الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجلّيات في حضرة المتنبي...كتابة جديدة

سعد جاسم

2020 / 10 / 5
الادب والفن


أوقفتُ المتنبي
في " البابِ الشرقيِّ *"
وقلتُ له ُ:
- هَلْ رأيتَ الظلاميينَ
ينتحلونَ وجوهَ ملائكةٍ
ويفخخونَ البلادَ
بكيمياءِ الموتِ
والفتنةِ الفادحة ؟

وهَلْ رأيتَ البرابرةَ
يقضمونَ الوردَ
ويَمزّونَ بأكبادِ العصافيرِ
ويدوسونَ على أجنحةِ الأطفال
وقلوبِ الامهاتِ
وفراشاتِ الندى ؟

وهَلْ رأَيتَ المُتظاهرينْ
وصبايا وفتيانَ تشرينْ
وهُمْ يتساقطونْ
كعصفٍ مجنونْ
برصاصِ الوحوشِ الحي
وكواتمِ وسكاكينِ المُلَثّمينْ
والقَتَلةِ المأجورينْ
والغُرباءِ المُستوردينْ ؟

وهَلْ رأيتَ الحَمامَ
الحُبَّ
الانوثةَ
العشبَ
والأغاني
تُقبرُ في مدافنِ الأوبئة ؟

وهَلْ رأيتَ كيفَ قلبُ البلدْ
وقدْ تناهبتهُ الهَمَراتُ
والمفخخاتُ
المآربُ .... المكائدُ
وعواصفُ الأبدْ ؟
فقالَ لي :
( أرقٌ على أرقٍ
ومثليَ يأرقُ
وجوىً يزيدُ
وعبرةٌ تترقرقُ ) **
فتأوّهتُ - حدَّ اللوعة ِ -
وقلتُ لهُ :
كفاكَ الشعرُ إذَنْ
شرَّ السافلِ
والجاهلِ
والعاطل
وكفاكَ سُمَّ الوصولي
والكحولي
والذيولي
والغامضِ والقاتل
فقالَ لي :
بوركتَ ياسليلي وسَنَدي وحبيبي
ثُمَّ صاحَ هادراً كعاصفةٍ
أربكتِ الجنديَّ الواقفَ
في ( نصبِ الحريةٍ) ***
ضاقَ ذرعاً بأنْ أضيقَ بهِ)
ذرعاً زماني وأسْتَكرمتْني الكرامُ
واقفاً تحتَ أَخْمصَيْ قَدْرِ نفسي
واقفاً تحتَ أَخمَصيَّ الأنامُ )
وحينَ شكوتُ إليهِ الذينَ
أقاسمُهم خزامى رغيفي
وأَسْقيهمْ ينابيعَ روحي
وأغْمرُهم بدفءِ بيتي
وأَسْترُ عُرْيَهمْ وعارَهم
ولكنّهم يَعضّونَ قلبي
ويسرقونَ مباهجي
وضوءَ عيوني
فتنفَّسَ مقهوراً ... ويَعْني
لكأنكَ .... انّي :
" أفيْ كلِّ يومٍ تحتَ ضَبْني شويعرٌ
ضعيفٌ يقاويني قصيرٌ يُطاولُ
لساني بنطقيَ صامتٌ عنهُ عادلُ
وقلبي بصمتي ضاحكٌ منهُ هازلُ "
ثم تَبَسّمَ رائقاً
وأشارَ لحصانٍ يعصفُ جذلاناً
في ( نصبِ الحرّيةِ )
وقالَ لي : كنْ نافراً مثلهُ
ومثلَ (جوادِ سليمْ)
وتذكّرْنا حينَ تضيقُ عليكَ
وحينَ تُبتلى بمناكيدِ
ورعاعِ الأرضِ
وعيّاريها الحمقى
ونفحَ بروحي الظمآى
عبيرَ القولِ
ضوءَ الحكمةِ
سرَّ الرؤيةِ
وبهاءَ الشبابْ
وقالَ لي :
( أعزُّ مكانٍ في الدُنا سَرْجُ سابحٍ
وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ )
ثمَّ إِحْتَضَنني وباسَ جبيني
عاضداً ساعديَّ ومضيئاً طريقي
وقالَ لي : اسْتَوْدعكَ الصبرَ
المِسْكَ ... السرَّ
ياحبيبي وسليلي وصديقي
ثمَّ فارقتُهُ هامساً :
ألقاكَ هناااااااكَ...
حيثُ الفراديسُ تنتظرُنا
لا المتشاعرونَ الصغارُ
ولا "الحواسمْ"
ولا الغنائمْ
ولا العمائمْ
ولا الأَفاعي
ولا الذئابُ
بيننا ياصاحبي
وجعٌ واحدٌ
وحُلُمٌ واحدٌ
ووطنٌ واحدٌ
وقَدَرٌ واحدٌ
وقصيدةٌ وكتـــــــابُ
---------
اشارات
---------
* الباب الشرقي : واحد من ابواب بغداد الشهيرة
** كل ماهو بين اقواس من اشعار المتنبي ؛
وتوجد ثمة اشطر وضعها الشاعر افتراضياً
على لسان المتنبي تعزيزاً لدرامية الحوار
وحلميته الشعرية ؛ وفيها قصدية متعمدة
*** نصب الحرية : أهم وأعظم نصب تذكاري عراقي
ويرمزُ للثورة والحرية وقد أبدعهُ الفنان الخالد جواد سليم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا