الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولا يزال الرئيس الجزائري يهذي في هذيانه

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2020 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


في زيارة لمقر وزارة الدفاع الجزائرية ، أكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، وفي هذيان سريالي ، عن نفس الاطروحة الشائخة التي لفظها مجلس الامن ، ولم يعد يعمل بها ، بعد انْ اصبح لا يؤمن بها رغم مرور ثلاثين سنة على ضمانه لها ، وتوقيعها تحت اشرافه ، وهي اتفاقية 1991 التي تنص على انشاء المينورسو لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية ...
ومما قاله الرئيس الذي يهذي بدون فرامل ولا ضوابط : " .. انّ محاولة فرض سياسة الامر الواقع لا يفيد ، وبان حل الصحراء الغربية الأنسب الذي لا ينبغي التهرب منه ، هو استفتاء تقرير المصير .. " ....
وزاد موجها كلامه لضباط الجيش الكبار ، ومن مقر وزارة الدفاع الجزائرية " ان قضية الصحراء الغربية بالنسبة للجزائر ومؤسساتها ، وجيشها وشعبها قضية تصفية استعمار .. " .
كما جدد مطالب النظام الجزائري " لتطبيق قرارات مجلس الامن بخصوص ملف الصحراء الغربية ، لإجراء استفتاء تقرير المصير منذ نحو ثلاثة عقود ، والتعجيل في تعيين مبعوث للأمين العام الاممي ، وتفعيل مسار المفاوضات بين طرفي النزاع .. " .
وفي هذا الصدد يضيف " ان فرض الامر الواقع لا يفيد ، بدليل مرور أربعة وخمسين سنة دون حل يذكر ، فلا ينبغي من التهرب من الحل الأنسب الذي هو تقرير المصير .. " .
ان مضمون كلمة الرئيس تفيد ، انّ الطرف الرئيسي في النزاع المفترض هي الجزائر ، وليس البوليساريو كرديف للجيش الجزائري .. فإلقاء الرئيس لكلمته حول الصحراء ، ومن داخل وزارة الدفاع الجزائرية ، وامام الضباط الكبار للجيش برئاسة احد الد أعداء المغرب الجنرال شنقريحة ، ويربط الملف باهتمام الشعب الجزائري الذي لا علاقة تجمعه بنزاع الصحراء ، الذي هو نزاع وجود بين نظامين متشابهين ، ولم يعودا مختلفين خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ... ليس بالأمر البريء ، او انه حصل صدفة ... لكن التصريح ومن قلب وزارة الدافع هو مساج منطوقه واضح ، ولا يحتاج الى عناء تفكير للوصول الى مبتغاه ...
فعندما يعتبر الرئيس الجزائري ان قضية الصحراء ، هي قضية الجيش الجزائري ، فالمتلقي الحذر للخطاب ، يجب ان يكون في مستوى التهديد الذي يلوح به الرئيس .. فهل قضية الصحراء ، هي قضية الجيش الجزائري ، حتى يلوك الرئيس نفس الكلام المنمق والمُمل ، ام ان الرئيس في كلمته بدون معنى ولا سبب ، يريد خلط الأوراق ، وهو الذي يشعر في قرارات نفسه ، انّ نزاع الصحراء قد تم حسمه نهائيا منذ سنة 1991 ، التي أُطلقت فيها رصاصة الرحمة على النزاع ، الذي ينتظر لأكثر من ثلاثين سنة لتنظيم استفتاء اصبح بقناعة مجلس الامن غير قابل للتطبيق ، ولن يوصل الى أي حل قد ينتهي بالانفصال لخدمة المشروع / الحلم الجزائري بالوصول الى مياه المحيط ، وتطويق المغرب ، وفصله عن بعده الافريقي بحاجز " الجمهورية الصحراوية " التي ستصبح جزءا من الجزائر كفدرالية او فدرالية ..
فهل ما صرح به الرئيس الجزائري يضمر لشيء ، او يحضر لشيء ، او انه مجرد تذكير المنهزم الذي فقد كل أوراق القضية ، منذ ان انتظر ثلاثين سنة لتنظيم الاستفتاء ... وعندما فقد صوابه اصبح يهذي هذيان من اختلطت عليه الألوان ، واخطأ الطريق ، وضاعت منه البوصلة بسبب قصور فكره ، وبُور مخططاته التي أضحت مفضوحة على اكثر من جهة وصعيد ..
ان استمرار النظام الجزائري المنهزم في محاولة المتاجرة بالشعب الجزائري في قضية الصحراء التي لا يد له فيها ، من جهة خلط أوراق الداخل حتى يخفف من الضغط الشعبي الذي لا يزال يمثله الحراك الذي يطالب بجزائر الشعب ، وليس بجزائر الجنرالات ، وجزائر حزب " جبهة التحرير الوطني " ، ومن جهة ربط ورقة الصحراء التي انهزم فيها النظام وجبهة التحرير ، ب (الإصلاحات ) الدستورية التي ، من جهة تركز الحكم بيد الرئيس على حساب البرلمان ، أي تقوية الجهاز التنفيذي على حساب الجهاز التشريعي ، ومن جهة الهاء الشعب ونسيانه ، بل ابعاده عن مواصلة الحراك الشعبي الذي يهدد النظام الذي انقلب على مطالب الحراك ، عندما اختزل اصل المشكل السياسي للنظام الجزائري ، في بضعة اشخاص برئاسة سعيد بوتفليقة ، في حين ظل النظام الذي انتج عبدالعزيز بوتفليقة ، وسعيد بوتفليقة ، ومن اتباعهما ، لا يزال متحكما في رقاب الشعب ، وفي ثروة الجزائر التي تهرب كما يفعل النظام المغربي الى خارج الجزائر ..
فإذا كان مجلس الامن الذي ضمن توقيع اتفاق 1991 الذي تم توقيعه تحت اشرافه ، قد تراجع عن نتائج الاتفاق ، وبالضبط لم يعد مقتنعا بما نصت عليه من اختصاصات الهيئة التي انبثقت عن الاتفاق المذكور " المينورسو " ، أي الاستفتاء ... فما الجدوى من ان يسبح الرئيس الجزائري لوحده ضد التيار الذي جرف الاستفتاء وجرف تقرير المصير ، واصبح يصهل في واد ، والمسطرة التي يتبعها مجلس الامن تتناول الموضوع بشكل محتشم مرتين في نفس السنة ، دون ان يحظى ما يجري ، باهتمام وسائل الاعلام والفضائيات الدولية المتنوعة والكثيرة ...
واذا كان النظام الجزائري وعلى راسه الرئيس عبدالمجيد تبون ، يحاول ان يضع نظارات سوداء ، حتى لا يرى الحقيقية التي عرت فشله وانهزامه ، فيكفي الرجوع الى التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة الذي طرحه على مجلس الامن ، وأوصى بتبنيه جملة وتفصيلا ، انه كان في صالح المغرب ، ولم يكن في صالح أطروحة النظام الجزائري التي فشلت فشلا ذريعا ، منذ ان اطلق رصاصة الرحمة على راسه في سنة 1991 ..
ولنا ان نتساءل هنا : ما هو الدور الذي لعبته المخابرات الجزائرية من مدنية وعسكرية ، في انشاء المنظمة الجزائرية ( الهيئة الصحراوية لمنهاضه الاحتلال المغربي ) ISACOM باسم اميناتو حيدر ؟ وما دورها في تجديد المنظمة الجزائرية المسماة ب CODESA ؟ وما هو دور المخابرات الجزائرية في اشعال لهيب " الگرگرات " ... وكل هذه التطورات حصلت بالتزامن مع عقد دورة مجلس الامن بخصوص الصحراء ؟
الم يكن الهدف من كل هذه الإجراءات تصيد الأخطاء ، خاصة في مجال حقوق الانسان ، بالتأثير على شكل ومضمون القرار الذي سيخرج به مجلس الامن ، لصالح النظام الجزائري الذي لم يستسغ تجرع سم الهزيمة والفشل ، وتبذيره من أموال الجزائريين مئات المليارات من العملة الصعبة لمدة خمسة وأربعين سنة في نزاع انتهى بالفشل وبالهزيمة ، وباعتراف مجلس الامن الذي تنصل من المينورسو ، ويراوغ في موضوع تعيين مبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة في نزاع الصحراء ؟
وإذا كان الرئيس الجزائري ، ومنه النظام الجزائري ، يفكر في محو مذلة هزيمة 1963 ، فما يجري بين ادربذجان وبين أرمينيا من نزاع حول إقليم ناگورني كرباخ الذي هو جزء من اذربجان ، لهو رسالة ساطعة في الحسم بين السلاح الروسي ، والسلاح الأمريكي الفرنسي ... فحين تسقط F16 تركية Su 24 روسية يقودها طيار روسي ، وحين تسقط F16 اذربذجانية Su24 روسية ارمينية ... وحين تتصيد الطائرات بدون طيار الاذربذجانية الذبابات والآليات العسكرية الأرمنية وهي أسلحة روسية ... وحين تعجز S300 في كشف الطائرات الإسرائيلية فوق سماء سورية .. فنتيجة أي حلم / حماقة هي معروفة حتى قبل حصول المغامرة ..
فأمام هذه الحقيقية الساطعة التي يقتنع بها النظام الجزائري ، وتقتنع بها البوليساريو ، أصبحت لغة التهديدات الفارغة هي السائدة ، خاصة بمناسبة عقد دورة لمجلس الامن حول الصحراء . .. اما الحرب فستكون جهنم على بادئها ... لذا فانهم يتهربون منها ..
سيصدر مجلس الامن قراره ، واكيد سيكون نسخة طبق الأصل عن القرارات السابقة .... سيجدد المجلس تمديد المينورسو سنة إضافية ، وهو ما يؤرق الجزائر والبوليساريو اللذان حاولا الركب على هذه الإضافة بافتعال معبر الگرگرات ... والمجلس لن يقرر توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مادة حقوق الانسان ، كما ان القرار سيربط أي حل للنزاع بضرورة توافر شرطين ، هما شرط القبول ، وشرط موافقة اطراف النزاع عن الحل ... وهذا لن يكون ابدا ... لان لا المغرب سيوافق وسيقبل بأطروحة النظام الجزائري وطابورها البوليساريو ، ولا النظام الجزائري ولا البوليساريو سيقبلان وسيوافقان على الحكم الذاتي ..
وامام شرعية الأرض .. وغموض الشرعية القانونية من حيث الشكل والمضمون ... الوضع سيستمر لسنين قادمة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة