الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات على ملاحظات السيد رائد فهمي

فلاح علوان

2020 / 10 / 23
الادارة و الاقتصاد


نشر السيد رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي مقالا بعنوان:
ملاحظات بشأن قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، على موقع الحوار المتمدن والموجود على الرابط:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=694867
تبدأ الملاحظات على النحو التالي:
"وتتمثل المبررات الأساسية التي تساق لمثل هذه الشراكات في معالجة عجز الموازنات العامة عن تمويل مشاريع البنى التحتية التي يحتاجها البلد، ورفع كفاءة التنفيذ، واجتذاب رؤوس الاموال الخاصة العراقية والاجنبية لتمويل عملية البناء والاعمار والجهد التنموي." انتهى الاقتباس.
هذه ليست ملاحظة، إنها تكرار لذرائع الاقتصاديين الحكوميين، وحين تسمى تبريرات وتذكر بالتفصيل، وتذكر الدوافع "الاقتصادية" وراءها يعني إن الكاتب متوافق مع المشروع عموماً، ومتوافق مع السياسة المشار اليها، ويعتبرها ضرورة إقتصادية. فهو يتطوع لتذكيرنا "بالبنى التحتية التي يحتاجها البلد ورفع كفاءة التنفيذ، وإجتذاب رؤوس الأموال الخاصة العراقية والأجنبية لتمويل عملية الإعمار".
ثم يورد المقطع التالي:
"وتعتبر الصين من أكثر بلدان العالم استخداما لمثل هذه الشراكات. فمبادرة الحزام والطريق التي ترعاها الصين، تقوم اساسا على تنفيذ مشاريع بنى تحتية بمشاركات بين الدول المعنية وشركات صينية من خلال عقود PPP (public private partnership)، أي عقود شراكة بين الدولة أو القطاع العام والشركات الخاصة."
هذا المقطع هو دعاية واضحة لتبني مشروع قانون الشراكة والدفاع عنه. فحين يذكر الكاتب نموذج الدولة الأنجح في مجال الاستثمار والتصدير، فهو يعني إن قانون الشراكة سيجعل العراق مثل الصين التي إستخدمت، بل هي الأكثر إستخداماً كما يقول الكاتب لهذه الشراكات. وهذه دعوة صريحة للمضي بقانون الشراكة، بل هي دعاية مجانية للمشروع، وبإسم الحشع. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة. فالصين تستخدم الشراكات في مشاريع وإستثمارات عالمية تخص السوق العالمية، سواء على أرض الصين أو خارجها، وتلعب الشركات الصينية المدعومة من الحكومة، دور القائد والموجه والمسيطر في هذه الشراكات. كما إن الصين لم تسلّم القطاع العام والمنشآت القائمة في شراكات وهمية كما يجري في العراق. في العراق ليس ثمة شراكة بالمعنى الصيني، ولا بأي معنى، هناك شراكة مع " رأسماليين وطنيين" بلا رأسمال ولا مصانع ولا أرصدة ولا حتى قطعة أرض، إنهم جزء من مافيات إستولت على المال العام خلال سنوات، وهم بصدد التحول الى رأسماليين رسميين عبر القانون الجديد. إن أي تساهل أو تهاون أو تبرير لهذه العملية يعني المشاركة المباشرة فيها.
إن عقود المشاركة ليست جديدة، وقد جرى تمريرها في العديد من الشركات الكبيرة التي جرى نهبها وتقويضها، والتهيؤ لتصفيتها والاستيلاء عليها كونها شركات خاسرة، وتباع بسعر السكراب، أي الخردة. والأمثلة عديدة على هذه الممارسات في العراق، كل ما هو جديد في الأمر، هو تحويل هذه الممارسة المافيوية الفاسدة الى قانون.
ثم في مقطع آخر يدلنا السيد رائد فهمي على متطلبات "نجاح" هذه العملية، يقول:
"إن الدراسات التي تناولت تحليل آثار ونتائج عقود الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، شخصت عدة عوامل ومتطلبات تحدد درجة توفرها لدى الدول ، وبشكل خاص النامية ، قدرة هذه الدول على إدارة وتنفيذ العقود المذكورة بنجاح. ويأتي في مقدمة العوامل وجود اطر قانونية وتنظيمية ومؤسسية مناسبة، تضع الضوابط اللازمة في العقود، ولإدارة ومراقبة تنفيذ مشاريع الامتيازات ((concession projects التي يتم تنفيذها بعقود الشراكة، إضافة إلى توفر البيئة الاستثمارية المؤاتية، والمقصود بها بيئة الأعمال والبيئة السياسية والاجتماعية ومدى توفر التسهيلات المالية لتمويل البنى التحتية."
ولكن ماذا عن عشرات الدول في أمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية وآسيا وأفريقيا التي جرت فيها إعادة الهيكلة وتسليم المشاريع الى القطاع الخاص، ثم تحول الملايين فيها الى عاطلين عن العمل والى متسولين أو مرضى أو قطاع طرق أو مدمنين؟ وبالمناسبة هذه الوقائع يعترف بها مسؤولو صندوق النقد الدولي وليس قادة الاحزاب الإشتراكية. لماذا يقوم السيد رائد فهمي بنبش تبريرات يصوغها بشكل ضبابي لتمرير تأييده للمشروع بصورة ناقد له؟
ثم يستدرك بعد كل تلك الوعود بالرخاء وتطوير البنى التحتية: "وتشير تجارب عقود المشاركة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية، الى أن أكثر من خمسين بالمائة منها اعيد النظر فيها وخضعت لإعادة تفاوض بسبب تعقيدها."
تعقيدها؟ اليست هذه عبارة للتضليل ولتبرير عمليات نهب الممتلكات العامة وفداحة موضوع الشراكة وهيكلة الشركات والاستيلاء عليها؟
إن الشراكات لم تجرِ اعادة النظر فيها، بل تم تحويل الأصول الى ممتلكات خاصة وترصيدها عبر عمليات غسيل الأموال، في البنوك العالمية وإفتتاح المولات التي يجري عبرها غيل الأموال.
وكأن السيد رائد فهمي يحس بأنه لم يكن يقول الحقيقة؛ وإن الحديث الموارب عن أخطر مشروع لن يمر بسلام وبساطة، يختتم كلامه بالقول: "كذلك يمكن أن تستخدم عقود الشراكة لهدر الممتلكات والأصول العامة للدولة، أو تسخيرها لخدمة القطاع الخاص المحلي والخارجي وفق شروط غير ملائمة للدولة والقطاع العام."
يمكن!!؟ ولكن ماذا عن عشرات عمليات الاحتيال والنهب التي جرت؟ وما هي الشروط غير الملائمة للدولة؟ وبالاحرى ما هي الدولة الحالية من الناحية الاقتصادية سوى المافيات وممثلي المافيات و"الرؤوس" التي إستولت على المليارات واستولت على المشاريع والمصانع والشركات الكبيرة؟
إن السيد رائد فهمي لا يستطيع أن يتحدث خارج إطار النظام السياسي أو يعارض السياسة الاقتصادية للنظام، ولا يستطيع في نفس الوقت أن يعلن صراحة أن لا علاقة له بالإشتراكية كونه سكرتير حزب شيوعي، وهناك الالاف من الاعضاء الشيوعيين يريدون موقفاً إشتراكياً. فكانت هذه التوليفة من العبارات والجمل، ولكن لا مجال للـوقوف في المنتصف هنا قطعاً، فالبرجوازية تعرف ما تريد، وحساسيتها عالية جداً تجاه أي جملة أو كلمة تستهدف مصالحها وسياستها. وإن أي مساومة أو تراخي يعني الوقوف في جانب مشروع البرجوازية الذي تمثله قرارات وقوانين السلطة الحالية، وهذه المقالة تعبر عن موقف موالي تماماً لقرارات السلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائد فهمي وشيوعيته النيوليبرالية!
طلال الربيعي ( 2020 / 10 / 23 - 20:22 )
الرفيق العزيز فلاح علوان!
شكرا على مقالتك!
للأسف, الصديق العزيز رائد فهمي لا يعاني فقط من قلق برجوازي صغير يجعله يتعثر في عباراته التي تنقض شيوعيته وتفضح تحيزه الى السلطة النيبوليبرالية الحاكمة, إلا انه أيضا غير مطلع حتى على البحوث الأكاديمية التي تؤكد إن النجاحات الاقتصادية في الصين ستكون اكبر في حالة الرجوع الى سياسات ماو تيسونغ وسياساته المتشددة بخصوص الاقتصاد الجماعي وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج, حيث تستنتج الدراسة:
-ان الصين يمكن أن تنمو بسرعة أكبر بحلول عام 2036 إذا تم تطبيق سياسات الرئيس ماو مرة أخرى-
A new economic study says China could grow more quickly by 2036 if Chairman Maos policies were brought back
يتبع


2 - رائد فهمي وشيوعيته النيوليبرالية!
طلال الربيعي ( 2020 / 10 / 23 - 20:22 )
تذكر المقالة
In a paper, the four economists — from the Federal Reserve Bank of Dallas, Princeton, Yale and Sciences Po in Paris — have examined productivity and growth rates in China at the height of the Maoist period and extrapolated those to predict how the country would grow between now and 2050 had it returned to those policies.

What if Mao still ran China?
https://www.ft.com/content/9d25d432-3be1-11e5-bbd1-b37bc06f590c#axzz3iJa413Ex
والمقالة منشورة في صحيفة
Financial Times
وهي صحيفة رأسمالية حتى النخاع ولا يمكن اتهامها بالتحيز للشيوعية بأية حال.
مع وافر مودتي واحترامي


3 - مداخلة أغنت الموضوع كثيرا
فلاح علوان ( 2020 / 10 / 23 - 23:35 )
رفيقي العزيز الدكتور طلال الربيعي
شكرا لمداخلتك، وتعليقك الوافي الذي أغنى النص كثيراَ وأحالنا الى أهمية توسيع نقد السياسة النيوليبرالية من أكثر من جانب.
تقبل تحياتي

اخر الافلام

.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو


.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج




.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة




.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا