الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهدف واحد والاختلاف بالمعجم / درويش والمتنبي .

مروان صباح

2020 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


/ على نحو أبرز ، حتى إذا كان لا يعجب المنتقدون ، فإن الصحيح المقابل هو أنه ليس المسؤول الأول بل الثاني في ترتيب المهمة ، بدايةً ، أبداً لم يحدث على الإطلاق يوماً ما أن محمود درويش ادعى القدسية ، بل عندما كان يصنفه أحد المعرفين بالشاعر الكبير ، كان يردد بصوت خافة ، الله يستر ، وقد يختلط على الكثير ، الفارق بين حالة الهالة التى وفرتها المعرفية للشاعر الفلسطيني والموهبة ، فقد استطاع بجهد متواصل دون كلل او ملل أن يحول النعمة الربانية إلى قيمة ثمينة بين البشرية ، التى بفضلها تربع على عرش الشعر العربي ، بل لم يراوح كثيراً في الأوساط العربية حتى بات أحد الشخصيات الشعرية الحاضرة بقوة في العالم ، وهنا ايضاً ، اولاً ، عندما نشير للقدسية ، نعني بأنها تخص الملائكة لأن باختصار ، الأنبياء تزوجوا ومنهم من كان ولده عمل غير صالح ، وبالتالي إذا كان البعض يقصد بأن سيلم بركات مس بتولية درويش التى لا يصح الاقتراب منها حتى لو كانت خلاصتها ابنة من صلبه عبر علاقة عابرة ، فإن هذا الاعتقاد خاطئ لأن كما هو معروف عن الشاعر ، لقد عاش حكايات عشق متعددة ، لكن ايضاً لم يكن أبداً يوماً ما ( فاتح سحّاب بنطلونه وماشي في الأسواق ) بل عُرف عنه بين المقربين بخصوصية الانتقاء لدرجة النرجسية ، وهذا بالطبع قد وثقته إحدى صديقاته الأقرب له ، إيفان مرشليان في كتابها المشترك عن رحلتها مع الشاعر ، انا الموقع ادناه محمود درويش ، والذي كشف اولاً بشكل كبير عن شخصيته وحوارهما بنثرية درويشية .

وبالتالي ، الكشف عن السر هو أمر لا يغير في تاريخ الشعري لدرويش كما يستوجب العقل وليس كما تستحلي الغباوة ، فعندما يتعامل المراقب أو المرء العادي مع شخصية تؤمن بالفردانية والتى بدورها تزيح كل ما هو بطريقها حتى تحقق فرديتها ، إذن من الجدير أن يتأمل المتعامل بعمق وراء إيداع خبر شخصي بين حاضنة لديها القدرة التعبيرية في نشره لاحقاً ، كسليم بركات ، فالرجل الذي كان يُبهر درويش على الدوام للصور التى يقدمها من خلال كتاباته ، بالإضافة لقاموسه الغني بالمفردات ، فكتابات بركات تحتاج إلى أشخاص شديدين التركيز وايضاً لهم باع طويل بالقراءة ، مع التأكيد ، ليست أي قراءة ، تلك التى تكثر فيها التصورات والصور ، لأن مع كل جملة ، يحتاج القارئ التوقف ، لكي يتخيل الصورة التى يكفل التخيل فهم الجملة ، لكن ما أستوقفني هو رجاء درويش لايفان أن تستبقي الأوراق المشتركة لديها ولا تنشرها إلا بعد خمس سنوات من رحيله وهذا يفسر المقصد الحقيقي من ترك سر شخصي لدى سليم ، فالشاعر يعلم بحكم التجربة والمعرفة ، بأن بعد موته لن يكون حضوره كما كان في حياته ، وبالتالي السؤال الذي جدير أن يُسأل ، كم سر ، وكم هي الأوراق المشتركة التى تركها درويش مع من أعتقد بأنهم سيعدونه في كل مرة إلى الحياة ويصبح حديث الناس بين مدافع ومتفكر وناقد .

وأن يختلف المرء أو يتفق ، فإن مهارات درويش متعددة وهنا تكمن أهميته ، على سبيل المثال ، عرِفَ مبكراً أن لا سبيل مع النخب الكاذبة ، بل من الضرورة صنع جدار عالي بينه وبينهم ، ايضاً يمتلك مهارة تغير الكلمات لذات المعنى ، فهناك من يكتب على يافطة صغيرة ( أنا أعمى ساعدوني ) أما هو سيكتب هكذا ، أنه يوم جميل لكنني لا أستطيع رؤيته ، والأهم لدى درويش ، كان معاصراً حتى الحداثة ، ووقف بين شعب كامل له تاريخ ، لكنه لم يشارك حديثاً بتكوين ثورة علمية أو سياسية أو كينونية ، فأمثاله الحدثويون عاشوا زمن طويل بين المعاصرين ، بواقع العصر الحديث ، لكنهم تمكنوا من عدم الاندماج في حالة الانفصال ، لهذا سيجد المراقب ، ملايين من العرب المعاصرين يعيشون في الغرب لكنهم لم يتمكنوا ايجاد موطأ قدم بين الغربيين ، وبالتالي عزلته أو انتقائيته للنساء أو صداقاته من المجال الثقافي والأدبي ، أمثال سليم بركات وصبحي حديدي لم تكونا صدفة أو مزاجية أو ضجر ، بل لإدراكه أنهما يشاركونه الحداثة وسياقاتها الفلسفية ، وبالتالي ما طرحه محمود درويش وقبلئذ المتنبي ليس سوى كدح واحد من أجل تعريف الألم وتقديمه ، بقاموسان خاصان متنافسان ، متوحدان بالقضايا العربية والإنسانية ، كما يحرضان المجتمع من أجل التحرك لعلاج التخلف من خلال تحرير الإنسان عبر طريق البحث عن الذات المستمدة من الذات وليس الاحتلال ، لأن لو وجدت ، لِما تمكن المحتل سلبها واحتلتها .

على مر العصور ، حُرمُوا العرب لأسباب متعددة من المفكر الكوني ، لكن محمود درويش استطاع أن يصبح شاعراً عربياً كونياً ، ومن ناحيتي ، وبالرغم من الحرب المنظمة ومن ثم العشوائية بعد ما فقدوا التنظيم ، والتحريض الواسع والشاسع الذي واجهته بسبب كتابة المقال السياسي ودفاعي عن الثورة السورية ، وقد لاقيت من المتاعب والمخاطر والسحر والسحرة ما لاقيت ، والحق أقول ما تحملته ، فقط يتحمله الأنبياء ، تحديداً من مخلفات القذافي ، الذين وجدوا جهوزية عند كل نفس مريضة لكي تشتغل فيّ أو لها حسد وحقد بشري تاريخي موروث ، على كل ذي نعمة ، وكل ذلك من أجل إيقافي عن الكتابة والنشر ، لقد فقدتُ التركيز والقدرة على التعبير والسرد وكثرت الأخطاء الإملائية بسبب الصداع الدائم والربط والعقد على الرأس الذي يحبس الأفكار ويشوش الذهن لسنوات طويلة ، لكنني كتلميذ وقارئ وأستاذ ومتتبع لأفكار وشعر ومقالات محمود درويش وسيلم بركات وصبحي حديدي ، كمبدعون ليسوا على المستوى العربي فحسب ، بل العالمي ، أضافوا لي شخصياً الكثير من الميزات والمعرفة التى لا تعد ولا تحصى ، بل تحديداً صبحي حديدي ، على الرغم من سطوة محمود الشعرية والفكرية وايضاً خصوصيته بإلقاء القصيدة ، أعتبر أنا شخصياً ، صبحي هو الأذكى في كتابة المقال ، لأنني أشبهه ب Lawn mower ، كالمكنة التى تحصد العشب ، بالكاد كتاب غربي أو عربي في العالم يفلت من بين يديه ، وبالتالي مع صبحي ، يتعلم المرء أن قاموس اللغة ايضاً طبقي ، وكل ما قرأ أكثر ، عزز بذلك قاموسه الشخصي والذي ينعكس على الكتابة ، إذن ، قِيمة مثل قيمة محمود درويش ، عندما يترك سر عند سيلم أو أوراق عند إيفان أو سيرة صداقة جمعت بين الإبداع والآخوة عند صبحي ، المسألة ابداً ليست عبثية ، بل هي مقصودة ، لأنهم جديرون بالتعبير عنها وحملها والدفاع عنها وإعادة صاحبها من قبره في كل مرة ، بحدث لِميت شغل الناس في حياته ومماته . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ