الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عسل الجنون

وسيم بنيان

2020 / 10 / 13
الادب والفن


بدت،لي ع الاقل،مقالة عبد الحسين شعبان*،عن الراحل خضير ميري،دعائية محض،اذ حفلت بالكثير من الترويج لكاتب المقال وليس للمكتوب عنه.ولم يفلح كاتبها بدفع تلك الملاحظة،واتصور ان كل من يطالعها سيلاحظ فيها ما لاحظت،بشرحه للاسباب التي ادت به الى الاطناب المفرط بوصفه مواقف شخصية بينه وبين الراحل.يستعرض عبد الحسين فقرات من المقدمة التي كتبها ميري لكتاب شعبان(تحطيم المرايا في الماركسية والاختلاف)،ومما يورده منها وصف خضير للمؤلف بكونه:ييسر للقارئ ان يطلع ع كاتبه ويواجهه وجها لوجه...وهو بحسبه:واحدا من المفكرين القلائل الذين لا يصدقون بالفكر ع حساب الحياة،ولا يريدون للوهم ان يكون لهم صديقا1
ومما يسجله شعبان عن الراحل انه:يعرف كيف يزوغ ويتملص ويخلف المواعيد،ولديه عشرات الحجج الجاهزة...ولأنه كان مقروءا،فقد كان من يسعى اليه او يحاول معه او يقدم له وعودا وإغراءات...وانه:لم يك لشخص حضور في القاهرة،بل ونفوذ فيها مثل خضير ميري،والاساس هو صعلكته المحببة التي استهوت اوساطا غير قليلة ثقافية او ادبية او فكرية وسياسية،رسمية وشبه رسمية وشعبية،من الاعلى وحتى القاع...حتى ان وزارة الثقافة المصرية نعت رحيله...ويكاد يكون الوحيد من العراقيين الذي حصل ع عضوية اتحاد كتاب مصر وعضوية اتلية القاهرة وعضوية الجمعية الفلسفية المصرية...وكان الكثير ممن ينتظر دوره في صداقته،سواء عرفوه او سمعوا عنه او قرأوا له...انتهى ما اخترناه من المقال المشار اليه آنفا وهو بعنوان:
*خضير ميري: ابتهالات اخر الصعاليك،نشر على موقع المثقف.
1-اود ان اشير الى مجانية تلك الملاحظة وانشائيتها،ولم اتبين شيئا منها حينما التقيت عبد الحسين وجها لوجه،ذات امسية رتيبة،لم يحضرها معي خلا 5 اشخاص،على ما اتذكر،حدث ذلك في لاهاي الهولندية عام(2010او2011) لا اتذكر بالضبط...



حتى لو لم اكن مجنونا...فأنا لا اثق بهذا النوع من العقل ولن انتسب اليه.خضير ميري.
ذات محادثة ما سنجرية،عن طريق الإيميل،اخبرني الراحل بإرساله روايته(الذبابة ع الوردة)الى لجنة بوكرالامارات.وحينما ذكرته بالحس الصهيوني الواضح في ايدلوجيا الجائزة،فهي لا تمنح لمن لا يجيد التعاطي مع متطلبات السوق الصهيونية1.قال لي:انه يتفق مع ذلك اجمالا،لكن من وجهة نظره،يتوجب ع الكاتب ان يلتزم بشروط الابداع،بمعزل عن شروط اللجان،لهذا فهو ليس معنيا بتلك الشروط،ولا مهتما باختيار روايته في احدى قائمتي الجائزة تلك.وكنت اعرف في سري انها ابدا لن تكون في احداهما.رحل خضير في العراق،الذي كان قد غادره الى مصر حالما سنحت له الظروف،تاركا زوجه وولديه في القاهرة،ومنها كان يراسلني من حين لآخر.رحل بعد اوجاع(أيام العسل والجنون2)وبعد حياة غرائبية درامية قضى ردحا منها نزيلا في(الشماعية*).هو الذي كان فطنا اكثر مما ينبغي.نعلم ان ثمة الكثير من البهاليل والدراويش،منذ الحكم العباسي وحتى عصرنا المعاصر،قد تستروا بالجنون،لعدة اسباب،لعل ع رأسها حماية الضمير الذي تحاول السلطات ان تنهشه،وحماية النفس من بطشها في آن واحد.وهكذا اختار صاحب(كيس اسود)ارتداء قميص الجنون،وولج به ما رستانات المجانين.تعد تلك التجربة مختبرا للخبرات.لذلك كانت لغة ميري عن الجنون تتصف بالحسية والصدق والدقة في التشخيص.ورغم ان الجنون اخذ منه الكثير،لكنه بادله الاخذ بدوره،وبحسب تعبيره:لقد اخذت من الجنون كل ما ينقصني من الحرية.رحل صاحب(صحراء بوذا)تاركا خلفه خطابا ادبيا مميزا عن الجنون،وصفه حاتم الصگر ب(خطاب المصحة).
غادرنا محفوفا بأنغام الموسيقى الصوفية التي تصاعد من اوتار نصير شمة،الذي كتب ميري حول موسيقاه كتاب(احلام عازف الخشب).
ثم الكثير من المواقف النبيلة التي يحفظها الشعراء والادباء والمفكرين الذين عايشوا الراحل عن قرب،اتفق الكثير منهم ع انه كان وفيا لصحبه واصدقاءه.وقد قام بدور لا ينكر في الترويج لكتبهم،واستضافتهم في ندوات واماس شعرية وادبية،من موقع عمله كمستشار لدار الحضارة في مصر.وللراحل اياد بيضاء معي كذلك...
لم التق بميري وجها لوجه،واول احتكاك معه تم من خلال موقع(ادب فن)حيث كان ميري من المشرفين على ادارته.وفي ذلك الموقع نشرت اول شخابيطي.
بعد فترة من النشر،انجزت مجموعتي القصصية البكر(من طقوس الفنان)ونشرت بعض اقاصيصها في الموقع،قبل ان انشرها كاملة في موقع(القصة العراقية)ثم عن لي ان ارسلها الى خضير عبر الايميل.راقت له المجموعة،وبعد ايام ارسل لي عقد نشرها ورقيا في دار الحضارة،وكان ينبغي علي التوقيع.لم اكن افقه شيئا من عالم الكمبيوتر كي يتسنى لي طبع العقد في ورقة للتوقيع ثم اعادة تصويره رقميا لإرساله مجددا،ولاسباب كثيرة اخرى لم اتحمس للنشر الورقي.وبعد ان يأس مني اختار قصتي الاولى التي استهلت المجموعة،وعنوانها(من خريف الرسام)لينشرها في مجلة الحداثة التي صدر عددها الاول عن الحضارة للنشر،وحوت اضافة لعدة نصوص،ملفا احتفائيا بالشاعر عقيل علي،ومن المفارقات ان من قدم ذلك العدد اليتيم هو عبد الحسين شعبان لاغيره!
فلترقد روحه التي عانت الكثير،بسلام في مأوى الرحمة الألهية.
1-كنت استثنيت روايتين من روايات الجائزة،يستحقان الاشادة،في مقال(ذيل 2007)المنشور في الحوار المتمدن.
2-احدى روايات ميري.
*مصح للمجانين واصحاب الاضطرابات العقلية،وهو مشهور ببغداد،يقع تحديدا في منطقة الرشاد،وثم مدينة سكنية قريبة من الموقع،حملت الاسم نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن