الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الورقة البيضاء وعبء ديون العراق الخارجية 2014-2024

عماد عبد اللطيف سالم

2020 / 10 / 27
الادارة و الاقتصاد


استناداً لبيانات البنك الدولي المذكورة في تقريره السنوي لعام 2020(INTERNATIONAL DEBT STATISTICS 2020)، فإنّ حجم الدين الخارجي للعراق سيرتفع من 75.76 مليار دولار في عام 2014، إلى 173.53 مليار دولار في عام 2024، أي بأكثر من الضِعف في عشر سنوات فقط.
وفي هذا العام (2020)، بلغ حجم الدين الخارجي للعراق 120.7 مليار دولار، سيرتفع إلى 127.78 في عام 2021، وإلى 138.99 مليار دولار في عام 2022، وإلى 154.62 مليار دولار في عام 2023 .. وصولاً إلى 173.53 مليار دولار في عام 2024.
فماذا ستفعلُ حكومةٌ"إنتقاليّة"، "قصيرة الأجل" في مواجهة أوضاعٍ كهذه؟
ماذا سيكون بوسع هذه الحكومة أن تفعل، من خلال "ورقةٍ بيضاء" (لن نختلفَ الانَ جميعاًعلى مضمونها ، بل وسنؤيّدها بالكامل)، تحتاجُ من 3 سنوات إلى خمسِ سنوات(وتقديري المتواضع هو عشر سنوات على الأقلّ) لتنفيذها، بينما "عُمْرُ" الحكومة ، و فاعليّتها ، وسريانِ "ولايتها"، لا يمتدُّ لأكثر من ثمانية أشهر(أي لغاية حزيران 2021، وهو الموعد الذي تمّ تحديده من قبلها، لإجراء الإنتخابات النيابيّة)؟.
كيف تستطيع حكومة "مؤقتّة"، تمّ تشكيلها لأداء مهام مُحدّدة(آنيّة، وقصيرة الأجل)، أنْ تضعَ وتُنفّذَ خُطط وسياسات متوسطة، وطويلة الأجل، في بلدٍ جرّبَ وضع الكثير من الخطط والإستراتيجيّات التي لم تُنفّذ أبداً ، أي في بلدٍ كالعراق الحاليّ ، لا يعرفُ أحدٌ فيه، مساء يوم الخميس، ما سوف يحدثُ فيه، أو ما يُمكِنُ أنْ يحدُثَ فيه، صباح يوم الجمعة ؟.
لن أوجّهَ أيّ انتقادٍ لـ "الورقة البيضاء"(من أنا لأفعلَ ذلك)، ومع ذلك فإنّني لم أجد فيها أرقاماً عن حجم الدين الخارجي، وأقساطه، و"فوائد" خدمته(وهي الأهمّ والأخطر)على امتداد السنوات القادمة، وأكتفى الخبراء الذين قاموا بإعداد الورقة بالإشارة(في صفحة 37 من نصّ الورقة الرسمي) إلى : " أنّ تمويل عجز الموازنة للأعوام 2014-2016 قد تمّ من خلال الإعتماد على مزيجٍ من الديون الخارجيّة والمحليّة المتراكمة".
وتضيف الورقة ما نصّه: "إنّ من غير المُرجّح أن تَمُدّ المؤسسات المالية الدوليّة يد المساعدة في تمويل الديون دون أن تشترط تطبيق إصلاحات كبيرة مقابل ذلك".
ولديّ هنا سؤالٌ ساذجُ ، وبريءٌ: ماذا سنجدُ في الورقة البيضاء غير "إصلاحات كبيرة" ، نعرفها جميعاً ، ونعرفُ أنّها(في الأصل)، "شروط" و "اشتراطات" المؤسّات الماليّة الدوليّة؟
لماذا إذاً لا تُمُدُّ لنا هذه المنظمات"يد المساعدة" في تمويل الديون، ونحنُ نقدّمُ لها"ورقةً بيضاء" كهذه؟
وتضيف الورقة في ذات الصفحة( 37) مانصّه :" يمثّل الدعم الدولي للموازنة مساحة محدودة للغاية".
وأيضاً: "تمثّل إمكانية المؤسسات المالية المحليّة لتمويل عجز الموازنة إمكانيّة محدودة للغاية".
فإذا كانت أوجه الدعم الداخلي والخارجي في تمويل الديون، وتمويل عجز الموازنة"محدودة للغاية"، إضافةً لأعباءٍ دينٍ خارجيٍّ "كارثيّ" كهذا ، فكيف ستتمكّنُ حكومةٌ "مؤقتّة" و "انتقاليّة" و "قصيرة الأجل" من خلال "وصفات" ورقتها البيضاء، أن تَلتزِم بإحداث تغيير جذري في "هيكليّة" الناتج المحلي الإجمالي خلال ثلاث إلى خمس سنوات؟
ليس إعدادُ الخطط والإستراتيجيّات والسياساتُ و"الأوراق"(أيّاً ما كان لونها) هو المُهمُ والمُجدي.
الأكثرُ أهميّةً ، والأكثرُ جدوى، هو البحث في إمكانيّة تنفيذ ماورد في المحور الخامس من الورقة، وهو بالنصّ: "تطوير الحوكمة والبيئة القانونيّة والإداريّة لتمكين المؤسسات والأفراد من تحقيق الإصلاح".
أي .. وجودُ مؤسّات دولة، راغبة ، وقادرة ، في أن تضع ذلك كُلّه موضعَ التطبيق.
أي .. وجود دولة قويّة قادرة على بسط سلطة القانون على الجميع، دون أيّ إمكانيّة للإفلات من العقاب.
أي .. وجود دولة بإمكانها تحقيق الأمن ، والسلم المُجتمعي.
أي .. وجود دولة لا تتعايَش، ولا تعتاش، ولا تستمِدُّ أسباب بقاءها،من "تنظيمات" ما قبل الدولة.
(وهذا كُلّهُ غيرُ متوفرٍ الآن، ولن يكونَ مُتاحاً في السنوات القليلة القادمة).
وبالعودة الى "محنة" الحجم الهائل لديوننا الخارجيّة، وما سيترتّب عليها من أعباء باهظة على الإقتصاد والمجتمع، فإنّ الكثير من التوقعات "العقلانيّة" حول حالة الأمن والإستقرار السياسي في العراق ، تشير بوضوح إلى أنّ"رصيد" هذه الديون سيتزايد، وإنّ "خدمة" هذه الديون ستكون أخطر ما يمكن ، وإنّ ذلك سيمتد إلى السنوات الأربع القادمة. ويعود ذلك بصفةٍ أساسيّة ، لكون الإقتراض الحالي، وتمدُدّهِ ، لا يسمح بتوافر ما يُسمى بـ "الفسحة الماليّة".. ونتيجةً لذلك لن يكون بوسع أيّ حكومة عكس هذا "الإتّجاه العام" خلال هذه المدّة.
إنّ القضيّة برمّتها تتوقف على قدرة الناتج المحلي الإجمالي على النمو، وعلى ضمان الإصلاحات المطلوبة لـ "استدامة" هذا النمو(وهو ما اشارت اليه "الورقة البيضاء" بوضوح في المحورين الأوّل والثاني).
غير أنّ هناك شكوكٌ كثيرة تحومُ الآن، حول قدرة هذا الناتج على "التعافي" و"التنوّع" و "النمو المُستدام" ، في ظل ظروف العراق الحاليّة .. الحسّاسة ، والمُلتَبِسة ، والخطيرة.

المصادر :
- WORLD BANK , International Debt Statistics 2020 .
- الورقة البيضاء ، التقرير النهائي لخليّة الطواريء للإصلاح المالي ، العراق ، تشرين الأول 2020.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا


.. كل يوم - د. مدحت العدل: مصر مصنع لاينتهي إنتاجه من المواهب و




.. موجز أخبار السابعة مساءً- اقتصادية قناة السويس تشهد مراسم اف


.. موازنة 2024/25.. تمهد لانطلاقة قوية للاقتصاد المصرى




.. أسعار الذهب اليوم تعاود الانخفاض وعيار 21 يسجل 3110