الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين التنمية المستدامة والتنمية المستدانة

حجاج نايل

2020 / 10 / 25
العولمة وتطورات العالم المعاصر


بالفعل شر البلية ما يضحك ، وبالفعل اصبح بعض المسئولين والاعلاميين في الدولة المصرية مثارا للتعجب او السخرية او التأمل ، وذلك حسب الموقف والطريقة التي يقدمون بها طرائفهم ونكاتهم ، قرأت بوست علي الفيس بوك ادهشني للغاية ، ولم اصدق وذهبت كالعادة الي جوجل بحثا عن مصدره ، فوجدته بالفعل وبعد قليل من حرقة الدم وتأكيد الاندهاشة لم استطيع المرور عليه دون كتابة او تعليق.

الخبر كالتالي في جريدة الوطن ، بتاريخ اليوم الخميس 22 اكتوبر 2020 وهو كالتالي:-

قالت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إن الوزارة بدأت في عملية تبسيط المصطلحات البيئية بدءا من الصف الثالث الابتدائي في المناهج التعليمية الخاصة بهم، " لكن لدينا محدودية في الثقافة البيئة ونعترف بذلك"، بحسب تعبيرها، وتابعت "فؤاد"، في كلمتها بندوة الإعلام البيئي التي نظمها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، "لما نزلت سوق الخضار في الغردقة اتصدمت إن الست اللي بتبيع مش فاهمة الكلام اللي بقوله بخصوص التنمية المستدامة".

وبغض الطرف عن الدخول في سجال طويل مع السيدة الوزيرة، حول علاقة السيدة بائعة الخضار بمفهوم التنمية المستدامة ، الذي لا يعرفه ثلثي قادة ومسئولين هذا البلد ، والذين بدورهم هم المنوط بهم بالاساس تطبيق هذا المفهوم، والعمل علي تكريسه وتفعيله ، في الواقع المرير والحزين اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ،علي اكثر من 80 % من ابناء شعبنا البائس ، ومن ثم ساذهب مع السيدة الوزيرة الي نوع اخر من التنمية ، وهي المعادل غير الموضوعي او المعاكس لمفهوم التنمية المستدامة ، وهو مفهوم التنمية المستدانه ، والذي تنتمي اليه بائعة الخضار التي لم تعجب وزيرتنا الهمامة.

فكما تعلم السيدة الوزيرة ، وانا اثق في ثقافتها التنموية ، بان التنمية المستدامة مفهوم قائم بالاساس علي تمكين البشر من الحياة الكريمة والانسانية ، علي المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبئية ، دون الانتقاص او الجور او الاستهلاك لحقوق الاجيال القادمة من النصيب التنموي ، بمعني اكثر بساطة ضرورة توفير الموارد والسلع والخدمات والبيئة النظيفة ،واشباع كافة الحاجات والاحتياجات للاجيال الراهنة ، وبنفس القدر الذي يجب الحفاظ علي موارد للاجيال القادمة ، بما يمكنهم من حياة كريمة ايضا، بالاضافة الي كوكب نظيف ومياة نظيفة وبيئة نظيفة ، ومن بين عشرات بل مئات التعريفات الاكاديمية والبحثية ، ساضع للسيدة الوزيرة التعريف الاكثر دقة بالنسبة لي ، عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة التنمية المستدامة بأنها:" إدارة وحماية قاعدة الموارد الطبيعية، والتغيير المؤسسي لتحقيق واستمرار وإرضاء الحاجات الإنسانية للأجيال الحالية والمستقبلية هذا باختصار.

بالتطبيق علي السيدة بائعة الخضار ، التي ادهشت الوزيرة بجهلها ، حول معرفة التنمية المستدامة ، ذلك لانها تنتمي الي نوع أخر من التنمية ، وهي التنمية المستدانة ، والتي ستكلفها وتجبرها هي وربما احفادها لجيلين او ثلاثة اجيال قادمة ، من سداد ديون حكوماتك المتعاقبة منذ سبيعينات القرن الماضي، والتي لم يري منها الشعب المصري خبزا ولا طحينا ، فبرغم وصول الدين الخارجي والداخلي لحكومة السيدة ياسمين فؤاد الي معدلات مخيفة وصادمة لمستقبل الدولة المصرية ، الا ان بائعة الخضار البائسة الجاهلة لابد وان تقوم بكافة الترتيبات الخاصة بها وباحفادها ، لسداد ما يقارب العشرين الف دولار هي واسرتها ، وهو نصيب كل اسرة مصرية في الدين الخارجي فقط ، وفي احصائيات اخري يصل الرقم الي 250 الف جنية مصري.

والسئوال الذي يفرض نفسه ، لماذا تري الوزيرة اهمية في معرفة المصريين بمفهوم التنمية المستدامة ؟ والتي لا تختص بالجيل الراهن والحالي الذي يعاني العوز والفقر في اقصي صورة وبشاعته ، بل تختص بالاجيال القادمة من المصريين ، والذين سيكدون ليل نهار من اجل استكمال مسيرة التنمية المستدانة ، وسداد المتبقي من الديون التي ذهبت في غالبيتها الي مشارب الفساد والفاسدين ، وذلك في احصائية حديثة ، لمركز أبحاث بنك “كريدي سويس" السويسري في تقريره السنوي نهاية الشهر الماضي، على موقعه الإلكتروني، حول الثروة العالمية لعام 2019 والمركز الاقتصادي المصري الذي دعي متسائلا عن مدى عدالة توزيع الثروة في مصر، مؤكدا ان هناك 11 شخصا فقط تتجاوز صافي ثرواتهم 500 مليون دولار، كما يوجد حاليا 86 مصريا تتراوح صافي ثرواتهم بين 100 و500 مليون دولار. هذا بالاضافة الي زيادة نسب اللامساواة وتهديد العدالة الاجتماعية وزيادة نسب الفقراء بالدولة المصرية، وهو ما أكده مسح الدخل والإنفاق الصادر عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء والذي أشار إلى ارتفاع معدلات الفقر في مصر إلى 32.5%. وفي دراسة لاحد المراكز الاقتصادية المتخصصة يشير إلى أن 71.4% من المصريين ثروتهم أقل من 10 الاف دولار، وأن 0.1% فقط من البالغين في مصر تزيد ثروتهم عن مليون دولار، وأن هناك 66 مواطنا مصريا يملكون أكثر من 500 مليون دولار، مما يشير إلى خلل جوهري في توزيع الثروة والعدالة.

هذا وبرغم الخيبات والكوارث المتعاقبة لحكومات الفساد والاستبداد ، لم اتحدث مطلقا عن باقي جوانب التنمية المستدامة، مثل مبدأ العدالة والمشاركة العامة، ورشادة استخدام الموارد الطبيعية والمحافظة على حقوق الأجيال المستقبلية، وكذلك البيئة التي دأبت حكوماتك المتعاقبة علي تلويثها وتدميرها للاجيال الحالية والمستقبلية، ولم اتحدث عن الجوانب الاجتماعية، التي تسعي وتعمل علي استقرار النمو السكاني، ورفع مستوى الخدمات الصحية والتعليمية.
كان من الاحري ياسيدتي ، ان تشرحي لبائعة الخضار لماذا لم تأخذ الدولة المصرية وقيادتها الحكيمة تلك المسارات المتعلقة بالتنمية البشرية والمستدامة ؟؟؟؟ قبل ان تعبري عن اندهاشك من عدم معرفتها بهذه المفاهيم ، وبالاساس لماذا ياسيدتي هذا الاهتمام الكبير بجهل بائعة الخضار بالتنمية المستدامة؟؟؟ وما اهمية ثقافتها في هذا الشأن ؟؟؟إن كانت لم ولن تسمع او تفهم في حياتها الا عن التنمية المستدانة ، بفعل قروضكم المشبوهة ، اتصور انه من الاحري بك ان تخصصي جل اهتمامك بعلوم ومفاهيم التنمية المستدانة، حتي نجد حلا لما نعيش فيه.

كندا
22 اكتوبر 2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر