الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عدالة قانون الانتخابات

حكمة اقبال

2020 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


قبل عام طرحَ شباب الإنتفاضة الأبطال مطلب إنتخابات مبكرة وكانوا يحلمون انها ستؤدي الى تغير في تركيبة البرلمان بما يؤمن سلطة تشريعية تعمل من أجل الشعب والوطن . بعد 704 شهيد وآلاف الجرحى والمفقودين نجحت الإنتفاضة في تغير حكومي فوقي بعد أشهر من الشد والجذب بين ترشيح وفشل تشكيل الحكومة ، وبادرت الحكومة الحالية الى إعلان موعد إنتخابات مبكرة في ربيع العام القادم ، وهو إجراء لم يرد نص دستوري بشأنه ، وأكتفت المادة 56 من الدستور بالقول ( أولاً:- تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب أربع سنواتٍ تقويمية، تبدأ بأول جلسةٍ له ، وتنتهي بنهاية السنة الرابعة ، ثانياً:- يجري انتخاب مجلس النواب الجديد قبل خمسةٍ وأربعين يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية السابقة ) .

هذا الإجراء ، وموافقة القوى المتنفذة تحت ضغط الإنتفاضة لايعني استسلامهم ، بل سرعان ماتنادوا لتعديل قانون الإنتخاب بما يؤمن عودتهم من جديد من زاوية الدوائر المتعددة ، وجرى إقرار القانون وبقيت المناقشات حول الدوائر غير منتهية بسبب صعوبة تحديدها جغرافياً وادارياً ، واحيلت الى الخبراء والاداريين ، وسَرَبَ مؤخراً تحالف سائرون مقترح الدوائر المتوسطة ( 3-5 دوائر في كل محافظة ) .

عندما وضع عالم الرياضيات الفرنسي أندرية سانت لييغو نظام فرز الأصوات الانتخابية ، لم يكن يخطر بباله ان يأتي برلمان العراق ويتلاعب بطريقة تقسيم الأصوات ( 1-3-5-7 ) ، ولو عاد للحياة الآن ما تراه يقول لأعضاء برلمان العراق الذين تلاعبوا بنظامه وقاموا بتغيير جوهر فكرة نظامه الحسابي ، الذي كان يريد به ان يمنح كل الكتل والقوائم ، كبيرها وصغيرها حق التمثيل ، معتبراً ان هذا حق طبيعي للناخبين . جماعة برلمان العراق اختاروا التلاعب لمنع أي كتلة ، غير الكتل والقوائم الكبيرة والمتحاصصة فيما بينها ، والتي تمتلك سلطة السلاح والمال الفاسد وتغلفها بالدين والطائفة ، من الحصول على مقاعد برلمانية بتشتيت اصوات ناخبيها عبر نظام الدوائر.

تعتمد الديمقراطيات الراسخة في اوربا مثلاً نظام سانت ليغو أو نظام هونت ، نسبة الى الحقوقي البلجيكي دانيا هونت ، ويعتبر عند بعض البلدان أكثر دقة في توزيع الأصوات ( 1-2-3-5 ) وهذا يعتمد على توزيع البلد جغرافياً وإدارياً . وفي الدنمارك اعتمد هذا النظام حتى عام 1920 حينما استبدل بنظام سانت ليغو ، وجرى اعادة العمل به منذ 2007 بعد تغير تركيبة التقسيم الاداري ودمج المدن وتقليص عددها . ولكن المهم في الموضوع ان كلا النظامين يؤمن توزيع عادل للأصوات ، يتم فيه جمع اصوات الأحزاب الأصغر ليصار الى تمثيلها اذا تجاوزت التعبة الانتخابية . في الدنمارك 2% .
في الدنمارك يُمنح الحزب السياسي الجديد ( غير الموجود في البرلمان مسبقاً ) الحق في دخول قائمة المرشحين بعد ان يُقدم (الكترونياُ) تأييد من 20 الف مواطن يوافقون على منحهِ فرصة المشاركة في السباق الإنتخابي ، وبهذا يتم ضمان عدم إتساع قائمة الأحزاب دون ان يكون لها موافقة شعبية ، ( في انتخابات البرلمان الدنماركي العام الماضي دخل ثلاثة أحزاب سباق المنافسة ، وفاز واحداً منهم فقط ) .

القانون الإنتخابي العادل هو من يمنح فرص متساوية للأحزاب للحصول على المقاعد التي يصوت لها الناخب ، وفي العراق لايتحقق ذلك إطلاقاً وتجربة الدورات الإنتخابية السابقة تؤكد ذلك ، وما تدني نسبة المشاركة في انتخابات 2018 سوى تعبير عن الرفض الشعبي لسياسات حكومات الإسلام السياسي الفاسد .

حتى تتحقق العدالة يجب ان يكون هناك نسبة 40% من مقاعد البرلمان يتم حسابها على ان العراق دائرة واحدة ، وستحقق هذه النسبة تمثيل الأحزاب الأصغر من الفاسدة والمتنفذة ، ونسبة 60% ستحقق التوزيع الجغرافي المطلوب لممثلي الشعب .
وكذلك أصوات المكونات الدينية والأثنية الأخرى يجب ان تحتسب على ان العراق دائرة واحدة بحيث لاتضيع أصوات بعضهم ممن لايسكنون في المحافظة التي حدد المقعد فيها ، ( مثال مقعد الكورد الفيلية حُدد في محافظة واسط فقط ) .

الجميع يتحدث عن الإشراف الدولي ، ولكن هل سيستطيع الاشراف الدولي الوصول الى كل محطات الإنتخاب ، والسيطرة على أعمال التزوير ، كما في كل مرة سابقة ؟ التجربة الناجحة للإشراف الدولي كانت في انتخابات 2005 قبل ان يترسخ الفساد ويتجذّر في كل مكان حكومي وعلى مختلف المستويات ، لذلك سيعترف الاشراف الدولي بتجاوزات وخروقات ولكنه سيقبل بالنتائج الأخيرة .

إنتخابات الخارج هي نموذج صارخ للفساد بدأً من التكاليف المالية الباهظة ( إيفاد كثرة من الموظفين دون الحاجة الفعلية وامكانية تعويضهم محلياً ) ومروراً بامكانية تزوير اصوات الناخبين ، وبدلاً من ان يتعلموا طرق أسهل وأسرع مستمدة من تجربة البلد ذاته ، يعمدون الى ممارسة نفس نظام العمل في العراق بما فيه التفتيش عند الدخول للمبنى . وفي التجربة الدنماركية لايحق لمن يعيش في الخارج ولديه عنوان ثابت هناك وليس له عنوان في الدنمارك ان يشارك في التصويت .

القانون المنتظر سيخرج الى النور غير عادل ، وستعمل الأحزاب المتنفذة على المشاركة العالية بالرشوة والخداع الديني الطائفي ، وسيكون موقف القوى المدنية وتشكيلات الشباب المتوقعة في وضع صعب لمواجهة مرشحي القوى المتنفذة في دوائر صغيرة او متوسطة أو حتى لو استمر اعتبار المحافظة دائرة انتخابية واحدة . وسيظهر برلمان جديد لايختلف كثيراً عن سابقه .

ماذا سيقول شباب الإنتفاضة لشهدائهم وجرحاهم ومفقوديهم ؟

العراق أمام مفترق طرق ، طريق الأنهيار ، ويبدو انه بدأ ، ومؤشراته تتزايد يوماً بعد يوم ، وطريق توسيع الإنتفاضة الشبابية لتتحول الى عصيان مدني عام يشارك فيه عوائل الشباب المنتفض وجيرانهم واقاربهم ، النقابات والاتحادات ، عمال وطلبة ، وكل ابناء الشعب المتضررين ، وتتشكل حكومة ذات صلاحبات دستورية استثنائية ، تُعيد ترتيب البناء السياسي والاقتصادي والمجتمعي من جديد ، لتحقيق عراق علماني يحكمه القانون فقط ، ومن الصعب تصوّر حدوث هذا الخيار لعدم توفر مقوماته الذاتية .

8 تشرين أول 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في