الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام البرلماني لا يصلح للعراق .... يجذّر الفساد ويحمي المفسدين

محمد رياض حمزة

2020 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


فشل المجلس النيابي ( البرلمان ) وبعد ثلاث دورات في تعديل قانون الانتخابات وما يرافقه من إجراءات تأخذ صفة القانون لضمان نزاهة إجرائها وأهلية ونزاهة المفوضية العليا للانتخابات واستقلاليتها الحقيقية والاشراف الاممي لتأمين صدق نتائجها.
حدد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي السادس من حزيران 2021 موعدا مبكرا لإجراء الانتخابات النيابية . ومنذ إعلان الموعد بدات وسائل الاعلام تتناقل يوميا مواقف القوى السياسية المطالبة ب " إستكمال قانون الانتخابات" ونقرا ونسمع ونشاهد الافكار المتناقضة التي تصدر عن ذات القوى السياسية المتنفذة في اسلوب تنفيذها ومعوقات إجرائها و التشكيك بصدقها وتزوير نتائجها . وعلى أي حال إن أجريت الانتخابات أو أجل إجراؤها فانها ، مع وجود ذات الشخصيات والاحزاب والتكتلات المتمسكة بالمحاصصة ، ستأتي بمجلس نيابي لا يختلف عن سابقيه تسيطر عليه القوى السياسية الفاشلة الفاسدة. تجدر الاشارة إلى أن اهم اسباب تعطيل سن القوانين ذات الاهمية السياسية والاقتصادية في البرلمان من خلال التصويت المتداول كان يجري لاغراض كيدية وتسقيطية مضادة لقرارات اللسلطة التنفيذية في اطار الصراعات بحثاً عن المنافع الفئوية وليس منافع الشعب.
وسواء أجريت الانتخابات بإسلوب الدائرة الواحدة لكل محافظة كما تطالب بها شخصيات وصمت بالفساد ، قيادات احزاب وكتل. أو جُزِّءَت دوائرَ فأن تلك القوى التي أوجدت الواقع الخطير الذي يعيشه العراق عازمة على مواصلة العمل للهيمنة على المجلس النيابي ( البرلمان).
تجدر الاشارة الى ان النظام البرلماني في العراق هو نتاج دستور 2005 الذي وضع اسس المحاصصة. جاء في المادة (49):"..... ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه".. هذه العبارة التي جاءت في أخر ( أولا) من المادة ( 49) فصار لكل مكوِّن حصص ( مقاعد) في المجلس النيابي ومناصب في السلطتين التنفيذية والقضائية بحجة الاغلبية الطائفية . وعلى مدى دورات المجلس النيابي الثلاث الماضية ترسخت المحاصصة فصارت واقعا بسند الدستور .
كتبتُ في موقع " الحوار المتمدن" مقالا بعنوان (صلاحية النظام النيابي لظروف العراق الآنية) ونشر في 9 أيار 2016. واعود لأقول إنه ضرب من الخيال وبلاهة في من يعتقد أن النظام النيابي ( البرلماني) يمكن ان يطوّر العراق لينعم شعبه بالامن والاستقرار وكريم العيش بما قيّض الله له من النِعم والثروات الطبيعية.
منذ سبعة عشر عاما أفرزت العملية السياسية و نظام المحاصصة طُغماً سياسية جاهلة فاشلة اسرفت فسادا وهدرا وأوغلت وتمادت في العمل على مقاومة التغيير المنشود. واليوم فإن ساسة الفساد مُصرّون على البقاء في مواقع صنع القرار لأنهم أدركوا هول جرائمهم وتخبطهم وسوء أدارتهم وبولاءاتهم لغير العراق . فهم يقاتلون بضراوة لمنع اي تغيير في النظام السياسي ، التشريعي والتنفيذي والقضائي. معتبرين أي اجراءات قانونية لملاحقة ومحاسبة حتى بعض صغار المفسدين ،على محدوديتها وضعفها، عملا مهددا لمصالحهم وسيفضي لمحاسبتهم وادانتهم والقصاص على ما اقترفوه .
إن لم تتم إزاحة كبار المسؤولين الذين تحوم حولهم شبهات الفساد فأنهم عائدون الى المجلس النيابي التي تسيطر على قراراته ذات القوى من احزاب وتكتلات وتيارات وذات الوجوه الموصومة بالفساد بعد أن سلكت كل وسيلة قذرة من التزوير وشراء الاصوات و الذمم ، لتتحكم بصنع القرار النيابي وفق ما دأب عليه نظام المحاصصة لتُسقط أي حكومة تهدد مصالحها.
ـــــــــ الواقع السياسي للعراق في ظل النظام البرلماني : منذ إقرار دستور 2005 وجاء في البـاب الأول المبادئ الأساسية المادة ( 1) أن جمهورية العراق دولةٌ اتحاديةٌ واحدةٌ مستقلةٌ ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوريٌ نيابيٌ (برلماني) ديمقراطيٌ، وهذا الدستور ضامنٌ لوحدة العراق. وإستعراضاً لتطور ما سمي ب ( العملية السياسية) فأن العراق لم يكن دولة إتحادية موحدة . ذلك أن إقليم كردسان دولة شبه مستقلة سياسيا واقتصاديا وعسكريا. كما ان مجالس المحافظات اسرفت فسادا وسرقة وهدرا للمال العام "بفضل اللامركزية" الإدارية.
ـــــ ولم يكن العراق مستقلا بالمعني السيادي للاستقلال فدخلت إيران بذريعة الطائفة والمذهب بقوة من خلال حزب الدعوة والمجلس الاعلى الاسلامي وتنظيمات مسلحة ، أسستها ومولتها، فكان لطهران الكلمة الفاعلة في تسيير العملية السياسية . كذلك فإن للولايات المتحدة الامريكية حضور ستراتيجي بعشرات القواعد وبتسليح ثقيل وباهداف سياسية واقتصادية . لذا فلواشنطن أيضا تاثير على صنع القرار السياسي .
ـــــ منذ 2003 دخلت بعض عشائر محافظات غرب و شمال العراق بتحالف مع البعث والقاعدة ثم داعش بتمويل خليجي وبدعم لوجستي تركي فقتل مئات الالاف وشرد بضعة ملايين من العراقيين . وبالرغم من دحر هذا التحالف فإن فلوله لا تزال تجد لها الحواضن لتنفيذ عمليات قتل وخطف وترويع المواطنين . لذلك لا معنى لسيادة الدولة ومواطنيها في بضعة محافضات لا ثقة لهم بالحكومة المركزية ويعتقدون انهم مهمشين طائفيا.
ـــــــ أما نظام الحكم الجمهوري النيابي (البرلماني) الديمقراطي .فإنه خداع فاضح أن يتباهى اقطاب العملية السياسية بالديمقراطية بأجراء الانتخابات مرة كل اربع سنوات وفق نظام المحاصصة وبمشاركة اقل من 20% من جملة المواطنين المؤهلين للتصويت في الانتخابات. ذلك فضلا عن تهم التزوير وشراء الاصوات لنيل المناصب بتمويل خارجي شمل أعلى مناصب الهرم السياسي الى كل نائب ومسؤول في السلطات الثلاث. وبذلك أفرغت الديمقراطية من معناها.
ــــــ وإلى كل ما تقدم فان النظام النيابي يعتبر احد أهم اسباب واقع العراق الاني ... المنهوب المبتلى بالمحاصصة والفساد وينحدر المزيد من مواطنيه إلى الفقر . وأنه هذا النظام المسؤول عن كل ما جري ويجري وسيجري للعراق من الفوضى والضعف وعدم الاستقرار .
ـــــ كما قلت وأكرر ليس حبا بالنظام الرئاسي الذي أثبت التاريخ أن تحوله للدكتاتورية متوقع . وليس رفضا للنظام النيابي ( البرلماني) الذي يترجم إرادة الشعب ممثلا بنوابه . بل إنه التطبيق الفعلي للديمقراطية .ومع ذلك فإن شعوب الدول " النامية" التي لم تنل من الاستقرار والأمن لمئات السنين ليست كالشعوب التي تنورت بالعلم والمعرفة وبمنجزات التشريعات والنظم والقوانين الوضعية . فالعراق ومنذ 1958 حكم بنظم إتسمت بالجهل أو العفوية أو الطغيان أو بكلها . فنظام الحكم قبل 2003 تمثل بالحكم بإسلوب " المافيا" السياسية فتسبب بإحتلاله وهدم أركانه . وكان من بين جملة أخطاء سلطة الإحتلال فرض النظام " البرلماني الفدرالي " وفق دستور "سُلِقَ" على عجالة وبإشراف المحتل . وخلال السبعة عشر عاما الماضية من نظام الحكم البرلماني وما يسمى بالعملية السياسية فالعراق تتهدده مخاطر سياسية واقتصادية وينخر الفساد في مؤسساته الحكومية . لذا فالمرحلة الراهنة التي يمر بها العراق لا يصلح لها أو يتناسب مع تناقضاتها نظام الحكم النيابي "البرلماني" كسلطة تشريعية تتحكم بالقرارات التي تحتاج إلى الحسم . وقد شهدنا كيف كان المجلس النيابي معطلا لعشرات من مشاريع القرارات المهمة وحتى التنموية منها. ورئاسة المجلس النيابي ونائبيه متناقضون . فطالما أجلت مشاريع قرارات بقراءة أولى إلى قراءة ثانية ثم طويت في أدراج المكاتب ولم تر النور أو تقر لسنين .
التشكيل الوزاري المنشود من المهنيين والخبراء في إدارة شؤون الدولة لا يمكن أن يعمل بوجود نظام برلماني على المديين الآني والقريب . لذا يجب تغيير نظام الحكم من نيابي إلى رئاسي. لأن النظام الرئاسي بقيادات مدنية لا يخضع للإملاءات في إطار نظام المحاصصة و لن تتحكم به الأحزاب والتحالفات والكتل وأي من شراذم المنتفعين في " العملية السياسية.
وليس حبا بالتشاؤم ... فعقد آخر أو لعقود من الزمن بوجود النظام النيابي " البرلماني " بأحزابه وتحالفاته وتياراته وكتله لن يتقدم العراق . وقد تكون تبعات بقائه أسوأ. فخلال السنوات الماضية كان المجلس النيابي معطلا لمشاريع القرارات ذات الأهمية لتطوير البلد سياسيا واقتصاديا . وكان حريصا على إبقاء إمتيازات اعضاءه المالية .وتناقضت مكونات كتله لتنتهي مشاريع القرارات إلى ملفات ورقية تقبع في أدراج مكاتب رئاسته.
لن يستقر العراق ولن يتقدم ببقاء النظام البرلماني المحاصصي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقيف مساعد نائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصال


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تهز عددا متزايدا من الجامعات




.. مسلحون يستهدفون قواعد أميركية من داخل العراق وبغداد تصفهم با


.. الجيش الإسرائيلي يعلن حشد لواءين احتياطيين -للقيام بمهام دفا




.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال