الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنسان نيتشه لبيروت

قصي الشياح

2020 / 10 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في ركن بعيد من الكون حيث تترامى ملايين النجوم والمجرات جاءت على أحد الكواكب كائنات ذكية اخترعت المعرفة، وكانت لحظة الإختراع هذه هي أكبر ما شهده التاريخ الكوني من زيفٍ وتبجح غير أنها ليست سوى لحظة إذ يكفي أن تتنهد الطبيعة حتى يفنى الكوكب وتموت الحيوانات الذكية ( نيتشه؛ هكذا تكلم زرادشت).
أقرأ هذا لنيتشه فلا يسعني إلا أن أسأل نفسي إلى متى ستظل بيروت تنهض؟ والإنسان ليس إلا حفنة من الغبار في مسارٍ ضوئيّ لهذا الكون.
ألم تتعب بيروت؟ ألا يكفي أنها نهضت بنا بما فيه الكفاية؟
إن لم يعترف جيلنا السابق بذلك فعلينا نحن أن نعترف*. ومن المؤكد أن بيروت ستفعل ذلك من جديد وهي أصلاً معتادة على ذلك ولكن هل هي سعيدة؟ من منا سألها؟
بأية حلول ستنهض بيروت؟ بقتل الكلاب الشاردة أم النورس؟
أم بترك* العاملة الأثيوبية على أبواب السفارات؟ إن التظاهر مظهر من مظاهر الثورة لم يكن يوماً هو الأساس، إن الثورة* هي ثورة على الأنا و قد بدأت في كسر التابوهات.
أيمكن لبيروت أن تكون سعيدة بهكذا حلول؟
إن بعض الناس يطلب العزلة بالهرب من المريض والبعض الآخر* يطلبها بالوقوف أمامه ( هكذا تكلم زرادشت)
ما يدفعني* للإسترسال* في نيتشه هو شعوري بأننا نحتاج لهذا الإنسان الجديد الذي تقدر به أن تنهض بيروت وتكون سعيدة وما الإنسان الجديد لولا محاولته لإنشاد السعادة؟ متخلياً في ذلك عن كل الموروث شعباً وسلطة، لأنه لا يمكن للقديم أن يصل بنا إلى ما هو جديد.
يذكر  نيتشه في كتابه هكذا تكلم زراداشت  ثلاث مراحل من خلالها يرتقي* الإنسان إلى الإنسان المتفوق أو الإنسان الأعلى
المرحلة الأولى هي مرحلة الجمل ثم الأسد وأخيراً الطفل.
مرحلة الجمل يقول فيها نيتشه: يفتش العقل السليم عن أثقل الأحمال فينيخ كالجمل ظهره متوقعاً  رفع خير حمل إليه. إن العقل السليم ينادي الأبطال قائلاً أي حمل هو الأثقل لأرفعه فتغتبط به قوتي أفليس أثقل الأحمال هو في الإتضاع لإنزال العذاب بالغرور؟ أفليس أثقلها أن يبدي الإنسان إختلالاً لتظهر حكمته جنوناً؟
هنا يرينا نيتشه أنّ* على الإنسان أن يتحمل الصعاب إن الإنسان بوحدته وأعباءه قادر على إجتياز الصحراء حيث أن نيتشه يصف كثيراً الوحدة على أنها صومعته ويفرق عنها الوحشة على أنها وحشته بين الناس. ومن غير الجمل قادر على هكذا رمزية؟
المرحلة الثانية هي الأسد حيث يقول : ومن هو هذا التنين الذي يتمرد العقل عليه فلا يريد بعد الآن* أن يرى فيه ربه وسيده؟
إن التنين هو كلمة ( يجب عليك) وعقل الأسد يريد أن ينطق بكلمة ( أريد ).
ها هو نيتشه يرمز إلى الأفكار القديمة الموروثة على أنها أصبحت خرافة وهل غير التنين أهل لهذا الوصف؟ إن الإنسان بالتحول الثاني عليه أن يحب ذاته أن يعلم ماذا يريد أن يتبنى من أفكاره، أن يتحكم بواقعه ومن غير الأسد قادر على فعل ذلك؟
المرحلة الثالثة هو الطفل بقوله : ولكن ما هو العمل الذي يقدر عليه الطفل بعد أن* عجز عنه الأسد؟ ولماذا يجب أن يتحول الأسد المكتسح إلى طفل؟
ذلك لأن الطفل طهر ونسيان، لأنه تجديد ولعب وعجلة تدور على ذاتها فهو حركة البداية وعقيدة مقدسة.
هكذا نيتشه بدع بوصف المرحلة الثالثة  ليرتقي الإنسان فينا حيث بأعباءه لا يعود خائفاً منها وبدون خوفه يحمل دهشة العالم بعينيه كالطفل.
ألا تستحق بيروت هكذا إنسان؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء