الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تحكم العاطفة العرب، الغرب يصنع بهم السياسة

ردوان كريم
(Redouane Krim)

2020 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


[ ] في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أسوء حقبة تاريخية لها، بغياب نخبة سياسية تحفض لها هيبتها السياسية، الإقتصادية، والثقافية تعتمد على سياسة الإلهاء، و تصدير الغضب الإجتماعي نحو الخارج. لم تجد إلا منطقة الشرق الأوسط أو ما يسمي نفسه العالم العربي، المتأخر ثقافيا و حضاريا عن العالم للعب على وتر مشاعره و عاطفته الجياشة و المبنية على الإنفعال الغير مبني على العقل و المنطق لمساعدتها على تهدئة من كان بالأمس يسمي نفسه سترات صفراء. ماكرون أسوء رئيس فرنسي منذ قيام الجمهورية الفرنسية من حيث السمعة، الهيبة، و المشروع السياسي و الإقتصادي يكتفي بقول عبارات تثير سخط العرب في كل مرة و لا ينتبهون لذلك، فمرة ليبيا، و مرة لبنان، و مرة نبي الإسلام و عهدته الرئاسية تمر بسلام و هدوء. فرنسا التي هي من أكبر دول الغرب التي تملك أكبر جالية إسلامية و عربية و لا تدرك ماضي كل شخص من ذلك العدد الهائل ، مسلمين عاديين، متطرفيين، متشددين، لماذا تتهجم على دينهم؟ هل لا تدرك خطورة ذلك؟ بل تعي كل ذلك!
في نفس الوقت الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على إبقاء الرئيس ترامب على كرسي الحكم بأي طريقة، أمام سخط و غضب أغلبية الأمريكيين منه و تقارب حظوظ نظيره الديموقراطي جو بايدن في الرئاسة. كل يوم يخرج ترامب و يعلن أن البلد العربي الفلاني يعلن التطبيع مع إسرائيل و إعلان تحول سياستها إلى العلمانية. يوم الإمارات العربية، يوم البحرين، يوم السودان و يوم قطر و لو استمرت حملته الانتخابية إلى ديسمبر سيطبع كل الشرق الأوسط بما فيهم الشمال أفريقي علاقته مع إسرائيل و يتحولون علمانيين غصبا عنهم، فهم في موضع ضعف و لا قوة لهم أمام قوة الغرب. ما أسهل صنع السياسة بالعرب يكفي أن تصنع إشهار عبر وسائل التواصل الاجتماعي و الإعلام حتى تجد الشرق الأوسط يستهلك الحدث التافه .. يكفي أن يأمره الغرب حتى يخضع و ينزل رأسه.

في نفس الوقت تجد دولة القانون و العلمانية، الديموقراطية اللائكية التي صنعها مصطفى كمال أتاتورك لو إهتزت شعرة من الحقوق المدنية للأتراك، لا إنقلبوا جميعا على أردوغان، الصديق الحميم لإسرائيل بالقرب من إيران. يحاول أردوغان اللعب على مشاعر العرب الضعفاء، بالصراخ و صنع الضجة "أنا مسلم و تركيا!" بعد فشل إنضمامها إلى الإتحاد الأوربي الذي فشل هو أيضا في فرض وجوده في الساحة السياسية الدولية، و لذلك لم يعد لديهم أي خيار إلا توطيد العلاقة مع إسرائيل، روسيا و الو. م. أ من أجل هدف تقدم به الزمن و لا يمكن العودة إلى الوراء و هو "استعادة الديكتاتورية العثمانية" بما فيها مستعمراتها العربية، و لهذا نرى التوتر في كوردستان، العراق سوريا ، حيث أصدقائهم داعش يهرولون و تل أبيب في سلام من غزوهم و حربهم بإسم الدين!

العرب الضعفاء المستهلكون لما ينتجه الغرب تمسكوا لمدة طويلة بثقافة عهد الدولة العباسية و يحاولون فرض نمط المعيشة لتلك الفترة في بلدانهم، فساد الجهل و الفساد، الخراب، و الدمار، لأنه نمط معيشي بدائي بعد أكثر من 10 قرون. لقد وجد الغرب أن تفاسير القرآن و الحديث للقرنين الثاني و الثالث للهجرة النبوية لا تتأقلم و لا تتناسب مع العصر الحديث خاصة كونها مرتبطة بزمان و مكان بعيد جدا عن طريقة و ستايل الحياة في القرن الواحد و العشريين، زمن التكنولوجية و العلم الجد متطور وجبة دسمة من الجهل، يمكن استخدامها لصنع إرهاب يعوض سقوط القطب الشيوعي لإنقاذ الرأسمالية و مع ذلك لم ينتبه العربي أن الخلل في محاولة حصر نفسه في الخلافة العباسية و ليس في الإسلام.
اليوم تجدهم متخلفين عن العالم، يسود بينهم العنف و الظلم، و إن هربوا إلى الغرب الكافر، التي يسمونها أحفاد القردة والخنازير، نقلوا معهم بداوتهم، عنفهم، و رؤيتهم الإستعلائية التي تسيء لكل من هو غير مسلم و يعتقدون أن هؤلاء لا يحق لهم الرد. و إن ردوا عليهم بالحجة أو بالمثل، يستعملون العنف الذي جعلهم يقتتلون بينهم بلا سبب. لا أعتقد ان الرسول محمد (ص) فخور بشعب لا ينتج حتى ألبستهم الداخلية، و يتكلون على الغرب الكافر في صناعة كل استهلاكاتهم، و يدعون إلى مقاطعة منتوج الغرب، وسيارتهم، فايسبوكهم، هاتفهم، لباسهم، و أدوية مرضاهم تصنع عند الغرب. العاطفة الجياشة و مقاطعة منتوجات الغرب تتم بصناعة احتياجاته الأساسية بنفسه، أما الإسلام كلمة تعني السلم فهل هم أهل سلام؟! الرسول محمد (ص) كان عالم زمانه فهل هم أهل علم أم جهل؟ هل نصرة محمد (ص) تكون بالعلم و الفعل أم بالجهل و الشعارات الملحمية على الفيسبوك؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي