غزة لتقديم الخدمات الطبية