الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يتحول الداعية الإسلامي إلى داعية إلى العلمانية؟

ضياء الشكرجي

2020 / 10 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كيف يتحول الداعية الإسلامي إلى داعية إلى العلمانية
أرسل إلي زميل لي في مشروع «تجمع دولة المواطنة»، وهو إعلامي، وعضو في لجنة الإعلام لمشروع التجمع، منشورا لشخصية عراقية، وهو من المثقفين الماركسيين المستقلين، وهو ناقد للحزب الشيوعي وينفي عنه علمانيته بل يعتبره «حزبا مدنيا وطنيا في أحسن الحالات».
المنشور يتناولني، كما يتناول الإعلامي الناجح سعدون محسن ضمد، بالنقد، وليس هناك من شخص محصن أو من فكرة محصنة من النقد. لكن نقده لم يكن موضوعيا، ولاحتمال وقوعه في دائرة التسقيط السياسي، ليس بالضرورة من حيث الدافع، بل ربما من حيث النتيجة، وذلك ليس لشخصي بشكل خاص، بل لعله لمشروع تجمع دولة المواطنة، والذي أنا أحرص عليه من حرصي على شخص ضياء الشكرجي. وهنا لا بد من القول إن التسقيط كدافع للكاتب، فهذا ما لا أستطيع أن أبت فيه، وأما من حيث النتيجة، فإني لا أحتمل أن تؤدي مثل هذه المقالات إلى تسقيط مشروع رائد كمشروع تجمع دولة المواطنة.
لن أتناول كل ما جاء في المنشور المشار إليه تحت عنوان «الحوار الكاذب بين العلمانية والدين»، بل سأتناول المقطع الذي أجد أهمية في تناوله. وقبل هذا أود أن أشير بأني لم أكن لأرد على المنشور، وإنما جاء ذلك، لكونه يمس مشروعنا الذي يمهد لتأسيس كيان سياسي علماني ديمقراطي ليبرالي يعتمد المواطنة والعدالة الاجتماعية، اخترنا له اسم تجمع دولة المواطنة.
المقطع الذي أود الاقتصار على مناقشته بإيجاز هو الآتي
«لماذا يقبل (علماني) مثلي، ولنقل علماني فطري مثل نوري السعيد، عاش حياته بلا إسراف في هذه أو تلك، أن يقبل بعضو سابق في حزب الدعوة مثل ضياء الشكرجي أو رجل دين ومعمم سابق، مع احترامي الشديد وحبي له، مثل سعدون محسن ضمد، بأن يبيّضوا ما فعلته (الأحزاب الدينية) بدعوى الحوار بين العلمانية والدين.»
أترك الدفاع عن الصديق الإعلامي المبدع والمحبوب سعدون محسن ضمد له، إذا أراد أن يرد، ولا أظنه سيهتم بذلك. لكني أقول من أين جاء هذا المثقف الناشط المعروف بأني أقوم بـ «تبييض ما فعلته (الأحزاب الدينية) بدعوى الحوار بين العلمانية والدين»؟ فلست أنا الذي يقدم برنامج الحوار بين العلمانية والدين على العراقية، بل هو إعلامينا الراقي سعدون محسن ضمد، وهو بالتأكيد ليس بصدد تبييض أحزاب الإسلام السياسي، بل بالعكس بصدد دحض دعواها أن العلمانية كفر وإلحاد. أما بالنسبة لي، فهل إدانتي لأحزاب الإسلام السياسي الشيعية منذ 2006 حتى يومنا هذا، هو تبييض لها؟ وأنا الذي لم أدع مناسبة إلا وبينت مدى مسؤوليتها عن تدمير للعراق، الذي طالما وصفته بالجريمة التاريخية العظمى، كما وبينت في كل فرص أوتيت لي طوال الأربعة عشر عاما الماضية تناقضها مع مبادئ الديمقراطية، وسرقتها للمال العام، وأخيرا مشاركتها في قتل ثوار تشرين.
ثم عن أي عضوية لي في حزب الدعوة يتكلم صاحب المنشور؟ فهل تركت يا ترى الآن أو عن وقت قريب هذا الحزب، الذي هو من أسوأ أحزاب الطبقة السياسية لما بعد 2003 حتى تجري الإشارة إلى ذلك؟ وأنا الذي كنت قد بدأت رحلة افتراقي عن الحزب فكريا وسياسيا منذ 1993، ذلك بدعوتي إلى الديمقراطية غير المشروطة حتى بشرط الإسلام، ونقدي ورفضي لمبدأ ولاية الفقيه، ثم واصلت افتراقي عن هذا الحزب فكريا وسياسيا بدرجة أكبر في أول تجربة برلمانية إبان الجمعية الوطنية للمرحلة الانتقالية وكتابة الدستور، حيث كنت متقاطعا معه ومع كل الأحزاب الشيعسلاموية. صحيح لم أتوج هذا الافتراق وأعلنه رسميا إلا في مطلع 2006، عندما نشرت استقالتي، ثم كتبت حلقات تحت عنوان «قصتي مع الدعوة منذ انتمائي حتى استقالتي». ونحن اليوم أيها الكاتب المحترم في عام 2020، فلماذا يتذكر البعض الآن ويذكّر غيره بأني كنت عضوا في حزب الدعوة؟ قد يكون ذلك من البعض، وحتما ليس من الكل، من أجل تسقيط مشروع تجمع دولة المواطنة، لاقترانه باسمي، كوني أنا من أطلق المشروع ابتداءً، وذلك بعدما بدأوا يرون بشائر نجاحه.
وأخيرا أحب أن أذكر بعبارة كتبتها على غلاف كتابي «ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي» الصادر عام 2013، وهي «بالتأكيد كنت أتمتع بقدر كاف من التخلف يؤهلني لأكون عضوا في حزب إسلامي»، لأنني أحسست بغربتي في أجواء هذا الحزب متأخرا.
ثم أحب أن أشير إلى أن هناك ظاهرة لدى الكثيرين لدينا، خاصة المتأدلجين، سواء كانوا إسلاميين أو يساريين أو غير ذلك، وهو إن الثبات هو الأصل عندهم والقاعدة، ولذا هم ضد كل الذين يحصل لديهم تحول فكري أو سياسي أو ديني، لأنهم صدفة في بداية الوقت الذي نبتت لحاهم فيه، اقتنعوا أن يكونوا علمانيين أو إسلاميين، قوميين أو يساريين، محافظين أو ليبراليين، ولم يحصل لديهم أي تحول، ومع فرض أنهم صدفة قد تبنوا الاتجاه الفكري أو السياسي الصحيح، مع إن صحة كل صحيح نسبية، وثبتوا عليه، لا يمكن اعتبار الثبات والجمود هو الأصل، والتحول مدانا أو بدوافع مصالح ذاتية كما يتهمون المتحولين، وكأن الثبات عندهم مكرمة والتحول منقصة، ولا أعني بهذا كاتب المنشور، لكنه لا يبعد أن يكون بدرجة أو أخرى من هذا النوع.
وملاحظة أخيرة، ألا هي إن من يفترض به أنه يتبنى فكرا علمانيا أو تقدميا، ألا يلجأ إلى أسلوب التسقيط لدعاة الدولة العلمانية، أو لنقل الدولة المدنية، عندما يختلف معهم، وربما يكون بعض الاختلاف ليس إلا لحساسية شخصية، ويغفل عن إن هذا التسقيط لا يفرح له إلا من يناهضهم من قوى الطبقة السياسية التي دمرت العراق. فغدا، وعندما تفرض حتمية التاريخ قوانينها، وينتصر العلمانيون، يمكن أن يتنافسوا فيما بينهم، وينتقد بعضهم بعضا، وإلا فلي شخصيا الكثير من أسباب النقد لبعض أصدقائنا، والقوى السياسية الصديقة، التي أجد المشتركات بيننا، وحساسية المرحلة الراهنة، تضعني أما الواجب الأخلاقي بتجميد النقد حتى يحين حينه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم


.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي




.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟


.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني




.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح