الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شطيرة سمك التونة بالهريسة الحارة

عبد السلام الزغيبي

2020 / 10 / 24
الادب والفن


قلم/ عبد السلام الزغيبي

كانت الساعة تقترب من الثامنة مساء عندما دخلت إلى الأسواق القريبة من بيتي، كان الزحام شديداً، الكل يريد أن يلحق ويتسوق قبل الإقفال.
سبب ذهابي في هذه الساعة المتأخرة يكمن أن هذه الأسواق تبيع خبزاً صغيراً مناسب لإعداد شطيرة سمك التونة بالهريسة الليبية الحارة.
في داخل الأسواق اتجهت فوراً نحو رف الخبز٬ أخذت ثلاث خبزات صغيرة، ثم عرجت على زاوية بيع الخضروات والفاكهة باحثاً عن فلفل أحمر لإعداد الهريسة الليبية. وجدت سلسلة من الفلفل الصغير بألون

متمايزة: الأحمر والأصفر والأخضر، كتب عليها »فلفل« من دون الإشارة إلى درجة حرارته. بدأت أفتش حتى عثرت على كيس صغير مكتوب عليه "كافتيرو" بمعنى حار جداً، ثمة شك في داخلي حول نوع الفلفل،

فقررت الاستفهام من الفتاة العاملة في الأسواق، كانت مشغولة بترتيب الأشياء قبل ساعة الإغلاق، ومن الواضح أن ليس لديها متسعاً من الوقت للحديث أو الرد على أي سؤال في هذا الوقت العصيب، سألتها بكل

برودة أعصاب:
- هل هذا الفلفل حار جداً؟
إجابتي بنظرة غريبة، مع ابتسامة خفيفة:
- ربما، الكيس مكتوب عليه انه حار سيدي.
- لكني لست متأكداً من شدة حرارته، أريد ان اصنع من هذا الفلفل هريسة ليبية.
- لا أعرف ما هي الهريسة، لكن هناك في الصف الخلفي أنواع من الشطة الحارة، يمكنك تجربتها.
- تلك الشطة جربتها من قبل ولا تناسبني، أريد أن أخلط هذا الفلفل مع الثوم والكمون، واصنع منه الهريسة٬ لو تجربيها مع شطيرة سمك التونة لن تتركيها مرة أخرى.
وسط دهشتها واصلت الحديث٬ قائلاً:
- هل سمعتي يوما ما ة بشخص اسمه، بوذراع، أو البرقاوي، أو العلواني" انهم يصنعون أشهى شطيرة سمك التونة بالهريسة في مدينتي بنغازي.
- آسف سيدي٬ أنا الآن مشغولة وعليّ أن أنهي عملي بسرعة وأغادر المكان، بصراحة لا أعرف هؤلاء الأشخاص الذين ذكرتهم.
- أنا كذلك على عجلة من أمري للخروج من هنا، والذهاب إلى البيت، وإعداد هذه الخلطة العجيبة، لوحدي، حتى لا اضطر للمبيت الليلة من دون عشاء.
واصلت الحديث من دون توقف٬ غير مكترث لانشغالها في ترتيب البضاعة٬ وأضفت:
- هل تعرفين أن هذه المادة التي سوف أعدها الليلة، عندما يتم إضافتها إلى شريحة التونة مصحوبة بزجاجة مشروب »كوكا كولا« ستكون لذيذة للغاية؟
يبدو إنها استسلمت للأمر وقالت في نفسها »لا مفر من الاصغاء حتى النهاية لحكايات هذا الرجل، وبهذه الطريقة يمضي الوقت سريعاً حتى نهاية العمل المكلفة به٬ اجابت:
- سيدي٬ أقدر موقفك، واتمنى لك ليلة سعيدة ووجبة شهية، لكن لا يمكنني أن أساعدك أكثر من ذلك، وأود أن اذكرك أن هناك طابور طويل ينتظرك للخروج من هنا٬عليك اللحاق به، وفي مرة مقبلة ستكون آذاني

صاغية لك ولحكاياتك المشوقة وطعامك العجيب.. طبت مساء.
- آنستي المحترمة اعذريني على الاطالة٬ أشكرك على سعة صدرك وصبرك.
تركتها تتابع عملها، وغادرت المكان وفي يدي الكيس الصغير الذي يحوي كمية بسيطة من الفلفل الحار، وما زال لدي متسعاً من الوقت للحديث عن شطيرة سمك التونة بالهريسة الليبية الحارة.. مع عاملة الأسواق اللطيفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الله غالب
ساسين ( 2020 / 10 / 24 - 23:04 )
صحتين ، و كان الله في عون البائعة و في عون الموقع و كتّاب الموقع و قراء الموقع . في ليبيا يقولون : الله غالب .
يلا سأطبق على نفسي عقوبة ثلاثة أيام منع من التعليق


2 - قصة قصيرة
عبد العزيز سيد علي ( 2020 / 10 / 25 - 19:55 )
لماذا الإستخاف بهذا النص القصير ...انه نص يتصمن كل عناصر القصة القصيرة المشوقة...وما هي القصة القصيرة إن لم يكن هذا النص من جنسها

اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-