الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغير المناخ هذا الوحش الجديد المرعب

عدلي عبد القوي العبسي

2020 / 10 / 15
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


الموضوع الجديد الذي شغل مساحه كبيره في الخطاب السياسي الراهن في العالم بات هو أيضا
ضيفا جديدا علينا في السنوات الأخيرة
فعندنا أيضا اخذ الموضوع نصيبه من الاهتمام وسبصبح بمرور الوقت احد مواضيع السياسه الأهم ومن أولوياتها البرنامجيه المفضله
ولم لا ومنطقتنا ليست مستثناه من تاثير هذه الظاهره المخيفه لان شعوبها هم الضحايا الاكثر تضررا

وسيحدث ذلك بقدر ما تبرز حده هذه الظاهره الطبيعيه وبقدر ما تتفاقم الظاهره الاساس المولده لكل مظاهر التغير المناخي الا وهي الاحتباس الحراري
وما حوادث الارتفاع المخيف مؤخرا في درجه الحراره في بعض المدن والمناطق في العراق و الاردن والجزيره العربيه والتقلبات المناخيه والتغيرات المفاجئه الا جرس انذار للتحرك الجماعي السياسي الحكومي والمدني لوضع استرانيجيات جديده للتخفيف من اثارهذه الظاهره المخيفه
ومن يعيش فقط في الأردن عاما كاملا سيرى اعاجيب هذه التقلبات

حتى ليقال انه في أسبوع واحد في الأردن شاهد البعض جميع مظاهر الفصول الاربعه !!! كما صرح بذلك الأستاذ طلال أبو غزاله في حديثه مؤخرا عن تغير المناخ
مثلما نرى هنا في اليمن حوادث مدهشه ومفاجئه أيضا
يحدث هذا في جميع ارجاء منطقتنا العربيه
والامر هنا ليس مجرد ظواهر عرضيه طارئه او مجرد مناخ حار سئ او تقلبات مؤقته وانما يبدوا اننا سنكون بصدد أنماط جديده من المناخ تشمل تغيرات في أنماط الحراره والامطار والرياح والفيضانات والجفاف تضرب منطقتنا العربيه وتمتد الى جوارها

حسنا ماالذي تغير بخصوص هذا العنصر المناخي الأكثر حاكميه وتأُثيرا وتحديدا لغيره من العناصر ( اقصد هنا درجه الحراره ) الذي حدث هو ان
الاحترار اصبح ياخذ فترات زمنيه أطول خلال الموسم الحار الذي يمتد لاشهر

بمعنى ان الأيام شديده الحراره سيزداد تكرارها والمدى الزمني لاستمرارها يزداد طولا
لكن الامطار ستقل عموما في أجزاء من مناطق الشمال العربي مع تزايد في العواصف المطريه المفاجئه وربما على العكس تزيد نسبيا في مناطق اخرى كاليمن وجنوب الجزيره
وعلينا ان ننظر الى ما سيجلبه ذلك من تداعيات وخيمه على الامن المائي والغذائي والتصحر والهجره وانماط الحياه و انتشار الامراض ووو
وكلنا يعلم ان منطقتنا العربيه هي في الاساس جافه وشبه جافه ونحن نعاني من هذا الحظ المناخي البيدولوجي السئ ابتداء ولا ينقصنا سوى هذا المضاف الطارئ الجديد الى المعادله الجغرافيه المناخيه اللعينه بما يعكسه من نصيبنا في الثروه المائيه وقدرتنا على انتاج الغذاء وتحقيق الاستقرار والازدهار التنموي وووالخ
نحن في ورطه او معضله اذا يسببها تغير المناخ
وتغير المناخ ليس لنا نصيب كبير في مسئوليته للأسف الشديد حتى يكون لنا عزاء في ذلك
وانما المسئوليه الكبرى تقع على عاتق الدول الامبرياليه الصناعيه العظمى ومعها ايضا الدول الناهضة العظمى كالصين والهند وروسيا والبرازيل
لا شك ان ارتفاع درجه الحراره هو مصدر كل الشرور وهذا الارتفاع يتقاسم مسئوليته البشر ونشاطهم الانتاجي الصناعي الرأسمالي المتوحش الغير منضبط مع نشاط الطبيعه الاعتيادي

و على هذا انقسم العلماء والمهتمون والساسه الى حزبين رئيسين في الموقف من تغير المناخ بين من يعتبر تغير المناخ ظاهره طبيعيه ومن يعتبرها ظاهره يتحمل مسئوليتها الاكبر النشاط البشري الصناعي الراسمالي الكثيف المتوحش غير المنضبط
الذي يتسبب في المقذوفات الهائله من غازات الدفيئه المسببه للاحتباس الحراري كغاز ثاني أوكسيد الكربون المنبعث من المصانع والمركبات وقطع الغابات وغيرها من الانشطه البشريه المدمره ا
ان زياده نسبه هذه الغازات في الجو يسبب عرقله خروج الاشعه الحمراء الحراريه الى خارج كوكب الأرض ويعكسها ويحبسها الى الأسفل وهو ما يسبب ارتفاع درجه الحراره وتسمى هذه الظاهره بال Green house effect وهي ما يحدث في البيوت الزجاجيه في الزراعه
لهذا دعا العلماء الى اهميه تخفيض نسبه الانبعاث من هذه الغازات واهمها ثاني أوكسيد الكربون الى نسبه معين في الجو لكي نخفض درجه الحراره الى مستوى معين عما كان عليه قبل قيام الثوره الصناعيه وهو ما اتفق عليه الساسه في المؤتمرات المناخيه والاتفاقيات الدوليه الهامه كاتفاقيه باريس
التي وقعتها معظم الدول قبل خمس سنوات والتي هدفت الى الاحتفاظ بدرجه الحراره عند مستوى درجه ونصف عما كانت عليه أيام الثوره الصناعيه
وقد وضعت الأمم المتحده في تقريرها التحذيري الصادر قبل سنوات والمعنون ب( أخفضوا درجه الحراره )
عده سيناريوهات لمخاطر الارتفاع لدرجتين او اربع درجات قياسا بمستوى ما قبل الثوره الصناعيه على كل مناحي الحياه الحيويه ك الزراعه والامن الغذائي والامن المائي والتنميه والهجره وانماط الحياه والامن والقيم وغيرها

لاحظوا هنا فيما يخص انقسام الحزبين مثلا الانقسام الحاد في مواقف الحزبين الجمهوري والديموقراطي في اميركا
وتعنت الاداره الامريكيه الجمهوريه الحاليه وانسحابها المخجل من اتفاق باريس !!!
الشئ السار مع ذلك اذا علمنا ان الغالبيه المطلقه من خبراء وعلماء المناخ مقتنعون تمام بنظريه الاحتباس الحراري
التي يكذبها اليمين المتطرف الفاشي والديني ومعهم البورجوازيون أصحاب المصلحه في الانكار .

الظاهره كما قلنا في بدايه المقاله ستصبح موضوعنا المفضل وقضيتنا الأهم في السنوات القادمه وسيمتد تأثيرها لتطال حتى الاولويات البرنامجيه في السياسه والنشاط المدني
وبقدر ما تبرز الاثار السلبيه على مسيره التنميه وعلى الامن الغذائي والمائي و ما تخلقه من تعقيدات في حياه السكان وانماط معيشتهم وما تعكسه على تماسك مجتمعاتهم المحليه
ناتي هنا الى المنطقه العربيه المجاوره جغرافيا للبؤره الأشد لتغير المناخ
تغير المناخ في اليمن وجنوب الجزيره العربيه


تغير المناخ عندنا في الاونه الاخيره لم يعد موضوعا ترفيا بل اصبح موضوعا في غايه الاهميه
لان هذه الظاهره الطبيعيه ستغير فعلا وجه الحياه في منطقتنا دون ادنى مبالغه
فتغير المناخ يفعل الان الافاعيل في بلدنا ويخلق مستجدات مفاجئه ايجابيه بالنسبه لبعض عناصر المناخ كالهطول المطري ولكن سلبيه وقاسيه بالنسبه لجوانب أخرى كالفيضانات المدمره وما تصنعه من دمار في البنى التحتيه وتكاليف باهضه
وتزداد الحوادث الغريبه العجيبه التي تدهش الناس وتضج بها وسائل الاعلام
و في الغالب فان ما يغطي على هذه الحوادث هو هذه الحرب العدوانيه اللعينه التي تشنها الامبرياليه والرجعيه والنزاع المستمر واخبار المأساه الانسانيه التي يقال انها الاسوأ في التاريخ

ويكفي لادلل على كلامي بخصوص مفاجئات تغير المناخ ان اقدم للقارئ بعض الأمثلة والحوادث الساره والمؤلمه :
كانت تشغلنا قبل سنوات اكبر ازمه مياه ربما في المنطقه كلها وهي ازمه المياه في تعز الان نسال انفسنا كمختصسن ومواطنين ومعنيين بمتابعه الظاهره
هل سيعود حديثنا عن ازمه المياه في تعز مثلما كان في السابق
وماذا عن هذه الامطار التي تزداد غزاره وتعلو المتوسط السنوي وتزداد نسبيا وما ينتج عنه من عوده المياه للخزانات الجوفيه تماما مثلما يتوقع خبراء الأمم المتحده وتاتي هذه الامطار كهدايا ثمينه من الجنوب الشرقي بفضل ما يدور هناك من حوادث تتناوب ما بين شرق المحيط الهندي وغربه
والتي يزيد من حدتها وتكرارها الارتفاع المستمر في درجه حراره مياه المحيط الهندي بفعل الاحتباس الحراري
مناخنا في اليمن واجزاء من جنوب ووسط الجزيره العربيه محكوم بالمحيط الهندي وظواهره المناخيه
محكوم اساسا بظاهره النينيو الهندي او ما يسمى بظاهره االقطبيه الثنائيه
الهنديه Indian ocian dipole بل واكثر من هذا له ارتباط بظاهره النينيو المناخيه العالميه في المحيط الهادي وهذا امر مثبت ومجرب سابقا فالكثير من اشقاءنا في عمان والسعوديه اثبتوا تجريبيا هذا الكلام
وقد توصلت انا باستخدام نفس الطريقه العلميه التحليليه الاحصائيه على قياسات بعض المحطات المطريه في تعز
الى ملاحظه وجود ارتباط قوي في حاله سنوات الامطار المتطرفه عندنا مع السنوات المتطرفه لظاهره ال نينيو في المحيط الهادي ووجود ارتباط ضعيف مع ظاهره لا نينيا العكسيه
هذه الظواهر تتكرر من ثلاث الى خمس سنوات
واذا كان هذا هو تأثير المحيط الهادي البعيد عنا فكيف هو الحال بالمحيط الهندي المجاور
ان حاله ما نسميه (الترابط بعيد المدى ) حتما ستكون اكثر وضوحا هنا
و الامر يتعدى هذه الظواهر ليشمل كل التقلبات المناخيه الموسميه في المحيط الهندي وهاتين الظاهرتين هما بالدرجه الأولى نتاج الاحتباس الحراري او اذا شئنا الدقه في القول ليس الظاهرتان والتي قد يجادل البعض بطبيعيتهما وانما ازدياد وتيره النشاط وتكرار الحوادث المصاحبه للظاهرتين هو نتاج فعل الاحترار العالمي

فارتفاع الحراره والامطار الغزيره والفيضانات والعواصف والاعاصير والحالات المداريه والتقلبات في اليمن وجنوب ووسط الجزيره العربيه هي في معظمها نتاج لفعل هذه الظواهر المناخيه العجيبه

و هذا هو الحال في بلدنا في العامين الاخيرين حيث بتنا في مرمى قواصف الرياح المشبعه بالبخار تحملها المخفضات والحالات المداريه والزوابع والاعاصير
وهاكم امثله أخرى :

اعاصير تضرب سواحلنا الجنوبيه في السنوات الماضيه والى الان ومنخفضات مداريه تتكرر تزورنا كل بضعه أسابيع
وامطار غزيره غير مسبوقه وملاحظه عوده الغطاء النباتي ليكسو مناطق كانت جرداء لفتره طويله من الزمن
ثلوج على الاسفلت تجدها أحيانا في الطرق الرئيسه الماره في بعض ارياف المناطق الوسطى ( مشاهد نادره الحدوث )

انواع من الحشرات تزحف شمالا وتنزاح الى الاعلى عده درجات من خطوط العرض
واوبئه يتسع نطاق انتشارها بعضها افريقي المنشأ
فيضان سد مارب التاريخي الشهير ولاول مره منذ اعاده انشاءه منتصف الثمانينات
تتالي سلسله من الموجات الحاره خلال اشهر الصيف ودرجات حراره مرتفعه غير مسبوقه حتى فقدت كثير من المدن الجبليه اعتدال جوها الذي اشتهرت به !!! كما هو حال مدينه تعز
وبتنا اقرب الى خصائص مناخيه شبه استوائيه
ومدن رئيسه تغرق في بحيرات مياه على ارتفاع متر الى متر ونصف ( هذا ما يحدث لمدينه عدن )
وينابيع تتفجر من الصخور في قرى جبليه وشلالات تعود لسابق عهدها في اب وعمران وصنعاء
سدود صغيره تنهار وتغرق قرى باكملها,

تضيف هذه الوقائع والاحداث الناتجه عن تغير المناخ مآسي جديده ومتغيرات الى لوحه الواقع الاجتماعي اليمني وتضع تعقيدات اضافيه جمه امام خطط الانقاذ الامميه والمحليه
و ستغير كثيرا من عناصر خطط اعاده الاعمار والتنميه لتأخذ بالحسبان هذا المتغير الجديد والطارئ المزعج
الذي لم يخطر على بال وهو ما يستوجب تدعيم وتطوير الاستراتيجيه الوطنيه لمواجهه اثار تغير المناخ
للأسف القليل الى الان من المثقفين او المسئولين الاداريين او الساسه من يدرك ابعاد هذه الظاهره الخطيره واثارها الاقتصاديه والاجتماعيه والبيئيه على مجتمعنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال