الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيوف في مُحرَّم، مظهر من مظاهر تجاوز رجال الدين على القوانين

عادل حبه

2020 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بقلم أفشين أفشار
iran-emrooz.netموقع
ترجمة وتلخيص عادل حبه

بلغ إنتاج السيوف في محرم هذا العام حدوده القصوى في إيران، وتم عرض شفرات هذه السيوف بمثابة إعلان حرب مفتوحة من قبل بعض رجال الدين ضد القانون والنظام.
لقد اختارت الحكمة الجماعية للإيرانيين طريق العقل من أجل دوام الحياة، وعبرت عن هذه الحكمة بطرق مختلفة، بدءاً من عدم المشاركة في الانتخابات وإلى تنظيم المظاهرات وترديد الشعارات المناهضة للحكومة. هذا المسار الذي لا مكان فيه لرجال الدين أي منبر للإرشاد ولا للقيادة. فقيادة هؤلاء من حيث الجوهر، قادت البلاد إلى كارثة. ومحك هذه الكارثة هي 41 عاماً من الظلام والسحب السوداء. ورغم استمرار الحياة بهذا الشكل أو ذاك، ولكنها خيبة أمل الناس هي البارزة بطرق مختلفة.
إن أساس السلطة السياسية لرجال الدين في أي وقت ومكان وفي أي دين، يكمن فقط في القدرة على تعطيل القانون والنظام وخلق حالة من الفوضى. ولم تعمد هذه السلطة إلى ذلك، وليس بمقدورها بمقدورها أن تفعل عكس ذلك، فقدرة رجال الدين تتمحور حول تعبئة المؤمنين لتهديد الاستقرار في البلاد. ولم يكن الحكم الديني في أي وقت مصدر خير وبركة للإنسان على مسار التاريخ. ولطالما شكل البلطجية ظلاً لرجال الدين. إن العلاقة الأخوية الأبدية في مذهب "الميترائيسم"(من المذاهب القديمة الإيرانية-م) ظهرت في مرحلة زمنية أبكر بكثير من ظهور الفدائيين الإسماعيليين. فغالباً ما يحصل هؤلاء على مواردهم عبر قنوات غير شرعية عبر الاعتقال والسجن. وفي محاولتهم الهروب من عذاب الضمير يعمد هؤلاء إلى غفران الذنوب حسب المعتقد الديني، لكسب رضى رجال الدين وكسب الوجاهة الاجتماعية، ويحاولون التواصل مع رجال الدين والظهور بمظهر من يقدم الخدمات لهم. ويستخدم رجال الدين بدورهم شر هؤلاء وصورتهم الدينية لتعزيز مواقعهم. وبذلك يمنحون لهم الشرعية والقدرة على الإيذاء والقتل ويطلقون عليهم لقب محبي أهل البيت.
‏ويجري الآن رجال الدين صلات علنية مع الأشرار بهدف إشاعة الرعب بين الجماهير، ويمكن مشاهدتها يومياً في شوارع إيران والعراق. ويلجأون إلى استخدام الأسلحة الباردة، والرقص بالسيوف لجذب انتباه الناس العاديين، وهيإشارة قوية إلى أفراد القوات المسلحة تلمح إن بإمكاننا على الدوام أن نشكل جيشاً مسلحاً خارج القانون، حافظوا على وفائكم لنا وإلاً ستتعرض رقابكم إلى سيوفنا. عليكم فقط إطاعة أوامرنا، وليس القانون ، فنحن القانون وما سنفعله في أي وقت هو الجاري، وليس ما يشرّعه البرلمانيون. نظامنا هو ما نطالبكم به. إن توفير التسهيلات وتخصيص الميزانيات الكبيرة للتكايا والمساجد والحسينيات يصب في الحفاظ على "جيش الظل". والغرض الرئيسي من هذه المسرحية هو إشاعة الخوف، لا سيما بين القوات النظامية التي تقع على عاتقها تنفيذ القوانين والتي تتحدد وظيفتها في المحافظة على القانون والنظم.
إن التأكيد المستمر على أن وظيفة الحرس الثوري الإيراني هي حماية الثورة، وليس إيران، هو إصرار واضح على أن الحرس الثوري الإيراني لا يخضع للقانون. فالحرس الثوري الإيراني يعمل وفقاً لرغباتنا وليس وفقاً للقانون. لكن تصرفات الحرس الثوري الإيراني، بسبب طبيعته العسكرية، لها مردود عكسي حتماً.
كان إلغاء مؤسسة الإدارة والتخطيط في إيران، بإعتبارها أحد جوانب العقلانية والاستبصار على المستوى الوطني، متماشياً مع الدعوة إلى تجنب الفوضى والإرتباك. فالتنظيم والتخطيط هما منهجان يتعارضان مع فهم رجال الدين للمصير والقدر. فالله وحده يعلم المستقبل ويمكنه التأثير فيه، حسب فهمهم، وطبعا نحن ممثلوه ومرتبطون به. رجال الدين لديهم مشكلة مع العقلانية التي تؤدي إلى إشاعة سيادة القانون وإقامة النظام، وخاصة عند مناقشة مخصصات الميزانية.
ويردد رجال الدين بشكل ممل، على الجميع العمل في خدمة الفوضى واللانظام، والحفاظ على على ما هو قائم، وهو اتباع أوامر المنظم، الذي يقوم منهجهه على طغيان الفوضى وإثارة الاضطرابات. وهو أهم عنصر موضوعي لضرورة بقاء واستمرارية نظام الحكم الإسلامي أي الفوضى واللاقانون.
كل رجل دين في السلطة هو غير مسؤول، ولكنه عادة ما يكون مؤثر على العلاقات التنظيمية. ويؤدي عمل رجل الدين في المؤسسة، شاء أم أبى، إلى تشتت وبعثرة الإجراءات الإدارية. فمن خلال التأثير على القرارات وتغيير المدراء الذين يجب أن تنحصر مهمتهم في تنفيذ القانون في نهاية المطاف، إلاّ أنهم يتحولون إلى مروجين غير قانونيين، وبذلك يقودون المؤسسة صوب الابتعاد عن أهدافها المحددة. إن إجبار جميع الموظفين على الصلاة خلف الملا في مرافق العمل هو في الأساس لجعل الجميع يدركون من هو الرئيس الحقيقي هنا. ويعلم المدراء علم اليقين بأن أفضل قرارات الخبراء لا تتخذ في ظل الحكومة الدينية وممثليها، فهم يشيعون الدمار في المؤسسة. إنهم يعلمون أن إراقة الدماء لا يمكنها أن تقود البلاد إلى بر الأمان والتقدم. لذلك يحاولون جني الربح لأنفسهم، والنتيجة هي استشراء الفساد والهدر والدمار من اعلى الى اسفل البلاد.
إن إقامة الصلاة في الإدارات الرسمية ما هي إلاّ إخراج الشؤون اليومية وعقول الموظفين من فلك الدنيا إلى فلك الدين والآخرة، وهو جهد يصب في نهاية المطاف في مجرى إهدار الوقت والطاقة والمال في البلاد. ويلحق كذلك ضرراً أكثر بالدين نفسه. ففي خلال ساعات العمل، يتأثر الناس بشدة بالقضايا الراهنة ولا يمكن تحقيق راحة البال عبر أداء فريضة الصلاة. فلو كان لفريضة الصلاة نتيجة إيجابية على مسار العمل وتطويره، لأنبرت مؤسسات عالمية الأخذ بها لتيسير شؤونها مثل Microsoft و Google و Benz و LG و Toyota وجميع الشركات الخاصة والعامة في جميع أنحاء العالم، وتخصص مكانًا للعبادة في مرافق العمل. ولنا في إيران نتيجة 41 سنة من هذه التجربة. الجميع في كل المؤسسات يطالبون بممارسة اللطم، وتوفير أماكن فيها لإقامة مراسيم العزاء والصلاة وليس مكاناً يوظف لأهداف تصب في تطوير المؤسسات خدمة للمصلحة الوطنية. إن جريان الأمور على هذا السياق لا تعني سوى رتق وفتق عمل الدنيا، فالصلاة في أي دين هي وسيلة للآخرة، أي أنها شأن شخصي وليس إداري ، والصلاة في محل العمل ليست موجهة لكسب رضا الخالق، يل لكسب رضا لمدير وطرف آخر غير الخالق ولذلك فهي صلاة باطلة، وهي الكفر والإلحاد بعينه، ويتحمل من يقيم هذه الصلاة المسؤولية أمام الله. إن لصق صور الملالي والبوسترات على أبواب وجدران الإدارات والأماكن العامة وكتابة الشعارات التافهة هو هدر للمال العام ويؤدي إلى ردود فعل عكسية.
ويشكل حضور رجال الدين في المكاتب والمنظمات ثغرات تدمر جهود الإداريين الأكثر جدارة وكفاءة من خلال إصدار أوامر وتقديم نصائح غير ملائمة وربط كل شيء بالدين وفتاوى القيادة الدينية، وهو عملياً إعلان حرب على المعرفة والنظام والقانون. فليس الإنتاجية وحدها، ولكن جميع مؤشرات الإدارة والإنتاج في جميع المؤسسات هو مفهوم يتعارض مع الأداء الفعلي للمؤسسة طالما أنها تدور حول هذا المحور، والنتيجة واضحة كل الوضوح خلال 41 عاماً الماضية التي مرت على الإيرانيين. فالأمور أضحت متداخلة والأشياء غير مكتملة أكثر فأكثر، والبلد في حالة من الفوضى تتعمق كل يوم، وخلق الله يعيشون عذاب عسير. إن عدم الإيمان بالقانون والنظام هو طبيعة رجال الدين من حكام إيران الحاليين، حتى لو لم يتم الإعلان عنها، ناهيك عن التركيز الآن على أن تكون ثورياً!!!!.
من وجهة نظر رجال الدين، ينبغي أن لا يفتخر الجيش بمهمة الحفاظ على أرواح وممتلكات وشرف شعبه، بل يجب أن يفتخر فقط في إطاعته لولي الأمر. وفي رأيهم أن الجيش مسؤول عن الحفاظ على النظام، ويعني نظام رجال الدين. ولا ينبغي أن يكون حتى إيمان العسكريين بالله شخصياً ومباشراً، بل يظهر الإيمان من خلال إيمانهم وطاعتهم ودعمهم لنا، أي لرجال الدين، فمن يقف معنا وخلفنا فهو عبد مؤمن بالله ولا غيره .
‏ لقد أدركت الحكمة الجماعية للإيرانيين، وخاصة العقلانية العسكرية، بالحاجة إلى إرساء قواعد النظام للحفاظ على البلاد. ولا يعني إنكار النظام من قبل الجيش سوى إنكاره لوظيفته وطابعه الخاص.
إن جهود المنظمات ذات الصلة في الدولة لفرض القانون والنظام هي محاولة غير مقصودة لإخراج رجال الدين من السلطة. ولذا إنخرط أولئك الذين شعروا بهذه المحاولة وهذا التحدي في صناعة السيوف بالجملة ليست من الخشب بل من المعدن، وأهم وأطول بكثير من سيف الشمر ذي الجوشن. وتحاول هذه المخلوقات من خلال التلويح بالسوف إظهار إستعدادها لمواجهة هذه التحديات والتلويح بالسيوف لمن يجرأ على زعزعة كراسيهم.
إن الهدف من أشهار السيوف غير موج ضد المشردين والعزل الذين يتعرضون يومياً إلى حملاتهم، فالهدف هو القوات المسلحة.
من بين مرتكبي عمليات مسلسل القتل المعروفة، هو سعيد إمامي الذي طالب بتوقيع أربعة مجتهدين فقط لتنفيذ عمليات القتل وبموجب مذكرة. وكلفه هذا الطلب حياته. لقد حاول رجال الدين جعله وحشاً ليكون درساً للجنود الآخرين كي لا يطلب أي أحد منهم وثيقة مكتوبة وشرعية لتنفيذ أوامر القتل. إن الموظف الذي يطالب بإبراز شهادة جامعية عند التقديم للوظيفة يؤمن بالقانون والنظام أكثر مما يفعل رجال الدين. وبعد ذلك التهديد لذا لم يجر قتل أي شخص من مرتكبي هذه الجريمة إلا سعيد إمامي.
لقد صدرت أوامر وأحكام مسلسل القتل الجماعي في إيران في عقد الثمانينيات سراً ونُفذت لأنها مخالفة للعقل والقانون والشريعة. فلو كانت قائمة على أساس شرعي وقانوني، لصدرت الأحكام علناً وعوقب المحكوم عليهم علناً وفقاً للقانون بعد محاكمتهم. حتى الحكومة القائمة على الشريعة ،تعتبر أن هناك ضرورة لحد أدنى من النظام والقانون لبقائها، وحتى هذا الحد الضئيل يتعارض مع عقلية رجال الدين في إيران، التي اصبحت مستنقع مضطرب من الفوضى والاضطراب. لكن من حيث المبدأ، فإن مثل هؤلاء الأشخاص غير متوازنون بسبب ميولهم المتطرفة ولا يستطيعون أن يراعوا العدل في الأمور، ويفتقرون إلى العدالة، التي تعد شرط ضروري لبلوغ درجة الاجتهاد والمرجعية.
ولا يقاس الحق من منظور سياسي. فصفة العدل لا تتم إلاّ بعد صدور العديد من الأحكام التي ينطوي عليها العدل وتنفيذه. وفي مثال رجل الدين، هناك الإجماع والإتفاق . ومن أجل تحقيق الحكم العادل، يجب على المرء أن يقاضي أولاً ، ومن ثم القياس وبعد ذلك المقياس، علماً إن مقياس وميزان الفرد الثوري هما منذ البداية يميلان إلى الإعوجاج، فالفرد الثوري لا يمكن أن يكون عادلاً.
لا أحد لديه الوسائل المالية أو القدرة على الحصول على ترخيص لإنتاج هذه الكمية من الأسلحة الباردة ، باستثناء قوة غير مسؤولة لديها إمكانية الوصول إلى خزينة الدولة. هذه الممارسة ما هي إلاّ استعراض لجيش الظل بالتهديد للقوات العسكرية الرسمية للبلاد، والتي لم تلجأ إلى قتل الناس إلاّ في عهد الشاه. ومع ذلك، استجاب قادة فرض القانون بسرعة، مبدين إستعدادهم لمحاربة البلطجية.
ولا يزال الملالي لا يفهمون أنه في وقت من الأوقات يقترب البلطجية من أهلهم لتهدئة ضمائرهم وإرجاع هيبتهم ومكانتهم بين الناس، وبهذه الطريقة خضعوا لقلوبهم وووجدانهم، وبات واضحاً لهم أنهم مع الله وإن الناس باتوا يحترمونهم أكثر من الملالي. البلطجية يضحون بأنفسهم جراء آثامهم ويدفعون الثمن، ولكن رجال الدين يستخدمون الله والدين والقرآن وأهل البيت في القتل والسرقة والقهر ... وينظر الناس إلى الذين يخضعون لدوافع الملالي غير المعقولة وتأكيد جرائمهم بشكل أذل من البلطجية. إن ما يضيع في هذه الدوامة هو الإيمان الذي لن يعود بهذه السهولة إلى الناس. لقد ذهب الإيمان وانتهى عندما إحتكر رجال الدين أي مظهر من مظاهر الحقيقة.
لقد أصبح رجال الدين الآن المصدر المباشر لجميع مظاهر الفساد والجرائم والمخالفات وانعدام القانون في البلاد. وتجذرت كل المفاسد الكبيرة في ضلوع رجال الدين في السطو على الريع غير المحدود والبعيد عن المساءلة والسرقات والمناورات الحزبية والحصول على قروض كبيرة دون سدادها، والإستحواذ على حصصهم بالعملة الأجنبية في الخارج، وإستملاك الشركات المملوكة للدولة بثمن بخس..
وغالباً ما يتحمل العسكريون نصيبهم من وزر سلوك رجال الدين وغدو واجهة السمعة السيئة والإثم في الدفاع عن اللصوص والسراق والظلمة والنير.
ويعود نفوذ رجال الدين من حكام إيران إلى تلويحهم بمأساة عاشوراء والمسعى الثوري لسيد الشهداء. وحتى هذه اللحظة فإن فرصتهم في الحياة والوجود مرهون بهذا الحدث وبقاء مظهر الفوضى وانعدام القانون، والإصرار قدر الإمكان على استمرار الثورة والفوضى. فهم يريدون أن تحدث عاشوراء في كل يوم وأن تصبح كربلاء في كل مكان، ويبقى المجتمع غارقاً ومستمراً في لجة الفوضى وإنعدام القانون.
ولا يعني أن تكون ثورياً سوى تعطيل النظام باعتباره فضيلة يدعو إليها المرشد. إن أية حكومة يعتمد استمرارها على الفوضى والأزمات ا لا تجلب سوى البؤس والدمار لمجتمع غير قائم على أسس عقلانية، وليس لهذه الحكومة أية خطة لمواجهة هذا الوضع الشاذ.
لقد شهدت إيران شكلاً مماثلاً من الحكم خلال الفترة القاجارية. فقد فرض رجال الدين على الشاه إعلان الحرب على الروس، وما تلاها من هزائم ثقيلة وخسارة أراضي شاسعة، وضعف البنية العسكرية وفقدان الهيبة الوطنية وتراجع البلاد إلى الوراء لنحو مائة عام، وشيوع اليأس والشلل في المجتمع، بحيث أن الشاه نفسه أصيب باليأس وفقدان الأمل بسبب المجاعة، وأصبح على غرار تاجر الحبوب الذي يحتكر الغلال في وقت يتساقط الجياع موتى في الأزقة أمام أعين الناس على غرار ما جرى عند حملة المغول. لقد فقدت الصلة آنذاك بين الشاه والشعب وسلبت من يد الشاه كل الوسائل للخروج من الأزمة.
في ظل هذا الوضع المتأزم، فقد الشاه ثقته بنفسه ونسي دوره، وأخيراً ترك العرش دون مالك وهرب خارج البلاد قائلاً إنه يفضل يبيع البنجر في بلاد الفرنج على الملك في إيران. لقد جلب الملالي مثل هذه الكارثة على البلاد لدرجة أن الشاه اعتبر الملوكية في تلك الظروف البائسة مهينة. وأصبح في الحقيقة لاجئاً سياسياً هارباً من الملالي إلى دول أوروبية. لقد خلق رجال الدين نفس الظروف بالضبط اليوم. إن الفرصة الكبيرة للإيرانيين اليوم هي أنهم يتمتعون بالإنترنت، الذي يحد من أن تتحول البلاد إلى مستنقعع آسن.
‏بعد كارثة الحكومة الإسلامية، سوف لن تهب رياح الله على هذه الأرض مرة أخرى.
لم يقدم خامنئي أبداً أي سبب، لا عقلاني ولا قانوني، لإمتناعه عن إقامة علاقات مع الولايات المتحدة. فعبارة "لا حرب ولا تفاوض" هي تعبير واضح عن شروط وجود رجال الدين في الميدان السياسي، شروط عدم التوازن والأزمات والنزعات الثوروية.
بسبب العناد على عدم التفاوض مع الولايات المتحدة وتزايد الفقر، يضطر الكثير من المواطنين إلى العيش بشكل غير قانوني بطرق مختلفة كل يوم. فالسرقة والاحتيال والتسول تزداد شيوعاً.. وتضطر السلطات إلى تنظيم شؤون البلاد التي تزداد اضطراباً، بطرق غير مشروعة ومهينة ومن خلال بيع عاصمة البلاد التي هي ملك للشعب بالمزاد. وتضطر قوات الأمن إلى قمع الفقراء المتمردين ظلماً، والذين فقدوا ضحايا كثيرة بسبب نقص الأدوية والمعدات الطبية. وتنحرف الحياة عن الروتين الطبيعي، ويخرج الناس من مسار الحياة الطبيعية والتوازن الروحي والنفسي أكثر فأكثر كل يوم وكل لحظة، ويصبحون غير مبالين، بل أيضاً جشعين في علاقة بعضهم البعض وممتلكاتهم، ويتخلون عن القيم الأخلاقية ويبتعدون كل يوم عن الدين والله. هناك حب غريزي أمومي في الحيوانات، لكن الظروف القاسية واللاإنسانية التي فرضت على الإنسان الإيراني تدفع المرأة إلى الحمل أملاً في بيع أجزاء من جسم الطفل الموجودة في رحمها للنجاة من البؤس والفقر. فهل من قيم الشرع فرض مثل هذه الشروط على الناس وسلب خصالهم وشخصيتهم الإنسانية؟ إن الاستمرار في الإصرار على عدم التفاوض مع الولايات المتحدة، إلى جانب كونه مخالف للعقل، فهو ضد الشريعة ومثال واضح وواضح على الفساد في الأرض.
ويعتبر التواصل مع الولايات المتحدة ضرورة حيوية لجميع البلدان. أمريكا أكثر من دولة. أمريكا هي نتيجة كل الجهود البشرية على الأرض والارتباط بها، وربط واستفادة جميع الخبرات والمعرفة التي استطاع الإنسان اكتسابها خلال تاريخ الحياة على الأرض. العالم اليوم يصبح عبارة عن قرية من قرى القرون الوسطى بدون الاختراعات والاكتشافات خلال المائة عام الماضية في الولايات المتحدة. أصبح جميع سكان الأرض الآن مواطنين غير مباشرين للولايات المتحدة من خلال الاتصال المستمر واليومي عبر الإنترنت. أمريكا الآن هي ثاني أكبر دولة على وجه الأرض. لأن قرارات رئيس الولايات المتحدة تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس في جميع البلدان، ورئيس الولايات المتحدة، مهما كان غبياً ومتغطرساً، يبقى مؤثراً على شؤون الأرض كلها.
إن مراعاة النظام الدولي الحالي ضرورة حيوية، وحالة يتعامل معها الجميع ويستفيد من ايجابياتها ويوتجه سلبياتها. والحكومة الإسلامية لا تبقى على قيد الحياة إلاّ في ظروف إنعدام التوازن والثورة والأزمة. أما في ظروف السلم والطمأنينة الناتجة عن إشاعة القانون، يجري الإسترشاد بالعقل والحكمة.
كل ما يريد رجال الدين من السلطة هو المصلحة الذاتية. من وجهة نظرهم، ليس للمجتمع أي محل من الإعراب. ولا يرى رجال الدين أية مشكلة مع تفشي الفساد والفقر والدعارة والقهر والقتل والسرقة والكذب والعار وهجرة الأدمغة وهروب رأس المال وتدهور الصناعة والزراعة وشيوع البطالة...مشكلتهم تدور مع القانون والنظام. مثلهم مثل الحشرات القشرية التي لا يمكن أن تنمو وتعيش إلاّ في المستنقعات، ولا يمكن لهذه القبيلة أن تعيش إلاّ في أجواء الفوضى والفوضى.
محرم وصفر هما الأشهر التي تصل فيها الفوضى والفوضى إلى ذروتهما، وهو ما يبقي رجال الدين على قيد الحياة وليس الدين. والتشيع بدون رجال دين أقرب إلى الأخلاق والدين والله.
إنهم يدعون الجيش والحرس الثوري الإيراني والقوات العسكرية الأخرى إلى تعطيل النظام والتصدي لمن يريدون سيادة القانون. ووظيفة السلطة العليا للقائد تتحدد فقط في تدمير الحواجز القانونية، ويغدو الأمر حكومي مجرد انتهاك القانون.
لا توجد حكومة قائمة على الدين لديها الإرادة أو القدرة على إقامة حكومة قائمة على النظام لأنها لا تعتمد عليها فكرياً وموضوعياً.‏
إن القانون والنظام ينفيان الحاجة لوجود رجال الدين. على الجانب الآخر، هناك القوات العسكرية التي ترتبط طبيعتها ووظيفتها بإرساء قواعد القانون والنظام. ويبرز التناقض الجوهري بين الإثنين يوماً بعد يوم في بلادنا. فحكومة الملالي لا لا تعتمد على انتقائية كافية لتبوء الملالي على رأس الوكالات الاستخباراتية، كي يضمنوا استمرار الفوضى، ويحولو دون استقرار القانون في المؤسسات العسكرية. ولكن جوهر وجود المؤسسات العسكرية هو حفظ النظام وتطبيق القوانين، وهذا يتعارض مع الهدف المنشود للملالي. فحتى في البلدان التي تحدث فيها الانقلابات، يعلن الجيش في أول بياناته عن نيته في فرض القانون والنظام. وغالباً ما ينهي الجيش حالة الفوضى وعدم الاستقرار، فالنظام هو جوهر طبيعة العسكريين.
لم يكن هدف سيد الشهداء الإخلال بالنظام واستمرار الفوضى والعيش في خضم إنعدام النظام والقانون. ومع ذلك، فإن بعض رجال الدين الشيعة، الذين يعتمد وجودهم في الغالب على مأساة عاشوراء والمساعي الثورية لسيد الشهداء، لايمكنهم البقاء على قيد الحياة إلاّ في أجواء الفوضى والانفلات على القانون. ولذا فهم يسعون قدر الإمكان التأكيد على استمرار الفوضى بإعتبارها سلوك ثوري!!!. ولذا يطالب الجميع ببناء الحسينيات واللطم على الصدور، وفي هذه الحالة يجدون معنى ومنطق لحياتهم.
وسيأتي يوم يجبر الملالي سيد الشهداء على الإستمرار بستل سيفه والقتال إلى الأبد في ظهيرة عاشوراء كربلاء، وسيبقونه عطشاناً ومتقرحاً ومتعباً وجريحاً. وإنهم سينتهزون كل فرصة لتلويث جسده الجريح بالتراب والدم، وإذا ما تعب الشمر من أداء دوره في هذه الحرب غير المتكافئة، فإن الملالي سيجبرونه على الكر والفر مرات ومرات حول جسد سيد الشهداء، ولن يسمحوا أبداً بدفنه.
ويبقى الأمر متروكاً للشيعة كي ينقذوا السيد الجريح من حكم الفسق والفجور لهؤلاء الملالي. وحتى الآن، تجري محاولة إزالة هذا البؤس عن الدين. وسيظل البشر يتحركون في ظهيرة عاشوراء.
إن الحكومة التي تشكلت تحت اسم المعصومة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، يعيش في ظلها آلاف النساء الشيعيات كل يوم من خلال بيع عصمتهن. ولو كان علياً (ع) وسيد الشهداء موجودين الآن فأين سيوجهون سيفهما؟
هل هناك من يمد يد العون لسيد الشهداء هذه المرة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر