الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القبّعات الملوّنة والحالة النّفسيّة في القصّة

نزهة أبو غوش
روائيّ وكاتبة، وناقدة

2020 / 10 / 9
الادب والفن


القبّعات الملوّنة قصّة للأطفال صدرت حديثا، أيلول 2020م، للكاتبة نزهة الرّملاوي، عن دار الهدى للتّوزيع والنّشر.
بريشتها الفنّانة، رسمت الكاتبة نزهة الرّملاوي لأطفالنا صورة رائعة للطّبيعة والحياة الجميلة المملوءة بالحبّ والبهجة والفرح.
من خلال قلمها صنعت كلماتها؛ فكانت علاجا نفسيّا لطفلة عانت من مشكلة عدم نموّ شعرها، وكلّنا نعلم أهميّة الشّعر للفتيات، وكم هو مؤلم تساقط هذا الشّعر، أو عدم نموّه، حيث تتقبّل الطفلة روان هذا الأمر بحزن وألم شديدين.
أرى بأن قصّة "القبّعات الملوّنة" قد عالجت حالة نفسيّة صعبة عند بطلة القصّة، الطّفلة روان.
الّتي رفضت الذّهاب لروضتها؛ كي لا تواجه استهزاء زميلاتها والابتعاد عنها.
عرفت من زمن بعيد بأنّ الاطفال الّذين يفقدون شيئا من أعضائهم، أو شعورهم بعد العلاجات الكيميائيّة في المستشفيات؛ يوجّهونهم لطبيب نفسي يعمل على تخفيف آلامهم النّفسيّة الّتي حصلت معهم.
في قصّتها ركّزت الكاتبة نزهة على الأمور الّتي من شأنها أن تخلق علاجا، بديلا عن المعالج النّفسي في عدّة نواح:
أوّلا ذلك الحوار المتبادل بين روان والشّمس كان بمثابة حلم يلاحقها ويلحّ عليها ويصرّ عليها وتتمنى أن يتحقّق: "نظرت روان الى شمّوسة وقالت: ما أطول خيوطك المشعّة يا صديقتي! سأعمل منها جدائل طويلة وأصعد اليك" في ص3 .
الحلم بصناعة الجدائل من أشعّة الشّمس، هو تلك الرّغبة المكبوتة داخلها الّتي استطاعت أن تفرغها ولو بالحلم البعيد. يرى معالجو الحالات النّفسيّة بأنّه عندما يفرغ الطّفل ما يثقله، فهو بمثابة علاج لنفسيّته.
استخدمت الكاتبة نزهة الرّملاوي أُسلوبا آخر للعلاج النّفسيّ، وهو عمليّة الرّسم، حيث حملت الطّفلة روان ريشاتها وألوانها؛" لترسم شمسا عابسة صلعاء تبكي على قباب المدينة" ص12، علينا أن نركّز جيّدا على كلمة "صلعاء" اذ كيف سترسم روان للشّمس شعرا كثيفا وهي تفقد هذا الشّعر؟ يبدو الانعكاس واضحا لشخصيّة روان من خلال الألوان والرّسم. كثيرا ما نسمع عن طرق العلاج النّفسي لمعرفة ما يعانيه المريض ؛ من خلال الرّسم . نرى أنّ الرّسم قد استخدمته الكاتبة أيضا حين فرحت روان وأصبحت سعيدة، حيث رسمت شمسا ضاحكة سعيدة، وجدائل شقراء.
هناك أُسلوب آخر استخدمته الكاتبة للتّعبير عن النّفس، حين احتجّت روان عن وضع قبّعتها القديمة البالية، ورمتها أرضا، وأخذت تدوسها بأقدامها، وتصرخ: أريد شعرا أريد شعرا. ربّما هنا اختلفت طريقة التّعبير عن سابقتها؛ لأنّ التعبير هنا عن الغضب، وليس الم الفقدان فقط.
نلحظ بأنّ الكاتبة قد استخدمت أُسلوب التهدئة الّذي استخدمته الأم لطمأنة ابنتها وقد ساعدها كثيرا وأراح نفسيّتها: "ضمّتها الأم إِلى صدرها وقالت: حبيبتي! أرجوك لا تيأسي، ولا تحزني! سيعطيك الله شعرا جميلا، ولا تنسي فضل الله الّذي خلق لنا العقل وهدانا ..."ص12.
وأخيرا، صناعة الأمّ للقبّعات الصّيفيّة والشتويّة الملونة وربطها بجديلة طويلة شقراء لابنتها روان، ساهمت في تحوّل نفسيّة روان بشكل ايجابي كبير جدا؛ ومما زاد الأمر فرحا وبهجة في نفسيّة روان، هو
مشاركة الكثيرين من أبناء مدينة القدس في وضع قبّعات على رؤوسهم مثلها، والّتي خاطتها أُمّها بالذات.
المشاركة في مجموعة بنفس الأسلوب في الملبس وغيره يعطي شيئا من الرّاحة لو كان سلبيّا، فكيف حين كان في حالة روان وأصدقائها؟ هنا نلحظ الأسلوب الّذي استخدمته الكاتبة؛ من أجل رفع نفسيّة البطلة روان الّتي صارت تعيش بفرح ومرح دون الم يسكن قلبها وعقلها.
أودّ أن أقول بأنّ الكاتبة قد غفلت أن توعز ولو بشكل بسيط سبب غضب روان وألمها، إِلى غياب والدها عنها خلف قضبان حديدية سميكة حرمتها من الحنان الأبويّ الّذي تُبنى عليه نفسيّة الطّفل، من أجل بناء الحياة العائليّة السّليمة؛ فلو عمدت الكاتبة عدم خلق مشكلة الأسر في حياة الطّفلة، لخدمت القصّة بشكل أفضل من النّاحية النّفسيّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با