الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس ترمب والعالم ...

مروان صباح

2020 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


/ ما يتغافل عنه أمثال محطات الإعلام الأمريكية وسواها كثر في العالم ، هو تلك الحقيقة اللامعة التى تؤكد على أن الولايات المتحدة الأمريكية في كل مرة تُثبت أنها تدار بالاقتصاد وشعبها يدار بالإعلام ، وهذا يفسر كيف تهاوت الأسهم لمجرد إعلان إصابة الرئيس ترمب بفيروس كوفيد 19 ، لقد سجل تاريخ الأمريكي في دفاتره ، خمسة روؤساء متميزين من بين 45 رئيس تولوا هذا المنصب ، جورج واشنطن ابو الأمريكية وإبراهيم لينكولن ابو الوطنية وفرانكلين ورزفلت ابو الانتصارات وجون كينيدي محبوب الجماهير وبيل كلينون فاعل المعجزة الاقتصادية ، إذن ، مع الاقتصاد المنكمش أو المتهاوي ، ابتداء من النفط وليس انتهاءً بلقمة العيش ، هل يصبح دونالد ترمب ابو الاقتصاد العالمي ومنقذ البشرية ، ربما ، لهذا ، وهو إعتراف لا بد من تسجيله حتى لو كانوا المختلفون معه كثيرون ، هذا الرجل أستطاع أن يصنع علاقة بينه وبين كل شخص في المعمورة ، بغض النظر عن فحواها ، لكن الرئيس ترمب تحول إلى عنصر أساسي مع كل عائلة أو جماعة ، إن كان ذلك إيجابياً أو سلباً ، وبالتالي التخبط التى تعيشه البشرية ، تارة تبدي انزعاجها منه واطواراً ، تبدي تخوفها على الاقتصاد العالمي بسبب فيروس مستجد ومجهول ، لم يصنع كل ذلك رئيس أمريكي من قبل ، قد يكون ترمب منذ جلوسه خلف المكتب البيضاوي تحول إلى حديث الإعلام والناس بلا منازع ، وبالتالي حتى الآن يمتلك بقبضة يده ، الاقتصاد والإعلام ، هنا أؤكد على أن الإعلام المعارض ليس بالضرورة سلبي ، بل أغلب الأحيان يصب لصالحه ، لأن تفاعلاته على الوسائل الاجتماعية أو تصريحاته تُعبر بالأصل عن أمريكيته ، فالأمريكيون يمضون طلية وقتهم على البرامج التفاعلية والمثيرة أو تلك المحشوة بحكايات الجدات .

هذا الزمن الذي لم تترك فيه الذئاب الرمادية عن المراوغة بعد ما أبدوا صبرا ملفت ، فالعالم كالضباع ، الجميع ينتظر واشنطن أن تتراجع لكي ينقضوا على اشلاء فرائسها ويمتصون النخاع ، فأعداء الرئيس ترمب ، أعداء امريكا التقليدين ، أو بالأحرى من يرفضون الخضوع لسياساتها أو من يحاول التمرد على القوانين الدولية ، على سبيل المثال ، الصينين يفضلون رحيله وعدم انتخابه ، لأنه قلب الطاولة على توغلهم المنفلش في الاقتصاد أمريكي وبات يضع حد لهم في مناطق يسعون الانتشار فيها ، وهذا بالطبع قد يندرج تحت التنافس الدولي ، ايضاً الفلسطينيون ، أسبابهم واضحة ، فالرجل متحيز بالمطلق للسردية الاسرائيلية اليهودية ، لكن ما لا يستوعبه الناس العاديين ، علاقة واشنطن بموسكو وبالتالي ، لم تكن العلاقة وليدة إدارة ترمب ، بل بالعكس ، الذي أسس لهذه العلاقة الوطيدة ، باختصار الرئيس اوباما الأسبق ، ولأن روسيا اليوم ليست تلك التى كانت في زمن الإتحاد السوفيتي ، كان من الطبيعي أن تتحول روسيا الأرثوذكسية إلى شريك منافس لأوروبا الكاثوليكية ، طالما يشتركون في الأهداف ويختلفون بالطريقة ، يقف اليوم الرئيس ترمب ، وهذا الوقوف قلة تعلم عنه ، بين حدود اللاهوت والفلسفة ، ولأنه ولد في بيت إنجيلي ، إلا أن يبقى كأي مسيحي يعيش على أرض أسست على الوطنية الأمريكية ، متمسك بأمريكيته ، ولأن ايضاً في بلد مثل الولايات المتحدة ، ليس سهلاً النزوح عن تلك الحدود ، وبالتالي اختيار واحدة عن الآخرى ، أي محاولة اجتباء اللاهوتية على الوطنية الامريكية التى صنعتها فلسفة الأقدار الصعبة ، يُعتبر اجتيازه بالأمر المستحيل ، وهذا السؤال يبقى فاعل منذ رفض الرئيس المؤسس جورج واشنطن أن يكون ملكاً للولايات ، وأصر على مدنية الدولة وديمقراطيتها والتعددية وتداول السلطة ، وبالتالي السؤال الجوهري الذي يشغل النخب الأمريكية ، هو كيف يمكن المحافظة على هذه الحدود .

يأتي الوقوف هنا بعد أزمنة شهدتها المسيحية من انشطارات للذات وانقسامات للكينونة ، جاء الوقوف بين الدين والفلسفة نتيجة وقوف سابق بين الناموس الموسوي وربوبية المسيح أو ما يسمى ( السيادة الصحيحة ) ، وطالما الإنجيليين يرددون شعار التفوق والانتصار ، إذن لا مفر من تحالف اللاهوت والفلسفة معاً ، هو ضرورة ثابتة من أجل تحقيق الهدفين ، لهذا المذهب الإصلاحي الذي ينتمي له الرئيس ترمب وإدارته ، يؤمنون بأن اللاهوتية تبدأ ببنية الوجود، والفلسفة تهتم بمعنى الوجود ، أي أن الإيمان المطلق والعلم المطلق يوّصلان للتفوق والانتصار ، إذن بالفطرة الايمانية والوطنية الأمريكية ، يقود ترمب إدارته بالعقلية البروتستانتية العميقة ، على خلاف العقلية الكاثولوكية القديمة ، لأن الاستقلال الذاتي هو الجوهر الثابت في البروتستانتية ، أما عند الكاثوليكيين ، فالحكم المركزي هو الدارج ، ويتولى المركز نيابةً عن الكنيسة والمنظمات المسيحية اتخاذ القرار ، وبالتالي المذهب البرتستانتي قدم أسئلة تصل إلى الشك حول المثالية والوجودية ، لهذا وضع فاصل بين المثالي والوجودي ، فالإنسان عندما يفكر بالله سيفكر تفكيراً مثالياً وأما تفكيره بالإنسان سيكون وجودياً ، وهذه القاعدة جاءت نتيجة دراسة استنباطية للإنجيل التى توصلت إلى أن جوهره لا يمكن استدلاله من مبادئ الفلسفة ، كما أن البرتستانيون الأوائل ، لم يأخذوا الشريعة المسيحية كقوانين نهائية ، بل اتعبروا أن الكثير منها تحتاج إلى مراجعات لأنها ليست عقلانية ، كالكريسماس / ميلاد المسيح / الرب الذي هو طفل / رضيع / ثم النهاية ، مذنب ومصلوب ، إذن ، فلاسفة الإصلاحيون الذين بدأوا بالبحث عن ما هو مفقود من الإبراهيمية في الهند وقبل ذلك عند الإغريقيين وليس انتهاءً بمارتن لوثر الإصلاحي ، كان الهدف ومازال ، هو المكمل لقضايا اللاعقلانية والتى دفعت بهذا المذهب على وجه الخصوص ، بالبحث عن أرض كنعان الثاني ، بالفعل وقفوا الأمريكيون بين حدود المثالية والوجودية والدين والفلسفة ووضع خط ودائرة تجمعهم ، لكي يتجنبوا مزيد من الانشطارات والانقسامات .

والحال أن مارتن لوثر علا نجمه في أبراج كنائس الألمانية ومن ثم الأمريكية وبقت نفوذه في قضايا تحوم حولها الخلافات ، قائمة أو وضعت في صندوق الرفض ، لكن بعض العادات التى رفضها ، عادت بعد انطفأ كادت تنسى تماماً ، وبالتالي الفلسفة هنا خاضت حروب كنائسية وايضاً دموية ، تحديداً عندما دعت بعدم أخذ الشريعة كمقدس ، لأن إذا كان هيكل العبادة الذي يرمز لعبادة التوحيد ، قد بدأ بقبة واحدة في عمارة الكنائس ، كتعبير عن وحدانية الإله ( الله الواحد) وبعد ذلك تطور إلى أن صارت الكنيسة يعلوها ثلاثة قبب ، يمثلون الثالوث واخيراً القبب الخمسة ، المسيح وأصحابه الأربعة ، وبالتالي استطاعت البروتستاتية بشكل كبير ، الإجابة عن الكثير من التساؤلات ، كانت لدى الفلاسفة تعتبر ( اللاعقلانية ) ، وفي مقدمة ذلك العداء الثابت لليهود وتحميل الأجيال المتعاقبة دم المسيح .

الإنزواء احياناً وليس في كل الأوقات ، لا يختلف عن زهايمر الشيخوخة ، تحديداً إذا لم يأتي بأفكار ، في المقابل ، الأغلبية يقتصر دورها على المكوث في مربعات الثرثرة والفضول وعدم الرضى من الواقع والخوف من القادم ، فينتهي بها إلى خلاصة لازمت العصور ، أي أنها موجود لكي تموت فقط ، وهذا بحد ذاته نمط كانت الكنائس مع السلطة تحول تعزيزه في السابق ، بهدف إيجاد قلق دائماً لدى الناس ، لكن الأهم في إعتقادي ، بالرغم من استقلالية الكنائس في الولايات المتحدة الأمريكية وحسب انتمائها لقاعدة الاستقلال الذاتي بقرارتها ، إلا أنها هنا ، شبه متوحدة بشأن الرئيس ترمب . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر