الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوراق علمانية الحلقة (2)

أحمد فاضل المعموري
كاتب

2020 / 10 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تحديات المرحلة.. الدين والدولة
كيف ستعالج تحديات الدولة التي تلقى بظلالها على المجتمع، ليس من منظور ديني، باعتبار الدين هو ايمان وعقيدة، وإنما من منظور سياسي واقتصادي، واعتبارها صيرورة واقع وتمثل تحدي للبقاء او التلاشي، متماسكة محافظة على أركانها التي تشكلت فيها الولادة الحديثة بعد محنة الامبراطوريات والسلطنة والممالك . والانسان ذلك المخلوق الازلي الذي يبحث عن حدود تحميه من الظلم والجوع . أذا هي تحديات قديمة مستمرة، طالما بقى الانسان في خلوده الزمني وصراعه الوجودي، موضوع الدين ليس بجديد قبل خمسة الاف سنة كان موجود ومستمر بالوجود والحياة على ارض الرافدين، في سومر وبابل، وكانت قصص الدين جزء من حياة استمدت روحية الانسان القديم ، حتى نظمها القانون والاثار التاريخية خير شاهد .
أن كهنوتية الدين أصبحت تعكس عادات وتقليد رجال الدين، وليس أرادة الله في الحياة والوجود وعبادة الخالق، حيث تمثل هذه الارادات أفكار تتناقض مع رغبة وإرادة الفرد والمجتمع والتحرر من الكهنوت، وهي تعكس الرؤية الطقوسية فقط ، وقد لا تصل الى قناعة الضمير لدى الجميع في التعبير أو الى خالق واحد لا شريك له أو انكار الله الواحد الاحد، كما جاء في قوله تعالى (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ).(سورة الكهف /أية 29). وهي غير مستهجنة أو مرفوضة، عند الله بقوله تعالى (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي،..). (سورة البقرة/ أية 256). وهي أية صريحة في منع الاكراه الديني، وعبادة الإكراه، بل حتى سب الملحدين غير جائز وهو منهي عنه في القرآن وتركه لعقوبة الاخرة (وذروا الذين يلحدون في أسمائه ،..).(سورة الاعراف/الآية 180). ولا أحد عليه بسلطان، كما جاء بالكثير من الايات او الاحاديث.
أذا أراء وتفسيرات بعض الفقهاء لا تتوافق ولا تنسجم مع الكتاب، والله جاء بسور واضحة ونزلت لأغراض محددة لا يمكن تعميمها في كل زمان ومكان، لو قال قائل هي منسوخة في القرآن، فهذا محل اجتهاد مذهبي وفقهي . أذا نريد أن نخلص ان الدين منظومة قيم اخلاقية وروحية وعقائدية لا تقحم نفسها في كل أمر من أمور الحياة والانسان، حتى لا تنغلق هذه المسارات في وجه الانسان، ولا تنصدم مع الفكر البشري المتجدد أو تصور لغير المنظور، كخالق الحياة و الممات وبعدها نصل الى فكر الحادي أو فكر رافض للوجود الالهي ، بل الله اتاح الحرية الفكرية، حتى للملحدين دون تبعات او عقوبة. بل على العكس أكد على تركهم وعدم الاضرار بهم ، لأنه هو المجازي لهم في الحياة الاخرة .
عرفت ويكيبيديا الدولة على أنها مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي معين متفق عليه فيما بينهم يتولى شؤون الدولة. وتشرف الدولة على الانشطة السياسية واقتصادية والاجتماعية، والذي يهدف إلى تقدمها وازدهارها ، لا نريد أن نتوسع في هذا المفهوم كثيرا وهو مفهوم حديث نسبياً ومتعدد بعد انتهاء حروب العصور الوسطى وانتهاء الحروب الدينية في أوربا. والدولة هي شخص معنوي، وليس شخص طبيعي، يحس ويتألم ويغضب أو ينفعل، انما الدولة مؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية، تتعامل بالحقائق ولغة الارقام ومقدار الفائدة اليومية والسنوية التي تقدمها للمجتمع وفق بيانات واستطلاعات للرأي العام . والدولة لها مفهوم مختلف عن الدين، في النشأة والظهور. وعندما نتكلم عن الدولة نتكلم عن سلطة الزام لفرض الجزاء تمارسه ولا يتوفر في الدين. أما على مستوى السلطة، فأن الدولة تستمدها من الشعب وفق أرادة تحددها على ضوء واضعي الدستور، تحت أي صيغة كانت، ديمقراطية أو دكتاتورية. وهي حتما تختلف عن رسالة الدين .
أن الصراع قام بين رجال الدين ورجال الدولة (السلطة)، حتى في أوروبا، هناك صراع مفاهيم وفك الاشتباك بين هذه المفاهيم مستمر لوقت قريب. أذا تحديات المرحلة قائمة خاضعة لإرادة الشعب بعد الوصول الى عالم رقمي مفتوح على ثقافات ومجتمعات وشعوب وحضارات سابقة في الانتقال من أرادة رجال الدين الى أرادة دولة وسلطة شعب ،يحكمه القانون، بفكر جديد يحكمه الريادة. في ظل أزمات وتحديات كبيرة ، بقائها واستمرارها كحكومات مؤسساتية او تحولها الى حكومات هامشية على ضوء قدرتها على أدارة البلاد، وهي أكيد تخضع لحكم الناخبين وقوة الديمقراطية أو حكم النظام . أذا أن أداة تطور الدولة هو الفكر والريادة وهو عكس الدين الذي يبقى محصور بنصوص لا يمكن ان يترجم لغير الغاية والهدف الذي جاء من اجله . أن تصاعد حدة الكراهية والانقسام والاختلاف، ببلورة مفهوم الاسلام السياسي وتطلعه الى اقتحام الدولة بكافة اشكالها، بعد أن غادر أوروبا هذا الاقحام بالحروب الدينية والمذهبية والانقسام المتعدد للكنيسة لغرض الاصلاح الديني والمجتمعي، ولكنها فشلت في الحد من تأثير النزعة الجديدة للثقافة الغربية للإسلاميين والسبب تنامي وزيادة التطرف في ظل الحريات الكبيرة ،المقدمة للمهاجرين في الغرب وأروربا حتى اصبحت بعض دول العالم توصف بدول متطرفة. وظهور الاسلاموية بشكل لافت كنزعة متشددة لمواجهة قيم المدنية التي ارستها الجمهورية الفرنسية، والثورة الفرنسية، وقيمها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان. على الرغم من أن علمنة الجمهورية مرت بمراحل حتى سنة 1905 عندما شرع قانون الفصل بين الدين والدولة، ولكنها لم تستطع أن تعالج قضايا حساسة منها، الحجاب الذي كان احد ادوات مس الحريات، عندما فرضت قانون يمنع الحجاب في المؤسسة التعليمية، وهو لا يمس جوهر الدين، وإنما يمس قيم الجمهورية ، وهي تصدعات في جسد العلمنة الغير مدروسة لمواجهة التشدد والاستفادة من هذه الحالات في مواجهة التطرف مستقبلا .عندما مارست سياسات دعم التشدد في دول معينة كجزء من سياسات خارجية، وهي تعيش حالة ازدواجية المعايير في الداخل والخارج وصناعة القرار السياسي، الذي يؤثر على الحالة الاجتماعية والحياة العامة .
نخلص الى أننا على اعتاب مرحلة مفصلية في التعامل بحذر وعلينا خلق فلسفة جديدة تتلأم وطبيعة المجتمعات المتعددة وثقافتها واختلاف العقائد والاطر الايمانية لديها، وفق تنظير قانوني وسياسي، يخدم الحياة العامة ويحافظ على مكانة واستمرارية الدول في نهجها الذي تسير عليه، ووفق أرادة الشعوب بمعزل عن رجال الدين، كمتصديين للشأن الاجتماعي بدون قيود او قوانين تحدد ما مسموح به أو غير المسموح، في ظل العقد الاجتماعي، الذي حدد السلطات وصلاحياتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال