الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يختمر بالگرگرات .. ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2020 / 10 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


هل تسير الأوضاع بالغرغرات نحو التفجير ؟
واذا كان التفجير مستبعدا لحكمة الجيش المغربي ، حتى لا يسقط في الفخ المنصوب بدقة وعناية ، لان اشعال مجابهة ، ولا أقول حربا لان هذه تبقى مستبعدة ، وفي هذه الاثناء التي يعقد فيها مجلس الامن دورته العادية التي تناقش قضية الصحراء ، ومن المنتظر ان يصدر المجلس قرارا في 28 أكتوبر الجاري ، قد يقلب تقرير الأمين العام راسا على عقب ، وقد يكون القرار مؤثرا على الحق المغربي في الصحراء .. لذا فالفخ المنصوب والمفضوح فشل حتى الآن في تحريف تقرير الامن العام المتزن عن صوبه الصحيح ...
لكن ما اثار الاستغراب والدهشة ، هو تجرأ العديد من الأوساط الإعلامية ، لترويج اشاعات مغرضة ، عوض ان تضع النقط على الحروف ، لضبط الفعل وردة الفعل التي يجب ان تكون حكيمة ، وغير سريعة ، ومتشنجة ...سارت في الاتجاه المعاكس لتعقيد الوضع ، وبعثرة الأوراق ، وتغيير الصورة عندما رددت بعض الاخبار الغير مؤكدة من قبيل انّ الجيش المغربي يستعد لتطهير الغرغرات من البوليسارية بعد عجز المينورسو في ابعاد الصحراويين منها ... ومن قبيل انّ الواقف وراء احداث الغرغرات هو الرئيس الموريتاني محمد عبد العزيز لا ثار وتحريض الشعب على الرئيس محمد ولد الغزواني بسبب ارتفاع الأسعار ... خاصة وانه يحاكم اليوم بتهمة الفساد ..
لكن ما ابطل كل هذه التخمينات ، هوتأكيد البوليساريو استمراره في الاعتصام لقطع الطريق المؤدي الى موريتانية ، الى حين ان يصدر مجلس الامن قرارا من جهة ، يأمر بإغلاق المعبر ، ومن جهة ان يتضمن القرار تحديد موعدا للاستفتاء ...
ان ما يجري اليوم بالغرغرات ، له ارتباط بالدورة التي يعقدها مجلس الامن للتأثير حتى يكون القرار الذي سيصدره يؤيد أطروحة الانفصال ، ولا علاقة له بالرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز الذي يريد استعمال البوليساريو في ضرب الرئيس محمد ولد الغزواني ، كما حاول عبدالعزيز بوتفليقة استعمال البوليساريو لضرب الحراك الجزائري ، وهو ما فطن له القايد صالح الذي فرض حصارا قويا على المخيمات ، وعلى تحركات الصحراويين داخل وخارج تندوف ..
واذا كانت نفس الأوساط الإعلامية تعتبر ان ّما يجري بالغرغرات شيء مرفوض من قبل النظام الموريتاني بسبب ارتفاع الأسعار بشكل مهول ... فان ما غاب عن هذه المنابر هو ان موريتانية تعترف بالجمهورية الصحراوية منذ سنة 1979 تاريخ انسحابها عن إقليم وادي الذهب ، وهو الاعتراف الذي أكده بشكل واضح الرئيس الحالي ولد الغزواني منذ شهور مضت ، وتشبت به الرئيس السباق محمد ولد عبد العزيز ... هذا يعني ان الجمهورية الموريتانية حين اعترفت بالجمهورية الصحراوية ، فهي تكون قد اعترفت بدولة لها شعبها ، وارضها ، وحدودها التي هي الحدود الموريتانية الصحراوية ، وليست الحدود الموريتانية المغربية .. وموريتانية بهذا الاعتراف الصريح تنكر على المغرب مغربية الصحراء ، فتعتبر من ثم وجود الجيش المغربي فيها وجود احتلال ... وهنا وبهذا الموقف ، فان اعتراف الجمهورية الموريتانية بالجمهورية الصحراوية ، يكون قد ابطل واسقط حق تقرير المصير الذي تتشبث بها جبهة البوليساريو ، رغم وجود جمهورية تعترف بها الجزائر وموريتانية ، والعديد من الدول بالقارة الافريقية ، وبأمريكا اللاتينية ، والجنوبية ...
ان اعتراف موريتانية بالدولة الصحراوية ، يعني اعترافها بالحدود المشتركة بينهما ، وهذا يعني ان ما تقوم به جبهة البوليساريو يبقى عملا مشروعا يرتبط بالسيادة ، ولا يضر في شيء موريتانية ... بل ان الاعتراف الموريتاني بالجمهورية الصحراوية ليس له من فهم ومعنى ، غير إصرار موريتانية من الابتعاد عن المغرب الذي يهدد بالتحول الى ( امبراطورية ) على شاكلة طموح اردوغان الى احياء امجاد وتاريخ الإمبراطورية العثمانية ...
فكلما ابتعدت الحدود الموريتانية عن الحدود المغربية ، كلما ابتعد تهديد الابتلاع ( الامبراطوري ) المغربي ، وكلما حافظت وامنت موريتانية استقلالها ...
لذا فما تقوم به اليوم البوليساريو اليوم بمعبر الغرغرات ، يلقى التأييد من الساسة الموريتانيين ، ولا يشكل لهم خطرا مثل الخطر ( الامبراطوري ) الذي يزعمون انه يهددهم .. المْ يرفع حميد شباط مطلب استرداد موريتانية الى المغرب ... وهل أسقط حزب الاستقلال من اجندته مطلب استرجاع موريتانية لأنها مغربية ...
لكن ماذا بالنسبة للدولة المغربية التي اعترفت بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، ونشرت اعترافها بالجريدة الرسمية للدولة ...
--- هل تعترف بسيادة الدولة الصحراوية على كل الأراضي التي اعادتها اتفاقية مدريد الموقعة سنة 1975 ، وهذا يعني ان ما يقوم به البوليساريو بمعبر الغرغرات يدخل ضمن سيادة الدولة الصحراوية التي اعتراف بها النظام المغربي ؟
---ام ان اعتراف النظام المغربي بالدولة الصحراوية المنشور في الجريدة الرسمية ، يقتصر فقط على ثلث الأراضي التي تسطير عليها الجبهة ، ولا يشمل ثلثي الأراضي النافعة التي يسيطر عليها المغرب ؟
--- وأيا كان الاعتراف ، سواء تعلق بالأراضي التي قسمتها اتفاقية مدريد في سنة 1975 ، او تعلق بالأراضي التي استرجعها المغرب بعد تخلي موريتانية عنها في سنة 1979 ، او تعلق بالثلث الذي تسيطر عليه الجبهة .... فان ما تقوم به جبهة البوليساريو ، من الناحية القانونية ، يبقى امرا مسلما به من قبل النظام المغربي مثل النظام الموريتاني اللذان اعترفا بالجمهورية الصحراوية ، اضافة الى هذه الحقيقية ، فان القرار 690 الملحق باتفاق 1991 ، لا يمنع الصحراويين المدنيين من الاعتصام بالمناطق المتنازع عليها ، اذا كان الاعتصام او الاحتجاج مدنيا ... فمعبر الغرغرات يتبع منطقة الگويرة التي كانت تحت السيادة الموريتانية قبل ان تسلمها الى الجبهة ... كبادرة حسنة بسبب الاعتراف الموريتاني الصريح بالدولة الصحراوية ....
بالمنطقة المغاربية هناك ثلاث دول تعترف بالجمهورية الصحراوية :
--- دولة الجزائر التي أنشأت مع ليبيا معمر القدافي الجمهورية الصحراوية في سنة 1976 لفرضها كأمر واقع ، وهذا يتنافى بالمطلق مع الاستفتاء وتقرير المصير الذي تؤكد عليه الجزائر وجبهة البوليساريو .. لان الجمهورية موجودة ، ولا حاجة الى استفتاء لخلق جمهورية ثانية ..
--- دولة موريتانية حتى تتمكن من ابعاد حدودها عن الحدود المغربية ، لان ظل التوسع الامبراطوري لا يزال يخيف ، ولا يزال يفعل فعلته لذا الساسة الموريتانيين .
--- دولة المغرب التي اعترفت بالجمهورية الصحراوية حتى تصبح عضوا بالاتحاد الافريقي . لكن للأسف رغم الاستثمارات التي استثمرها النظام بأموال الشعب المغربي في العديد من الدول الافريقية ، فإثيوبيا صرحت منذ أيام ان لا بديل عن تقرير المصير لما اسمته بالشعب الصحراوي ..
اذن امام هذه الأخطاء التي ارتكبها النظام المغربي في حق الصحراء ، فهو لم يتدارك هفواته حين يواصل اجتماعه ولقاءاته بجبهة البوليساريو ، تحت اشراف الأمم المتحدة ، وبحضور الدولتين الموريتانية والجزائرية ، اللتان باعترافهما بالجمهورية الصحراوية ، اضحتا أطرافا منحازة الى الجمهورية الصحراوية ، وضد مغربية الصحراء ..
فالجزائر تأوي جبهة البوليساريو ، وتمكنها من الدعم المادي والمعنوي ، وهي العضو المؤسس للجمهورية الصحراوية في سنة 1976 ، والنظام الموريتاني الى جانب النظام الجزائري يعترفان بالجمهورية الصحراوية .
النظام الجزائري والنظام الموريتاني ، رغم اعترافهما بالجمهورية ، فهما لا يزالان يرْفلان في مستنقع الاستفتاء وتقرير المصير، الذي اصبح متجاوزا باعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، عندما اعترف بالقانون الاساسي للاتحاد الافريقي ، وعندما اعترف بالحدود الموروثة عن الاستعمار .
السؤال : إذا كان النظام الجزائري والنظام الموريتاني يعترفان بالجمهورية الصحراوية ، وينكران على المغرب ، وليس على النظام الذي اعترف بالجمهورية ، مغربية الصحراء ، فكيف سيكون الدور الذي سيلعبانه كمراقبين او ملاحظين ؟
هل دورهما سينحصر في اقناع النظام المغربي بقبول الاستفتاء وتقرير المصير ، وهما يعلمان ان هذا القبول من ضروب المستحيل ، لان النظام يعرف ان الاستفتاء يعني ان 99 في المائة من الساكنة ستصوت لصالح الاستقلال ، وهو ما يعني حتمية سقوط النظام في اقل من اربعة وعشرين ساعة ؟
ام انهما سيتناقضان مع موقفهما المؤكد على الاستفتاء ، بإقناع الجبهة بقبول الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ؟
ام انهما سيكتفيان فقط بالجلوس والحضور كالكراكيز ، دون ابداء اي رأي في خصوص النزاع الذي عمر لأكثر من خمسة واربعين سنة خلت ؟
ان حضور النظامين الجزائري والموريتاني ، بسبب موقفهما الغير مُحايد ، والنّاصر لطرف على حساب طرف ، لن يفيد اطراف النزاع الاساسيين ، ولن يضيف اي قيمة مضافة الى المفاوضات العاقرة . بل ان حضور النظامين سيكون عرقلة وعصا في عجلة اية مفاوضات مقبلة محكوم عليها من الآن بالفشل .
ان حضور النظامين الجزائري والموريتاني للمفاوضات ، هو عرقلة وليس مساندة . فموريتانيا والجزائر هما اطراف منحازة وليست مستقلة ..
إذن هل سيستمر البوليساريو معرقلا حركة المرور بمعبر الغرغرات ؟
لا اعتقد ذلك ، لان ما حصل ، وبحكمة الجيش المغربي الذي فطن للفخ المنصوب ، وترك الامر بيد المينورسو ، اكيد ان مجلس الامن حتى يتجاوز الظرفية الحالية ، سيخرج بحل وسط يعطي بعض الضمانات للبوليساريو حتى يعود الى مخيماته في تندوف ..
لكن الأهم انّ انتظار تعيين مبعوث شخصي للأمين العام بملف الصحراء ، وتوسيع صلاحيات المينورسو في مادة حقوق الانسان ، وتنظيم الاستفتاء ، سيكون من الاحلام التي حلمت بها البوليساريو منذ خمسة وأربعين سنة ، ولا تزال مستمرة في حلمها الى حين قدوم انعقاد دورة كالدورات العادية لمجلس الامن ...
الآن مشكلة معبر الغرغرات أضحت بين مجلس الامن ، وبين الجزائر المحرضة للجبهة ، وبين الأمم المتحدة التي شجب امينها العام اغلاق المنافد التي تقوم بها البوليساريو في وجه النقل المدني .. كما أصبحت المسؤولية ملقاة على عاتق الجبهة والجزائر التي تسهر على تسليحها وامدادها بالدعم المادي والمعنوي .. فالنزاع وكما يحق ذلك مجلس الامن ، هو نزاع بين النظام المغربي والنظام الجزائري ، والبوليساريو تستعمل كممبراس لتنفيد الاجندات الجزائرية ....
والنظام المغربي كنظام حليف للغرب منذ سنين ، سيبقى في مأمن لان الغرب لن يفرط في النظام المغربي لصالح النظام الجزائري الحليف السابق للمعسكر ( الاشتراكي ) المعادي للغرب ... وبما ان الغرب يدرك ان مصير النظام المغربي يرتبط بالصحراء ، ويدرك ان في سقوطها سقوطا للنظام الملكي ، فالغرب خاصة أمريكا وفرنسا واسبانيا لن يسمحوا في النظام المغربي ، لتقوية النظام الجزائري الذي عاد الغرب منذ قرون ..
واعتقد ان الوقت قد حان لوقف أي لقاء ، او حضور اشغال اية مفاوضات مع البوليساريو ، لان تصرفها مؤخرا ، خاصة وهم يخربون الطريق المعبد ، قد ابان انهم همج وليسوا بمتعقلين ومدنيين ، لأنه لو كانت الأرض حقا لهم ، هل كان لهم ان يخربوا الطريق بإزالة الزفت من مكانه ..
وبما ان لغة الحوار منعدمة ، لان البوليساريو عديمة القرار الذي هو قرار النظام الجزائري ، فان أي حوار قد ينظم مستقبلا ، يجب ان يكون مع الجزائر التي تسلح البوليساريو بالدبابات ، والمزنجرات ، وصواريخ سام المضادة للطائرات ...
ان الطرف الرئيسي في الصراع بائن ، واي حوار مع مريديه سيكون بمثابة ضياع للوقت .. لان فاقد الشيء لا يعطيه ..
فلننتظر قرار مجلس الامن في غضون نهاية شهر أكتوبر ، وعندها سيكون لكل مقام مقال ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية