الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روائع المقال تأليف : هوستون بيترسون ترجمة: يونس شاهين- التاسع : مقال وترجمة - وليم هازلت

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2020 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


وليم هازلت 1778- 1830
قال روبرت لويس ستسيفنسون فى مقاله الجميل رحلات على الاقدام ، على مقال هازلت القيام برحلة انه بلغ حدا من الروعة يجب معه فرض ضريبة على كل من لم يقرأه ، وقال فى جملة اخرى من نفس المقال بعد ذلك ، اننا وان كنا فحولا عظاما فى هذه الايام ، فلا زالنا عاجزين عن الوصول الى مستوى هازلت فى الكتابة

ولد وليم هازلت 1778- 1830فى انجلترا ، وكان ابوه قسيسا من الخارجين على الكنيسة الرسمية فى انجلترا ، ولكنه عاش من السادسة الى التاسعة فى بوسطن بالولايات المتحدة الامريكية ، حيث اسس ابوه اول فرع لكنيسة الموحدين ، فى هذه المدينة .
وكان الهدف من تعليمه المتنوع ان يعد نفسه ليكون من رجال الكنيسة ، غير ان انكبابه الشديد على قراءة بيرك وجونيوس ورسو اعدته لعمل اخر ، (ان اعظم متعة فى الحياة هى ان نقرأ فى شبابنا )
وكان للثورة الفرنسية اثر عظيم لا ينسى فى حياته ، كما كانت بالنسبة الى كثير من معاصريه
كانت فرحة عظيمة لمن عاش فجر هذا اليوم
ولكنها كانت الجنة ذاتها لمن عاشها وهو شاب

كان هذا هو ما كتبه وردسورث عن هذه الثورة ، بعد ان خيبت الامال
وكتب هازلت نفسه بعد عشرين عاما من قيام الثورة يقول : لقد بدأت حياتى مع نشوب الثورة الفرنسية ، ولكن للاسف عشت لارى نهايتها ، غير انى ما تنبأت قط بهذه النتيجة ، فقد اشرقت شمسى مع بزوغ فجرها ، ولكنى كنت اجهل انهما سيغربان معا بهذه السرعة .
ان هذه الدفعة الجديدة التى اشعلت نار الحماسة فى عقول الناس ، قد اججت فى عقلى وهجا متعاطفا متألقا معها ، وكنت انا وهى قويين نستطيع ان نجرى الشوط معا ، ولكنى ما حلمت قط ان شمس هذه الثورة ستتحول الى دم ، او انها ستغيب مرة اخرى فى ليل دامس من الظلم ، قبل غياب شمسى بوقت طويل ، ومنذ ذلك الحين ، فانى اعترف ، بانى لم اعد احس بشبابى ، فلقد تبددت امالى معها .

وقضى هازلت سنين طويلة فى دراسة تصوير الاشخاص بالالوان ، ولكنه ترك هذا الفن بعد ان يأس من التفوق فيه ، على الرغم من المستوى الكبير الذى حققه ، كما تشهد بذلك صورته لتشارلز لام ، التى لا تزال معلقة فى المتحف الوطنى للاشخاص فى لندن .
ثم درس الفلسفة ايضا لسنين طويلة ، ولقد شجعه كولردج على ذلك ، ونشر فيها كتابا صغيرا ليس له شأن يذكر تحت عنوان ، مقال فى قواعد النشاط الانسانى ، ولقد هم بالبدأ فى اعمال اخرى لم يكملها ، ولكن كتابه الذى لم يلقى العناية التى يستحقها والذى كان فى مجموعته، التى اختارها والشخصيات التى رسمها بقلمه فيها ، كان ينبىء عن قدرة كبيرة فى شاب لم يبلغ الثلاثين.
وبعد اربع سنوات اخرى من التردد بدا فى زواجه الاول غير السعيد –استطاع ان يشق طريقه بقوة نحو مستقبله ، فاشتغل اول الامر مندوبا صحفيا فى البرلمان ، ثم ناقدا مسرحيا ، ثم ناقدا مسرحيا لاباس به فى الشعر والمسرح ، ثم ناقدا ادبيا ، وكاتبا غير مرتبط ، للمقال .
واول كتبه الناجحة الشخصيات فى مسرح شكسبير ، عام 1817 ولا يزال يحتفظ بتاثيره القوى على القراء ، ولكن مقالاته التى تناولت اكثر المواضيع تنويعا واختلافا ، والتى كان ينشرها اولا فى المجلات ثم نشرها بعد ذلك فى مجموعتين ، حديث المدينة ، والمحدث الصريح ، ومجموعته الثالثة لصور الشخصيات المعاصرة ، التى اسماها روح العصر ، هى التى بوأته اخيرا مكانه فى الصف الاول بين الكتاب المحدثين.

ويجب ان نعترف ان هازلت كان رجلا صعب المراس ، يتشاجر مع معظم اصدقائه ، حتى لقد قطع صلته بلام لفترة من الزمن ، وكان ذلك دون شك بسبب انانيته المفرطة ، ، ولكن يجب الا ننسى ايضا انه كان من الاحرار الليبراليين الاقوياء الصامدين ، فى عصر تسوده الرجعية ، وانه كثيرا ما تعرض للهجوم الوجشى بسبب تحرره.
ويجب ان نضيف هنا انه كان لاعبا متحمسا للعبة الراكيت ، وانه كان يستطيع ان يصف مبارة للملاكمة بنفس الكفاءة التى كان يستطيع بها ان يصف احدى المسرحيات ، وكانت هذه ميزة له على معاصريه الغارقين فى الكتب ،ويجد محبو هازلت فى حماسته ، المتدفقة المزمنة على حد تعبيره ، وفى كتاباته العصبية النابضة بالحياة فى اى موضوع ، سحرا لا يقاوم.
ولعله من الواجب ان نقدم الى محبى هازلت كلماته عن بيرك ، التى تنطبق عليه فى هذا المقام ، اذ قال ، ان كنا نريد ان نوفيه حقه ، فالواجب ان نقتبس جميع اعماله – فالنموذج الذى يمثل بيرك ، هو كل ما كتبه.

والان الى مقاله - القيام برحلة

ان من امتع الاشياء فى الدنيا ، ان يقوم المرأ برحلة ، ولكنى احب ان افعل ذلك بمفردى ، فانا احب صحبة الناس فى غرفة ، اما خارج الابواب فان الطبيعة تكفينى كرفيق ، واحساسى بالوحدة حينذالك يصل الى حده الادنى ، حين اكون بمفردى .
فالحقول دراسته ، والطبيعة كتابه

ولست ارى شيئا من الحكمة فى ان يشغل المرأ نفسه بالحديث والمشى فى ان واحد ، انى اود حين اكون فى الريف ، ان اعيش فى كالريف فى حياته النباتية البدائية ، ولا يخطر لى قط ان اتناول بالنقد سياجاته الشائكة ولا ماشيته السوداء ، فانى اخرج من المدينة لانسى المدينة وكل ما فى المدينة ، انى احب الوحدة من اجل الوحدة ، حين اهب نفسى لها لا اطلب صديقا اهمس اليه فى الخلوة ، بان حياة الوحدة جميلة حلوة .

ان روح الرحلة هى الحرية ، حرية الانسان الكاملة فى ان يفكر ويحس ويفعل ما يحلو له ، ان اهم غرض يحفزنا على القيام برحلة هو ان نحرر انفسنا من كل المعوقات والمضايقات ، وان نترك انفسنا ورائنا ، وقبل هذا وذاك ، ان نتخلص من الاخرين ، انى اقوم برحلة لانى اريد متنفسا اتامل فيه الاشياء التى لا تؤثر بشكل مباشر فى حياتنا اليومية ، وحيث استطيع التامل .

لا اريد مرافقة صديق فى رحلتى لنتبادل الاحاديث الاسنة التى كررناه مرارا وتكرارا اريد فقط ان اكون وحدى والسماء الزرقاء الصافية فوق رأسى والحشيش القصير تحت قدمى، وثلاث ساعات من المشى قبل عشائى ثم بعد ذلك الى التفكير .

اننى اقفز واغنى فرحا بالحياة ، ومن هذه النقطة من السحابة التى فوقى اقفز الى ماضى حياتى وامرح واعربد هناك ، ثم تظهر فجأة امام ناظرى المتلهفتين ، تلك الاشياء التى طواها النسيان منذ امد بعيد ، فابدا بالاحساس والتفكير وان اكون نفسى مرة اخرى ، اننى افضل ان اكون وحدى ،فانا لا استطيع ان اتكلم وافكر معا ، او ان اطلق العنان لتاملاتى الحزينة ثم انتقل الى حديث صاخب .
انك لا تستطيع قراءة الطبيعة فى كتابها المنشور لو معك صديق دون ان تحاول تفسيرها له ، ولكن وحدى فانى اختزن افكارى ثم اجرى عليها الفحص والتشريح بعد ذلك ، انك ان لاحظت عطر لمزروعات فى احد الحقول ، فربما كان رفيقك فاقدا لحاسة الشم ، وان حدث ان اشرت لشيئا بعيدا فلربما كان قصير النظر ، وينتج عن عجزك من نقل تصورك او فهمك لرفيقك حرج ، او تفقد تعاطفك لما احببته ، ولكن حين اكون وحدى لا اتشاجر مع نفسى قط ، ربما كوليردج يستطيع ان يفعل ذلك .

وبصورة عامة فان الحديث الجميل ، يفسد علينا ما نتوقعه من متعة فى الهواء الطلق ، انه لشيىء عظيم ان يتحرر النسان من حصار الدنيا ، وحصار الرأى العام ، وان يفقد فى عناصر الطبيعة ذاتيته الشخصية اللجوجة المعذبة ، وان يصبح ابن اللحظة ، طلقا من كل قيد ، والا يصله بالعالم الا طبق اللحم الشهى ، وان لا يدين لاحد بشىء اكثر من قائمة الحساب عن تكاليف المساء ، وان لا يسعى الى التصفيق ثم يقابل بالاحتقار ، والا يعرف باسم اخر سوى السيد الذى فى غرفة الاستقبال.

ان السفر وتغيير المكان يستتبع التغيير فى افكارنا بل وفى اراءنا وشعورنا ، اننا نسى المدينة ونحن فى الريف ونحتقر الريف ونحن فى المدينة او كم يقول سير فوبلنج فلتر ، ان ما وراء هايد بارك كله صحراء ، اننا نرى الاشياء القريبة منا
ولكنى على العكس احتاج الى رفيق ان تجاسرت على السفر خارج البلاد ، ، لاننى اود ان اسمع نبراتى لغتى بين ان واخر ، ولاشعر بعون اجتماعى للتغلب على الكره اللارادى للسلوك والافكار الاجنبية ، فلا شك ان المرأ يحس بالاختناق ذا وجد نفسه فى صحراء العرب ، دون اصدقاء او احد مواطنيه ، وانا اعترف بان الاهرام تعظم على اى تأمل فردى ، لا شك ان السفر الى البلاد الاجنبية فيه متعة ولكنها متعة موقوته وليست دائمة ، ولقد اشار دكتور جونسون الى ان السفر الى يكاد لا يضيف شيئا .
اننا لا نكون نفس الاشخاص عندما نسافر خارج البلاد فنحن نضيع من انفسنا ، ونضيع من اصدقائنا ، ولهذا يفنى الشاعر فقط فى خيال غريب محبب الى النفس
الى خارج بلادى وخارج نفسى ازمعت السفر

ان اولئك الذين يريدون ان ينسوا افكارهم المؤلمة ، يحسنون صنعا بتغيبهم عن الاشياء والصلات التى تذكرهم بها ، ولكننا لا نستطيع ان نحقق قدرنا الا فى المكان الذى ولدنا فيه ، لذلك فانى اود كثيرا ان اقضى حياتى باكملها فى السفر خارج بلادى ، وياليت استطيع ان اقترض حياة اخرى من اى مكان لاقضيها بعد ذلك فى بلادى .
حديث المائدة 1831- 1832
والى مقال قادم

ملحوظة سقط سهوا فى المقال السابق عن تشارلز لام - انه المقال الثامن من كتاب روائع المقال = لهيوستون بيترسون – وترجمة يونس شاهين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة