الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة القديس وفلسفة إبليس

منسى موريس

2020 / 10 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العقل الإنسانى بطبيعته يتحرك وفق مُصطلحات ومفاهيم وعلى أساس هذه المُصطلحات ينتج لنا السلوك البشرى فالواقع هو في الأصل مفهوم في الذهن والخدعة الكبرى التي يقع فيها العقل دون أن يشعر في أحيان كثيرة هي عدم تحليله للمُصطلحات والمفاهيم التي يسير وفقها حتى ولو أنتجت واقعاً سلبياً لأن العقل في هذه اللحظة إبتلع المفهوم وإبتلاع المفاهيم وهضمها قبل تذوقها يُسبب عمى في الذهن وغياب ملكة التمييز ، وفلسفة إبليس تعمل في هذا الإطار حيث تقلب المفاهيم وتشوه الحقائق وتُفرغ المُصطلحات من معناها ومدلولها الحقيقى وتحل محلها معنى ومضمون ومدلول يتناقض مع حقيقة المُصطلح الأصلى ، فكل البشر يحبون العدالة والخير لكن لو حللنا مفهومهم عن العدالة والخير سنجد الكثير منهم يؤمن بالظلم والشر دون أن يدروا ، إنها الخدعة الكبرى أن يعيش الإنسان حياته بأكملها يعتقد أنه يؤمن بشىء لكن في حقيقة الأمر يؤمن بعكسه تماماً.
إن هدف فلسفة إبليس إغتصاب كل مفاهيم القيمة من حق وخير وجمال إنه يُريد تغليف كل مبادئ الشر في هذه القيم لايأتيك ويقول لك أنا الظالم أنا المستبد أنا الذى أُريد هلاكك لكن يأتيك في ثياب الحمل وهيئة الملاك إنه الظلام الدامس الذى يتجسد في شكل مصباح كى يُنير لك الطريق الذى نهايتة العتمة والدجى ، فلسفته بالكامل مبنية على الخدع وإحتكار المفاهيم وتغيير مضمونها بالمُطلق إنه يُحب الجمال ليحوله إلى قبح ويعشق الخير ليُغيره إلى شر .

يحاول أيضاً إبليس أن يغتصب مُصطلح القديس ويحاول أن يصوره للناس على أساس أنه الإنسان الذى ليس له علاقة بالعالم والآخر القابع في صومعته مشغول بترديد الصلوات يُحارب تخيلاته الشهوانية لاعمل له إلا السعي وراء عالم وراء هذا العالم و إنشغاله بالأبد أنساه أن يعيش الآن والزمان الحاضر إنه يعتقد أن الله موجود فقط في الصحراء والفيافى أما العالم فهو محضر لإبليس والإبتعاد عنه هو الخير الأعظم وطوق النجاة من هذا العالم الفانى نعم يرى الفناء في كل شيء حتى في ذاته فيردها إلى الأرض والتراب أنه يرى أن هذا العالم لايستحق أن يُعاش وكأنه عقوبة لامفر منها إلا بالسكن والعيش وسط الجبال ، يعيش يُصلى لأجل خلاص العالم لكنه لايُكلف نفسه بتقديم أي شيء للآخر يُصلى كى يعُم هذا العالم الفرح والسلام لكنه لايمسح حتى دمعة من عيون طفل صغير! لايرى الله في الجمال والحياة لكنه يراه في الموت وجلد الذات .
إن مهمة إبليس الكبرى فصل الإنسان عن الله والآخر لأن الإيمان الحقيقى حسب القديس الحقيقى لايكتمل ب " الأنا " لكن ب"النحن " فحب الله ينبثق منه حب العالم وحب العالم يتطلب الإلتصاق بالآخر والعمل لمصلحة وخدمة الإنسان ففلسفة القديس الحقيقية تعمل ضد فلسفة إبليس فالقديس الحقيقى هو إنسان ليس غبياً لكنه حكيماً أنه يعرف جيداً أن الإيمان يتطلب الذكاء ومن الذكاء تحليل المفاهيم والوصول إلى أدق معانيها وقياس أثرها على أرض الواقع أنه لايكتفى فقط بتحليلها نظرياً لكنه يعرف نتائجها وثمارها وبهذا يكون عملى يُفكر في مصلحة الجميع فهو يُريد الخير للكل ويعمل أيضاً لتحقيقه يسعى بشكل مستمر لكشف أخطاء إبليس الفكرية ومغالطاته المنطقية لأنه يرى ملكوت الله لايبدأ في العالم الآخر لكنه يبدأ من هنا لذلك يرى أن هذا العالم يستحق أن يُعاش ويستحق التضحية من أجله أنه يُدرك جيداً أن طبيعته ليست من تراب لكن له قيمة عليا إلهية فهو مخلوق على صورة الإله إنه لايرى الفناء لكنه يرى الخلود في كل شيء يرى الله في الجمال والحب والعلم والفن والحياة والموسيقى ، عقله كعقل الفلاسفة وقلبه كقلب الأطفال يشعر دائماً أنه يحمل رسالة عليه أن يؤديها بكل أمانة وإخلاص ويستثمر لحظاته لتوصيل كل ما عنده للآخر ، يعيش في العالم كى يُضيئه بالدفاع عن حقوق البشر ويسعى لتحقيق القيم العليا وتقديم أفضل ماعنده لإسعادهم فرحته في العطاء وليس في الأخذ لأن ملكوت الله بداخله ، يرى الإنسان من الداخل ويُدرك مدى ضعفه وعجزه لذلك عنوانه التسامح والغفران والحب يتسامح مع أعدائه ليس خوفاً منهم لكنه يعرف أنهم ليسوا بأعداء لكن هم في الحقيقة ضحايا لشرورهم الأخلاقية التي من الممكن أن تتبدل في أي لحظة ويسعى لتبديلها وتغييرها ، إن القديس الحقيقى يجول ويصنع خيراً مثل سيده " المسيح"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - موضوع رائع عن الخير والشر ومنبعهم
مروان سعيد ( 2020 / 10 / 18 - 19:59 )
تحية للاستاذ منسى موريس وتحيتي للجميع
النفس البشرية سر من اسرار الكون مثلها مثل الروح فهي تقبع بمكان لم نقدر الى الان معرفته
والوصول لدراسته دراسة كافية
والكن الكتاب المقدس اشار للخير هو الله والشر هو الشيطان والغريب كيف يقدر الشر احيانا الانتصار على الخير وكيف يمسك الشيطان عقول الارهابيين او المسلمين المتعصبين ويجعلهم ان يرتكبوا المجازر برياحة ضمير ومقتنعين بانهم عملوا خدمة لله وكان الله عاجز وكتف الايدي ولا يقدر على الاعتناء بنفسه وهذا ما اشار اليه السيد المسيح بقوله
«، بل تاتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم انه يقدم خدمة لله. 3 وسيفعلون هذا بكم لانهم لم يعرفوا الاب ولا عرفوني. 4 لكني قد كلمتكم بهذا حتى اذا جاءت الساعة تذكرون اني انا قلته لكم.
اتعتقد انهم مسيرين من الشيطان بسيطرة مغنطيسية وهل يصنعون هذه الافعال الشريرة بدون وعي ذاتي اتوقع انهم معذورين لاانهم منقادين وبدون ارادة اسلموا ارادتهم لاابليس واياته الشيطانية
والغريب ايضا يتفاخرون بالاخلاق السيئة وبالزنى والسبي وكانهم يفعلون اشياء حميدة فقد اعمى ابليس عيونه
تصور يتناوبون على امراءة بحجة جهاد النكاح والديوث زوجها واقف

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س