الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم -محاكمة شيكاغو 7 - يحذر من خطر الجمهوريين على الديمقراطية في الولايات المتحدة

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2020 / 10 / 25
الادب والفن


كل اللحظات الكبرى في تاريخ البشرية خلقتها ثورات ، لكنْ لم تتمخض عن كل الثورات لحظاتٌ كبرى، وأغلب الثورات لم تكنْ عفوية ، إذ منها ما كان حصيلة تخطيط ويستند إلى نظرية ، إنها ثورات أفراد ضد جماعات وثورات جماعات ضد مجتمعات وثورات مجتمعات ضد أقليات ، مستضعَفين ضد طغاة ، حدث هذا منذ غابر الأزمان وما يزال يتكرر اليوم في أزمنة وأمكنة غير متشابهة وتكاد تكون متناقضة ، منها ما كان فاتحة تاريخ جديد ، وفي عصرنا الحديث ، أصبح عام 1968 مرادفاً لأكبر حركة احتجاج عالمية في القرن العشرين ، سواء في سان فرانسيسكو أو باريس أو طوكيو أو ساو باولو أو الجزائر أو برلين أو لندن . حين أحتج الشباب حول العالم على الهياكل الاجتماعية السائدة والظلم . وتضمنت احتجاجات عام 1968 تصعيدًا عالميًا للنزاعات الاجتماعية التي تميزت في الغالب بالتمردات الشعبية ضد السلطات العسكرية والبيروقراطية، واستجابة لازدياد القمع السياسي . وقد شكلت هذه الاحتجاجات نقطة تحول لحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة ، إذ أنتجت حركات ثورية مثل حركة " الفهود السود ". وهذه الاحتجاجات أثارت حركة معارضة واسعة لحرب فيتنام في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكذلك في لندن وباريس وبرلين وروما. ونمت الحركات الاشتراكية الجماهيرية ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن أيضًا في معظم البلدان الأوروبية. حظيت فرنسا بأبرز مظاهر هذه المظاهرات الاحتجاجية المندلعة عام 1968، إذ بدأت بمشاركة الطلبة و الشباب ثم تحولت الى إضرابات كبيرة وصلت مشاركتها إلى عشرة ملايين عامل . ومع تزايد المشاركة الأمريكية في فيتنام في أوائل الستينيات ، ومع تصاعد الحرب و تصاعد عدد الجنود القتلى والجرحى من القوات الامريكية ، نمت المعارضة لحرب فيتنام بين صفوف الشباب والفنانين ومثقفوا اليسار في غضون بضعة أسابيع ، أصبحت تلك المعارضة حركة هائلة ، حيث جذبت الاحتجاجات مئات الآلاف من الأمريكيين الى الشوارع ، من مثقفين وفنانيين و يساريين وطلاب وعمال ، وهذه الانتفاضة لم ترحل في صمت ، بل تركت ندباتها في المجتمع على شكل استحداث حالات ثقافية في الموسيقى والملابس والسينما ومصطلحات مختلفة تسللت إلى جسد المجتمع . وكأن كل حالة تيارية تبدأ سياسية وذات طموح مثالي لتغيير العالم، ثم تنتهي كحالة ثقافية سواء كموسيقى أو ثورة في الاسلوب الفني أوالسينمائي .
فيلم ( محاكمة شيكاغو السبعة ) يتناول تلك الحقبة بعد أكثر من 50 عاما ، الفيلم من كتابة و أخراج ( أروين سوركين) ، والذي بدأ عرضه في الشهر الماضي ( 16 سبتمبر من عام 2020 ) ، الذي كتبه سوركين قبل 14 عاما واتفق مع المخرج (ستيفن سبيلبرغ) في تنفيذ الفيلم ولكن لم ينفذ ، واراد إخراجه الى النور قبل انتخاب الرئيس الامريكي في عام 2016 وفشل في ذالك ، لذا جاء توقيت انتاج الفيلم في هذه الفترة وقبل الانتخابات الامريكية ليس عفويا أو بريئاً!، و ربما أراد الكاتب والمخرج أن يحذر من خطر الجمهوريين على الديمقراطية في الولايات المتحدة .
يبدأ الفيلم بخطاب الرئيس نيكسون خلال حرب فيتنام وهو يدعوا الى زيادة عدد المجندين ، و يدعو ا الى التجنيد الاجباري . في مشهد الافتتاح ، يظهر الرئيس الامريكي ليدون جونسن وهو يعلن:" أصدرت اليوم ألاوامر بأن نرسل الى فيتنام كتيبة النقل الجوي وقوات أخرى معينة مما سيرفع قوتنا القتالية ، من 75 الف جندي الى 125 ألف جندي وعلى الفور ، هذا سيجعل من الضروري تعزيز قواتنا القتالية برفع الاستدعاء الشهري للتجنيد من 17 ألف الى 35 ألف جندي)، ثم تمرُ لقطات سريعة تكشف لحظة مضطربة من تاريخ أمريكا شديدة الانقسام، وعندما كانت حرب فيتنام مستعرة ، وتكاثرت الاغتيالات السياسية ، وانتشار العنصرية وكانت البلاد ممزقة بسبب الاختلافات الفلسفية العميقة بين اليسار واليمين ، ثم تتوالى صور "مارتن لوثر كنغ " وقد ازدادت أعمال العنف في كافة أنحاء الولايات المتحدة نتيجة اغتياله في الرابع من أبريل/نيسان عام 1968 ، ثم صور للسيناتور الأمريكي روبرت فرانسيس بوبي كينيدي - شقيق الرئيس الأمريكي جون فيتزجيرالد جاك كينيدي الذي تم اغتياله هو الآخر من قبل - بعد منتصف الليل بقليل في 5 يونيو /حزيران 1968، في لوس أنجلوس خلال فترة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لعام 1968 عقب فوزه في المرحلة الأولى في كاليفورنيا وداكوتا الجنوبية وكان مرشح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية . مجموعة من الشباب اليساري و من منظمة (أس.دي .أٍس ) وأخرين من الرافضين للحرب على فيتنام يخططون لرحلتهم من أجل تلك المظاهرات أو الاحتجاجات السلمية ضد حرب فيتنام وخلال المؤتمر الوطني الديمقراطي ، كانت القضية المطروحة في هذا الفيلم المثير للاهتمام واحدة من الشواغل الوطنية الكبيرة . إنه عام 1968 والولايات المتحدة متورطة في حرب فيتنام التي لا تحظى بشعبية . ولذا قررت مجموعات من المناهضين للحرب ، بسبب الخسارة غير المعقولة في الأرواح الأمريكية والفيتنامية ، وتنظيم احتجاج سلمي على ضوء المؤتمر الوطني الديمقراطي لعام 1968. لكن عندما رافقت تلك الاحتجاج عن غير قصد أعمال شغب وحرق وتدمير، وبتدبير من رجال وكالة المخابرات الامريكية المندسين مع المحتجين ، قررت حكومة نيكسون المنتخبة حديثًا أن تعتقل سبعة رجال من القيادين لتلك المظاهرات لقمع المعارضة المتزايدة وإسكات أصوات المحتجين . حيث قامت الشرطة بأعتقال كلاً من : توم هايدن ويقوم بدوره الممثل (إيدي ريدماين) ، ريني ديفيس (أليكس شارب) ، آبي هوفمان (ساشا بارون كوهين) ، جيري روبين (جيريمي سترونج) ، ديفيد ديلينجر (جون كارول لينش) ، لي وينر (نوح روبينز) ، جون فروينز (داني فلاهيرتي). وانضم إليهم بوبي سيل ويقوم بإداء دوره الممثل الامريكي(يحيى عبد المتين الثاني) ، الذي لم يكن له علاقة بالاحتجاجات وكان متواجداً في شيكاغو لمدة أربع ساعات فقط في اليوم المعني ، ووجهت إليهم دعوى جنائية لإثبات أنهم شرعوا في خطة للتحريض على العنف ضد الشرطة . كانت محاكمة شيكاغو 7 ، التي بدأت في 24 سبتمبر 1969 واستمرت لما يقرب من ستة أشهر، واحدة من الأحداث المميزة في الستينيات ، المدعي العام الأمريكي في عهد نيكسون القاضي يوليوس هوفمان (فرانك لانجيلا) هو من استلم ملف المحاكمة ، وتم توجيه التهمة الى ناشطين بارزين مناهضين للحرب وكانت الاتهام بالتآمرو التحريض على أعمال الشغب التي وقعت خارج المؤتمر الوطني الديمقراطي لعام 1968 - وحدثت خلال فترة متوترة للغاية في التاريخ الأمريكي ، مع قرار الرئيس ليندون جونسون عدم الترشح لإعادة انتخابه ، وكان الحزب الديمقراطي يحاول اختيار مرشح جديد في المؤتمر. لكن العديد من الناشطين طالبوا بأن يكون هذا المرشح مناهضًا للحرب - واحتجوا على المؤتمر في شيكاغو لإيصال أصواتهم ، وسرعان ما تحولت تلك المظاهرات التي تلت ذلك إلى أعمال عنف - وتم لاحقًا إلقاء اللوم على ثمانية من قادة الاحتجاج النشطاء . كانت المحاكمة التي رأسها القاضي يوليوس هوفمان موضع سخرية من المدعى عليهم بشكل روتيني . مثلا في إحد المشاهد ، إرتدى كلاً من " جيري روبين" و"آبي هوفمان" أردية قضائية أمام المحكمة ، مما دفع القاضي هوفمان إلى إصدار أمر بإزالتهما . خلعوهما فقط ليكشفوا تحته زي شرطة شيكاغو ، وفي المحكمة أيضاً نكتشف الشهود ضد المحتجين عناصر تعمل في أجهزة المخابرات المركزية ، إذ نشاهد كيف اخترقتهم الاستخبارات الأميركيّة بأطيافها المتعددة من أجل التلاعب بهم، وفي ذات الوقت جمع الأدلة ضدهم ، وتحويلهم إلى كبش فداء سياسي .
استدعى ريتشارد شولتز ويقوم بدوره الممثل (جوزيف جوردون ليفيت) وتوماس فوران (جي سي ماكنزي) ، المدعين العامين في الخمسينيات من القرن الماضي الذين اختارهم للتعامل مع القضية ، إلى مكتبه ، وأخبرهم أن تحقيق وزارة العدل خلص إلى أن مظاهرات شيكاغو لا تنتهك أي قانون اتحادي. "كما علمنا لاحقًا ، ألقى التحقيق باللوم على الفوضى في الشوارع بشكل مباشر على قوة شرطة شيكاغو التابعة لرئيس البلدية ريتشارد دالي" . لكنه يريد إدانة المتهمين على أي حال! ، بعبارة أخرى: هذه محاكمة صورية أو كما قال أحد المتهمين وهو"آبي هوفمان " محاكمة سياسية ، ثم هناك بوبي سيل (يحيى عبد المتين الثاني) ، إنه الرئيس الوطني لحزب الفهود السود ، وقد جاء إلى شيكاغو أثناء المؤتمر لإلقاء خطاب ، ثم غادر بعد ساعات قليلة. أي إنه ليس جزءًا من شيكاغو 7 - (لم يكن له دور في تنظيم الاحتجاجات) ، لكن ألادعاء ألحقه بالقضية ، وخلال سير المحاكمة ظلً " بوب سيل " يواصل إعتراضه وسجاله مع القاضي هوفمان ، لأن محاميه موجود في المستشفى ، ويريد تأجيلًا - أو فرصة لحين خروج محاميه من المستشفى ، لكن القاضي المتعجرف ( هوفمان ) يرفض طلبه ويصرً على استمرار محاكمته ، القاضي يوليوس هوفمان (فرانك لانجيلا) ، وهو متنمر مغرور ومتعجرف يستخدم منصبه الرفيع لفرض آرائه العنصرية والمتعصبة . وتم تعينه لهذه المهمة بديلاً للمدعي العام المنتهية ولايته "رامزي كلارك" الذي يقوم بدوره الممثل المبدع (مايكل كيتون) واحلال القاضي غير الكفؤ جوليوس هوفمان (فرانك لانجيلا) بدلا منه . يحاول المحاميان ويليام كونستلر (مارك ريلانس) وليونارد وينغلاس (بن شينكمان) إيجاد أي مظهر من مظاهر العدالة لعملائهم فقط ليكتشفوا أنهم يتعرضون لمحاكمة صورية . ربما كانت عيوب القاضي هوفمان أكثر وضوحًا في تعامله العنصري وفيما يتعلق بالمدعى عليه بوبي سيل (يحيى عبد المتين الثاني) ، مؤسس حركة بلاك بانثر أو حركة (الفهود السود) الذي لم يكن له علاقة تذكر بالمتهمين الآخرين على الإطلاق. عندما أشار أي شخص في قاعة المحكمة إلى العرق ، شعر هوفمان بالقلق: "لا أعتقد أنه من المناسب أن يشير المحامي إلى عرق الشخص" ، كما أخبر كونستلر عندما لاحظ المحامي أن المتفرجين السود فقط هم الذين يتم طردهم من قاعة المحكمة ، في وقت مبكر ، رفض القاضي "هوفمان " السماح ل"بوبي سيل" إما بأن يكون له محاميه المفضل أو أن يمثل نفسه ، ثم حذره وأسكته عندما قال سيل إن حقوقه الدستورية قد انتهكت. وفي لحظة نفاذ صبره وفقدان أعصابه ، وصف "بوبي سيل " القاضي " هوفمان بأنه "كاذب عنصري وفاسد" ، على أثر ذالك تم سحب" بوب سيل " زعيم منظمة حركة الفهود السود خارج قاعة المحكمة بواسطة ستة حراس وعاد مقيدًا ومكمماً أنه منظرا صادماً واثار أستياء الكثير من الحاضرين في المحكمة . نُقل عن توم هايدن قوله في كتاب جون وينر "مؤامرة في الشوارع" وهو يصف حالة بوب سيل في تلك اللحظة : "كانت عيناه والأوردة في رقبته منتفخة مع إجهاد كبير في الحفاظ على أنفاسه". "بقدر ما كانت السلاسل والكمامة صادمة ، كانت محاولة إعادة قاعة المحكمة إلى الحياة الطبيعية أمرًا لا يصدق .
يصور الفيلم طلب شولتز من القاضي هوفمان بطلان محاكمة بوب سيل ، ورضخ القاضي وأُعلن أن محاكمة سيل كانت باطلة . لكنه أدين بـ 16 تهمة ازدراء المحكمة ، مما أدى إلى حكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات ، لكن التهم أسقطت لاحقًا . في المشهد الاخير ، وقبل اصدار الحكم تقدم احدهم بالقاء كلمة نيابة عن المتهمين الاخرين وأختير المثقف اليساري "توم هايدن" ، وأشترط القاضي عدم التطرق الى المواضيع السياسية واحترام المحكمة والاهم ان تكون الكلمة مختصرة ، يرفض توم هايدن (إيدي ريدماين) تلميح القاضي هوفمان بأنه سيحصل على عقوبة أخف إذا أظهر الندم ، وبدلاً من ذلك يبدأ في قراءة أسماء الآلاف من جنود حرب فيتنام الذين لقوا حتفهم منذ بدء المحاكمة . بينما كان المتهمون يقرأون أسماء الجنود ، حدث ذلك في وقت سابق في المحاكمة: في 15 أكتوبر 1969 عندما احتفل الملايين من الأمريكيين في جميع أنحاء البلاد بيوم وقف فيتنام ،
في ذلك اليوم ، عندما حاول المتهمون وضع الأعلام الأمريكية والفيتنامية جنبًا إلى جنب على طاولة الدفاع ، طالب القاضي هوفمان بشكل غير مفاجئ بإنزالهم ، وبدأ " توم هايدن" بقراءة أسماء حوالي 5 آلاف جندي في فيتنام ، بعد أن وقف الجميع احتراما للذين سقطوا ضحية الحروب و الساسة مشعلوا الحرائق ، بعدها سادت الفوضى و سقطت سلطة القاضي، ثم يكتب توضيح لمصائر الابطال ، حيث حكم عليهم بالسجن 5 أعوام ( آبي هوفمان ، وتوم هايدن ، وديفيد دلينجر وجيري روبن ، و ريني ديفز) ، وتمت أدانتهم بالتحريض على أعمال الشغب والحكم عليهم بالسجن 5 أعوام في سجن فيدرالي، وقررت محكمة إستئناف السابعة إبطال الحكم وطلب محاكمة جديدة ، رفض النائب العام ل( الولايات المتحدة ) أعادة إجراء المحاكمة ، وجهت الى المحامي كانسلر 24 تهمة أزدراء للمحكمة ، وفي دراسة أستقصائية نصف سنوية جرت في شيكاغو ، 78 % من المحامين في شيكاغو قيموا أداء القاضي ( جوليوس هوفمان ) وأجمعوا على أنه غير مؤهل ، وأعتبر بوبي سيل متهما زوراً في جريمة قتل شرطي ، اما مصائر الابطال فقد توضحت في الخاتمة ، حيت أصبح جيري روبن سمسارأ في سوق البورصة ، وفي عام 1994 صدمته سيارة وقتلته عند تجاهله اشارة المرور قرب جامعة لوس أنجلس ، ألف "أبي هوفمان " كتابا حقق افضل المبيعات ، عنوانه ( أسرقوا هذا الكتاب) وقد انتحر عام 1989 ، أنتخب "توم هادين "عضوا في الهيئة التشريعية عام 1982 في كاليفورنيا ، وأعيد أنتخابه 6 مرات .
في الواقع ، كانت المحاكمة التي دارت على مدى خمسة أشهر ، أكثر وحشية من الفيلم الذي مدته 130 دقيقة ، حيث كانت مليئة بالردود اللاذعة ، يلعب الممثل"فرانك لانجيلا" دور القاضي يوليوس هوفمان لذي يترأس المحاكمات بصلابة قاسية يقابلها ، نوبات من النسيان . في وقت المحاكمة ، كان هوفمان يبلغ من العمر 74 عامًا وقد اكتسب سمعة بأنه غريب الأطوار: في كتاب جوزيف جولدن عام 1974 عن القضاة الفيدراليين ، وصف بأنه متهور ووقح ، يشير الفيلم إلى أن القاضي هوفمان كان متحيزًا بشدة تجاه حكومة الولايات المتحدة ، ويبدو أن محاضر المحكمة تؤكد ذلك . في اليوم الأول للمحاكمة ، أصدر هوفمان مذكرات توقيف بحق أربعة محامين دفاع كانوا قد عملوا على طلبات الدفاع قبل المحاكمة ولكنهم انسحبوا من القضية منذ ذلك الحين ، لم يسحب الأمر إلا بعد عاصفة نارية من المجتمع القانوني ، خلال المحاكمة رفض السماح لهيئة المحلفين برؤية العديد من الأدلة الرئيسية التي من شأنها أن تساعد المتهمين ، بما في ذلك وثيقة كتب فيها توم هايدن وقائع مهمة. هذا فيلم يتناول الماضي والحاضر و يرسم مسارًا على الأرضية المشتركة بينهم ، في مرحلة ما أثناء المحاكمة ويكشف انحياز القاضي هوفمان الى السلطة وانكشف اكثر عندما رفض تدوين شهادة المدعي العام السابق (رامزي كلارك) ، وكذالك عنصريته نحو المتهم ( بوب سيل) ، والذي هدده القاضي هوفمان بألاعتذار ، ورد سيل ، "ما الذي يمكن أن يحدث لي أكثر مما فعله جورج واشنطن وبنجامين فرانكلين بعبيدهما؟" ، أمر هوفمان حراس المحكمة بتهدئته ، وعند هذه النقطة قاموا بدفع سيل حول كرسيه ذي العجلات ، والذي كان يميل للخلف تقريبًا على الأرض . ارتطمت ساقه بالطاولة. ركض المدعى عليه ديف ديلينجر ، مغطى رأسه ، لمحاولة وضع نفسه بين الطرفين ـ وعندها تم إخراج سيل من قاعة المحكمة وعاد مقيدًا بالسلاسل ، كان بعض أعضاء هيئة المحلفين يذرفون الدموع في عيونهم . المحاكمة ، كما يقدمها سوركين ، تدور في الحقيقة حول روح أمريكا – والقدرة على الاحتجاج ورفض الحرب والتدخل الامريكي ، والتشكيك في أكثر الإجراءات الأساسية للحكومة . التداخل بين احتجاجات شيكاغو عام 1968 واحتجاجات "حياة السود مهمة" التي وقعت هذا العام واضح للغاية. ومع ذلك ، فإن المقارنة الحقيقية ، كما أعتقد ، هي أن "محاكمة شيكاغو 7" تتعلق حقًا بالشكل الذي يبدو عليه المجتمع عندما يبدأ المجتمع في معاملة الأشخاص الذين يتحدثون بحرية كما لو كانوا يفعلون شيئًا خطيرًا. يمكن أيضًا العثور على هذا الإحساس بفترة من الزمن عندما نقارن عالمنا المعاصر وما يحدث من تجاوزات في حقوق الانسان و التميز العنصري وكذالك وجود بوبي سيل (يحيى عبد المتين الثاني) بين المتهمين وهو الشريك المؤسس لحزب الفهود السود الذي توجد ضده أدلة قليلة ، ولم يكن لديه تمثيل قانوني ويعامل باستخفاف طوال الوقت . المشهد الذي يقرر فيه كافيًا لا يتردد صداه كثيرًا كما يظهر بشكل مخيف أن سوء المعاملة الشبان السود يستمرون في تحملها ببساطة بسبب لون بشرتهم ، نعلم جميعًا أن سوركين هو واحد من أفضل كتاب السيناريو الذين يستخدمون قلمًهم في طرح قضايا مهمة و إنسانية في هوليوود اليوم . لكن معاملة الرجل الثامن الذي يحاكم ، النمر الأسود بوبي سيل (يحيى عبد المتين الثاني) ، هي التي تضفي على الفيلم جاذبيته الرصينة. وفي نهاية المطاف تبين أن قضية سيل كانت خاطئة ، ولكن ليس قبل أن يتعرض للعنصرية والإذلال بناءً على طلب القاضي . المشهد المروع الذي يتم فيه تقييد سيل وتكميم أفواهه هو مشهد مروع وغيرمألوف بشكل مقزز.
يكشف الفيلم، بعمق ، عن فساد المؤسسة السياسية والقضائية ، وكيفية يتم تلفيق التهم لأستعراض المتهمين وتأكيد صرامة الدولة والانتصار للشرطة الذين جرحوا المئات يومها لتركهم عبرة للآخرين في ذات الوقت . آرون سوركين معروف بكتابة سيناريوهات أفلام ومسلسلات تلفزيونية تكشف الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الولايات المتحدة من خلال شخصيات مؤثرة تحركها أخلاقيات راقية أو طموحات غير محدودة، أبرزها (الشبكة الاجتماعية) الذي فاز عنه بجائزة الأوسكار، وستيف جوبس ، وكرة المال والرئيس الأمريكي والقليل من الرجال الفاضلين والجناح الغربي وغرفة الأخبار وغيرها من الافلام المتميزة . كان أحد دوافع سوركين في صنع الفيلم بعد أن كتب المسودة الأولى للسيناريو في عام 2006 لستيفن سبيلبرغ ، استياءه من فوز دونالد ترامب بالرئاسة عام 2016 . مجموعة فائقة من الممثلين (مارك ريلانس ، إيدي ريدماين ، فرانك لانجيلا ، ساشا بارون كوهين ، مايكل كيتون) الذين صاغهم سوركين في فرقة مضبوطة بدقة كل منها يكمل الآخر مثل أعضاء الغرفة أوركسترا . إنه إنجاز رائع ، و يحصل جميع نجومه على فرصة للتألق في إعادة المحاكمة سيئة السمعة لمجموعة متنوعة غير مرتبطة إلى حد كبير من النشطاء السياسيين الذين اتهموا بشكل جماعي بالتحريض على أعمال شغب في المؤتمر الوطني الديمقراطي لعام 1968 في شيكاغو . مارك ريلانس هو ويليام كونستلر ، محامي الدفاع عنهم ، هو ممثل وكاتب ومخرج مسرحي بريطاني من مواليد 18 يناير 1960 حائز على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم جسر الجواسيس وجوائز أوليفر وبافتا وتوني المسرحية. يعتبر ابرز من يمثل لمسرحيات شكسبير ، يلعب في هذا الفيلم ببراعة محاميًا أثبت حضورا باهرا في قاعة المحكمة و مناورته للقاضي و الشهود ، كان كبيرا ومقتدرا في اعطاء الشخصية روحها ، و كذالك تميز الممثل المخضرم (فرانك لانجيلا) بدور القاضي ( يوليوس هوفمان ) المتعاطف مع السلطة و المتعجرف و الوقح مع المتمهمين المحتجين . وفي الختام ، فيلم ( محاكمة شيكاغو السبعة ) فيلمًا لا بد من مشاهدته لمجموعته الآسرة وقصته المثيرة لكن القصة الحقيقية هي أكثر درامية. نداء الفيلم الصادق كان من أجل ديمقراطية أكثر حرية ونزاهة . الفيلم واقعي إلى حد ما و متماسك بصريًا ، فيلم محاكمة شيكاغو 7 يحذر من خطر الجمهوريين على الديمقراطية في الولايات المتحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية واحترام
محمد البدري ( 2020 / 10 / 25 - 19:15 )
شكرا جزيلا لهذا الفيلم التحفة
شاهدته بناء علي قراءة مقالك
فشكرا مرة اخري علي بيان ما لن تقبل بعرضه الثقافة العربية الاسلامية وسلطاتها علي جماهيرها المخدوعين فيها في دور عرضها

اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا