الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتابات مندلاوية /1

احمد الحمد المندلاوي

2020 / 10 / 21
كتابات ساخرة


# وصلني مقال لطيف من الدكتور كامل خورشيد عن مجرشة الكرخي .. في لندن !!،هذا نصه:
( المجرشة ) هي آلة تراثية كان أهلنا في العراق يستخدمونها لصنع الطحين بوضع الحبوب بهذه الآلة ومن ثم تدار بمقبض، وبمجرد أن يوضع القمح في المجرشة يطحن ويخرج ( الجريش ) من فتحة في الآلة ويصبح طحينا بعملية صعبة جداً !
و( المجرشة) خلدها الشاعر الشعبي العراقي المـلا عبود الكرخي ( 1869-1946) بقصيدة حملت الأسم نفسه، فاذا ذكرت المجرشة ذكر الكرخي ، إذ يقول بمطلعها على لسان امرأة تجرش وتنوح بأسى ولوعــة :

ذبّيت روحي عْلى الجرش،
وادري الجرش ياذيــــها

ساعة واكسر المجرشة،
وأنعــل أبــــو راعيــها !!
و(( ذبيت روحي على الجرش )) تعني (( رميت نفسي على الحبوب المجروشة )) إذ تقرر المرأة المغلوبة المتعبة أن تكسر المجرشة، وقيل أن المجرشة بقصيدة الكرخي كناية ذكية عن الوضع المأساوي للناس أو هي الإحتلال البريطاني نفسه ، وإن المرأة هنا هي الشعب الذي لا بد له من أن يكسر ( المجرشة ) أي الواقع المرير،وطبعا كان هذا الكلام في ثلاثينيات القرن الماضي !!

والملا ( عبود بن الحاج حسين السهيل الكرخي ) من الشخصيات البغدادية العراقية الوطنية التي أحبت العراق وضحت من أجله، تلقى علومه الأولية بالكتاتيب، وحفظ القرآن الكريم وهو في الرابعة من عمره، وتعلم اللغات الكوردية والتركية والفارسية والألمانية حيث سافر إلى ألمانيا ردحا من الزمن .

عمل الكرخي في بداية حياته مع والده بالتجارة، وجرب الزراعة ولم يفلح بها، فلجأ إلى الصحافة والأدب، حيث يعد المؤرخون والمهتمون بالشأن العراقي الدواوين الشعرية التي وضعها الملا عبود الكرخي باللهجة العراقية الدارجة بمثابة موسوعة عراقية تؤرخ للثقافة العراقية السائدة في الزمن الذي عاش فيه الكرخي و لاحداث ومواقف وصور شعبية جميلة ، حتى أنه لقب بأمير الشعر الشعبي العراقي !
أما قصة (المجرشة) في لندن، فما زلت أتذكر التاريخ في مساء خريفي من شهر تشرين الثاني ( نوفمبر ) عام 1985، الثامنة مساء، وفي الطابق تحت الأرضي المخصص للعروض المسرحية في المركز الثقافي العراقي بشارع ( توتنهام كورت رود) كنت وصديقي الدكتور جاسم الشيخ نحضر دعوة كريمة من مدير المركز الأستاذ وجيه القيسي، متابعين العرض المدهش الذي قدمه الفنان يوسف العاني، الذي جسد شخصية الملا عبود الكرخي، واختار (المجرشة) للتجوال برحاب تلك الشخصية البغدادية الفذة !

كان يشاركه الأداء، في الغناء الذي يتطلبه العرض، الفنان الدكتور سعدي الحديثي الذي أطرب الحضور، وأبكاهم، وهو ينوح بأغنية المجرشة بصوته الشجي، تصاحبه معزوفات موسيقية رائعة أدتها إحدى الفنانات العراقيات ( لا يحضرني إسمها مع الأسف) مما أضفى على العرض لمسة جمالية تندر أن تتوفر لعمل يؤديه ثلاثة أنفار ويستغرق أكثر من ساعتين من الزمن !!
كانت أمسية عراقية تلبي حاجات نفسية ورغبات اجتماعية للمغتربين العراقيين والعرب في عاصمة الضباب، حيث إستحوذت (مجرشة) الكرخي التي جلبها يوسف العاني من بغداد إلى عرب لندن، على قلوب الحضور من الجالية العراقية والعربية وبعض المستشرقين الإنجليز حتى أن القاعة كانت تغص بالحاضرين وبعضهم لم يجد مكانا حتى خارج القاعة !!
وقد يكون هذا العمود قاصرا عن الإلمام بمسيرة الكرخي وعطائه الثر، إذ جسد بنضاله ووطنيته ومبدئيته النموذج العراقي الأصيل، ولم يكتف الكرخي بكونه صحفيا وأديبا وشاعراً بل إنضم إلى ثوار ثورة العشرين عام 1920م ضد الإحتلال البريطاني وكان من شعراء الثورة الشعبية، وقاد مظاهرات صاخبة بنفسه من جامع الحيدر خانة بقلب بغداد، واصدر العديد من الصحف، مناصبا العداء للإنجليز، وقد فرضت السلطات عليه الإقامة الجبرية عام 1940، ولكنه أصيب بإنفجار الدماغ وتوفي عام 1946 مخلفا وراءه كما هائلا من التراث الشعبي الذي لابد وأن نعيد قراءته ودراسته وإستخلاص العبر والتجارب منه .
وللكرخي جولات وصولات فكاهية وساخرة، ولعل الوقت يسمح في مقال اخر نجول معه في صفحات اخرى ولكن بودّي الحديث عن قصيدته الشهيرة (( داوود اللمبجي )) ، فمن هو داوود اللمجي ؟ مطلوب مني جرعة زائدة من المغامرة حتى أتناول جانبا من ( الأدب المكشوف) للملا عبود الكرخي ...لا ادري ...اتركها للزمن ... والى لقاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير