الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن التشرد - إليزابيل ايبرهارت ، ترجمة مازن كم الماز

مازن كم الماز

2020 / 10 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


إنها قضية لم تحظ باهتمام كثير من المثقفين : حق الإنسان في ان يكون متشردًا ، حرية أن يهيم على وجهه كما يشاء . التشرد هو خلاص أيضا و العيش على ناصية الطريق هو جوهر الحرية . أن تمتلك الجرأة على تحطيم القيود التي تقيدنا بها الحياة المعاصرة ( بحجة أنها توفر لنا حريات أخرى أكبر بالمقابل ) ، ان تحمل عصى الترحال و تمضي بعيدا ! بالنسبة لمن يفهم قيمة الحرية و مذاقها ، تلك الحرية التي تقوم على الوحدة أو العزلة ( لأنه لا وجود لإنسان حر إلا ذاك الذي يعيش وحيدا ) فإن هذا هو أفضل الأعمال و أكثرها شجاعة . قد تكون سعادة فردانية أو أنوية ، ربما ، لكنها بالنسبة لمن يتذوق طعم الحرية فإنها سعادة و متعة بكل تأكيد. أن تكون وحيدا ، و حاجاتك أو متطلباتك محدودة ، ان يتم تجاهلك ، أن تكون غريبًا ، و أن يكون منزلك في أي مكان أو كل مكان ، أن تسير وحيدًا ، عظيمًا ، في طريقك لفتح العالم ، بمفردك . عابر السبيل المتعافي الذي يجلس على قارعة الطريق متأملًا في الأفق المفتوح أمامه ، اليس هو السيد المطلق لهذه الأرض ، و كل أنهارها و سماءها أيضا ؟ بأي شيء يمكن لسكان البيوت أن ينافسوا هؤلاء سواء على القوة أو السلطة أو الثروة ؟ إن أملاكه بلا حدود و لا نهاية ، و إمبراطوريته بلا أية قوانين . لا عمل يشده إلى الأرض لان هبات الأرض و جمالها ملكه أساسًا. ان البدوي في مجتمعنا المعاصر هو شخص منبوذ "بلا عنوان" . بإضافة هذه الكلمات لاسم أي شخص يبدو شكله غريبًا أو غير معتاد ، يمكن عندها لأولئك الذين يضعون القوانين و يطبقوها أو يفرضوها أن يقرروا مصير هذا الإنسان ( اعتمادًا على تلك التهمة ) . أن يكون لك بيت ، عائلة ، أملاك ما أو وظيفة حكومية ، أن يكون عندك مصدر رزق ثابت و دائم و أن تكون برغي ما أو عجلة في ماكينة المجتمع ، تبدو كل هذه الأمور ضرورية أو لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للغالبية العظمى من البشر بمن فيهم المثقفين و حتى اولئك الذين يعتبرون أنهم احرار بالكامل . لكن كل هذه الأشياء ليست الا أشكالا مختلفة للعبودية التي تأتي من التواصل مع الآخرين ، خاصة الاتصال المتكرر و المستمر . طالما استمعت بانبهار ، إن ليس بحسد ، للمواطنين الذين يتحدثون كيف عاشوا في نفس الحي او حتى في نفس المنزل طوال العشرين أو الثلاثين عامًا الماضية ، و اولئك الذين لم يغادروا مسقط رأسهم أبدًا. ألا تشعر بالرغبة المقلقة و المعذبة لمعرفة ما وراء خط الأفق الأزرق الغامض و المثير ، ألا تجد تفاصيل الحياة رتيبة ، مملة أو كئيبة ، أن تنظر في الطريق الأبيض الذي يقود إلى المجهول دون أن تشعر بالرغبة الملحة في أن تسلكه و أن تعبر الجبال و الوديان مستسلمًا لتلك الرغبة ! الاعتقاد الجبان بأنه على الإنسان ان يبقى في نفس المكان يذكر باستسلام الحيوانات التام ، حيوانات الواجب التي يتم استعبادها باستغباءها بينما هم دائمآ مستسلمين برغبة لهذا النير . هناك حدود لكل مجال و قوانين تحكم كل سلطة منظمة . لكن المتشرد يملك الأرض كلها تلك التي تنتهي فقط عند الأفق الذي لا وجود له ، و إمبراطوريته غير مرئية لان سلطته و استمتاعه بها هي أشياء روحية فقط .

نقلا عن
http://www.spunk.org/library/writers/eberhard/sp000201.txt

إيزابيل ايبرهارت ( 1877 - 1904 ) ولدت في جنيف لاب اناركي و ام يعود أصلها إلى نبلاء روس رغم تساؤلات عن والدها الفيزيولوجي ، تلقت تعليما جيدا على يد والدها و أصبحت تتحدث بغات عدة منها العربية ، انتقلت للعيش في شمال أفريقيا و أخذت ترتدي ثياب الرجال و اعتنقت الإسلام الصوفي و تسمت بسي محمد الساعدي و أقامت علاقات بشيوخ محليين و كانت دائمة الترحال و أنفقت كل ما تجمعه دون اكتراث على الشرب و التجوال . كتبت عدة مقالات تعبر فيها عن تعاطفها مع أهل شمال افريقيا و سخرت فيها من الاستعمار الفرنسي و من نمط الحياة المعاصر و كذلك قصصًا عن علاقات حب و معاشرة بين أوروبيين و فتيات محليات … ماتت ضحية طوفان عام 1904








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل