الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بندر يعلن الحرب على فلسطين

مهند عبد الحميد

2020 / 10 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تتبنى النخبة الخليجية الجديدة المكونة من الأبناء سياسة تتبيع جديدة بإضافة إسرائيل لأمريكا، وتعتبر ذلك حقا "سياديا". وقد اختارت مرحلة وتوقيتا شائكين، مرحلة صعود "الترامبية" و"النتنياهوية" المتمردتين على النظام والقانون الدوليين وسياساته وبخاصة المتعلقة بالقضية الفلسطينية. أما التوقيت فقد اختارته النخبة الجديدة في زمن جائحة كورونا التي دفعت معظم دول العالم الى الانسحاب نحو الداخل. كما اختارت توقيت انتخاب الرئاسة الامريكية، ومحاكمة نتنياهو والمظاهرات التي تنظم يوميا ضده، وأرادت ان تزج بملياراتها ومواقفها السياسية وعملية تتبيعها الجديدة فوق العادة "عبر "صفقة القرن" في محاولة يائسة لقطع الطريق على أفول الترامبية وسقوط نتنياهو.
كان من الطبيعي وجود إجماع فلسطيني رسمي وشعبي ضد الصفقة وتطبيقاتها والاتفاقات المنبثقة عنها، فلا يعقل قبول اي طرف فلسطيني "باستثناء أتباع" ممولين بسخاء، شطب الحضورالسياسي والوطني والحقوق المشروعة والمقرة دوليا التي دفع ثمنها الشعب الفلسطيني غاليا منذ قرن ويزيد من النضال المليء بالتضحيات. وجه الغرابة كان غضب النخبة الخليجية الجديدة من الرفض والاحتجاج الفلسطيني. الرفض ليس فقط مشروعا بل كان من واجب كل فلسطيني ان يقول لا قاطعة للاتفاقات ولا قاطعة لصفقة تُثبِّت الاحتلال والاستيطان وتفرض السيادة الاسرائيلية وتشطب اللاجئين وتهود وتضم القدس، وتقرر مصير الشعب الفلسطيني نيابة عنه ومن طرف واحد. إن أي حسابات سياسية موضوعية ومستقلة، تستند لمعايير القانون والنظام والاخلاق، ستعتبر ستعتبر الصفقة واتفاقاتها بمثابة عدوان سياسي ظالم على الشعب الفلسطيني. رغم ذلك كان الرد الفلسطيني الرسمي والشعبي أقل من العدوان بكثير بسبب العلاقات الاخوية التي تربطهم بالشعوب الخليجية الشقيقة. وأقل من حدث دراماتيكي اعلن للعالم، انخراط النخبة الخليجية الجديدة في مشروع امريكي اسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية. ماذا يمكن تسمية ذلك، هل يتقدم الشعب الفلسطيني بشكر دولتي الامارات والبحرين على مكافأة االمستعمرين الاسرائيليين، ومعاقبة الشعب الرازح تحت سلطة الاستعمار والابارتهايد. إن مفردات" طعنة في الظهر" وخيانة للقضية الفلسطينية" التي أغضبت النخبة الجديدة وبعض الحرس القديم عبرت قليلا عن الألم الفلسطيني.
لقد دعمت دول الامارات والبحرين والسعودية وكل الدول العربية القضية الفلسطينية سياسيا واقتصاديا، وكان ذلك واجبا قوميا بلغة دساتيرها وميثاق الجامعة العربية الذي ينطق باسم الجميع. بمثل ما دعمت الثورة والشعب الجزائري وكان ذلك واجبا قوميا. ولكن لا يمكن القبول بمقايضة الدعم السابق الكبير والمشكور، بقبول الشعب الفلسطيني وحركته السياسية صفقة القرن وضم القدس وشطب اللاجئين وتثبيت الاحتلال والاستيطان وخضوعه للمستعمرين ونظام الابارتهايد. أهون الف مرة ان تدخلوا الفيل بثقب ابرة / أهون الف مرة أن تطفئوا الشمس . كلمات سبق ان قالها الشاعر الخالد توفيق زياد، نعم كل ذلك أهون من التخلي عن التحرر والحقوق المشروعة التي اقرها العالم وكل مؤسساته . إن ابشع ما في الامرمطالبة شعب بالاستسلام، وادانته وشيطنته لانه رفض الاستسلام، بقبول الطعم المتوفر في شراك كلينتون وباراك وشامير والسادات، والتنكر لحقيقة ان شعبا يناضل منذ اكثر من قرن وكان وما يزال من اهم حركات التحرر الوطني رغم حقبة اوسلو التي وضعت ظلالا على تحرره ، لا يحيد عن حريته باستخدام سياسة الترهيب والترغيب في احط مستوياتها.
عندما نتحدث عن النخبة الجديدة فان ذلك لا يشمل شعوب الخليج التي كانت وما زالت وستبقى نصيرا وداعما وشريكا للشعب الفلسطيني في مسيرته التحررية. والدليل على ذلك.ما كشفه الاستطلاع العربي 2019/2020 الذي نفّذه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وأفاد بأن : 88% من مواطني المنطقة العربية يرفضون الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها. و89% يقولون أن سياسات إسرائيل تهدّد أمن المنطقة العربية واستقرارها. و81% من الرأي العام العربي يقول أن السياسات الأميركية تهدّد أمن المنطقة واستقرارها.
جاء انضمام الأمير بندر بن سلطان لمهاجمي الشعب الفلسطيني عبر فضائية العربية، وتأييده من قبل إعلاميين وصحف ومواقع سعودية رسمية وشبه رسمية، ليضيف سلاحا جديدا في الحرب الغادرة على القضية الفلسطينية. ويبدو ان نخبة التتبيع الجديدة احتاجت دعم الامير الذي ينتمي للحرس القديم. بهدف اقناع شعوب الخليج العربي بالاتفاقات المريبة وبالانسحاب الكامل ليس فقط من القضية الفلسطينية وانما إهالة التراب على كل ما هو مشترك بين الشعوب العربية. والاهم محاولة ايجاد شرخ بين هذه الشعوب والشعب الفلسطيني. كم كان حاقدا في تحريضه، عندما زوَّر ابتهاج متظاهرين في نابلس بسقوط صاروخ عراقي على الرياض، مع ان المواطنين تحت حظر تجول شامل كان البعض منهم يبتهج في نابلس وفي غيرها من المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية، فقط عند سقوط صواريخ عراقية على اسرائيل. وكم كان سخيفا عندما عاد بذاكرته المريضة الى أحداث الاردن ولبنان من زاوية مجتزئة لدواعي شيطنة الشعب الفلسطيني.
أكد الامير بندر عبر شرح مستفيض انحيازه وتبنيه للرواية الاسرائيلية الاشد تطرفا وعداءً للشعب الفلسطيني وهنا بيت القصيد. دائما فلسطين متهمة بإضاعة الفرص السياسية، كلام قاله أبا إيبان وزير الخارجية الاسرائيلي الاسبق وردده سمو الامير وقام بشرحه لا بالعودة الى وثائق الارشيف الاسرائيلي الذي فتح بعد 50 عاما والتي استخدمت في ابحاث المرخين الجدد امثال ايلان بابه وشلوم ساند وكمرلينغ وبيليد وبني موريس وغيرهم وانما عاد الى الخطاب الاسرائيلي االدعوي والاعلامي التحريضي الكاذب. اتهم الرئيس عرفات بأنه لم يقبل ورقة كارتر كما هي، واتهم القيادة بانها لم تقبل عروض شامير والسادات في مفاوضات القاهرة وحمل مسؤولية فشل المفاوضات للقيادة الفلسطينية دون اي اكتراث بالرواية الفلسطينية. لم يتوقف عند سياسة الاملاء الاستعمارية التي اتبعها كلينتون وباراك مع عرفات في كامب ديفيد بمنطق( take it´-or-leave it ) في مفاوضات محددة بسقف 10 ايام لحل صراع مزمن ومعقد منذ اكثر من قرن، مع ان إدارة ترامب مضى على تفاوضها مع طالبان اكثر من عام دون نتيجة حاسمة ودون استخدام الاسلوب الابتزازي الارهابي في المفاوضات. الأمير كرر تضخيم نتنياهو لعلاقة المفتي مع النازية في الحرب العالمية الثانية، وانفرد الاثنان في التضخيم ولو كان تضخيمهما صحيحا لتعرض المفتي للمحاكمة الدولية، كما حوكم كل المتهمين بالتعاون دون استثناء.
الامير الذي التزم القراءة والرواية الاسرائيلية لم ينبس ببنت شفه حول قبول المؤسسة والقيادة الفلسطينية بكل القرارات الدولية بما في ذلك قرار التقسيم 181، وعندما طالبت بتنفيذها تنكرت لها دولة الاحتلال معتبرة القرارات والاتفاقات والمعاهدات لا تنطبق على الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. بل وقد استبدلت دولة الاحتلال وإدارة ترامب وفريق كوشنير القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقات والقرارات الدولية بأيديولوجيا دينية يهودية متعصبة ( الوعد وشعب الله المختار وكراهية الاغيار). الامير لم يدافع عن القانون الدولي وهو الذي شغل منصبا دبلوماسيا في عقر بيت الامم المتحدة . كان ابلغ رد عن انحياز الامير لدولة الاحتلال عبر عنه الصحفي الإسرائيلي آمنون لورد في مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"ا بالقول : "تصعب منافسة الأمير بندر بن سلطان عندما يتمحور الحديث حول الدعاية الإسرائيلية، فهو يؤدي المهمة على أكمل وجه، بطريقة مقنعة أكثر من أي متحدث إسرائيلي، وبالتأكيد أحسن من أي متحدث أمريكي يناصر إسرائيل". اما محلل الشؤون العربية في القناة 20 الإسرائيلية باروخ يديد فقد قال "لا يوجد أكفأ من بندر للدعاية باسم إسرائيل، ".ودعا المحلل لترجمة لقاء الأمير بندر مع قناة العربية إلى اللغة العبرية وتدريسه للطلاب في مدارس إسرائيل، ويقول: "هذا درس نادر في التاريخ والعلاقات الدولية ". المصدر موقع عربي تي ار تي بعنوان بندر افضل متحدث باسم الاسرائيليين.
الانكي أن بعض اقطاب النخبة الخليجية يسلم بالحق التاريخي لليهود في فلسطين ولا يعتبر إسرائيل دولة احتلال.هذه النخبة تدخل الخندق الامريكي الاسرائيلي الذي يعاقب الضحية ويكافىء الجلاد . في البحث عن سبب اندلاق النخبة الجديدة العلني والسافر في حضن معسكر أقصى اليمين الإسرائيلي. يجوز القول ان هذه النخبة الخليجية القديمة زاوجت بين التبعية لدول الحماية البريطانية والامريكية التي لها قواعد عسكرية واساطيل وتتحكم في القرار الذي له صلة بالنفط، وبين التعايش مع الواقع العربي والفلسطيني المناهض لاسرائيل ، وكان تأييدها السابق لحق الشعب الفلسطيني في التحرر له علاقة بمواقف الشعوب العربية بما في ذلك شعوبها، وبميزان القوى داخل النظام العربي الذي كان في خدمة مناهضة الاحتلال وغطرسة القوة الاسرائيلية. ايضا ساهم في اتباع الموقف المزدوج أن جزءا من النخبة وتحديدا من الآباء لديهم نزوع قومي عروبي. ولكن بعد انحدار النظام العربي الرسمي في معظمه نحو علاقات التبعية، وبعد قمع الانتفاضات العربية التي طالبت بتغيير الانظمة المستبدة. بعد هذه التحولات أزالت النخبة الخليجية وبخاصة رعيلها الجديد من الابناء ممن تتلمذوا على ثقافة ولاء قاطعة في حاضنات الدوائر الامبريالية، ازالت المساحيق التجميلية ونزعت حتى ورقة التوت معلنة ولاءها المطلق للسيد الامريكي والسيد الاسرائيلي. هذه النخبة الجديدة لا تعرف اي معنى للتحرر والاستقلال، ولا تتوقف مطلقا عند حق الشعوب في تقرير المصير، ولا حقوق انسان ولا قانون دولي ولا شرعية دولية. وتعتقد انها تستطيع شراء مواقف أنظمة وقوى بالسكوت او بالانضمام، وتستطيع شراء اعلام وإعلاميين ومثقفين وفنانين وكل شيء بالمال أو تستطيع إسكاتهم ، وكذلك تستطيع معاقبة شعوب وحركات ومعارضين ومحاصرتها بقطع المساعدات من أجل تركيعها. وتستطيع سحق اي معارضة داخلية لها باستخدام احدث الوسائل. وكل اعتقاداتها ستتهاوى سريعا امام إرادة الشعوب التي وقفت وستقف دائما في خندق التحرر والعدالة والكرامة وحقوق الانسان والديمقراطية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - غير صحيح
عبد العزيز سيد علي ( 2020 / 10 / 15 - 06:42 )
(تقول (بندر يعلن الحرب على فلسطين
هذا غير صحيح فقد أعلن الحرب على القيادات الفلسطينية الفاسدة التي تمتلئ كروشها وحساباتها بالملايين من الدولارات النفطية بعد أن إستمرأت المتاجرة بالقضية الفلسطينية بينما يكابد عوام الفلسطينيين الذين يحلمون بوطن منذ 70 سنة......وأضاعت القيادات الفلسطينية الفاسدة مليون فرصة كانت متاحة لإقامة دولة، لأن قيام الدولة يعني نهاية سبوبة الإرتزاق


2 - رد غير مسند
مهند عبد الحميد ( 2020 / 10 / 15 - 10:56 )
، تأييد صفقة القرن بشكل مباشر وغير مباشر السكوت على ضم القدس ونقل السفارة اليها السكوت على شطب قضية اللاجئين ، السكوت او تأييد فرض السيادة علىأراضي فلسطين التاريخية هذا وغيره مما لم يتعرض له الامير بندر يمس السواد الاعظم من الشعب الفلسطيني داخل وخارج
فلسطين وهذا اعلان حرب على الشعب الفلسطيني الذي تتحطم مصالحه جراء السياسة الامريكية التي يؤيدها او يسكت عنها الامير .
، الامير تبنى الرواية الاسرائيلية وقد عبرت وسائل الاعلام الاسرائيليةعن فرحها بما
قاله الامير بعض الاسرائيليين دعا الى اعتماد كلام الامير كوثيقة معبرة عن الموقف الاسرائيلي ، اضاعة الفلسطينيين الفرص كذبة اسرائيلية تفندها الوثائق والمواقف الاسرائيلية. إ إذا وضعنا القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية (الجمعية العامة ومجلس الامن واتفاقيات جنيف الرابعة وغيرها كمعيار للالتزام الفلسطيني والاسرائيلي سنكون امام حقيقة الانكار الاسرائيلي للحقوق الفلسطينية وامام الانتهاك الاسرئيلي للاتفاقات المبرمة بما في ذلك اتفاق . اوسلو بهذا المعنى لم يضع الفلسطينيون اي فرصةالا اذا كان الرفض الفلسطيني للاستسلام . اضاعة فرصة .

اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر