الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البُلبُل الفتّان

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2020 / 10 / 10
الادب والفن


دَخَل أمير بكامل أناقته قاعة موظفي فرع اليرموك للمصرف التجاري الحكومي و ذلك في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً من يوم الخميس - وقت بدء دوامة المعتاد كل يوم كموظف تطبيق الحسابات اليومية . نظر إلى منضدة جلوس أميرة ، فوجدها فارغة . إحمرَّ وجهه رغم محاولته تكلّف عدم الاهتمام . أين هي اليوم ؟ هل ذهبت لتقضي حاجة ما ؟ أم أنها مجازة ؟ مع مَنْ هي الآن ؟ غاب القط ، إلعب يا فأر . كلا ، كلا ، لا بد أنها قد لَمَحَته و هو يدخل الفرع ، فخافت أن ينتقم منها لأفعالها السوداء حياله ، فاختفت بعيداً عن أنظاره . نعم ، إهربي مني فأنا الرجل المهاب . إنّما أين المفر ؟ وراءك وراءك ، و الزمن طويل .
تحرّك مباشرة إلى كرسي فارغ منزو كائن عند منضدة " طلال " مسؤول شعبة الذاتية ، و جلس عليه ، و راح يحدّق بحذائه الذي حرص على تلميعه صباح كل يوم كصفحة المرآة . ثم رفع رأسه ، فانتبه إلى كونه لم يسلّم على أحد من الموظفين . و لماذا يتنازل و يسلم عليهم ؟ كلهم حشرات حقيرة تتآمر عليه لكونه أحسن منهم في كل شيء . انتظروا قليلاً لتروا ما الذي سيسطره التاريخ عني . سأجترح الهوائل ؛ و أعمل ما لم تستطعه الأوائل . و لكن لا بأس ، لأريهم شدّة تواضعي ، و سموّ تربيتي ، و علوَّ همَّتي ، و أتنازل و أنا مقتدر ، فأسلم على هذا البغل مسؤول شعبة الذاتية .
- صباح الخير ، سيّد طلال .
- صباح الخير .
الحقير : لَمْ يذيِّل ردَّه لي بـ "سيّد أمير" . أخاطبه بمنتهى الأدب و الاحترام بـ "السيّد طلال" ، و هو يستنكف عن مناداتي بـ "السيّد أمير" . كيف تجرؤ على التعالي علي ؟ ها ؟ و بأي حق تكسر مقامي ؟ بل بأي حق تضع نفسك إزائي ؟ هل تمتلكك ذرّة من عبقريتي ؟ تعال و طبِّق الحسابات اليومية الضخمة للفرع بنصف ساعة مثلما أفعل أنا بعد إغلاق أبواب الفرع كل يوم ، إن كنت تستطيع ، أيها الخرتيت . تالله لو كُفّلت بهذه المسؤولية ، للبثت واقفاً إزاء الحاسبة و رزم الجداول و الأرقام على الأشرطة و أنت تدير برأسك مثل بغل الناعور طوال شهرين فتضرب أخماساً بأسداس دون أن تظفر منها بطائل . و ستبقى الحسابات اليومية لأكبر مصرف تجاري في الشرق الأوسط غير متطابقة . نعم ، هذا أكيد . لا يطبِّق الحسابات اليومية بسرعة الصاروخ إلا عبقري مثلي ؛ عبقري مُلهم بالولادة ، لبيب ، ممن يقرؤونها و هي طائرة . و لكن لماذا لم يرد هذا البغل على تحيّتي بأحسن منها ؟ ها ؟ لا بد أنه قد أصبح يحقد عليَّ بسبب قيام تلك الناشز بتشويه سمعتي الماسيّة أمامه و أمام غيره من الموظفين و الموظفات كافة ممن لا يسوون شروى نقير . أنا لك أيتها الآبقة من بيت الطاعة . وراءك وراءك ، و الزمن طويل . لا بد أن أريك من هو السيّد أمير الخطير . أنا البطل المغوار الذي تخشاه الجبابرة - فترتعد فرقاً عند ذكر إسمي أمامها - تكسرين مهابتي أمام عصام الناس و عظامهم ، و أمام كل أهلي و أقاربي و معارفي ؟ انتظري أيتها الحقيرة لتري بأم عينيك أي رجل أضعتيه . أنا أمير الأبي و إبن الأصول الذي لم و لن يسمح لـ "حرمة" بالية بالضحك عليه . أنا أمير : زين الشاب ، و الأوسم ، و الأرجح ، و الأعقل ، و الأرفع مقاماً ، الذي تتمناه أجمل جميلات العالم . أمير البطل ، كامل الأوصاف ؛ أمير الاسم على المسمى ؛ أمير زين الرجال ؛ أمير الذي دوّخ جميع أطباء الأمراض النفسية في كل مستشفيات و عيادات بغداد ، فضحك على عقولهم الصغيرة ، و رفض بإصرار كل توصياتهم المتكررة له بدخول مستشفى الأمراض النفسية للعلاج هناك . من هم أولئك الأطباء لكي يملوا إراداتهم الملتوية عليّ أنا أمير بطل التحرير القومي القادم لا محال و الأفهم منهم بدرجات ! نعم ، بالتأكيد . لقد رفضت أدويتهم الغالية و غير المفيدة بل و المدمرة و التي سببت لي الصلع المبكر و تيبس العضلات و جحوظ العينين و جوع البطن المستديم . و بذلك فقد أثبت للتاريخ و للعلم بكوني أصحى منهم و أفهم منهم ؛ بل أعلم حتى من أعلم أطباء العالم قاطبة . كل هذه العظمة و التميُّز و ترفضينني يا حقيرة ؟ سيأتي اليوم الذي ألقنك فيه درساً قاسياً يجعلك تندمين فيه على ساعة ولادتك المشؤومة . نعم ، ليس درساً واحداُ فحسب ، بل و أطناناً من الدروس القاسية . من تكوني لتضعي رأسك العصفوري إزاء رأسي الجبل ؟ ها ؟ و يا جبل ما هزّتك الرياح . صدق من قال أن النساء ناقصات عقل و دين . و العجب العجاب هو أنها تقترف كل هذه الأعمال المشينة ثم تدعي بأنها امرأة مثقفة ، و بنت عائلة محترمة ، و تعرف الأصول . يُبدد الرجل الشريف مثلي كل تحويشة العمر الضخمة للزواج بها ، و تحويلها إلى ست بيت محترمة أمام الله و الناس ، و يستأجر لها بيت الزوجية ، و يؤثثه ، و يحجز في المدينة السياحية في الحبانية لقضاء شهر العسل ، و يستأجر سيارة الزفّة و يزينها بأبهى زينة ، و يجلب موكب سيارات رجال الزفّة المحترمين شيباً و شباناً ، ثم ترفضه في يوم العرس بالذات . نعم ، في يوم العرس و ليس قبله بيوم . الحقيرة . بدلاً من أن تشكرني و تسجد لي و تقبّل قدميَّ ، تجازيني بهذا العقوق ، أنا ولي أمرها . بأي حق ترفض الانصياع لولي أمرها و تاج رأسها و رأس كل مَن خلّفوها ؟ ها ؟ لأنه قال كلمة صدق بحق والدها ؟ ألم يعامله هذا المغرور كزعطوط منذ أول زيارته - و هو زين الرجال - لبيته طالباً يد ابنته ؟ ألم يصفعه بكلامه الجارح عندما قال له جهاراً نهاراً و من دون إظهار أدنى احترام لمشاعره الحساسة الرهيفة : إنك لم تؤهل نفسك بعد لتأسيس بيت الزوجية ؟ ألم يرفض وفدين من وفود الرجال المحترمين الذين أرسلهم للتوسل عنده ، و أبلغهم بكونه غير مقتنع به كزوج مناسب لأبنته البتة ، و أنا من أنا ؟ ما الذي ينقصني ، ها ؟ ألست موظفاً و شاباَ مثقفاً و وسيماً و أنيقاً و عندي سلاح الفحولة القوي المتين ؟ ألست طالب كلية و سأحصل على البكالوريوس بعد سنتين فقط فتصبح شهادة الماجستير و الدكتوراه في جيبي ؟ ما المطلوب من الرجل لكي يصبح مؤهلاً للزواج ، ها ؟ أ من العيب أن أكون رجلاً عصامياً كوّن نفسه بنفسه و لا ميراث لديه ؟ كيف تجرأ هذه الحقيرة على لومي لا لشيء إلا لأنني قلت لها في يوم الزفة بأنني بفضل إصراري البطولي و مواهبي الفذة قد أجبرت أباها على الرضوخ لإرادتي و القبول بتزويجي بها أخيراً رغم أنفه . نعم ، هذا هو كل شيء . لم أسبه أو أشتمه أو أعتدي عليه أو أكسر وجهه أمام الناس . كل الذي فعلته هو أنني شبّهته بالحمار المضرب عن الطعام عندما يرضخ بفعل الجوع و الضرب المبرح للنزول للأمر الواقع فيأكل تبن سيده الذي كان يرفض ، و ليس أكثر من ذلك . هل ألام لأنني شبهته بالحمار الحارن المتبطر على نعمة ربه و العاق لسائسه ؟ و الله لأن الحمار أحسن منه ! لديه عمارتان و خمسة دور مؤجرة و لا يقبل أن يُخلي حتى واحداً منها لكي تتزوج ابنته فيه . أي أب بخيل كزّ هذا الذي يقبل لنفسه أن تتبهدل أبنته الوحيدة فتتزوج في بيت مستأجر بعيداُ عن بيت أهلها ، وكل ذلك بسبب جشعه الرهيب الذي يمنعه عن التخلي عن فلاسين بدل الإيجار الشهري لدار واحدة من دوره الخمسة المستأجرة ؟ ها ؟ أي أب هذا ؟ ها ؟ أهذا هو تقديره لمقام ابنته الوحيدة ؟ ها ؟ يبخل عليها ببيت حقير و هو البليونير ؟ لمن يجمع كل تلال رزم النقود التي يرقد عليها ؛ و هو عجوز خرف دنف ، برجلين تتدليان في القبر ، ها ؟ يا عيبة الرجال ! إذا كنت لا تستحي فاعمل ما تشاء . على الأقل إعمل معروفاً واحداً تلقى به وجه ربك قبل أن تموت ، و أنت تتمشدق في كل مناسبة و غير مناسبة بمخافة الله و إطاعة أوامره . أهكذا أمر الله المسلمين ؟ تالله إن الإسلام براء منه . نعم ، أكيد . بل ، و أن اليهودي و الله لأشرف منه . على الأقل لأن اليهودي يحضّر جهاز عرس ابنته منذ أول يوم تلد فيه ؛ فيأتيها الزوج خالي الوفاض و صفر اليدين مختلياً من كل شيء إلا من سلاح الفحولة ، ليحصل من أهلها على كل شيء : بضمنها الدار و السيارة . طيب لنترك الدار على حدة ، لماذا لم يقدِّم لها و لو حتى واحدة فقط من سياراته الفاخرة الثلاث كهدية زواج ، و عربوناً يثبت لي أمام الناس حسن نيته ؛ فيكسر عيني ، فلا أهجوه بما يستحق ؟ ها ؟ على الأقل إفعل هذا تحسّباً ، كي أحترم ابنتك في المستقبل ، فأتنازل عن حقي في تأديبها بالضرب ، و لا أطردها من البيت ليلاً بلا ملابس و لا نقود لعصيانها أوامري الحكيمة . أب طمّاع حقود و مستهتر بمصير ابنته . ما ذا كنت ستفعل لو لم تكن هي ابنتك الأصغر المدللة ؟ أبنته الصغرى ؟ تالله إنها مثله ، بل هي أسوأ منه ؛ فكل فتاة بأبيها معجبة . ما دُمتِ معجبة بأبيك إلى هذه الدرجة ، لماذا لم تتزوجيه ، فتكفيني شرّك ؟
- هاهاهاهاها !
- أراك تضحك اليوم يا أمير ! هل أنت فرح لورود أمر نقلك لفرع الصالحية ؟
إنتبه أمير لمحدثه . إنه مدير الفرع . هل يقوم احتراما له ؟ أم يلبسه كالنعال على مرأى و مسمع كل الموظفين لكونه لم يحترمه فيناديه بـ "السيّد" ؟ ثم ما هو موضوع نقله ؟ إنه لم يقدم أي طلب للنقل ، فكيف يتم نقله من فرعه فجأة و هو آخر من يعلم ؟ الحقيرة ! لا بد أنها هي السبب . نعم ، لا يوجد غيرها . إن كيدهن عظيم ! و الله لن يقوم احتراماً له مادام أمر نقله من هذا الفرع التعس وارد . سيلبسه كالنعال ، و يأخذ كتاب نقله بأسرع ما يخرج ، و يلفظهم - هؤلاء الجاحدين لأفضاله - لفظ النواة ، ليروا بأنفسهم من الذي سيطبِّق لهم الحسابات اليومية . سيبقون على الأقل سنة كاملة بلا تطبيق ، و سيضرسون الشوك و يستدعوه ثانية و هم صاغرون .
- هاهاها .
- إن أمر انفكاكك جاهز لدى السيد طلال ! يا سيد طلال !
- نعم ، أستاذ .
- سلم السيد أمير كتاب انفكاكه ، لطفاً !
- صار ، أستاذ !
- أتمنى لك كل الموفقيّة ، سيد أمير ! مع ألف سلامة !
أهذا هو كل شيء ؟ ينقله إلى فرع بعيد دون مقدمات و لا إحم و لا دستور ؟ ما هذه العشوائية في اتخاذ القرارات المصيرية ؟ و ما هذا الاستهتار بمستقبله ؟ استهتار ؟ بل قل هو الاعتداء الآثم الذي ما بعده اعتداء . لن يسكت . إن البطل أمير ليس من أولئك الجبناء الذين يسكتون على الضيم . ليفرغ جام غضبه على هذا الحقير طلال .
- طلال ! لماذا لم تبلغني بورود أمر نقلي ؟ ها ؟ أم أن شغلكم يجب أن يكون كلّه دفّاني ؟
- لقد آثر السيد المدير إبلاغك بنفسه و ذلك احتراماً لمقامكم الكريم و تقديراً لخدماتكم الجليلة للفرع ؛ و هو الذي أبلغني بذلك !
- أنا لم أقدم طلباً للنقل ، فما هو سبب نقلي من الفرع دون أخذ رأيي ؟
- هاهاها ! لا بد أن مزاجك رائق للمزاح اليوم !
- لم أفهم !
- هاهاها ! أنت تعلم أنه لا يجوز بقاء الزوج و زوجته في فرع واحد للمصرف ، أليس كذلك ؟
- أ ، نعم ، نـ نعم ! طبعاً ، طبعاً أعرف ذلك ! و لكن لماذا قررتم نقلي أنا بالذات و ليس أميرة ؟
- لأن التعليمات تقضي بنقل من يشغل المنصب الأهم من الزوجين ، و أنت موظف الحسابات اليومية ، و هو أهم عمل لموظف غير مخوّل بالتوقيع في المصرف .
- همم . صحيح ! و لكني لا أخفي عليك : لقد فوجئت تماماً بصدور أمر النقل بهذه السرعة !
- سنفتقدك كثيراً ، يا سيد أمير !
- و من الذي سيطبّق لكم الحسابات اليومية ؟
- لقد كلّفني المدير بتطبيقها بنفسي اليوم ، و بتدريب موظف جديد عليها .
- و من أين لك المعرفة بتطبيق الحسابات اليومية ؟
- هل تمزح ؟
- كلا !
- غريب . من الذي درّبك على تطبيق الحسابات اليومية ؟
- السيد مهدي ، يرحمه الله .
- ألف رحمه على روحه الطيبة . و من الذي درّب السيد مهدي نفسه ؟
- لم يقل لي . من تقصد ؟
- أنا الذي درّبت المرحوم على تطبيق الموازنة اليومية . كان ذلك قبل انفكاكي من الفرع عندما قُبلت في مرحلة الماجستير ، فتوجّب علي ترك الوظيفة ، و التفرّغ للدراسة .
- و هل أنهيت دراسة الماجستير ؟
- كيف تسألني مثل هذا السؤال ؟
- و لماذا تستنكر سؤالي ؟
- لأنني أستاذ محاضر في نفس القسم الذي أنت الآن طالب مسائي فيه !
- صحيح ؟
- طبعاً !
- و لكنني لم أشاهدك في القسم أبداً !
- صحيح ؛ أنا أدرِّس في قسم المحاسبة ، و لكن في كلية الإدارة و الاقتصاد بجامعة بغداد ، و ليس قسم المحاسبة في الجامعة المستنصرية الذي أنت تَدْرُس فيها .
- همم ! و ماذا تدرّس ، أستاذ ؟
- اختصاصي : محاسبة كُلف العمليات المصرفية .
- و متى أنهيت دراسة الماجستير ؟
- قبل خمس سنوات ؛ و لقد استحصلت موافقة السيد مدير الفرع على ترشيحي لدراسة الدكتوراه ضمن قناة الموظفين المتميّزين للعام القادم .
- مبروك !
- جزيل الشكر ، أستاذ أمير ! العقبى لك ، بحول الله .
- إن شاء الله . لا أخفيك أنني مصمِّم كل التصميم على إكمال دراستي العليا في اختصاصي : الحسابات المصرفية .
- تقصد حسابات العمليات المصرفية ، أستاذ ؟
- نـ - نعم ، نعم ؛ العمليات المصرفية .
- لماذا لا تبحث في موضوع : تطوير العمليات المصرفية لدى مصرفنا مثلاً ؟ و تجري دراسة ميدانية للواقع الحالي ، و ترسم في ضوئها الخطة المستقبلية للتطوير ؟
- فكرة لا بأس بها .
- أستطيع مساعدتك في إعداد مثل هذه الدراسة الميدانية .
- شكراً ، و لكنني – مثلما قلت لك – أفضِّل البحث في اختصاصي : الحسابات المصرفية ؛ حسابات العمليات المصرفية ، أقصد !
- بالتوفيق ! تعال لتستلم كتاب الانفكاك .
- بالمناسبة ، أين هي ؟ هذه العاقّة ؟
- أي عاقّة تقصد ؟
- من غيرها ؟ أميرة ؛ زوجتي التي لم أدخل بها !
- يا رجل : ألا تستحي من التلفظ بكلمات نابية ضد زوجتك ، و هي امرأة شريفة و بنت عائلة محترمة ؟ إن هذا لا يليق لا بمقامك و لا بمقامها . شف سيد أمير : كل الأزواج الجدد تحصل بينهم خلافات أول أيام زواجهم ، ثم تعود المياه إلى مجاريها الاعتيادية فيما بينهم ، فيصبحون كالسَّمن على العسل . لذا ، لا يجدر بك الآن أن تتفوه بكلمات نابية ضد زوجتك أمام الغير ، و هي قرينتك و أم أطفالك مستقبلاً أنشاء الله ، لتندم على أقوالك مستقبلاً . هذه المرأة قد اقترن اسمها باسمك ، و أصبحت حرمك و شرفك ؛ و عزوتها عزوتك ، و إهانتها إهانة لك .
- صحيح . و لكن ، أين هي مختفية منّي الآن ؟
- ليست مختفية ! إنها مجازة إجازة اعتياديه !
- كم يوماً ؟
- ليوم واحد فقط . تفضَّل كتاب انفكاكك .
خطف المغلف الورقي من يد السيد طلال دون أن يقرأ عنوانه ، و خرج مسرعاً من الفرع إلى الشارع و هو يحرق الأرم دون أن يودّع أحداً من زملائه .
الحقيرة . لابد أنها هي التي رتّبت أمر نقله بالتآمر مع مدير الفرع الحقير هذا عليه ، و الدليل الأكيد على ذلك هو علمها علم اليقين بيوم انفكاكه ، فأخذت الإجازة كي لا يراها . أنها تخشاه ، بالتأكيد . نعم بالتأكيد ؛ فهو رجل مفتول العضلات تهابه النساء . إنه شاب مهيب . يجب عليه أن ينتقم ، نعم ! عليه أن ينتقم منها شر انتقام .
- صباح الخير ـ حبيبي !
- من ؟ حبيبتي أميرة ؟ ما الذي جاء بك الآن ؟ و ما هذه السيّارة الفاخرة التي تسوقين ؟
- أصعد بسرعة يا حمار قبل أن يغرَّمني شرطي المرور !
- أمري لله الواحد القهار . صعدت .
- اسمع : سنذهب الآن لبيتنا كي تعتذر أشد الاعتذار من الوالد ـ صار يا جبّار ؟
- صار .
- ثم تقبِّل قَدَميَّ بكل خشوع و لياقة أمامه ؛ صار يا بطل ؟
- صار .
- و من الآن فصاعداً تنفّذ كل ما أقول بالحرف الواحد و أنت ساكت ، و إياك أن تسمعني أدنى كلمة مزعجة ؛ صار أميري الحلو ؟
- صار .
- و تأخذ يوميا حبّة الديباكين ؛ صار يا مسكين ؟
- صار .
- أوووه يا بُلبلي الفتّان : تستطيع الآن أن تقبِّل خدّي بكل حنان !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا