الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زفاف ابيض(جان كلود بربسو): علة الفيلم بانه لم يكن ابدا على مستوى ما يقوله

بلال سمير الصدّر

2020 / 10 / 12
الادب والفن


إذا كان الفيلم يحظى بمقدمة أكاديمية تعريفية عن فرويد،فمن الصعب جدا والقول ان حبكة الفيلم تسير بخط فرويدي مقنع او واضح،بل مع احاطة الفيلم بسوداوية حوارية كبيرة إلا انه يفشل في أن يكون نظرية،بل حتى الاحاطة بالنظرية هو مجرد مظهر خادع للفيلم برمته،لأن قصة الفيلم في اساسها قصة ميلودرامية ذات مسار تقليدي جدا وهو في غالبيته مسار غير مقنع.
إذا مع الثلاثية الأولى التي حققها جان كلود بريسو مع الممثل (برونو كارمر) في شيء أشبه بالعشيرة السينمائية،لم يستطع بريسو أن يقدم فيلما مقنعا حقيقيا.
يبدا الفيلم مع المحاضر الفلسفي (فرانسوا هينو-برونو كارمر) بتعريف اللاوعي....بدا بريسو فيلمه الأول مع دوستيوفسكي والثاني مع شكسبير والثالث عن فرويد،على ان هذه الثلاثية عن (المراهق) لن تكون على قدر استهلالياتها تماما...
في مواجهة مع ماتيلدا(سبعة عشر عاما) المحاطة بكل ذنوب العالم وبافظع الصدف القدرية وهو الشيء الذي يدفع البروفيسور للاهتمام بها بعد ان يتعرف على المآسي الكبري التي كانت تحيط بحياتها ولكن هذا لايمنع ان يقع المحظور....
لكن،يبدو ان المهم ليس هذا المحظور نفسه،بل هل لهذا المحظور اي علاقة بفرويد؟!
لنتعرف أكثر على ماتيدا،ولكن علينا أن ننوه ان بريسو أراد ان يلقي عليها كل مصائب العالم في تحرك مفتعل أكثر منه بسيط ذو علاقة بالقدر.
أبوها طبيب،وامها تبيع الأغراض الأثرية،ولها أخان أكبر منها سنا...ماتيدا طفلة ذكية للغاية،ولكنها هشة ووالدها غائب دائما وامها تميل الى الانتحار وتجر ابنتها وراءها وعانا أخواها مشاكل مع الشرطة منذ سنوات قليلة...
ونتابع التعريف عنها من خلال لسانها ولسان غيرها...هنا نتحدث عنها من خلال لسانها هي...
سئمت من زيارة والدتي في المستشفى،كانت كلما تنهي علاقتها بعشيق جديد تحاول الانتحار...
والدي طبيب أمراض عقلية،أنا ابنة الثورة المخففة في سنة 1968 خيب البروليتاريا آمال والدي،وهل تعرف ماذا وجد مكان ذلك(مخاطبة البروفيسور)؟
الفلسفة الهندوسية،العالم والوجود،كل شيء وهم...
هناك محورين للحوار في الفيلم:
شرح العالم السوداوي الذي تعيشه هذه الفتاة
والشروحات الفلسفية الخاصة بفرويد ومن ثم نيتشه
ولاريب ان يحدث الخلط بين كل هذه العوالم التشاؤمية،فماتيلدا تتلفظ هذه الجملة في احد الحوارات مع البروفيسور:
نولد من دون ان نطلب ذلك،ونتحرك ثم نموت
هذه الجملة شائعة عند الوجوديين أو سمهم العدميين...أو سمهم ميلان كوديرا أو خوزيه ساراماغو...
هذا التكثيف المعرفي الثقافي لخلفيات الفيلم لم تخدمه الحبكة على الاطلاق،ومن الممكن القول أن كل هذه التعريفات الثقافية ذات الدلالة الفلسفية مجرد اسقاطات لم تخدم الفيلم أبدا...
لايوجد توازي بين هذا الحوار المغلف بالثقافة والحبكة،وللاسف،فلو قرأنا هذه الجمل في كتاب أفضل من مشاهدة هذا الفيلم برمته....علة الفيلم بانه لم يكن ابدا على مستوى ما يقوله
ولكن دعونا نتعرف على فرويد قليلا،وهذا افضل ما في الفيلم:
أولا،الكلاسيكيون و(بيرجسون) بالنسبة اليهم اللاوعي لم يكن موجودا،انها مجموعة من الذكريات التي لانفكر فيها في الوقت الحالي،لكننا نستطيع أن نتذكرها لوقمنا بحهد صغير...
في الحقيقة...أود ان اتابع حتى لو شعر القارئ بان هذه الاطالة لا داعي لها..زنحن في ظل محاضرة ثقافية ممتعة،فالننسى أو نتاسى الفيلم قليلا:
تقول ماتيلدا اكمالا للحوار اعلاه:
الوحيد الذي اجده مثيرا للاهتمام هو (راسين) شخصياته مثل(فيدر أو بروس) بدافع الشغف تسيطر عليهما قوى تتلاعب بهما وكأنهما موسيقى.
بالنسبة الى راسين،انه فعل الرب،لكن القوى التي يستعملها الرب هي قوى اللاوعي ذاتها عند فرويد،قم في نهاية القرن الماضي ظهر فرويد،كانت فكرة اللاوعي موجودة لكنه أوجد لها شكلا انطلاقا من تجربته الطبية...
الأولى هو مجموعة الذكريات أو التصورات المكبوتة التي يجهلها المرء تماما والتي تظهر احيانا على شكل عوارض، أي ان الناس كلها تتحكم فيهم قوى ورغبات ومشاعر يجهلونها تماما،كما في أمر القضاء والقدر...
يسأل البروفيسور....ما معنى هذا...؟
ماتيدا:هناك اشخاص وكأنهم سجناء قدرهم يعيشون دائما المآسي ذاتها وقصص الحب التعيسة ونتصور أنهم دمى في يد القدر...بالنسبة للتحليل النفسي انهم سجناء لاوعيهم...
لماذا هذه المحاضرة عن فرويد...؟
تبدو لي ان جملة ماتيلدا الاخيرة هي موضوع الفيلم وهي مقصود بريسو...اي اختصار فرويد في الحبكة تكمن في التحرر بدلا من التكرار-والتكرار هنا لايخص مبدأ اللذة-أي ان اللزوم ان يخوض البروفيسور علاقة ذات طابع مكرر مع فتاة في السابعة عشرة ليتخلص من أوهام الوعي...الى حب جامع بين طرفين غير متعادلين أي مسار حبكة تقليدي.
على ان الجمل وحدها لن تفي بالغرض،ولن ترمم مسار الحبكة،فالعلاقة عبارة عن ثنائية جنسية غير عادلة واستاذ الفلسفة سيتورط في قصة حب غير فلسفية أبدا.
ولكن هناك ايضا اسقاط لنيتشة مفاده ان الحاجة للاله ليست الا احد مسارات لاوعي فرويد،ان الاله هو لاوعي الانسان الجمعي الغير قادر على تحمل الحياة...
لماذا يضع بريسو كل هذه الشروحات؟!
في الحقيقة،هذا مايدعى بالتأكيد بالفشل الفيلمي..نوع من فقدات التوازن بين الحبكة والمسار الفيلمي...
أن تموت ماتيلدا في نهاية الفيلم فهذا كان مسار متوقع لحبكة فيلمية لم ينقذها فرويد ولانيتشة ولابيرجسون...لم تنقذها كل تلك الاسماء الكبيرة من الوقوع في الميلودراما...
هناك اسقاطات نصية غير مقنعة مع حركة يد للمخرج ظاهرة تماما في مسار الحبكة..وكان الأولى بالمخرج ان يحاول اخفاء هذه اليد التي كانت تتحدث قبل قليل عن سقوط الاله،وان كان بريسو يعتقد ان هذا الفيلم ذو حبكة فرويدية فبالتأكيد أنه يمزح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير