الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرنسا وتركيا والإرهاب

الهيموت عبدالسلام

2020 / 10 / 30
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


1/تركياوفرنسا
فرنسا وتركيا بلدان عِلمانيان، كلاهما ينتميان إلى منظمة حلف الشمال الأطلسي العسكري (الناتو)،تسعى تركيا جاهدة للانضمام للاتحاد الأوروبي إلى جانب فرنسا، كلا البلدين يقيمان علاقة شراكة واستراتيجيه وعسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية ،على غرار فرنسا فإن تركيا هي أول دولة إسلامية اعترفت بالكيان الصهيوني وأقامت معه علاقة دبلوماسية ويبلغ حجم التجارة إلى 3.5 مليار دولار بين البلدين ، واحتلت إسرائيل المرتبة 17 في قائمة الدول المستوردة من تركيا بينما كانت تركيا سادس سوق لإسرائيل ، "أردوغان" و"ماكرون" لم يقبلا بأقل من سقوط الرئيس بشار الأسد عقب الحرب على سوريا التي تحولت إلى حرب دولية بالوكالة ، ونفس الرئيسين عملا على صياغة خارطة طريق دبلوماسية لإنهاء الحرب السورية التي استمرت لما يقارب سبع سنوات.

2/ في الوقت التي تعيش فرنسا أجواء محاكمة المتورطين في مجزرة "شارلي إيبدو" التي ارتكبها الأخوان شريف وسعيد الكواشي سنة 2015 والتي أودت بقتل 11 شخصا ضمنهم ثمانية عناصر من هيئة تحرير المجلة والتي كانت أعادت نشر رسومات كاريكاتورية للنبي محمد ، في هذه الأجواء المشحونة صدرت فتوى وتهديدات لتتوج بقطع رأس أستاذ التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية "صامويل بيتي " يوم الجمعة 16 أكتوبر الجاري من طرف "عبدالله أنزوروف" ذو 18 سنة من أصل شيشاني بدعوى أن الأستاذ قدم رسوما مسيئة للنبي محمد في حصة لحرية التعبير، ويوم 29 أكتوبر وتحت صرخات الله أكبرو بنفس الأداة امتشق لاجىء تونسي سِكينا ليقتل ثلاثةَ فرنسيين داخل كاتدرائية نوتردام ، تخلل هذه العمليات الإرهابية إصرارُالرئيس الفرنسي على محاربة الانفصالية الإسلامية وعلى عدم التراجع عن حرية التعبير وقيم العلمانية.

3/ لماذا تركيا تنفخ في نار الإرهاب بفرنسا؟
تركيا التي تراجعت أحلامها التوسعية (العثمانية الجديدة ) وزعامتها للإخوان المسلمين منذ الإطاحة بمحمد مرسي الرئيس المصري التي خرج الشعب بزخم كبير لم يسجل فقط في التاريخ باستثناء خروج الشعب المصري لمطالبة جمال عبد الناصر بالتراجع عن الاستقالة ، تركيا التي تحولت من صفر مشاكل المفترضة في سياستها إلى مشاكل مع اليونان وفرنسا وقبرص ومع مصر والإمارات والسعودية وسوريا والعراق وألمانيا والاتحاد الأوروبي الذي يعتزم تجديد فرض العقوبات عليها ،وحدها قطر التي بقيت لجانب تركيا في دعم حركات الإخوان المسلمين.
ليس هذا وحسب فإن اكتشاف احتياطات كبيرة من النفط والغاز في شرق المتوسط والتي تصل تقديراته إلى تريليونات من الدولارات زاد من تأجيج الصراع مع دول الجوار إذ تقضي اتفاقية للأمم المتحدة لقانون البحار وتركيا ليست طرفا فيها أن حقوق استغلال تركيا سيتحدد في زاوية صغير حول خليج أنطاليا ، يضاف لذلك أن فرنسا التي تدعم الأكراد في شمال سوريا وتقف إلى جانب المشير حفتر في الساحة الليبية ، وطبعا لم تكن زيارة "إيمانويل ماكرون" إلى بيروت مصادفة بأي حال من الأحوال إثر الانفجار الذي دمرمرفأ العاصمة اللبنانية، حيث تعهّد ماكرون والإمارات العربية المتحدة بالمشاركة في تمويل إصلاحات الميناء ، واستباق محاولة تركيا للقيام بنفس العملية ولدى فرنسا الآن اتفاقيات عسكرية مع الإمارات واليونان وقبرص ومصر ، وكلها موجهة نحو كبح طموحات الصديق العدو في حلف الناتو ومرشح الاتحاد الأوروبي.

4/ مع توالي الضربات الإرهابية في فرنسا على خلفية محاكمة المتورطين في جريمة "شارلي إيبدو" وقضية الرسوم المسيئة للنبي محمد ،وجدت تركيا الفرصة المواتية للنفخ في نار العمليات لجر خصومها لطاولة المفاوضات حول نفط وغاز شرق المتوسط ونفط ليبيا ورفع عقوبات الاتحاد الأوروبي،والسماح لها بالتنقيب قبالة ساحل شمال قبرص المحتل من قبل تركيا وهي دولة لم يعترف بها المجتمع الدولي.ورفع دعم فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية لدعمهم لحزب العمالي الكردستاني والذي يرفض حلف الناتو اعتباره حركة إرهابية. إن انحسار مشروع العثمانية الجديدة كما قلنا سابقا انطلق من سقوط المشروع الإخواني في مصر أكبر دولة عربية وفشل مشروعها التوسعي في سوريا والعراق وحرمانها من الثروة النفطية والغازية في شرق المتوسط ،وانخفاض تاريخي في قيمة الليرة التركية أمام الدولار وأمام الأورو وانتقال تجربة العدالة والتنمية من صفر مشاكل مع الجيران إلى مشاكل مع جميع الجيران مما أدخل تركيا في عزلة إقليمية ودولية غير مسبوقة وأزمة اقتصادية خطيرة جعلها تركب موجة الاحتجاجات في بعض الدول العربية والإسلامية لتحسين شروط تفاوضها وقبول به وسيطا في العديد من القضايا لدى الإدارة الأمريكية.

5/ ما يقع بفرنسا هو شأن داخلي ، "شارلي إيبدو" الجريدة الساخرة إرث الثورة الفرنسية ،هي مجلة تسخر من السياسيين والإعلاميين والرياضيين ومن اليمين الفرنسي ومن رموز المسيحيين أكثر بِ21 % من سخريتها من رموز المسلمين ب7 % فقط ، ومن رموز اليهود ثالثا ، كباقي الجرائد لها صفحات حول الاقتصاد والسياسة وقضايا المجتمع والرياضة وغيرها ، لا أحد يستطيع وقف صدور الجريدة أو تغيير خطها التحريري لا الرئيس الفرنسي ولا أي جهة أخرى ، جريدة" شارل إيبدو" كادت تتوقف سنة 2015 لضعف مبيعاتها وأتت العملية الإرهابية التي استهدفت 8 صحافيا من هيئة تحريرها لتزيد من عدد مبيعاتها وقرائها ، حين يشعر إعلامي أو رياضي أو سياسي بضرر فإنه يلتجىء للقضاء والتي غالبا ما ينتصر فيها القضاء لصالح حرية التعبير ، أما الباباوات والقساوسة حين يشعرون بضرر مسيىء لمريم العذارء أو المسيح فإنهم يؤكدون على حرية التعبير ولكن دون الإساءة والسخرية من إيمان الآخرين .
إن غسل دماغ وتجنيد شباب لاجئين لقطع أعناق صحافيين وأساتذة ونساء تصلين داخل كنيسة في بلد له دينه وقيمه الخاصة به وحرية التعبير ليس من الدين وليس من الأخلاق في شيء وليس من شروط الضيافة ،إنها مخططات تنظيمات إرهابية باسم الدين الإسلامي خلقها ومولها ورعاها الرأسمال الإمبريالي العالمي و/ارات الخليج وثقل القراءات الدينية المغرقة في الجمود والماضوية لكبح الامتداد الشيوعي سابقا ولنهب ثروات الشعوب العربية والإسلامية ولكبح كل طموح لهذه الشعوب في الحرية والكرامة والعدالة.
وليس ببعيد زمنيا خرجت نفس الشعوب فيما عرف بالربيع العربي لتطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ،وهي جماهير مؤمنة لم تخرج لتقول الإسلام هو الحل أو الحاكمية أو ولاية الفقيه،خرجت هذه الشعوب لتصدح بشعارات الثورة الفرنسية ولتقول بأن الإيمان الفردي وفصل الدين عن السياسة والحرية والكرامة هم أساسات الدولة الحديثة العصرية وأن حركات الإسلام السياسي ومؤسساته الدينية رهينة الإمبريالية تحكي صدى الأمبريالية العالمية لو أمرتها بالجهاد لأمرت بالجهاد ولو أمرت بتطبيق الاشتراكية لسارعت لتطبيق الاشتراكية ،ولو أمرتها بالليبرالية لطبقتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فتحت أبوابها للإرهابيين فكانت النتيجة الإرهاب
حميد فكري ( 2020 / 10 / 30 - 20:19 )
للأسف فرنسا فتحت أبوابها لكل زعامات الإسلام السياسي الإرهابي بدأ من حركة الشبيبة الإسلامية بالمغرب مرورا بتنظيم جبهة الإنقاذ الإسلامي بالجزائر ووصولا الى حركة النهضة بتونس ،فكلها حركات إرهابية.
والسؤال ماذا تنتظر بعد هذا ؟ الإرهاب وتخريب الدولة بالإنفصال

اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE