الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميوعة مصطلح الإرهاب وسندان الاستبداد العربي المقيم

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2020 / 10 / 15
الارهاب, الحرب والسلام


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية مع مصعب قاسم عزاوي

فريق دار الأكاديمية: تحدثت في غير مرة عن «ميوعة مصطلح الإرهاب وتحوله إلى «مطرقة جلمودية بربرية لتهشيم المجتمعات العربية على سندان الاستبداد العربي المقيم»، هل يمكن لك التوضيح أكثر عن رؤيتك بذلك الصدد؟

مصعب قاسم عزاوي: قد يكون مصطلح الإرهاب والحرب على الإرهاب بشكل أساسي نتاجاً للغول الإمبريالي المعولم، وآلته الوحشية الكونية مشخصة بإرادة وخطاب الناطقين باسم الحكام الفعليين في الولايات المتحدة الأمريكية ومن لف لفها من دول الشمال، وأعني هنا المجمعات الصناعية العسكرية التقانية في تلك الدول، ومن لف لفها من نواطير في أرجاء الأرضيين من طغاة ومستبدين يعملون بالوكالة عن السادة المقيمين في بلاد العم سام وشركاه، والكثير منهم في أرض العرب.

وذلك النتاج المفهوي قد تلبس شكله الراهن في المرحلة التي تلت سقوط جدار برلين، واندثار «البعبع الشيوعي»، الذي ظل يستخدم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كفزاعة لتخويف الشعوب في الدول ذات النظم الديمقراطية الشكلية في الغرب، لكيلا تتجرأ على المطالبة بمساهمة أكبر في الحلبة السياسية لوعورتها «النووية» التي يجب ترك التعامل معها محصوراً بالخبراء في «سرية مطلقة»، و هو ما عنى تآكلاً للشفافية السياسية و للديمقراطية حتى بكينونتها الشكلية ، و تعاظماً لهيمنة الأثرياء على الطبقة العاملة في دول الشمال، و هو المفتاح الذي أدى لتعاظم ثروة تلك الزمرة الأولى بشكل مضطرد على حساب تلك المجموعة الأخيرة التي ما فتئت تهبط في سلم الثروة منذ خواتيم العقد السابع من القرن المنصرم و حتى اللحظة الراهنة دون تغاير.

وما كان لا بد منه في حقبة ما بعد انهيار حلف وارسو هو تخليق و استنهاض بعبع مستحدث أطلق عليه اسمه «الإرهاب»، وما تلون على مقامه في فيضان صناعة المصطلحات الرنانة إعلامياً من قبيل «الإرهاب العالمي»، و«مكافحة التطرف» و«الحفاظ على السلام العالمي» و«حماية السلم الأهلي» والتي لا زالت تفعل فعلها المطلوب فيها في الغرب. وهو الواقع الذي تمظهر سياسياً وواقعياً بالازدياد المضطرد في ميزانية حلف شمال الأطلسي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي ومنظومته، على الرغم من أن المبرر الموضوعي لتشكيل الحلف نفسه بحسب الاتفاقية الأصلية التي تمخضت عن تخليقه هو «مقاومة خطر التمدد الشيوعي على المستوى العالمي»، والذي تم استبداله في مرحلة ما بعد تلاشي حلف وارسو «بمهمة محاربة ومكافحة الإرهاب والتطرف العالميين».

وذلك النسق المفهومي الذي تم صناعته وإخراجه في كواليس آلة الدعاية السوداء الإمبريالية في الغرب، ثم تلقفه من قبل كل الطغاة العرب ونظمهم القمعية، وتبنيه بنيوياً كما يتبنى التابع النجيب تعليمات مؤدبه ومعلمه دون اضطرار لتزويق ذلك الخطاب برطانة الدعاية السوداء في الغرب لغاية التكيف مع متطلبات اللعبة الديمقراطية الشكلية فيها، فكان التبني فظاً وفجاً في كل تلاونيه التي أصبحت شاملة عمقاً وسطحاً في كل تلافيف الخطاب والفعل السياسيين للنظم الاستبدادية العربية.

وبشكل عياني مشخص قامت الطغم العربية الحاكمة بإعادة تعريف القمع الوحشي لمواطنيها، والتغول على كل مفاصل حيواتهم، والإبادة الاستئصالية الجماعية لكل ما يرتبط بالمجتمع المدني ونتاجاته، وكل ما لا يتطابق مع حالة الخواء السياسي المطلق في الفضاءات الجغرافية التي تتحكم بها كما لو أنها «سجون عملاقة»، لتصبح جزءاً من جهودها في «مكافحة للإرهاب والتطرف»، ويصبح كل من تخول له نفسه التفكر بالتفارق قيد أنملة عما تراه الطبقة الحاكمة وتعرفه بأنه «سلم أهلي» إرهابياً لا دية له. والأمثلة العيانية اليومية المؤلمة لا حصر لها في ذاكرة كل ذي عقل لما يستسلم بعد لطوفان الخواء السياسي والمجتمعي الذي تراكم تاريخياً في ظل الاستبداد العربي المقيم.

وهو نفسه مصطلح «الحرب على الإرهاب الدولي» المغرق في ميوعته، أصبح رافعاً، و مسوغاً للنظم الاستبدادية العربية ليس فقط لتبرير عدوانها الذي لا ينقطع ضد مواطنيها، وإنما لتبرير تعملقها السرطاني تجاه جوارها في مجتمعات عربية أخرى، لا بد من «مكافحة الإرهاب» المقيم فيها، عبر التجويع، وتهشيم بناها التحتية المتهالكة أصلاً، والوقوف ساكناً في وجه جوائح الأمراض السارية بين مواطنيها، وتعذيب كل من سولت له نفسه رفض تلك المهمة «التبشيرية التنويرية»، والظن بأنها «عدوان و بغي يستحق إقامة الحد على من قام به»، حتى بز جلادو النظم الاستبدادية العربية كل جلادي «أبو غريب» الأغرار الذي كان لا بد لهم من الانتظام في المدارس «الأمنية» العربية للنهل من معينها الأمني الثرِّ، و التي إن كان هناك تصنيف عالمي لتلك الأكثر وحشية وبربرية بين مدراس الأرضين، فلا بد أن تتقلد منصب «الرئيس» دون منازع، بينما المدارس والجامعات العربية التي يراد بها تنشئة الأجيال القادمة في حالة سقوط حر تجاه القاع لما يتوقف لعقود طويلة.

وعلى مستوى الإعلام العالمي هناك تجل خاص لكل ما يقع تحت يافطة «الإرهاب»، فهو بالتعريف مُقتَرف من قبل ذلك الآخر الذي تصادف عدم تطابقه مع إرادة المؤسسات الإعلامية العالمية الصانعة للمادة الإعلامية الخام، والمحددة لمعايير اختيار ما يستحق أن يكون خبراً إعلامياً، أو ذلك الذي يستحق الوقوع في بئر «النسيان الذي لا قرار له» وأخاديد «الذاكرة المثقوبة» التي لا رتق لها.

والخبر الجدير بالتصعد إلى المنافذ الإعلامية الكبرى لا بد أن يكون وفق «قوانين الطبيعة» التي يعمل بموجبها نسق الإعلام العالمي المتسيد «إرهاباً» إذا تم اقترافه من معذبين مسحوقين يتظاهرون سلمياً على سياجات الأسلاك الشائكة التي تفصلهم عن أرضهم التي استلبها غزاة محتلون، ويصبح فعل القتل الصارخ «مع سبق الإصرار والترصد» من قبل قناصي جيش المحتلين «دفاعاً مشروعاً عن النفس» مكفولاً بقوة «مجلس الأمن الدولي» الذي تسري عليه القوانين التي يحددها «الأقوياء» فقط، وليس القوانين الدولية التي مصيرها إلى نفس البئر السالفة الذكر إن لم توافق مصالح وإرادات أولئك «السادة» أنفسهم ظاهرة أو مبطنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل