الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطور الغنوصية عبر التاريخ .

صادق العلي

2020 / 10 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعتبرها البعض فلسفة ولكنها موجدة في جميع الاديان .
تعتبر اهم مرحلة يمكن للمتدين الوصول اليها تقرباً لربه .
يؤكد اتباع الاديان أنها مرحلة لا يصلها الا القليل من المؤمنين ممن يصطفيهم ربهم بعدما اطلع على سرائرهم ووجدهم يصلحون لحمل معرفته .
بحسب المؤمنين بها فان المعرفة الانسانية تنقسم الى قسمين :
1-المعرفة التي تأتي عن طريق الحواس بمعنى اخر التعليم بكل انواعه ( الاكاديمي و الاجتماعي وغيرها ) مثلاً الطب والهندسة او حتى المهن بانواعها المتوارثة بين الاجيال .
2-المعرفة الالهية التي تنزل على الانسان بطريقة ما يختارها الاله كالوحي او الرؤية وغيرها من الاتصال الالهي بالانسان .
يرجع اصل الغنوصية الى فكرة وجود عالم اخر غيبي محسوس موازي لعالمنا المادي الملموس وهذه الفكرة قديمة جداً إذ كانت البداية مع الديانة الشامانية 1 الذين اعتقدوا ان ارواح اسلافهم تحوم حولهم بشكل او بأخر وعليه لابد من وجود اناس محددين يستطيعون التواصل معها وبالتالي اوجدوا فكرة رجل الدين الذي تم اختياره من قبل الاسلاف او بتعبير ادق تم اختياره من قبل ارواح اسلافهم ... هنا لابد من الاشارة الى ان البعض من اصحاب الاختصاص ( علم الاديان المقارن او الانثربولوجيا ) لا يعتبرون الشامانية دين لانها لا تمتلك مقومات الاديان المعروفة حالياً ومع ذلك تعتبر من اقدم الاديان .
مع تطور فكرة الاتصال الانسان بالعالم الاخر ( الروحي او الالهي ... الخ ) تطورت ايضاً فكرة المعرفة الالهية التي يفيض بها الاله على اناس محددين خصوصاً في اديان الشرق الاقصى (الهندوسية والبوذية )2 فلقد تم وضع افكار اصبحت مسلمات فيما بعد كصعود الاروح للسماء لحظة موت ايضاً الثواب والعقاب لما بعد الموت وغيرها من الافكار التي يتحدث اصحاب الاديان على انها ثوابت بعدما تناقلها العقل الانساني عبر التاريخ .
اللحظة الفارقة في هذا الموضوع هو ما طرحه افلاطون في نظرية الكهف 3 وما تلاها من افكار حملها القائد العسكري الاسكندر المقدوني في احتلاله العالم ووصوله لدول الشرق الاقصى واطلاعه على اديانها وبالتالي حصل مزاوجة بين الدين اليوناني الجامد في جبل الاولمب( الالهة فيها تمارس الجنس وغيرها من الافعال المادية التي يقوم بها الانسان ) وبين عالم الارواح الماورائي في تلك الاديان , مع وجود طروحات افلاطون كان مبرراً بل ضرورياً حصول تلك الحالة من التزاوج كما اسلفت , وتبلورت اكثر فيما يسمى الافلاطونية المحدثة على يد الفيلسوف افلوطين الذي اكد على ان الجسد عبارة عن مجموعة غرائز ويحب على الروح كبح جماح هذا الجسد وغرائزه معتمداً على ما طرحه الفيلسوف افلاطون وعالمه المثالي.
اشارة لابد منها :
الزهد وايذاء الجسد واذلاله وترك كل متع الحياة والتمسك بالجانب الروحي كانت في اوج حالاتها عند بوذا 4 ففي عزلته او تأمله لاوقات طويلة كان يترك الحشرات والديدان تأكل جسمه وهو بالاساس متقشف اعتقاداً منه بالسمو الروحي , وعليه اعتبره شخصياً نقطة تحول كبيرة في مفهوم الغنوصية مع انه تراجع عن بعض افكاره فيما بعد ليكون اكثر اعتدالاً.
الغنوصة في المسيحية :
تمثل الغنوصية من اساسيات الديانة المسيحية وهي احدى اسرار الكنيسة السبعة ( الكهنوت والكاهن ) فلقد ورد في سفر الرؤية 6:1 ( وجعلنا ملوكاً وكهنة ) هذا يعني ان الاله المسيحي اختار اناس محددين نواب عنه او موكلين من قبله بطريقة ما لحملوا معرفته للبسطاء ايضاً يجب على هؤلاء ( نواب الاله ) ان يتركوا ملذات الحياة والتفرغ للرب حتى ان بعض فروع المسيحية لا يتزوجون ويعيشون في اماكن منعزلة بعيدة عن ضوضاء الحياة المادية ويمعنون في اذلال الجسد وتعذيبه اما زهداً في الحياة والتقرب من الرب او اقتداءاً بعذابات عيسى عند صلبه وما قبلها الاهم في هذا الموضوع ان تسمو ارواحهم وتذوب في الرب بعيداً عن غرائز الجسد .
الغنوصية في الاسلام :
انه عالم العرفان , العارف بصيغة المفرد , العرفاء بصيغة الجميع , هو ذاته التصوف اهم مرحلة يمكن ان يصلها المسلم إذ يمن الاله بالوحي ( الوحي يختلف عن الرسالة بدليل سورة النحل الاية 68 ) او الاستشراق عند السهروردي او ربما طرق اخرى يدركها من يصل الى هذه الدرجة.
الجسد عند ابن سينا هو سجن الروح كما ورد في قصيدته العينية كذلك اعتبر الحلاج حياته في مماته كما ورد في قصيدته التي ينشدها في طرق بغداد بمعنى ان الحياة في العالم الاخر ( الالهي ) افضل بكثير من هذا العالم المادي , ذات الشيء عند ملا صدرا الشيرازي ولقبه شيخ المتألهين ( وصل الى مرحلة الكمال في المعرفة المتعالية المقصود هنا المعرفة الالهية او الغنوصية فلسفياً ) مروراً بأبن عربي الصوفي الكبير الذي تعددت القابه مثلاً النور الابهر البحر الزاخر وسلطان العارفين ... نلاحظ هنا ان هذه الالقاب تحمل صفات الاله وقد افاض بها على ابن عربي , بالطبع هناك الكثير من الاسماء في التاريخ الاسلامي وصلت الى مراحل متقدمة في عالم الارواح يطلقون عليها كرامات قد لا تكون معقولة للكثيرين ولكن لاصحابها او لاتباعهم هي معقولة جداً وقد حدثت بالفعل , اهمها كما اعتقد خروج يد رسول الاسلام من قبره للسيد احمد الرفاعي فلقد وردت هذه القصة في كتاب ( التحذير من الاغترار بما جاء في كتاب الحوار ) ان السيد احمد الرفاعي وعند وصوله الى قبر النبي اخرج النبي يده ليسلم عليه ويستقبله كرامة لحضوره حدث هذا بوجود الالف من الناس , بالطبع هناك من لا يصدق هذا وينفيه جملة وتفصيلا , هناك من يعتبرها محض كذب وما هذه الكرامات الا نوع من الهلوسات تصيب المرضى النفسيين.
هوامش ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
1-الشامانية :اقدم الاديان على الاطلاق ويطلقون عليها ظاهرة دينية , ظهرت في وسط اسيا وشمالها حتى سيبيريا يُقال كانت في بلاد ما بين النهرين ايضاً , لها تأثير كبير على اديان الشرق الاقصى .
2-تعتبرالهندوسية والبوذية التأمل احد اهم اركانها للوصول الى النيرفانا وهي مرحلة متقدمة جداً للتقرب من الاله او الاتحاد به ولهذه الفكرة تأثير كبير على اغلب الاديان اللاحقة .
3-نظرية الكهف عند افلاطون مفادها ان ما يجري في عالما هذا ما هو الا انعكاس لعالم فوقي وهو عالم مثالي ولقد قدم لنا مثالاُ على ذلك وهو الكهف الذي افترض ان يكون الانسان جالساً في وسطه ومن باب الكهف يدخل الضوء وعلى الجدار الداخلي للكهف تنعكس حركات وافعال الانسان من خلال ظلالهم التي هي بالاساس افعال عالم اخر وهو العالم المثالي او اليوتوبيا.
4-انشق سدهارتا غوتاما على الديانة الهندوسية لاعتقاده بأنها لا تجيب على اسئلة معينة , ذهب برحلة بحث وزهد فكان بوذا والتي تعني صاحب النور او المستنير.
صادق العلي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر