الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدول العربية ما بين التطبيع والتطويع

عبدالقادربشيربيرداود

2020 / 10 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يمضي قطار التطبيع قـُدماً مع إسرائيل، بقوة التطويع الأميركي القسري لدول الرفض والمواجهة، ليصل اليوم محطة خطيرة وحساسة ألا وهي (السودان) الذي عرف بأكثر المواقف تشدداً ضد إسرائيل. فتطبيعه يُعَدّ مكسباً سياسياً، وإقليميا مختلفاً لأن الإسرائليين يرون هذا التطبيع جائزة ثمينة، وفرصة ذهبية تاريخية لفك العزلة عنه، والسعي لتزيينه وتقديمه على أنه النموذج الأمثل للتقدم التكنولوجي والازدهار والرقي في المنطقة. وثمن هذا التطبيع الخياني هو رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وما يترتب على ذلك من التزامات تمهد عودة السودان إلى المجتمع الدولي، وبالتالي إنعاش اقتصاده المتأزم منذ عقود خلت، خوفاً من بقاء العقوبات التي ستحكم على البلاد بالانزلاق إلى هوة الدول الفاشلة.
هذه السيناريوهات ما هي إلا مكر سياسي أميركي – اسرائيلي، فشلت للأسف الحكومة السودانية بفهمه، وكذلك باقي الحكومات العربية التي وقعت في شباك التطبيع بسبب الرؤية غير الصائبة التي اعتبرت هذه الفبركة السياسية على أنها نجاح دبلوماسي سوداني، لترميم الجمهورية السودانية مستقبلاً، لأن إسرائيل قررت أن جنسيتها يهودية، لذلك ستتحدى كل القرارات المتعلقة بحقوق العرب والمسلمين، فالمهم هنا أن لا يقدم السودان - كما فعلت الامارات وقطر - صكوكاً لأميركا وإسرائيل مجاناً.
أما حقيقة الأمر فهي اطلاع الإدارة الأميركية على ما تعانيه السودان من أوضاع بالغة الصعوبة كاقتصاد آخذٍ بالانهيار، تضخم كبير وأزمة غذائية في كل بقاع البلاد، فاستغلت الإدارة الأميركية ممثلة بالرئيس (ترامب) تلك الأوضاع البالغة الصعوبة التي تعيشها السودان، واستطاع بدهائه الشيطاني استخدامها كورقة ضغط لتمرير خيانة التطبيع مع إسرائيل. وهنا نتساءل هل لهذه الورقة المشبوهة أهمية تذكر؟ الجواب في الواقع كلا؛ لأن الحكومة السودانية مدركة تماماً أنها تلعب بالنار.
من هذا المنطلق الخطير يبدو أن مفهوم دعم الإرهاب في تغير دائم وفق الرؤية الأميركية، وأنه تابع لمصالحها الحيوية في المنطقة، وعند هذا المفترق الخاص بالحكومة السودانية تكون قراءة المعادلة (من لم تطبع مع إسرائيل تعتبر دولة إرهابية أو داعمة للإرهاب)، وهي حقيقة على السودان وباقي الدول الاسلامية والعربية أن تعيها بعقلانية، وتعلن رفضها لمثل هذه الضغوط السياسية الخبيثة؛ لأن التطبيع وفق هذا المنحى لن يقدم للسودان شيئاً سوى الانحراف عن آمال الأمة وقضيتها المركزية (فلسطين) الجريحة، وانخراط في مشروع تطبيع مجاني لأن موضوع التخلص من لوثة الإرهاب الذي هم صانعوه ما هو إلا خطوات خبيثة، ونصب واحتيال دولي أميركي تضع لبنة جديدة على طريق التطبيع مع إسرائيل، لا تفتأ تعبده تلك السياسات الأميركية المنحرفة شيئاً فشيئاً.
إن أميركا وابنها الضال إسرائيل أينما كانت مصالحهم أتوا وديعين، ومتى كانت مصلحة الدول عندهم مارسوا لعبة الهروب والمراوغة، لذلك إذا ما استمرت الدول العربية والاسلامية بالتنازل مجاناً، فسوف لن يحصدوا سوى السراب.
... وللحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان