الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المجتمع المدني / الحقائق والمعطيات
علي حسن الفواز
2006 / 7 / 8المجتمع المدني
يفترض مفهوم المجتمع المدني ،مفهوما آخر لمجتمع حكومي او سلطوي ، وان المفهومين محكومان بعوامل وجود انطولوجي يشرعن فعلهما في الادارة والمعيش والتكافل مع قوى فاعلة داخل السستم الاجتماعي ...ولعل التاريخ القمعي والشمولي للمجتمع الحكومي والسلطوي هو الحافز الباعث على ضرورات البحث عن (حقيقية ) نشوء المجتمع المدني ،والسعي الى ايجاد كل العوامل والتشريعات والقوانين التي تمحنه الفاعلية ، لان التاريخ القمعي للدولة العربية هو تاريخ طرد مستمر لكل ما يهدد أ لمركز العصابي/ السلطوي ..
لا شك ان التحولات العميقة في المجتمعات العربية المعاصرة !! قد انعكست بشكل خطير ومعقد على مفهوم الدولة وعلى مفهوم (المجتمعية ) ذاتها ، اذ ان الدولة اصبحت جزءا من خارطة التحولات السياسية العالمية وخاضعة للكثير من شروطها وحساباتها الاقتصادية والسياسية وحتى الثقافية ، وان مفهوم المجتمعية قد فقد صفته المغلقة هو الاخر ونمط المكان/ القلعة ،والمكان/ القبيلة ، وتعرض الى اختراقات بنيوية عميقة ،جعلته خاضعا الى (سياق لغوي) عالمي معلوماتي واستهلاكي واستعراضي ,,,وهذا بطبيعة الحال كان اكثر المحفزات التي حرضت بعض النخب الثقافية للبحث عن اليات لفك الاشتباك ما بين مفهومي الدولة والرعية !! وبين مفهومي الحكامية والمواطن ايضا في اطارها الخاضع لفلسفة المهيمن والمتبوع القديمة ، باتجاه ايجاد نمط آخر من ( المجتمعية) الحية والحرة وغير الخاضعة لما يسمى بالمجتمع الحكومي !!!
ان تعريف المجتمع المدني في هذا السياق هو منظومة واسعة النطاق من الاتحادات والهيئات والمنظمات التي تمثل شبكة اجتماعية واسعة تخضع الى نظم (غير حكومية ) و اكثر تحررا في وعي تأمين مناخات تسمح للحراك الاجتماعي والثقافي ، تتداول مفهوم الادارة والمعيش بنوع من الاستقلالية التي تؤكد الجوهر الوجودي لمفهوم الحرية في تعاطيه مع الارادة والمسؤولية .
.وهذه التحولات في اعادة انتاج (البنية المجتمعية) يؤشر تحولا جوهريا في التطور النوعي للمجتمعات،، مثلما يؤشر حقيقية انهيار المفهوم التقليدي للدولةالشمولية والعقائد الشمولية ،ولكن الحديث عن حقيقية المجتمع المدني في واقعنا العربي رغم اهميته كمطلب حياتي وحتى ضرورة سياسية !! هل هو حديث واقعي جدا ، وبرىء جدا ؟ !! وهل هو مكفول بسياقات تؤمّن صيرورة هذا المجتمع كقوة فاعلة وضاغطة امام اعين الدولة الافتراسية والقمعية ؟؟
ان ابسط شروط نشوء المجتمع المدني هي الاستقلالية والتطوعية !! وهذان الشرطان ملتبسان عند نشوء فكرة المجتمع المدني، لاسباب تتعلق بطبيعة الجهات الداعمة للنشاطات الحيوية لمكونات هذا المجتمع اولا ،،ولغياب التقاليد التي تكفل وجود هذا الدعم دون وجود استحقاقات وشروط تتعلق بمرجعيات هذه الجهات ثانيا ، ولقدرة المؤسسات غير الحكومية في ان تتحول الى قوة تنموية فاعلة لها متبنيات اجتماعية واصلاحية خارج الخطاب المتداول في نمطية الاقتصاد العربي الواحدي والاستهلاكي ثالثا ...
ان وجود المجتمع المدني هي جزء من وجود تحولا ت فاعلة في المجتمع المعاصر ،وتداوله لمفاهيم الدولة والمؤسسات والحقوق المدنية والمواطنة والتنمية المستدامة والتمكين وغيرها من معطيات باتت تشكل مفردات الخارطة السسيوثقافية للمجتمع الانساني ، وهذه المصطلحات تنتمي اصلا الى صيغات قانونية متداولة في العقل الغربي وربما هي جزء من نظريته الجديدة التي بدأ بتسويقها بعد تداعيات احداث أيلول !!!،ورغم ان هذه حقائق كونية ، الاّ انها اثارت من الالتباسات والمشاكل الشيء الكثير ............لذا يجد العقل العربي ان الخروج من محنته يبدأ من الدولة ذاتها !! باعتبارها مرجعية التشريع ومرجعية القمع في الان نفسه ،وان القوى الاجتماعية ،المنظمات/ الجمعيات / الاتحادات لاتملك القوة الفاعلة ولا التمويلات الستراتيجية الداعمة لفعل اجتماعي يؤمن له الاستمرارية.. فضلا عن الدور الحيوي الذي يمكن تلعبه قوى الضعط الاجتماعي وصنّاع الرأي العام ،النخب الثقافية والدينية (المعتدلة) عبر توسيع قاعدة الحوار الاجتماعي ودعم برامج التنمية المستدانة ودعم برامج التعليم الاساسي والثانوي خاصة في مجتمعات تعاني من الامية المركبة والتي تسمح لنمو مصادر المركزة والعصاب والسلطة الابوية والجنسية .....مثلما يمكن ان يلعبه دور الاتفاقيات الاطارية بين الدول ،والقوانين العالمية مثل رعاية الطفولة وتعزيز برامج المرأة والتعليم وحماية المواطنين خلال فترات الازمات والحروب وبرامج الصحة الوقائية والامراض الانتقالية وحماية التراث الانساني والمعرفي ، ولعلي اجد ان هذه الجوانب غير مستثمرة بشكل برامجي ومستقل لان اغلبها مازال خاضعا لنشاطات حكومية وذات جوانب سياسية ،وبالتالي فان الكثير من التمويلات التي تضعها منظمات مثل اليونسكو واليونسيف ومنظمة الصحة العالمية وبرنامج الانماء التابع للامم المتحدة تذهب الى برامج وهمية وربما عشوائية غير ذي جدوى .....
اعتقد ان هناك اختلالا معقدا جعل الكثير من صانعي مكونات المجتمع المدني امام الية البحث عن دعم خارجي لنشاطاتها واعمالها رغم ان جهات الدعم تلك يدخل موضوع دعم منظمات المجتمع المدني ضمن برامجها واهدافها وسياساتها ،،لكنه عرض عمل هذه المكونات الى مشروعية عملها في بلدانها ،اذ اصطنع لها مآزق ثانوية اكثر خطورا ،لان هذا الدعم الخارجي خاضع لسياسات وسياقات معينة ،فضلا عن كونه قد وضع هذه المكونات امام التباسات ومشاكل مع الدولة الانقلابية المحمولة دائما على تمثل (نظرية المؤامرة) !! كما ان غياب البرامج والسياسات الواضحة والستراتيجات الممنهجة ،اسهم في احداث فجوات تسللت عبرها قوى العنف الاجتماعي والديني ،مستغلة الجهل الاجتماعي والتعليمي ،وتصاعد ازمات الفقر والخدمات الاجتماعية والاقتصادية ونظم العدالة والمعيش في تمرير خطابها الازموي !!
ان تمويلات البنك الدولي مثلا لمنظمات المجتمع المدني كما تقول الاحصائيات تموّل حوالي 72% على اسس تشجيعية ، فضلا عن منح القروض ووضع اليات التي تقدّم بموجبه المنح هذه المنظمات عن طريق صناديق المنح ، اذ يوجد هناك خلال السنوات الاخيرة بحدود 100 صندوق اجتماعي في 60 بلدا وبنحو 4 مليارات دولارا ، على اساس ان هذه الاموال تستخدم في قضايا اعادة الاعمار وتأمين مصادر الرعاية الاجتماعية وتحسين البيئة وادامة تكنلوجيا المعلومات وتنشيط الفعاليات الابداعية في مجالات الاعلام والثقافة ...لا شك ان هذه المعلومات البنكية خاضعة لسياسات دقيقة وليست عشوائية ،ولكن وجود هذه الاموال وفي سياقات اجتماعية وبرامجية غير واضحة يسهم في نشوء ظواهر الفساد المالي وفي نشوء ظواهر المنظمات الوهمية ، وهذا بطبيعة الحال ينعكس سلبا على الواقع المجتمعي وعلى فكرة ادامة برامج المجتمع المدني فضلا عن عدم قيام الجهات الداعمة بتعزيز دعمها خارج سياسة الجدوى ...
ان معطيات وجود فعلي لمفاهيم اجتماعية وثقافية في المجتمع يمثل ضرورة سياسية اولا لتحرير الجسد الثقافي من امراض السطوة والقمع والاقصاء المسؤولة عن كل امراضنا وتخلفنا وهزائمنا ،وان تكريس ظاهرة المجتمع المدني كقوة ظاغطة في النضال الاجتماعي والسياسي من اجل تحقيق شروط المواطنة الحقيقية وشيوع قيم الديمقراطية والاصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية وتأهيل القوانين في ظل دساتير وطنية ثابتة تحدد اليات الحكم وحقوق الناس وتتحك باليات العلاقة مابين المواطنين والسلطة .يشكل الاساس ليناء قاعدة حياتية صالحة لانتاج فعل حضاري يكفل نماء الانسان والفكر وقيم العدالة والجمال ...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تقرير للأمم المتحدة: أكثر من 783 مليون شخص يعانون من الجوع ح
.. ثلثا مستشفيات غزة خارج نطاق الخدمة وفقا لتقرير الأمم المتحدة
.. ماذا تفعل سلطنة عمان لحماية عاملات المنازل الأجنبيات وضحايا
.. برنامج الأغذية العالمي: غزة بؤرة لمجاعة وشيكة هي الأخطر
.. بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل