الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسماء ودلالاتها في مجموعة -العرس الأبيض- هيثم جابر

رائد الحواري

2020 / 11 / 1
أوراق كتبت في وعن السجن


الأسماء ودلالاتها في مجموعة
"العرس الأبيض"
هيثم جابر
عندما نتعامل مع الأدب علينا أن نكون محايدين، وغير منحازين لمن يكتب، مهما كان وضعه/صفته، ولكي نستطيع أن نقدم أدبا يرتقي ليكون أدبا عربيا وحتى عالميا، يمثل عدالة قضية فلسطين وشعبها، ولكي يكون قادرا على منافسة الأدب العالمي الذي يتطور كل يوم، علينا (بالحياد وعدم التعاطف) مع كتابات الأسرى، لأن الانحياز للأسرى وادبهم يعني وضع ما ينتجونه تحت المجهر، وعدم تمرير التجاوزات الأدبية والتوقف عند(الهفوات) وتبيانها، بهذا نستطيع أن نخدم قضية أدب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ونرفع من شأن الأدباء الأسرى.
الأسماء تأخذنا إلى شيء مما يحمله الكاتب/القاص، وعندما يتم تكرار اسماء شخصيات بعينها في مجموعة قصصية فهذا له دلاله، تتمثل بتعلق القاص بمدلول الأسماء، أو بالأسماء/بالأشخاص نفسها، الاسماء التي تكررت، اسم "خالد" في قصص "ذاكرة جرح، العرس الأبيض، العمر الجديد"، وأسماء "ثائر ، نضال، جهاد" في قصص "الروح الغائبة، الحب الممنوع، الموت الأحمر، اللقاء الأول والأخير"، واسم "أبو محمود" في قصص "عندما تبكي الجبال، طوق الكرمة، العمر الجديد"، أما اسماء الشخصيات النسائية التي تكررت، اسم "فاطمة" في قصتي "عندما تبكي الجبال، الموت الأحمر"، وهناك اسماء ذكرت لمرة واحدة مثل "شيماء، فيحاء" في قصة "ذاكرة جرح"، "ناتالي" في قصة "الحب الممنوع"، "أبو طه" في قصة "الهروب من الموت إلى الموت"، "أبو جميل" في قصة "حب وجنون"، "مسعود" في قصة "حق تاريخي"، "ياسين الزعبي" في قصة "الموت الأحمر"، "نورس طه ومريم" في قصة "الموت الأحمر"، "حسن، كرامة، حسين، " في قصة "القاء الأول والأخير"، "محمد" في قصة "الفلسطيني الأخير"، "وردة" في قصة "الحبيب المنتظر"، "سعيد عطا الله" في قصة "ليلة القبض على سعيد عطا الله"، وهناك بعض القصص لم يتم ذكر اسماء شخصياتها، "المواجهة الأولى للموت، القميص الأزرق، أعراس الدم" وهي قصص تتحدث عن أطفال.
فالأسماء المكررة مثل "خالد، جهاد، ثائر، نضال"، لها دلة في المعنى، وتشير إلى طبيعة الشخصيات التي يرغب بها القاص وينحاز إليها، وهذا ما وجدناه في القصص التي ذكرت فيها، فكل هذا الشخصيات قدمت بصورة البطل المقاوم للاحتلال وبصورة ايجابية، أما اسماء "أبو محمود، فاطمة" فتأخذنا إلى انحياز القاص إلى الاسماء الشعبية الفلسطينية، التي يكثر استخدمها، أما الأسماء التي لم تكرر فهي أيضا جاءت بمعنى جميل وناعم، "وردة، شيماء، فيحاء، حسن، سعيد، كرامة، مسعود، أبو جميل"، فكل هذه الأسماء تحمل معنى جميل وهادئ، وهي تعكس طبيعة ما يحمله القاص في داخله، فهناك عالم جميل مترع بالفرح والبهجة يحمله القاص في عقله الباطن، لهذا جاءت الأسماء تحمل معنى حسن، أماء أسماء "محمد، ياسين، طه" فتأخذنا إلى الاسماء الشعبية التي تنحاز للثقافة الدينية، وكأنه بها اراد التأكيد على فلسطينية الأشخاص.
أما القصص التي لم يذكر فيها أسماء الشخصيات، فهي متعلقة بالأطفال، وكأن كلمة "طفل، طفولة" كانت كافية لإيصال معنى/فكرة جمال الشخصية، وأغنت عن استخدام أي أسم آخر، فهل هناك أجمل من لفظ "طفل/طفولة"؟، من هنا يمكننا القول أن عالم القاص "هيثم جابر" هو عالم جميل، يفيض بالبهاء والنعومة، كما يحمل أيضا مواجهة ومقاومة الاحتلال، جاء في قصة "اللقاء الأول والأخير": "حُكم على نضال بالسجن عامين، قضاهما وودع أباه على أمل اللقاء بعد عام، وأحفى المخيم بالإفراج عن نضال، أصبح مطارد واستشهد مع صديقه جهاد في اشتباك مع دورية عسكرية.
بعد شهرين من خروج حسين بدران، شعرت "كرامة" بدوران في الرأس وغثيان ورغبة في التقيؤ، تشبه ما شعرت بع عندما تشكل نضال الأول في أحشائها" ص74و75، من هنا يمكننا الوصول إلى طبيعة القاص، فهو إنسان يتطلع للفضاء بروح الحب والفرح، وأيضا يرفض أن يخضع للاحتلال، فهو كإنسان يرى أن الجمال يجب أن يحافظ عليه، وأن تُضرب كل يد تحاول أن تشوهه، وبما أن الاحتلال يمثل ذروة الظلم والشر، فكان لا بد من مواجهة لما يسببه من الخراب والموت، وهذا ما يجعل القاص إنساني في مواجهته ودفاعه عن الجمال ويعطيه مشروعية المقاومة.
سنحاول تبيان شيء من انحياز القاص للطفولة وللمرأة، لما فيهما من نعومة وجمال، جاء في قصة "القميص الأزرق: "..لم تكن تصدق أن طفل الثالث الابتدائي بلغ فتنة النساء قبل أوانه، ...وأنه سوف يشتري لها عشرة قمصان "زرق" تماما كالقميص الجميل الذي يجب أن يراها به...كفاها أكثر بياضا من طبشورة الصبورة قوامها الفارع يزيد قميصها السماوي رقة ونعومة" ص13و14، لغة الوصف الناعمة تجمع فكرة
بساطة عقيلة الطفل وجمال النساء معا، كما أنها تؤكد على أن القاص استطاع أن (يتقمص) دور الطفل تماما، فعندما استخدم "كفاها أكثر بياضا من طبشورة" كان يتحدث من خلال عقلية الطفل وليس الرجل الناضج، وهذا ما يجعلنا نقول أن القاص عندما لم يذكر اسم شخصية الطفل والمعلمة اكتفى بكلمة "طفل" لتقوم/لتكون بديلا عن أي أسم، فهي تبض بالحياة والجمال والفرح.
وفي قصة "ذاكرة جرح" يتحدث عن "فيحاء" المرأة القوية التي تتعرض للتحقيق والتعذيب وترفض الاعتراف للمحتل، القاص يقدم المرأة بجمال متعدد الأوجه، جمال ظاهر/خارجي: "فيحاء تغازل النجوم بعيونها الحوراء الواسعة كالمجرة...تعانق السحاب بقوامها الممشوق وجذعها الفارع الخيزراني" ص19، وجمال العقل والفكر: "ـ نحن لم نخلق للبيت والزواج والإنجاب ومتعة السرير" ص20، وجمال في المقاومة والصمود: " ـ لم أرتكب ذنبا.. لا أعرف أحدا.. لم أطلب شئيا من أحد" ص23، "فيحاء"/المرأة تنسجم بجمالها وفعلها وكلامها وشكلها مع اسمها، وهذا ما يعطي جمالها صفة الكمال المطلق، الذي يتوحد فيه الشكل مع الفعل مع الاسم.
المجموعة من منشورات سمير منصور للطباعة والنشر، غزة، فلسطين، الطبعة الأولى 2018.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي: معايير المجاعة الثلاثة ستتحقق خلال 6


.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا




.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي


.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس




.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني