الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مهمة الدولة تتجاوز التدابير الأمنية ...
مروان صباح
2020 / 10 / 23مواضيع وابحاث سياسية
/ من الواضح أن انفلات هذه الظواهر في السنوات الأخيرة يعود أسبابها إلى عناصر كثيرة ، وبغض النظر إذا كانت تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون دقيقة أو تحتاج إلى مراجعات عميقة ، لكن أن يتقدم بخطاب يائس من على أرصفة أمة كانت قد تكبدت ويلات الفاشية ما كفاها ولحكم مستبد طويل ، الذي من المفترض ، قد أكسب الجمهورية الفرنسية من تلك الحقب مناعة على غرار التطعيم ، إذن لا يمكن لعاقل إنكار عمق الأزمة بين المهاجرين والمواطنون في أوروبا ، وتحديداً في فرنسا التى تستوعب أعداد كبيرة ، فالمخلوق بادئ ذي بدء ، يحمل سيمتين ، الإرادة والحديث ، ولأن ايضاً المهاجرون عندما غادروا بلدانهم كانوا على يقين بأنهم سينخرطون في دول تأسست على معتقد علماني الذي أستطاع من خلاله تفسير الأشياء من خلال اللياقة الوجودية والسطوة المعرفية ، وبالتالي دأبت مثل هذه الدول في تكوين الإنسان المؤهل ، ابتداءً من معرفة نفسه وايضاً الآخر واستيعابه حتى يصبح مؤهل ، بهدف دمجه في المجتمع الجديد ، لكن ما حصل مع المهاجرين كان للأسف مغاير تماماً ، لأن باختصار تعامل المجتمع الفرنسي مع الوافدين بنظرة الحائط ، أي أنه أعترف بوجودهم وصنع علاقة مركبة التى أفضت بعدم التشابك معهم ، بل جعل الدولة تستقر على فاصل بين جانبين متقابلين ، لا ينتمي كل طرف للآخر ، إلا عند الحاجة ، وهذا سببه غياب رؤية إجتماعية متماسكة ، تفكر بالإفرازات الاجتماعية المختلفة ، بالطبع لأن الدولة اعتبرت من السهل فصل متى تشاء لما عقدته ، وهذا بالفعل ما واجهه المهاجر عندما أعتقد للوهلة الأولى أنه يفر من بلده اللاعلماني ليندمج في نظام علماني ، يمارس عقيدته الدينية بحرية وينخرط في مجتمع واحد ، وبالتالي المهاجر قبل هجرته كانت فرنسا تُعتبر بالنسبة له خيال ، لكن عدم وصل وجد نفسه ضمن معادلة الخيال المعتزل ، وايضاً بين الوجود والحرمان وبين الممكن الذي كان يعتبره في بلاده الأصلية ممكناً ، والمستحيل الذي يعززه الحائط إياه .
تعودت حكومات العالم أن تعالج الإرهاب الميداني بمقاومات أمنية ، بالرغم أنه أصوله فكرية ، وبالتالي تتعامى بقصد تام عن وضع حلول جوهرية نافعة ، في المقابل ، تتقدم المسألة الأمنية دائماً عن المسائل الاجتماعية والاقتصادية والعنصرية والتربوية والديمقراطية والتأهيل ، بل مربعات المهاجرين في الغرب تتشابه في البنيوية المعيشة للدول التى يتدفق منها المهاجر ، متروكة دائماً للمعالجات الأمنية ، فعندما تحصل عملية إرهابية ، ساعتئذ تتحرك القوى الأمنية للتعامل معها ، على الرغم أن الرئيس الفرنسي الأسبق جسكار ديستان كان قد أسس المجلس الأمن القومي لكن المجلس أخفق في دراسة الوقائع بشكل دقيق ، وبالتالي لم يقدم حلول مبكرة لكي يقلل من الحائط بين الطرفين ، بل ما يجري في فرنسا أقل ما يمكن توصيفه بالدولتين ، دولة المواطنين وأخرى للمهاجرين ، وهذا شاهده العالم في حادثة قطع الرأس للأستاذ التى عكست صحوة أمنية وليست فكرية ، فالإرهاب يحتاج إلى غرف عمليات من أجل معالجته بدقة عالية وليست كتلك الزيارات لعيادات الأطباء .
يحيلنا الواقع إلى اعتصار الليل لكي نحوله إلى أفكار مكتوبة بأحبار ، إذن لا بد لفرنسا وأوروبا عموماً ، البدء في دراسة أنواع المهاجرين ، هناك من يرغب بالاندماج الكامل ، وكثيرون الهجرة بالنسبة لهم مجرد فرصة عمل تمكنهم من تحويل الأموال لبلدانهم ، فالاندماج في واقع الأمر لا يشغل اهتماهم ولا حيز بسيط من تفكيرهم ، وبالتالي الاندماج يحتاج إلى مشروع واقعي وموسع يتناسب مع هذه الأعداد الكبيرة ، فالأغلبية المسلمة تعتبر فرنسا الوطن البديل ، لكن تجد صعوبة بالاندماج لأنها تشعر بالعنصرية وفقدان المجتمع الأصلي للفكر المنفتح ، بل تواجه على الدوام فكر يصنف الأجنبي على أنه مواطن يصعب عليه التواصل مع الآخر ، وبالتالي المهاجر عانى قبل هجرته من دعم الدول الكبرى للأنظمة الفاسدة ويعاني من إهمال المجتمع الجديد من تأهيله .
هناك مقولة سليمة ومنطقية وبسيطة ، للكتاب الفرنسي الشهير البير كامو ( لا يمكننا العيش مع الناس ونحن نعرف أفكارهم الخفية ونواياهم ) ، إذن ما يستحق التأمل به أكثر ، بل ممكن أو إحتمال أن الجريمة التى أرتكبت في باريس قد تكون قرصة أذن للحكومة الفرنسية لكي تعيد نظرتها في معالجة ملف الهجرة ، وأن لا ينظر فقط إليه من باب استيعاب الأيدي العاملة ، رخيصة الأجر التى يحتاجها ارباب العمل ، بل نذكر الفرنسيون لعل تذكيرنا يفيدهم ذلك ، عاصمة مثل القاهرة كانت قبل أربعة عقود تصنف بالعاصمة المنظمة ، لكن مع تدفق الأيدي العاملة من المحافظات إليها ، تحولت إلى أكبر تجمع للعشوائيات ، لأن باختصار التنظيم كان غائب عن خطط الحكومات السابقة ، وهذا جعلها مهددة على الدوام بالانقراض ، وباتوا أبناء العاصمة مقسمين إلى مقبول وغير مقبول . والسلام
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الإدارة الأميركية تبحث إنشاء قوات متعددة الجنسيات لحفظ السلا
.. شاهد| دوي اشتباكات عنيفة في محيط مستشفى الشفاء بغزة
.. بينهم 5 من حزب الله.. عشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على
.. بعد سقوط صواريخ من جنوب لبنان.. اندلاع حريق في غابة بالجليل
.. أميركا ترصد مكافأة 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن -القطة ا