الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرار مجلس الامن 2548 حول نزاع الصحراء ، كان صفعة مدوية في وجه البوليساريو ، وفي وجه الجزائر

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2020 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


بعد جلسات مراطونية ، أُسدل الستار عن القرار الذي خرج به مجلس حول نزاع الصحراء الغربية ، وهو القرار الذي لطم وجه البوليساريو ، ولطم وجه عرابها الجزائر ... فالقرار 2548 لمجلس الامن ، يكون قد وضع النقط على الحروف ، ويكون قد استجاب لما تمليه كل التغيرات التي حصلت بالمنطقة منذ ثلاثين سنة مرت على توقيع اتفاق 1991 ...
وقبل ان نحلل القرار ، نشير الى انه لأول مرة منذ شروع مجلس الامن في اصدار قراراته منذ منتصف سبعينات القرن الماضي ، اسرعت جبهة البوليساريو الى اصدار بيان حول القرار حتى قبل ان يجف الحبر الذي كتب به ، وهذا الرد السريع ليس له من تفسير غير ان القرار 2548 قد أصاب البوليساريو في الكبد ، وانّ ما راهنت عليه بجدبة الغرغرات علّها تؤثر في قرار مجلس الامن ، كي يجيب و يتماشى مع أطروحة الانفصال ، لم يعره المجلس في قراره ادنى اهتمام ولا اهمي ، واعتبره كأنه لم يكن ، لان مجلس الامن لا يخضع للابتزاز الذي مارسته الجبهة بتوجيه من النظام الجزائري ، فكان تجاهل ما يجري بالغرغرات ، جوابا على رفض المجلس للبلطجية والفوضوية عند قطع الطريق على النقل ، والتنقل المدني والتجاري ... وقد كان تصرف الجيش المغربي في منتهى التعامل الحكيم ، مع الفخ المنصوب الذي تم نصبه بمكر ، وافتضح قبل ان يصل الى مبتغاه ..
ان رد الأمانة العامة للأمم المتحدة الصريح برفض اغلاق معبر الغرغرات ، كان رسالة وَجّهت مجلس الامن في اتخاذ قراره الذي تجاهل فيه بلطجية قطع واغلاق المعبر ببضعة اشخاص من المجتمع ( المدني ) تحسب على رؤوس الاصابع ، فالقرار كان ادانة لأسلوب الابتزاز التي مارسته البوليساريو ، وفشلت فيه عندما استوعبه مجلس الامن منذ بداية عقد دورته العادية ...
وبالرجوع الى بيان جبهة البوليساريو الذي أصدرته مباشرة مع اصدار القرار 2548 ، وكأنها كانت تشم طبيعة القرار المرتقب ، فحررت بيانها قبل صدور القرار كاحتياط للرد على القرار ، سنجد ان البيان يعبر عن المرارة والألم الذي أصيبت بها الجبهة ، وهي تُحمّل مجلس الامن مسؤولية الوضع في الصحراء منذ ثلاثين سنة مضت ، لأنه قبل نشوب الحرب في الصحراء ، كانت الجمعية العامة من خلال اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، هي من كان يصدر القرارات حول الصحراء مرة واحدة في السنة . لكن بعد 1975 ونشوب الحرب في الصحراء ، اضحى مجلس الامن هو من يصدر القرارات ، بدعوى الحفاظ على الامن والسلم الدوليين ، والنظام العام . لكن كل قراراته كانت تصدر تحت البند السادس الاستشارية والغير ملزمة ، ولم يصدر قرار واحد تحت البند السابع المعروف بسلطة الضبط ، وباستعمال القوة في اشكالها المتعددة والمتنوعة ..
لقد اعتبرت جبهة البوليساريو في بيانها أن " ... إنّ عملية السلام وصلت الى منعطف خطير ، ولم يعد امام جبهة البوليساريو أي خيار آخر سوى إعادة النظر في مشاركتها / سطروا على إعادة النظر في مشاركتها / في عملية السلام برمتها ... " . ولنا ان نتساءل هنا : كم مرة لوحت الجبهة بإعادتها النظر في عماية السلام برمتها ؟ وهل يستطيع فاقد الشيء الخاوي الوفاض ، ان يزعج مجاس الامن ، ويربكه بالدعوة الى إعادة النظر في المسلسل ، وهو الذي تنصل منه المجلس عندما افرغ القرار 690 من مضمونه ، وعندما انقبل على اتفاق 1991 الذي جرى توقيعه تحت اشرافه ، وضمن تطبيقه ، والحال انه مرت على هذا الاتفاق ( 1991 ) ثلاثون سنة ، تحولت فيها المينورسو الى كيان فارغ من الاختصاصات التي اسندها له اتفاق 1991 ، وخاصة القرار 690 المرفق به ...
وتعتبر الجبهة في بيانها " ... فالجبهة اعتبرت القرار / قرار مجلس الامن 2548 / مؤسف وغير مقبول ، ويعد رجوعا مؤسفا للغاية .. ترك الأمور على حالها المعهود ... ونكسة خطيرة للزخم السياسي الذي خلقه مجلس الامن ، وحافظ عليه طيلة 18 شهرا الماضية .. " .
" .... لقد ضيع مجلس الامن فرصة أخرى للحيلولة دون انهيار عملية السلام ، بسبب فشله في المضي لإلزام المغرب بإنهاء الاحتلال .. " ..
" .. وامام التقاعس المتكرر للأمانة العامة للأمم المتحدة ، ولمجلس الامن ، عن منع المغرب من املاء شروط عملية السلام برمتها .... / لاحظوا البيان يصف الأمانة العامة ومجلس الامن بالتقاعس / ... " ..
" ... لقد وصلت عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الصحراء الى منعطف خطير .. " ..
واضح اذن من البيان ، انّ القرار الذي أصدره مجلس الامن قد اعتبرته الجبهة بمثابة نكسة ، خاصة وانه اهمل الإشارة الى جدبة الغرغرات الابتزازية ، لان مجلس الامن لا ولن يقبل الابتزاز من الطرف الضعيف في الحلقة .. فالجبهة تعترف في بيانها ان القرار 2548 لم يأت بجديد ، حين " ترك الأمور على حالها المعهود " ..
فهل تملك جبهة البوليساريو الشجاعة في كل مرة تلقت صفعة مدوية ، واكثر من الصفعة سابقتها ، من إعادة النظر ، ومراجعة المسلسل الذي يقوده مجلس الامن ، أي في ما اسمته " مراجعة عملية السلام ... " ؟ ..
ان فاقد الشيء لا يعطيه ، والبيان كان زفرة حادة بمعانة الجبهة عندما سقطت في فخ اتفاق 1991 ، وطلقت الكفاح المسلح الذي كاد ان يعطي نتائجه ، وكاد ان يسقط النظام في المغرب ... فذهاب الصحراء حتمية لذهاب النظام ،لان وجوده الذي كان مهددا بالسقوط ، انقدته الصحراء ، والتفريط في الصحراء سيكون تفريطا في كل المغرب ، وليس فقط في الصحراء ...
وبالرجوع الى القرار 2548 الذي أصدره مجلس الامن ، نكاد نجزم انه صورة عن كل القرارات التي أصدرها مجلس الامن سابقا ، وهي قرارات تحتمل تفسيرات متعددة ، كما تجعل كل طرف يعتقد انها نصرته على غريمه .. في حين انها قرارات تعجيزية لكلا الطرفين المتصارعين .
فحين ينص القرار على ربط أي حل بشرطي الموافقة والقبول لأطراف النزاع ، وان يكون سياسيا ، أي لا يكون قانونيا ، هنا يصبح القرار الذي أصدره المجلس ، عائقا وحائلا امام إمكانية حل نزاع عمر لأكثر من ثلاثين سنة من تولي مجلس الامن عقد دوراته العادية لبحث مشكل النزاع ... ولو لم تكن قرارات مجلس هي من يحمل عرقلة إيجاد حل ، هل كان لهذا النزاع ان يجعل مجلس الامن عاجزا عن حله ، خاصة اذا التجأ الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ...
فالمغرب لن يقبل ولن يوافق على الحل الجزائري ومرديها الجبهة ، وبالمثل الجبهة وفقهها المشعوذ ، لن يقبلا ولن يوافقا على الحل المغربي ... وهذا التناقض سهل الاكتشاف في صلب كل القرارات التي دأب مجلس الامن يصدرها منذ سنة 1975 ..
--- القرار 2548 لا يحمل جديدا ، بل أهان جبهة البوليساريو عندما اختزل مشكلة الصحراويين المحتجزين بتندوف ، في قضية تقديم المساعدات الغذائية المناسبة ، وتقديم تبرعات إضافية لتمويل البرامج الغذائية ، لضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية للمحتجزين على النحو المناسب ، وتجنب التخفيضات في الحصص الغذائية .. فهل بلغ الجوع بالبوليساريو بمخيمات لحمادة وتندوف ، ان يعتبر مجلس الامن مشكلتهم تختصر في الاكل والغذاء ، وفي المساعدات الإنسانية .. بالفعل انه شيء مؤسف ..
--- القرار مدد ولاية المينورسو لسنة إضافية الى 31 اكتوبر 2021 / واسيييييييييييييييير تْضيمْ -–گودو الذي لن يعود ، لان صراع البوليساريو اضحى منذ 1991 صراعا دنكشوطيا يحارب الطاحونان الهوائية .. والذليل الوضع المزْري الذي وصلته الجبهة بعد ثلاثين سنة من الانتظار في ثلاجة الانتظار ...
--- القرار 2548 سمى بالاسم الجزائر ، حين الح على ضرورة حضورها اللقاءات إنْ تم عقدها ، لكن في ظل تباعد المواقف ، فاللقاءات إنْ حصلت ، محكوم عليها بالفشل كاللقاءات السابقة ، وهذا يمكن استنتاجه من قرارات مجلس الامن المتعاقبة ، التي تربط أي حل بالمستحيل ، أي ضرورة توفر شرطي الموافقة والقبول ...
--- القرار يدعو الى استئناف المفاوضات بدون شروط ، بهدف التوصل الى حل سياسي / سطروا على سياسي / ، عادل / سطروا على عادل / ، دائم / سطروا على دائم / ، ومقبول من الطرفين / سطروا كثيرا على حل مقبول من الطرفين / .... فهل قرار مجلس الامن 2548 ، يقصد بهذه المصطلحات التي تلاعب بها لتدجين عقل البوليساريو ، فصل الصحراء عن المغرب ؟
ان من يعتقد ذلك سيكون بمن ينظر الى أصابع رجيله لا الى امامه ... فما معنى استعمال مجلس الامن لمصطلح " .. حل مقبول من الطرفين .. " ؟ .. وبما ان هذا القبول لا ولن يتحقق ، فالحل الذي يرمز له مجلس الامن هو حل الحكم الذاتي ، الذي هو نوع من تقرير المصير عندما سيصبح المجتمع الدولي هو من يقف وراء ترتيبات الحكم الذاتي .. أي بناء نظام للحكم الذاتي تحت اشراف الأمم المتحدة ، لا تحت اشراف النظام المغربي .. أي سيكون حكما ذاتيا حقيقيا ، وهذا يعني تقريرا للمصير الذي تطالب به الجبهة ... التي تبحث فقط على الانفصال ..
--- لكن الأهم الذي يمكن استخلاصه من التقرير ، ان مجلس الامن لم يعر جدبة الغرغرات وبلدة مجيك أهمية ، ولا اعارها الاهتمام ، وكأنها لم تكن ابدا ... لان المجاس اعتبرها ابتزازا رخيصا ، ويفتقد الى المسؤولية ، وتهدف الضغط على القرار، كي يستجيب لتسريع تنظيم الاستفتاء ، وتعيين مبعوث شخصي للأمين العام ، وتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مادة حقوق الانسان ...
فإهمال مجلس الامن لجدبة الغرغارت وبلدة ميجيك ، كان عملا بتوجيه الأمين العام للأمم المتحدة ، والأمانة العامة ، التي رفضت حماقة وهسْتيريا اغلاق المعابر ، التي كانت ابتزازا فطن له المجلس ، فاهمله ، ولم يعره ادنى أهمية في قراراه الذي اختزله في تقديم المساعدات الغذائية ، والمساعدات الإنسانية للمحتجزين بتندوف تحت رقابة ومراقبة المخابرات الجزائرية ...
فهل تملك قيادة البوليساريو الفاشلة الشجاعة والجرأة ، لإعادة النظر في مشاركتها في عملية السلام برمتها ؟
الجبهة التي بيانها يعكس مستوى احباطها ، واعترافا بفشلها ، وافلاسها منذ ان طلقت الكفاح المسلح ، وارتمت في المفاوضات التي كانت تدار بطريقة ذكية ، تنتهي بإفراغ الجبهة من زخمها الثوري الذي نفخت فيه الحرب الباردة طيلة السبعينات والثمانينات ، وفقدت الكثير من المواقع ، وانتظرت ثلاثين سنة ، ولا تزال تنتظر كي ينوب عنها مجلس الامن بتنظيم استفتاء اصبح غير ذي جدوى ، خاصة وان أمريكا وفرنسا واسبانيا ..لن يفرطوا في النظام المغربي لصالح النظام الجزائري ... لن تستطع إعادة النظر في مشاركتها في عملية السلام .... كما لن تستطع العودة الى الحرب لأنها اكبر منها ...
وما دعوة الجبهة في بيانها بتحمل مجلس الامن لمسؤوليته ، سوى دعوة واستجداء كي ينوب عنها المجلس في تنظيم الاستفتاء ... في حين تمارس قيادتها الفاشلة " اذهب انت وربك فقاتلا ، إنّا هنا لقاعدون " ...
البوليساريو انتهى ... والقرار 2548 ، كان صدمة مدوية ابطلت كل تخمينات ... الانفصال .. وبيان الجبهة ناطق بما فيه ...
فهل قرأتم قصة " القبرة والصياد " ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير