الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أثنتا عشرة قصيدة لويس غلوك

ابراهيم الماس

2020 / 10 / 20
الادب والفن


أثنتا عشرة قصيدة : لويس غلوك
ترجمة : إبراهيم الماس.
.





خُرافة !
*****

امرأتان ، لديهما نفس الادعاء ، جاءتا
عند أقدام ملكِ حكيم .
امرأتان لكن طفل واحد.
الملك عرف بأنَّ واحدة منهما كانت تكذب .
كان قولهُ أن يقطّع الطفلُ إلى نُصفين .
بهذه الطريقة لن ترجع واحدة خاليةَ الوفاض .
هو أستلَّ سيفَه .
ثم ، تنازلت واحدة منهما عن حصّتِها:

كانت هذه الاشارة . الدرس .
افترض
بأنَّ أمّك تمزّق بين ابنتين :
ماذا كنت ستفعل لانقاذها غير أن ترغب بتحطيم نفسك ـ
سيعرف مَن هو الطفل الشرعيّ
ذلك الّذي لا يستطيع أن يتحمّل تقسيمَ ألامّ.
.



خيال
****
.
سأخبرك شيئاً :
الناسُ يموتون في كلّ يوم . وهذه هي البداية فحسب .
في منازلَ جنائزيّة ٍ ، تولد أراملُ جدد ، أيتامٌ جُدد ،
يجلسون بأياديهم المطويّة ، محاولين أن يقرّروا حِيال هذه الحياة الجديدة .

بعد ذلك ، يكونون في المقبرة ، بعضُهم للمرّة الأولى.
مرتعبون من البكاء ، و أحياناً من عدم البكاء .
شخص ما ينحني إليهم و يخبرهم
ماذا ينبغي أن يفعلوا في المرّة القادمة ،
والذي يعني ، في بعض الأحيان ، قولَ كلماتِ قليلة ،
وفي أحيانٍ أخرى ، رميَ القذارة في قبرٍ مفتوح.
.
وبعد ذلك ، كلّ واحد منهم يرجع إلى البيت ،
الذي يمتلأ فجأةً بالزوّار .
الأرملةً تجلسُ على الأريكة ، بثباتٍ كبير ،
بينما يصطفُّ الناس لمُقابلتها ،
أحياناً يأخذون يدها ، وأحياناً يقبلونها.
هي تجد شيئا تقوله لكلِّ واحد ،
وتشكرهم ، تشكرهم على مجيئهم .

في قلبها تريد لو أنّهم يرحلون بعيداً.
تريد أنْ تعودَ إلى المقبرة.
إلى ردهة المرضى ، المستشفى.
هي تعرف أنَّ ذلك غير مُمكن.
لكن هذا أملها الوحيد ، و ترغب أن تعود إلى الوراء ،
قليلاً فقط ، وليس بعيداً جدّاً كالزواج ، أو القبلة الأولى.


اسطورة الاخلاص !
************

عندما قرّر هاديس و أحبَّ هذه الفتاة
أبتنى لها أرضاً موازية ، كلُّ شيءٍ مُتماثل ،
حتّى المرج ، لكن مع سريرٍ إضافي .

كلّ شيءٍ هو ذاته ، بما في ذلك ضوء الشمس ،
لأنّه من الصعب على فتاة يافعة أن تنتقل بسرعةٍ
من الضَّوءِ الساطع إلى الظلام المُطبق .

تدريجيّاً ، كما أعتقد ، سيقدم الليل أوّلاً ،
بظلالِ الأوراقِ المُرتجفة
يليه ، القمر ، و بعد ذلك النجوم ،
ومن ثم لا قمر ولا نجوم .

خلِّ «بيرسيفونة» تعتاد على ذلك رويداً .
في النهايةِ ، ظنَّ أنّها ستجد ذلك مُريحاً .

أرضٌ مُستنسخةٌ كما هيَ ،
إلا أنّه ثمّة حُبّ ُهنا .
ألا يريد الجميع ُ حبّاً ؟

لقد انتظرَ مئاتِ السنواتِ ،
بناءَ العالم ، مشاهدةَ «بيرسيفونة» في المرج .
«بيرسيفونة» ، مُستنشقة العطور ، الذوّاقة .
كان يعتقد أنّه إذا كان عندك رغبة واحدة ،
فأنكّ تكون قد حزت على الرغباتِ كلّها .

ألا يريد كلَّ واحدٍ أن يشعر ، في الليل ،
بجسد الحبيبة ، بالبوصلةِ ، نجمةِ القطب ،
لكي تسمع التنفّس الخفيفَ الذّي يقولُ أنا حيّ ،
والذي أيضاً يعني ، أنّك حيّ ،
لأنّك تسمعني ، فأنتَ هنا معي ، وعندما يدور أحدنا
يدورُ الآخرُ ــ

هذا ما شعر به سيّدُ الظلام ، و هو ينظرُ إلى العالَم الذي شيّده
من أجل «بيرسيفونة» .

لم يخطرْ في بالِه أبداً
بأنّهُ لن يكون ثمّة المزيد من الرائحة هُنا ،
وحتماً لا مزيد من أكل .

ذنب ؟ ارهاب ؟ خوفٌ من الحب ؟
هذه الأشياء لم يكن بمقدوره أن يتخيّلها .
وليس هناك عاشق يقدر أن يتخيلها .

هو يحلم . يتساءل ماذا يسمّى هذا المكان .
فكّر في الوهلةِ الأولى : الجحيم الجديد . ثمّ :
الحديقة . في النهاية قرّر أنْ يسمّيها :
صبا «بيرسفونة ».
.
ضوء ناعم يرتفع فوق مستوى المرج ،
خلف السرير ، يأخذها في ذارعيه ،
يريد أن يقول لها أحبك ، و لا شيء يُمكن أن يؤذيك
لكنّه يعتقد أنَّ هذا افتراء .
لذا قال في نهاية الأمر ، أنت ميّتة ، لا شيء
يمكن أن يؤذيك ، وهذا يبدو له بداية واعدة وحقيقيّة أكثر .

.
قانا
***

مالذي بوسعي لكي أخبرك ما لا تعرفه
و يجعلك تهتزّ مرّةً أخرى ؟

«فورسيتيا» على حافّةِ الطريق ،
على الصخور الرطبة ،
على جنباتِ السدود المزروعة بالزنابق ـ

لعشر سنواتٍ أنا كنت سعيدةً
أنتَ كنت هناك ؛ بمعنى ٍ ،
أنَّكَ كنتَ معي دائماً ،
البيت ، الحديقة مضاءان باستمرار ،
ليس بأضواءٍ كالتي لدينا في السماء ،
لكن بتلك الشعاراتِ الضوئيّة
التي هيَ أكثر قوّة ، كونها
مضمّنة ببعض الأشياء الدنيويّة المتحوّلة --

كلّ ذلك قد تلاشى ،
وأعيد طمرهُ في عمليةٍ فاترة .
ثمّ ماذا سنرى الآن ،
بعد أن أصبحت تلك المشاعلُ الصفرُ
غصوناً خُضراء .


الحديقة الصيفيّة.
**********

قبل عدّة أسابيع ماضية وجدتُ صورةً لأمّي جالسةً في الشمس
وقد أحمرَّ وجهها بالإنجاز والانتصار .
كانتِ الشمس تشرق . كانتِ الكلابُ تنام
عند أقدامها حيث الزمن ينام أيضاً ،
ساكنةً وغير مُتحرّكة كما في كلّ صور الفوتوغراف .

مسحتُ الغبارَ عن وجه أمّي .
حقّاً ، لقد غطّى الغبار كلَّ شيء ؛ يبدو لي أنّه ضبابُ الحنينِ الدائم
الذي يحمي أثارَ الطفولة .
في الخلفيّة هناك أثاثٌ مرتّب ، وأشجار وشجيرات .

تحرّكتِ الشمسُ خفيضةً في السماء . طالتِ الظلالُ واظلمّت .
كلّما مسحتُ الغبارَ نمتِ الظلال أكثر .
جاء الصيف . الأطفالُ يتكئون على سياج الورد .
واختلطت ظلالهم مع ظلالِ الأزهار .
خطرت كلمةٌ في بالي تشير إلى هذا التحوّل والتغير ،
إلى هذه الممحيّات التي أصبحت واضحة الآن ــ

لقد ظهرت وتلاشت بنفس السرعة .
هل كان هذا عمى أم ظلام ، خطر أم تشويش ؟
جاء الصيف . ثمّ الخريف ،
الأرواق تتلوى ، الأطفال بقعٌ مُضيئة في مسحوقٍ من الذهبِ و الصبغة صفراء .

2
عندما شفيتُ قليلاً من هذه الأحداث ،
أبدلتُ الصورةَ حين وجدتُها بين الصفحاتِ في غلافٍ قديم ،
كثيرٌ من الأجزاء كانت مذيلةً في هوامشَ ، و أحياناً في كلماتٍ
لكن ، في الأكثر ، بأسئلةٍ جريئةٍ وعباراتٍ
تعني . «......» ؛ أنا أقبلُ . «........ » ؛ أو « ....... » ؛ أنا لستُ مُتأكداً ، مُحيّر ـ «...... » :
كان الحبر متلاشياً . هُنا وهناك
فلم أستطع تمييز الأفكار التي خطرت للقارئ
لكن من خلال البقعِ الشبيهةِ بالكدماتِ شعرتُ مضطرّة
كما لو أنَ الدموع قد سقطت .

أمسكتُ الكتابَ لبرهةٍ .
لقد كان « الموت في فينيسا » ( مُترجم) :
لقد لاحظتُ الورقةَ في الحال ، كما يعتقد فرويد ،
لا شيء محضُ مصادفة .
هكذا قد اندفنت الصورةُ الصغيرة مرّةً أخرى ،
كما يندفن الماضي في الحاضر .
في الهامش كانت هناك كلمتان :
مؤشّرتان بسهم : « …….» : قحط و«…….. »؛
ثم ، أسفل الصفحة ، « ……» و ؛ نسيان . «……..» ؛
«……..» ..
بدت له أنّها استدعاء مُحبّبٌ وشاحب
ابتسم وأومأ له ... «……… » ؛
3
كم هي هادئة الحديقة ؛
لا نسيم يعكّرُ كرزَ العقيقِ الأحمر
لقد جاء الصيف.

كم هي هادئة الآن
تلك الحياة التي انتصرت.
القسوة أعمدةٌ من شجرة الجمّيز
تدعم رفوفَ الخُضرةِ الثابتةَ.
الثيّل في الأسفل
خصبٌ ، قُزَحِيّ الألوان ـ

وفي منتصف السماء
الاله المُتكبّر .
.
يقولُ ، الأشياء هي هيَ ، لا تتغير ؛
الاجابة لا تتغيّر .

كم هي صامتة ،
المنصّة مثل الحضور ؛ الانفاسُ تبدو
كأنّها خرْقٌ .

هوَ ينبغي أن يكون قريباً ،
العشبُ بلا ظلال .

كم هيَ هادئة . كم هيَ صامتة .
مثل ظهيرة في «پوْمپِيي » ؟

أخذ « بتراك» الأطفالَ إلى حديقة في «سيدارهِرست» .
كانتِ الشمسُ تشرق . مرّتِ الطائراتُ بسلامٍ
جيئةً وذهاباً في السماء . لأنَّ الحرب انتهت .

كان هذا عالَمٌ من خيالِها.
الحقيقة والخطأ ليستا بذاتِ أهميّة.

مصقولٌ و يلمعُ جديداً ـ
هكذا كان العالم.
لم يكن الغبار قد ثار عن سطحِ الأشياء بعد.

مرّتِ الطائراتُ ذهاباً واياباً ،
رابطةً بين روما وباريس .
لا يمكنك أن تصل إلى هناك مالَمْ
تحلّق من فوق الحديقة.
كلّ شيء ينبغي ان يمرَّ ، لا شيء يتوقّف.

الأطفال يتشابكون بالأديادي ، مُتكئين لكي
يشمّوا الأزهار .
لقد كانوا خمسةً و سبعةً.

بلا نهاية ، بلا نهاية ــ
هكذا كان احساسها عن الزمن.

جلست على مقعدٍ يكاد يختفي في أشجار البلّوط .
من بعيدٍ ، الخوف اقترب وغادر ؛
من محطّة القطار أتى الصوت الذي أثاره .

كانتِ السماءُ برتقاليةً وورديةً ، وقديمةً أكثر
لأنَّ النهار قد مر.
ليست هناك ريح . نهار الصيف يلقي
بالظلال الشبيهةِ بأشكالِ البلّوط على العشب الأخضر.
.



نيسان.
*****


ليس لأحدٍ يأسٌ مثل يأسي.
ليس لديك مكان في هذه الحديقة.
التفكير بمثل هذه الأمور ، تنتجُ التعبَ الخارجَ من الرموز ؛
الرجل يزيل الأعشابَ الضارّةَ من غابةٍ بأكلها .
والمرأة تعرجُ وترفض تغييرَ ملابسها
أو غسلَ شِعرَها.

هل تظنُّ أنّي أبالي
حين تتحدّث إلى واحدة أخرى ؟
لكن أنت تعلم أنّني توقّعتُ
أفضل من مخلوقتين أُعطيتا العقول ؛
إنْ لم تعتنيا حقّاً ببعضكما البعض
فأنكما على الأقل ستفهمان أن الأسى موزّعاً بينكما ،
من بين جميع أقرانك ، بالنسبة لي أعرفكَ ،
مثلما تدلُّ الزرقةُ العميقة
على بريّة عنصلان ، يدلّ الأبيضُ
على غابة البنفسج.
.



شظيّة قديمة!
*********

كنتُ أحاولُ أن أُحبَّ المادّة.
وضعتُ اشارة على المرآة:
أنت لا يمكنك أن تكره المادّة وتحبَّ الشكل.

كان يوماً جميلاً ، رغم البرْد .
كانت هذه ، بالنسبة لي ،
إيماءة عاطفيّة رائعة .

....... قصيدتك:
حاولَتْ ، ولم تستطع.

لقد وضعتُ اشارةً فوق الإشارة الأولى :
اصرخي ، اِبكي ، اضربي نفسكِ ، شقّقي ملابسَك ـ

لائحة الأشياء القابلة للحبّ :
قذارة ، طعام ، أصداف ، شَعر بشَري.

....... قلتُ
افراطٌ بلا ذوق . ثمّ
قمتُ بتأجيرِ الاشارات .

آخخخ
حملتُ المرآةَ العارية .
.


ترجيعُ الريح
*********

عندما صنعتكم ، أحببتكم.
الآن أنا أشفق عليكم.

أعطيتكم كلَّ ما تحتاجون :
سريرٌ من الأرض ، غِطاءٌ من الهواء الأزرق ـ ـ

كلّما ابتعدتُ عنكَم رأيتُكَم أكثر وضوحاً .
يجب على أرواحكَم أن تكون هائلة ،
لا كما هي الآن ،
أشياء صغيرة ثرثارة .

أعطيتكم كلَّ هديّةٍ ،
زرقةَ صباحِ الربيع ،
زمناً لم تحسنوا استخدامه ـ ـ
لقد أردتَم أكثر ، أردتم الهديّةَ المُدخرة لخلْقٍ آخر.

مهما كنتم تأملون
فلن تجدوا أنفسكم في الحديقة ، بين النباتات التي تنمو .
فحيواتكم ليست دائريَةً مثل حياتها :

حياتكم هي رحلة الطائر
التي تبدأ وتنتهي في الصمت ـ
والتي تبدأ وتنتهي ، في شكلِ ،
يُردّدُ صدى هذا القوسِ من البتولا البيضاء
إلى شجرة التفاح.

.


الحديقة
******

الحديقة تعجبُكِ .
من أجلكِ تلطخُ نفسَها بصبغةٍ خضراء ،
و بالنشوةِ الحمراء للوردِ ، حتّى تأتي إليها مع عشّاقكِ.

و أشجارُ الصفصاف ، انظري كيف شكّلَتْ
خيامَ الصمتِ الخضراءَ هذه.
مع هذا ، لا يزال هناك شيء ما أنتِ بحاجةٍ إليه ،
فجسدكِ ناعم جدًا ،
حيٌّ جدًا ، بين الحيواناتِ الحَجَريّة.

اعترفي أنّهُ أمرٌ مرعبٌ أن تكوني مثلها ،
بعيدةٌ عن متناولِ الأذى .



الفراشة
******

.
انظرْ ، فراشة .
هل تمنّيتَ أمنيةً ؟


أنتَ لا ترغبُ في الفراشات .
أنت تفعلُ ذلك .

هل صنعتَ واحدةً لك ؟

نعم

إنّها لا تُحسب .



جنيّةُ البحر
******

عندما وقعتُ في الحبِّ صرتُ مُجرمة
قبل ذلك كنتً نادلة .

لم أرد أن أذهب معك إلى تشيكاغو .
أردتُ أن أتزوج مني ، أردت لزوجتك أن تعاني .

أردت لحياتها أن تصير مثل مسرحية
كلّ أجزائها حزينة .

هل الشخص الجيّد يفكّر
بهذه الطريقة ؟

استحق الثقّة لشجاعتي ـ ـ

جلستُ في الظلامِ في شرفتك الأماميّة .
كلُّ شيءٍ كان واضحاً لي :
إذا تركتكَ زوجتك أن تذهب
فهذا دليل على أنّها لا تحبّك .
إذا كانت تحبّك
ألا يفترض أنّها تريدك أن تكون سعيداً ؟

أعتقد الآن أنّي إذا شعرتُ بكميّة أقل
سأكون شخصاً أفضل .
كنتُ نادلة جيّدة .
يمكنني حمل ثماني أقداح مشروبات .

أعتدتُ أن أقولَ لك أحلامي .
الليلة الماضية رأيتُ امرأة جالسةً في حافلةٍ مُظلمة .
كانت تبكي في الحلم .
والحافلة تبتعد .
وكانت تلوّح بيدٍ واحدة .
واليد الأخرى كانت تضرب على كارتونةِ بيضٍ
مليئةٍ بالأطفال .
الأحلام لا تنقذ الفتاةَ العذراء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في


.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/




.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي