الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعرفون الآن لماذا كنا نخسر الحروب وتربحها ((إسرائيل))؟!(1)

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2020 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


ربما نحن اليوم في زاوية مثالية من التاريخ وفي مكان مميز منها ، يمكننا أن نطل من خلاله على مشهد كبير من مشاهد العظمى ، يجمع بين ثناياه الماضي القريب والحاضر البائس ، وربما ينبئانا بشكل المستقبل الذي سيصوغان تفاصيله معاً!
ولم تكن رؤية هذا المشهد التاريخي بهذا الوضوح الكبير ممكنة قبل هذه الأحداث الكثيرة الأخيرة ، والتي غيرت جميع معطيات منطقتنا العربية وجميع اشكال حركتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنضالية ، وطبيعة الاشقاء والاصدقاء القدامى والأعداء الجدد بمفاهيم لم نألفها من قبل!

فالماضي المتبلور من معطيات "الحروب الصليبية" ومروراً بــ "مؤتمر لندن 1907" و "وعد بلفور" وانتهاءً بــ "اتفاقيات سايكس/بيكو" تعلمنا درساً بليغاً قل نظيره!
فــ "الحروب الصليبية": كانت درساً استوعبه الأوربيون جيداً ولم نفهمه نحن بعد . وهذا الدرس كان يقول بمعادلة تحكم تاريخ البحر الأبيض المتوسط بضفتيه المستوطنة من قبل أقدم شعوب الأرض وأحدثها على كل ضفة منها في آن واحد .... وهو درس بليغ يقول منذ آلاف السنين:
أن نهوض " الشعب الممتد من جبال ساغروس حتى المحيط الأطلسي" ـ كما يصفه "مؤتمر لندن 1907" ـ سيكون على حساب أوربا ونهوض أوربا سيكون على حساب ذلك الشعب ، وهذا ما سجلته وقائع صراع أوربا مع الكنعانيين من قبل ومع احفادهم العرب المسلمين من بعدهم ـ وهما نفس الشعب ـ أو هما الشعبان اللذان دخلا أوربا بحد السيف في الماضي ، ويمكن أن تعاد الكرة مرة أخرى .. وهذا ليس مستبعداً وفق المنظورات التاريخية!

وجاء "مؤتمر لندن 1907" : بوحي من هذه (المعادلة التاريخية) التي تحكم ضفتي المتوسط لكسر أحد طرفيها ، ولتكون لصالح أوربا والأوربيين وحدهم ، وإلى الأبد .. فأصدر ذلك المؤتمر عدة وصايا وتعليمات تصب في الاتجاه ... وكان أهمها الآتــــــي :
 وأولها : تفتيت ذلك "الشعب الممتد من جبال ساغروس حتى المحيط الأطلسي" وتجزئته إلى أجزاء وقطع صغيرة لا حول لها ولا قوة ، وزرع العدوات بين هذه الأجزاء لمنع اعادة تجميعها لنفسها لتكون قوة واحدة مرة أخرى ، وإذا اقتضى الأمر استخدام القوة لمنع ذلك التجمع!
 وثانيها : يراعى عند تقسيم المنطقة " الممتدة من جبال ساغروس حتى المحيط الأطلسي" حرمان الكيانات الحضارية التاريخية الكبيرة من امتداداتها الجغرافية المعروفة تاريخياً ومن ثرواتها ، وتستحدث من هذه الامتدادات المستقطعة كيانات صغيرة لا حضارة لها ولا تمتلك تاريخاً خاصاً بها ، على أن تكون أراضيها تحتوي أهم ثروات المنطقة وأكثرها حيوية وأهمية استراتيجية تمكنها من لعب أدوار مهمة مستقبلاً ، على أن تكون هذه الكيانات المستحدثة ضعيفة ولا تمتلك قوة ذاتية تحمي بها نفسها ، مما يضطرها لتكون تابعة بالكامل لدول أوربا القوية ولسياستها وتأتمر بأمرتها!
 وثالثها : منع الكيانات التاريخية الكبيرة كالعراق ومصر وبلاد الشام ـ وبأي ثمن ـ من استعادة حيويتها ودورها التاريخي الرائد والمشهود في المنطقة والعالم!
 ورابعها : زرع (جسد غريب) في وسط المنطقة يقطع أوصالها ويفصل مشرقها عن مغربها ، وتكون وظيفته كـوظيفة (الاسفنجة الماصة) التي تمتص جهد المنطقة وثرواتها وتنميتها ومنع نهوضها ووحدتها من جديد ، وفي الوقت نفسه يكون عامل للفرقة بين أجزائها المختلفة ، على أن تستمر أوربا والغرب عموماً بدعم ذلك (الكيان الغريب) ومده بكل أسباب القوة التي تمكنه من التفوق على تلك الأجزاء جميعها ، ليكون عصياً على الانكسار والهزيمة!

فكان وعد بلفور 1917 : هو حجر الزاوية الأساس لقيام ذلك الكيان الوظيفي الذي سمي "إسرائيل" فيما بعد ، ليؤدي جميع تلك الوظائف المناطة به في المنطقة .. وقد أداها بصورة مثالية وبنجاح منقطع النظير فعلاً!

أما "اتفاقيات سايكس/ بيكو" : فكانت عبارة عن "خارطة طريق" لتنفيذ وصايا وتعليمات "مؤتمر لندن 1907" التي تم بموجبها تقسيم المنطقة " الممتدة من جبال ساغروس حتى المحيط الأطلسي" ـ كما سماها"مؤتمر لندن 1907" ـ وتفتيتها وتجزأتها إلى أجزاء أغلبها صغيرة ، ووضعت مع ثرواتها "تحت يد الغرب" الأوربي وفي خدمته وخدمة مصالحه الاستعمارية الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية والأمنية!
*****
فتكوّن وولد بفعل تلك المحركات الاستعمارية الخارجية: [أي: "مؤتمر لندن 1907" و "وعد بلفور" و "اتفاقيات سايكس/بيكو"] ومصالح تلك الدول الاستعمارية السياسية والاقتصادية والاستراتيجية ، وولد من رحمها وعلى يدها (مخلوق مشوه) ضم جميع النظم السياسية العربية ، بما فيها من دول ومشيخات وامارات فيما يسمى اليوم بــ "العالم العربي" ، وهو يعني المنطقة "الممتدة من جبال ساغروس حتى المحيط الأطلسي" نفسها!
ومصطلح "العالم العربي" مصطلح سياسي جغرافي استعماري وجد ليحل كبديل محل مصطلح "الوطن العربي" أو محل مصطلح "البلاد العربية" الاسم التاريخي أو التراثي لها ، والذي يضم بين جنباته شعب المنطقة " الممتدة من جبال ساغروس حتى المحيط الأطلسي"!
وتجري الآن محاولات لإحلال مصطلح (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) محل ذلكم المصطلحان ، وهذا أيضاً مصطلح سياسي جغرافي يراد به محو هوية المنطقة ، فهو يشير إلى موقع جغرافي من الأرض ولا يحمل أية مضامين سياسية أو إنسانية ، يمكنها أن تشير إلى هوية الإنسان الذي استوطنها منذ الخليقة إلى اليوم!..
فإنسان هذه الأرض أو هذه الجغرافية كون [أمة واحدة] وليس (عالماً متعدد اللغات والسمات) سواء اسموه (عالماً عربياً) أو (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)!
لكن السؤال: كيف يمكن لهذا (المخلوق المشوه ونظمه السياسية) في هذا "العالم العربي" أن يحارب "إسرائيل" وينتصر عليها ، وهي شقيقه الأهم منه والذي ولد معه من (الرحم نفسه) وعلى يد القابلة الغربية نفسها؟
*****
فمعظم هذه الأنظمة العربية التي صنعوها قد طبعت مع ذلك الشقيق اليهودي "إسرائيل" حتى قبل أن يولد ، فهناك ثلاث ممالك عربية ـ في مشرق ووسط ومغرب الوطن العربي ـ قد (طــبــعـــت) مع "إسرائيل" حتى قبل أن تولد!

فها هو ملك السعوديين في المشرق العربي يبدأ ما نراه من أولاده واحفاده من "تطبيع" اليوم:
فقد جاء في مذكرات (حاييم وايزمن) أول رئيس للكيان الصهيوني :
((إن انشاء الكيان السعودي هو مشروع بريطانيا الأول ، ومشروعها الثاني هو إنشاء "دولة إسرائيل" .. ويضيف وايزمن نقلاً عن تشرشل الرئيس الأسبق للحكومة البريطانية بتاريخ 1932-3-11(بقوله) : أريدك أن تعلم يا وايزمن أني وضعت مشروعاً لكم سينفذ لاحقاً ، فبودي أن أرى عبد العزيز بن سعود سيداً على الشرق الأوسط وكبير كبرائه (وهو الحاصل اليوم) وعليك كتمان السر ونقله إلى روزفلت ، فليس هناك شيء يستحيل تحقيقه عندما نعمل أنا وروزفلت لتحقيقه.))
وفي مؤتمر (العقير) الذي عقد عام 1922 كتب عبد العزيز أبن سعود للسير (برسي كوكس) مندوب بريطانيا تنازلاً خطياً عن فلسطين لليهود .. جاء في نصه الحرفي :
((بسم الله الرحمن الرحيم: أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود؛ أقر وأعترف ألف مرة للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى؛ لا مانع عندي من اعطاء فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم ؛كما تراه بريطانيا العظمى؛ التي لا أخرج عن رأيها حتى تصيح الساعة)) ........ وقد وقعها عبد العزيز بفص خاتمه
http://www.ibadiyah.com/vb/imgcache/3928.imgcache.jpg : رابط صورة وثيقة تنازل الملك عبد العزيز عن فلسطين لليهود!
*****
وإذا كان الملك عبد العزيز في المشرق العربي قد تنازل عن فلسطين "للمساكين اليهود" ، فأن ملكاً آخر في المغرب العربي يلقب نفسه بــ "أمير المؤمنين" هو ملك المغرب (الحسن الثاني) ، قد جعل من بلاده مقراً للموساد الصهيوني للتجسس على العرب وجميع أنشطتهم السياسية والعسكرية والمدنية:
ففي آذار/مارس من العام 2015 ، وبعد مرور 60 عاماً على عقد القمة العربية الثالثة عام 1965في المغرب ، سمحت الرقابة العسكرية "الإسرائيلية" بنشر التفاصيل الكاملة عن العلاقات السرية بين الموساد والمغرب ، والتي بدأت في أوائل ستينات القرن العشرين الماضي.. وجاء في جزء منها الآتي!
قبيل انعقاد مؤتمر (القمة العربي الثالث) (في الدار البيضاء) وحسب صحيفة (بديعوت احرونوت) الصهيونية في تقرير مطول ومفصل لها حول هذا الموضوع ، كشفت النقاب فيه عن أن العاهل المغربي (الحسن الثاني) أمر بتخصيص جناح كامل في الفندق الذي عقدت فيه القمة العربية لــ (رجال الموساد) الصهيوني ، لكي يتمكنوا من توثيق وقائع المؤتمر أول بأول ، لكن الملك المغربي تراجع في اللحظة الأخيرة عن هذا الأمر خوفاً من انكشاف وجود رئيس الموساد أنذك (مائير عاميت) في نفس الفندق الذي تعقد فيه القمة العربية !
وعدم تواجد الموساد داخل قاعات المؤتمر لم تقلل من طبيعة وأهمية وخطورة المعلومات التي حصل عليها الموساد ، فحسب (مائير عاميت) رئيس الموساد أنذك.. قال : "إنّ المغرب قدّمت الغالي والنفيس للموساد الإسرائيليّ " ، فبعيد انتهاء المؤتمر حصلنا من المغرب على جميع المعلومات والخطط والوثائق والمستندات والخطابات التي ألقيت في المؤتمر ، وأخطر المعلومات ـ يقول عاميت للصحيفة ـ التي حصلنا عليها كانت [عدم استعداد الجيوش العربية لمحاربة اسرائيل] . فجميع قادة الجيوش العربية أكدوا خلال القائهم لكلماتهم في المؤتمر؛ على أن جيوشهم لا زالت بعيدة عن أن تكون جاهزة ومستعدة لخوض الحرب ضد "إسرائيل".. وشدد عاميت في حديثه للصحيفة: [أن هذه المعلومات كانت بالنسبة لإسرائيل أكبر كنز استراتيجي] وهي التي مكنت إسرائيل من الانتصار في حرب الأيام الستة (يعني نكسة حرب يونيو/حزيران 1967)] ، وقالت الصحيفة "الإسرائيلية" نقلاً عن بروتكولات الحكومة "الإسرائيلية" أنذك وشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش "الإسرائيلي" (أمان) إن هذه المعلومات كانت هي السبب الرئيسي في اتخاذ إسرائيل لقرار شن الحرب على الدول العربية في يونيو 1967 والحاق هزيمة نكراء بكل من مصر وسورية والأردن !!

وكشف الصحفي (رونين برغمان) مؤلف كتاب : "أقــتــل أولاً" .. عن أن :
((سمح لنا المغاربة بوضع اجهزة سمع والاصغاء لكل ما يقولونه لبعضهم البعض ـ يقصد القادة العرب ـ وكانت تلك التسجيلات هي أساس ثقة "إسرائيل" بأنها ستفوز بحرب الأيام الستة ، لأنه يمكن سماعهم يتجادلون . ذهب عاميت إلى أشكول ـ وهو رئيس الوزراء أنذك ـ وقال له: أنظر ، يمكنك سماع عبد الناصر وحسين يصيحان على بعضهم البعض))

وإن أهم القرارات التي اتخذت في القمة العربية الثالثة عام كانت التالية :
 الموافقة على نص ميثاق التضامن العربي وتوقيعه من قبل ملوك ورؤساء الدول العربية المجتمعين.
 مؤازرة الدول العربية ومساندة الجنوب العربي المحتل (اليمن الجنوبي فيما بعد) والخليج العربي.
 المطالبة بتصفية القواعد الاجنبية وتأييد نزع السلاح ومنع انتشار الاسلحة النووية.
 دعم منظمة التحرير الفلسطينية وجيش التحرير ، ودراسة انشاء المجلس الوطني الفلسطيني ، واقرار الخطة العربية الموحدة للدفاع عن قضية فلسطين في الأمم المتحدة والمحافل الدولية.
 مواصلة استثمار مياه نهر الأردن وروافده طبقاً للخطة المرسومة.
 التخلي عن سياسة القوة وحل المشاكل الدولة بالطرق السلمية.
وكل هذه القرارات وصلت جميعها إلى "إسرائيل" واتخذت بشأنها ما يتوافق مع مصالحها ، وعملت بالضد منها جميعها ونجحت!
****
حكاية المستر بــيــف: ........................................ [يــــتــبــع]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة