الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة العلماء والبحث العلمي في زمن الإمبريالية المعولمة

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2020 / 10 / 5
مقابلات و حوارات


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية مع مصعب قاسم عزاوي

فريق دار الأكاديمية: هل ترى بأن هناك أي استقلالية للعلماء والبحث العلمي في العالم الإمبريالي وما هو رأيك بالنسبة للعلماء في الدول الجنوب المنهوبة؟

مصعب قاسم عزاوي: أولاً بالنسبة للعلماء في العالم المنهوب فقد تحولت الغالبية الساحقة منهم مرغمين إلى أساتذة على شاكلة أولئك المشتغلين في المدارس الثانوية يعمل معظمهم في جامعات تحولت معظمها إلى مدارس ثانوية كبيرة جوهر آليات العمل فيها مستند إلى الاسحتفاظ والاستذكار وتعزيز مهارات الذاكرة القصيرة والمتوسطة المدى لدى الطالب، ودون أن يكون للبحث العلمي والاستكشاف التنقيبي عن المعرفة أي دور فعلي في آليات العمل الداخلية في تلك الجامعات. وقد يستثنى من تلك المجموعة رهط صغير يعمل في الصناعات العسكرية في بعض الدول النامية – كما هو الحال في القوتين النوويتين الهند وباكستان- التي تجافي في جوهرها الهدف الأسمى للعلم وهو تحسين شروط حياة الإنسان كليانياً، حيث أن هدفها الأسمى هو صناعة الموت بغض النظر عن المبررات الأخلاقية أوغير الأخلاقية لذلك الهدف كما هو في النتاج العلمي الذي تمخض عن تصنيع الأسلحة النووية في الهند والباكستان والصواريخ الباليستية في غير موضع من أرجاء العالم المنهوب.
أما في العالم الإمبريالي فالموضوع أكثر تعقيدًا ومخاتلة، إذ يتوجب على من يساهم بإنتاج علمي منتظم ورفيع أن يحافظ على إمكانية استئجار قوة عمله كعامل ذي ياقة بيضاء، أو بمعنى آخر عبد صالح للاستئجار المؤقت في مركز علمي مرموق في جامعة أو مركز متخصص في البحث العلمي. ولكي يحقق تلك المعادلة فلابد له من الحصول على تمويل من أموال دافعي الضرائب للأبحاث التي يعتزم القيام بها، وهنا يكن مربط الفرس. فالتمويل الذي يحتاجه العالم لما يكن غير مشروط في أي لحظة موضوعية من تاريخ البحث العلمي في العالم الإمبريالي إلا شكلياً؛ حيث تقوم الجهات المانحة للتمويل والتي يشرف عليها نظرياً الساسة المنتخبون ومن ينتدبونه من موظفين عموميين في مفاصل بنيان الدولة في العالم الإمبريالي. ولكن أولئك الساسة وخيارتهم جميعها مشروطة بمصادر تمويل حملاتهم الانتخابية، والحفاظ على صورتهم المنمقة إعلامياً، وجميعها تصب في المآل الأخير في جعبة نفس الشركات السرطانية العابرة للقارات الحاكمة الفعلية في العالمين الناهب والمنهوب. وبالتالي يحدد ويؤطر الساسة أولئك الحقول المعرفية التي يحق للعالم طلب التمويل للبحث العلمي فيها. وكمثال على ذلك يمكن لعالم الحصول على تمويل لإنتاج دواء جديد لمرضى نقص المناعة المكتسب، ولكن ليس لقاحاً يستأصل ذلك المرض جذرياً إذا أن ذلك قد يؤثر على أرباح شركات الأدوية التي تتربح من معاناة أولئك المصابين به، ولا يمكن له أبداً طلب تمويل لإيجاد لقاح ناجح لمرض الملاريا إذ أن الذين يقضون به من المعدمين في غياهب القارتين الصفراء والسمراء الذين ينطبق توصيف جورج أورويل لهم بأنهم في المنظار الإمبريالي «لا بشر» «Unpeople».
وبالتالي تحدد تلك الشركات المتغولة نفسها حقول وحدود وآفاق البحث العلمي على المستوى الكوني على حساب دافعي الضرائب في الدول التي تتحكم بصناعة القرار السياسي فيها بشكل غير مباشر عبر من تصعد به إلى دفة الرياسة بتمويل حملاته الدعائية و الانتخابية، لتقتنص ذلك النتاج العلمي البحثي بعيد نضوجه وتعتقه و تشربه بخلاصة كد واجتهاد العلماء المرغمين على البحث في ذلك الموضوع دون سواه، وتحوله إلى مدخل مستحدث لنزح مدخرات الفئات المسحوقة على المستوى الكوني التي لا حول لها ولا قوة في حيز الصحة و المرض مثلاً سوى طرق كل الأبواب، وبذل كل غال ورخيص في سبيل الاستحصال على علاج ناجح حينما يحل السرطان أو غيره من الأمراض المستعصية بين حناياها، وهو الذي لم يكن يريده أو يتمناه الغالبية من العلماء الخُلَّص الذين أسهمت جهودهم الجمعية على المستوى الكوني في اكتشاف ذلك الترياق. وهي معادلة شيطانية تعيد إنتاج صيرورة القهر والاستغلال الكوني في حيز البحث العلمي الذي يبدو أن العلماء يشاطرون فيه أقرانهم من المسحوقين في استعبادهم الكوني باختلاف الشكل الإخراجي التزويقي لكل حالة مستعبد دون أن تفترق في جوهرها عن حال أولئك المستعبدين الآخرين إلا قليلاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة