الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجلّات العلميّة المحكّمة الليبية بين المتطلبات والتحدّيات والآمال

حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)

2020 / 10 / 7
التربية والتعليم والبحث العلمي


عُقد يوم الخميس الموافق : 1 أكتوبر 2020م، ورشة عمل تفكير بعنوان " المجلّات العلميّة المحكّمة الليبية بين المتطلبات والتحدّيات والآمـال "، وذلك بالتعاون بين هيئة أبحاث العلوم الطبيعية والتكنولوجيا وجامعة سبها والجمعية الليبية للجودة والتميّز في التعليم، عبر برنامج الاتصال المرئي ( Google Meet )، دامت أكثر من خمس ساعات، وبمشاركة حوالي ( 50 ) مشاركًا من الجامعات الليبية، والمراكز البحثية، والجمعيات العلميّة، حيث تناولت الورشة واقع المجلّات العلميّة المحكّمة في ليبيا، إضافةً إلى تحديد أهم التحدّيات التي تُواجهها، كما تمّ خلال الورشة عرض لائحة شروط وضوابط المجلّات العلميّة المحكّمة التي تمّ اعتمادها مؤخراً من قبل مجلس الوزراء بحكومة الوفاق الوطني .
وقد تمّ عرض محتوى الورشة في شكل محاضرات تخللتها مجموعة من العروض المرئية حول أهم الخطوات والإجراءات الواجب اتخاذها لاعتماد وضمان الجودة للمجلّات العلميّة المحكّمة، والتعريف بالمنصّة الإلكترونية للمجلّات العلميّة المحكّمة وتحديد أهدافها وآليات عملها، والتركيز على دور هيئة أبحاث العلوم الطبيعية والتكنولوجيا في تبنّي إنشاء منصّة إلكترونية وطنية لإدارة المجلّات العلميّة، والسعي الحثيث نحو تصفير مشاكل النشر التقليدي، وتسهيل وتيسير التواصل العلمي؛ انطلاقًا من حرص الهيئة الدائم على الارتقاء بواقع المجلّات العلميّة، واللحاق بركب التطوّر التكنولوجي في مجال النشر والبحث العلمي .
كما تطرّقت الورشة أيضاً إلى التعريف بالرقم الدولي للمجلّات العلميّة المحكّمة من خلال التعريف بالوكالة الليبية للترقيم الدولي .
وقد انطلقت المداخلات والنقاشات بعد انتهاء المحاضرات من نقطة مهمة جداّ ركّزت على ضرورة أن يكون واقع المجلّات العلميّة المحكّمة الليبية وأداءها متناسقاً ومنسجماً مع التطوّرات الهائلة التي يشهدها العالم على المستوى البحثي والمعرفي والتكنولوجي، وبشكلٍ يستدعي منا البحث عن آليات تنظيم وضبط عمليات النشر البحثي في مؤسّسات التعليم العالي والمراكز البحثية في ليبيا، والعمل على تعزيز الإبداع والتميّز والمنافسة في أداء هذه المجلّات حتى لا نكون معزولين عن العالم خاصةً في ظل الكمّ الهائل من البحوث والدراسات، وفي إطار توفّر الموارد البحثية المفتوحة .
واتفق المشاركون على أن هذا الأمر يتطلب بالضرورة تحديد الضوابط والشروط اللازمة لإدارة المجلّات العلميّة المحكّمة؛ ولذلك تمّ عرض لائحة شروط وضوابط المجلّات العلميّة المحكّمة ومناقشتها، وقد تضمّنت هذه اللائحة عدداّ من الأهداف تمثّلت في :
1- نشر ثقافة جودة البحث العلمي، وتحفيز المجلّات العلميّة المُحكّمة على تبنّي قيم ومبادئ الجودة وضمانها، والرفع من مستوى أدائها.
2- تعزيز الإبداع والتميّز في أداء المجلّات العلميّة المُحكّمة .
3- بثّ روح المنافسة بين المجلّات العلميّة المُحكّمة الوطنية .
4- السعي إلى إدراج المجلّات العلميّة المُحكّمة الوطنية ضمن قواعد البيانات العربية والدولية .
5- الوقوف على مدى اتباع المجلّات العلميّة المُحكّمة مبادئ الممارسات الجيّدة في الجودة، وتطبيقها لنظام فعّال من أجل تحقيق أهدافها المُعلنة من خلال التخطيط الجيّد، والتطبيق الفعّال والتقويم المناسب ذي الكفاية، وتحديد إجراءات التحسين والتطوير في برامج الجودة وتقييم الأداء .
6- تهيئة المجلّات الوطنية العلميّة المُحكّمة للحصول على مواقع متميزة على المستوى الدولي .
وهنا أيضاً تمّ الحديث عن الشخص الأبرز في تطوير الأداء، والرفع من المستوى العلمي للمجلّات العلميّة المحكّمة، والذي يقودها نحو الارتقاء والتميّز؛ والمتمثلة في حقيقة الأمر في شخص رئيس التحرير، الذي تنحصر وظيفته ومهامه النمطية والمتعارف عليها في جُلّ المجلّات العلميّة المحكّمة في القيام باستلام البحوث أو المقالات العلميّة، وإحالتها إلى محكّمين، ومن ثم استلام تقارير المحكّمين، وبعد ذلك القيام بنشر تلك البحوث أو المقالات العلميّة في حال الموافقة عليها من قبل المحكّمين، واتفقت الآراء على أن دور رئيس التحرير ينبغي أن يمتد إلى أبعد من ذلك بكثير، فهو يستطيع إلى جانب مهامه النمطية أن يقوم بدور المدرّب، فيعمل على تهيئة أعضاء التحرير وإعدادهم على الصعيد المعرفي والبحثي، كما يستطيع أن يُساهم في وضع خطط تطوير وتحسين مستوى المجلّة والرفع من أدائها العلمي .
ونحن نؤمن أن تحقيق ذلك يتطلب عقول تُدير تلك المجلّات تتمتع بالكفايات والخبرات والمهارات والتراكمات المعرفية والبحثية، ولديها اطلاع دائم بتقنيات وأساليب ومنهجيات البحث العلمي الجديدة، لذلك يجب علينا السعي الحثيث نحو ضخ تلك المجلّات بعقول تُساهم في إثراء العملية البحثية، وتعمل على توظيف الإمكانات المُتاحة لتحقيق عمليات التطوير والتحسين، وفي هذه الحالة من المهم اللجوء إلى الأساتذة الذين يحملون درجات علميّة عليا لتمكّنهم من استيفاء جُلّ تلك الشروط .
ولأن واقع المجلّات العلميّة المحكمّة الحالي أكبر من أن تتخطاه أيّ بصيرة، أو يتجاوزه أيّ فكر، ولأن المسؤولية اتجاه مسألة الجودة البحثية تتوجب تحديد شروط وضوابط إدارة تلك المجلّات، بغية إدراك ما ينبغي القيام به في عمليات تطوير وتحسين واقعها وأداءها؛ تمّ إعداد واعتماد لائحة بهذا الخصوص.
وحتى نسلط الضوء على هذه النقطة بشكل أعمق، ولكي تتضح الرؤية للجميع، فإنه من المفيد الحديث عن الخبراء الوطنيين الذين قاموا بإعداد لائحة شروط وضوابط المجلّات العلميّة المحكّمة، حيث قام هذا الفريق بالاطلاع على واقع المجلّات العلميّة المحكّمة في ليبيا ودراسته، كما تمّت الاستعانة بعددٍ من الخبراء من ذوي العلاقة لمراجعة وتقييم العمل المُنجز، وقد تبيّن من خلال دراسة أداء المجلّات العلميّة المحكّمة وجود عددٍ من التحدّيات والإكراهات غير المرئية، أو المسكوت عنها تُواجه بعض تلك المجلّات، والتي شيئاً فشيئاً تتسع وتمدد وليس لها من راقٍ، الأمر الذي دعا إلى وضع عدد من الشروط والمعايير لضبط وتنظيم أداء تلك المجلّات يتم مراجعتها وتطويرها بشكلٍ دائم ومستمر، فالماء إذا لم يجْرِ أسن، كما أن عمليتي النظام والتنظيم مطلوبان للقيام بأيّ عمل حتى لو أدّعى البعض أنه يعرف بالضبط ماذا يريد، أو ماذا سيفعل .
وقد أثار موضوع اختيار مواد اللائحة واعتمادها النقاش أكثر بين المشاركين في الورشة، وعرض أحد المشاركين وجهة نظر حول أهمية مشاركة المسؤولين في مؤسّسات التعليم العالي كأعضاء في اللجنة التي قامت بإعداد لائحة شروط وضوابط المجلّات العلميّة المحكّمة، وهنا تبرز الحاجة إلى أهمية إدراك ووعي المسؤولين بأن وجودهم أعضاء في مثل هذه اللجان يُمثل تضارب وتداخل صارخ للمصالح؛ فوجودهم يُخالف قواعد الحوكمة الرشيدة، وقيم العدالة والنزاهة والشفافية، كما أن أهداف تعزيز الإبداع والتميّز، وبثّ روح المنافسة بين المجلّات العلميّة المحكّمة الليبية ستكون بعيداً عن الإنصاف والحياد والموضوعية، بالتالي ستكون نتائج أيّ التقييم تفتقر إلى مسألة العدالة.
عمومًا اختُتمت ورشة عمل تفكير حول " المجلّات العلميّة المحكّمة الليبية بين المتطلبات والتحدّيات والآمال "، بعددٍ من التوصيات المهمة، جاءت على النحو التالي :
1- نشر الوعي بأهمية النشر العلمي ليس محلياً فحسب بل إقليمياً ودولياً، وإشاعة ثقافة هذا النمط من النشر بين البُحاث وأعضاء هيئة التدريس .
2- الدعوة إلى تجويد النشر العلمي من خلال وضع معايير واضحة وصارمة - في بعض الأحيان - للبحوث التي تُنشر في المجلّات العلميّة المحكّمة .
3- العمل على تخصيص ميزانية مستقلة للمجلّات ذات المستوى الجيّد .
4- التحوّل نحو النشر الإلكتروني للمجلّات العلميّة المحكّمة وفق أحدث البرمجيات ،وتكون متاحة في مختلف محركات البحث، وتصميم موقع إلكتروني تفاعلي لكل مجلّة يتم تقديم وتقييم البحوث عن طريقه، وتوفير تسهيلات للبُحاث لأجل النشر فيه، والاطلاع على محتوياته .
5- استخدام التطبيقات والبرامج الإلكترونية في إدارة المجلّات العلميّة المحكّمة، وبناء المنصّة الوطنية للمجلّات العلميّة المحكّمة، واعتماد سياسات عامة لها، بحيث تتيح التواصل والتفاعل بين البُحاث، وتُساهم في تلاقح وإثراء الأفكار والمعلومات، وتبادل الخبرات وانسيابها وانتشارها عالمياً .
6- إلزام المجلّات العلميّة المحكّمة التي تصدرها الجامعات والمؤسّسات البحثية والجمعيات العلميّة بقواعد النشر المتعارف عليها دوليًا .
7- التعريف بالمنصّة الوطنية داخلياً وخارجياً للرفع من تصنيف الجامعات الليبية .
8- إلزام جميع المجلّات العلميّة المحكّمة بضرورة توفير نسخة إلكترونية إلى جانب النسخة الورقية لكل عدد من أعدادها، مع ضرورة إعادة إصدار الأعداد الورقية السابقة إلكترونياً .
9- حثّ الجامعات ومراكز البحوث والجمعيات العلميّة على بناء مستودعات رقمية خاصة لتسهيل تخزين أعداد المجلّات العلميّة السابقة .
10- العمل على التشجيع والتحفيز الدائم للمجلّات العلميّة المحكّمة ، وخلق الروح التنافسية بينها للرفع من جودة المحتوى فيها .
11- السعي الحثيث نحو بناء معامل تأثير وطني للمجلّات العلميّة المحكّمة .
12- العمل على استقرار هيئات تحرير المجلّات العلميّة المحكّمة ،وأن يكون ضمن أعضائها والمقيّمين التابعين لها أسماء مشهود لها ومن ذات التخصّص، من مناطق مختلفة داخل وخارج البلاد بما يكفل التوزيع الجغرافي الذي يرفع من مستوى المجلّة عالميًا .
13- إلزام المجلّات العلميّة المحكّمة باعتماد معامل تأثير يعكس أهميتها في مجال تخصّصها العلمي والبحثي باعتبارها مرجعاً علمياً موثوقاً، ومصدراً للمعلومات .
14- العمل على إقامة مؤتمر علمي تحت إشراف هيئة أبحاث العلوم الطبيعية والتكنولوجيا بخصوص آليات تقييم المجلّات العلميّة المحكّمة، ومعايير الجودة بها .
وأخيــــراً ،، فأننا نأمل كما تفضّل السيّد مدير عام هيئة أبحاث العلوم الطبيعية والتكنولوجيا بأن تكون هذه الورشة مرآة عاكسة لواقع المجلّات العلميّة المحكّمة تحمل في طياتها كل المقترحات والعلاجات لتقويم واقع وأداء تلك المجلّات، وأن تكون لائحة شروط وضوابط المجلّات العلميّة المحكّمة بمثابة خطوة في مسيرة تحسين وتطوير الأداء البحثي، وضمان جودته وتحسينه، وأن تكون قادرة على المساهمة الفعالة في تغيير أداء المجلات نحو الأفضل وتعالج المشكلات انصافًا وعادلًا، وذلك في ظلّ التحوّلات الرقمية والثورة المعلوماتية والموارد البحثية المفتوحة، وأن تؤدي إلى تحريك سواكن المجلّات العلميّة المحكّمة بغية تبنّي قيم ومبادئ الجودة وضمانها، والرفع من مستوى القيمة المضافة للبحث العلمي، وتعزيز الإبداع والمنافسة والتميّز بين المجلّات العلميّة المحكّمة الوطنية، ونختم هذه المقالة بالإشارة إلى أن البحث العلمي بعد جائحة كورونا لم يعد كما كان قبلها، فالنتائج المتميزة ستكون لمن يملك البدايات المتميزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح