الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أرض الصحراء الغربية بقيت دائماً تحت الرماد ...
مروان صباح
2020 / 11 / 2مواضيع وابحاث سياسية
/ واصلت هذه الحال محصول وإعادة محصول لبواعث امتناع الموضوعية والخصوصية على حد سواء ، فالصحراء التى انقلبت عشية الجلاء الكبير ، كان الانقلاب أشبه بالقنبلة الموقوتة التى تركها المستعمر من أجل استنزاف قوة الدولة وعدم تمكنها من الاستفاقة لعقود طويلة ، إذن ، خير ما فعلت دولة الامارات العربية عندما أفتتحت قنصليتها في الصحراء الغربية المغربية ، بالطبع هو إعتراف عربي ميداني الأول من نوعه بعد سلسلة إعترافات أفريقية مماثلة ، وهنا نؤكد على أهمية الوجود الدبلوماسي في هذه المنطقة الحساسة والتى حملت عبر التاريخ صراعات طويلة ، لأن منذ سقوط سبتة ومليلة والجزر الخمسة المتوسطية بيد المستعمر الإسباني في القرن الخامس عشر ، يتعبر التداخل فيها كان ومازال لاعتبارات سياسية واقتصادية ودينية وجغرافية واستراتيجية ، بل الصحراء الغربية مجرد استحضارها في أي منافشات أو مفاوضات ، يحضر معها تاريخ المغرب على الأخص وتاريخ البحر الأبيض المتوسط وتاريخ الصراع الإسلامي النصراني كما كان يسمى في الماضي وبات يطلق عليه حديثاً عبارتين ( الإسلام والغرب ) كعلاقة متلاقتين التى يقيمها واو العطف وتاريخ التوسعي للطرفين ، بالطبع كان حديثاً الكاتب الأمريكي هنتنغتون قد توسع حول هذه المسألة في كتابه الشهير صدام أو صراع الحضارات بعد وصول الخميني في إيران لسدة الحكم والإعلان عن مشروع ثورته الإسلامية ، وبالتالي لم تكن قضية الصحراء المغربية بعيدة عن ما يجري بين العراق وإيران ، شهدت ثلاثة عقود من الحروب الكاملة والمتقطعة ومن ثم المفاوضات المتأهبة ، وهو أمر كان ومازال يحتاج إلى فكفكة المصطلح المستجد قبل كل شيء ، ( الغرب والإسلام ) الذي يتم شحنه بعلامات عويصة ومعقدة تجمع بين ارتياب الحاضر وتخوف على المستقبل ، إذن الصحراء الغربية التى تتداخل بين المغرب والجزائر ومورتانيا ، تحتضن أرضها لقبائل التى انبثقت منها جبهة البوليساريو وشهدت إحتلال إسباني وقديماً برتغالي ، وبالتالي التفكيك يتعلق بتلك البواطن الأيديولوجية الظاهرة والكامنة .
بعد ما تعرضت له المنطقة من استخفاف أو حتى تراخي واقعي بفضل صعود قوة مقابلة ، قال أبن خلدون ابو العلم الاجتماع ، وقوله يضرب في جذور التعبير والتسديد البليغ والأسلوبي المختار ، لقد بدأت الدولة الإسلامية تفقد حضورها الطبيعي في حوض البحر الغربي للمتوسط منذ معركة طريف ( ريو سالادو ) 1340م التى تم فيها ذبح أولاد ونساء السلطان ابو الحجاج ، كانت المنطقة قد استوطنتها قبائل الصنهاجة الشهيرة ( الأمازيغية ) ، من جنوبي المغرب وأقصى الجنوب الموريتاني ، وبعد ذلك أسسوا المرابطون دولتهم على كامل الأراضي المغربية والأندلسية ، لكن ذلك أتَ بعد سلسلة تحالفات عقدتها هذه القبائل وشهدت بناء دولة بني زيري ولاحقاً دولة أوغست الإسلامية ، تعتبر جميع المعارك التى خاضتها المغرب في التاريخ سابقاً أو اليوم ، هي معركة واحدة ، السيطرة على ركيزة الاقتصاد الصحراوي كما فعلوا البرتغاليين في التاريخ ، فالصحراء غنية بأنواع الأسماك والثروة الحيوانية وايضاً أرضها تختزن معادن الفوسفات والنفط والغاز ، كما أنها منطقة جاذبة للسياحة ، لديها رمال ذهبية معشوقة من الغرب وشواطئ أطلسية ، كما أنها تحتوي على خزانات ضخمة من الملح وتُصدر ذلك إلى الخارج مع خامات النحاس والحديد والرخام والزركون والتيتان ، وتحديداً في عام 2000م بدأت شركة توتال الفرنسية بعمليات التنقيب في مجال الغاز والنفط .
فضلاً عن وقائع متبعثرة ليست قليلة الأهمية ، تماماً تأسست جبهة البوليساريو في20 أيار من عام 1973م وهو توقيت تزامنا مع جلاء الجيش الإسباني من الصحراء الغربية مع إبقاء الاحتلال على الجزر الأخرى ، سبتة ومليلية والجعفرية وباديس وليلى والخالدات ، جميعها مواقع استراتيجية ومناطق خلابة وساحرة وجاذبة وآخذة وأغلبها تبعد مئات الأمتار عن المياه الإقليمية للمغرب ، حاولت الدولة المغربية بشتى السبل إيقاظ قضايا الجزر عالمياً بالطرق السليمة ، لكن لا أحد لديه النية الاستماع ، بل نشط المغرب في منتصف السبعينيات بتنظيم مسيرة سلمية عرفت آنذاك بالخضراء ، شاركت وفود عربية وأجنبية من أجل دفع الإسبان للتخلي عن إحتلالهم للجزر ، كما دعى الرئيس الجزائري الأسبق بومدين المغرب أثناء وجوده بالقمة العربية بالرباط ، بضرورة استرداد الجزر الخمسة وحقها في الصحراء الغربية ، لكن الجزائر قدمت تاريخياً مصالحها على مصلحة الأمن القومي العربي ، عندما دعمت ومازالت تقدم الدعم لجبهة البوليساريو وهذا ساهم بشكل كبير في زعزعت الأمن الوطني المغرب ، وايضاً خلق أزمة المواطنة والهوية في الصحراء ومنع عنها التنمية ، وبالتالي ما جرى في الصحراء الغربية يتشابه في الواقع لتلك المحاولات الهادفة بنزع شبه جزيرة سيناء عن مصر ، من خلال تحريض الحكومات السابقة بإهمالها لكي تتعزز فكرة الانفصال .
تراكمت أوراق لجنة مينورسو في الملف ، اللجنة التى شكلتها الأمم المتحدة بعد وقف انطلق النار ، ولم تُنعش أي علامات على توافق حسي ، فما بالك أيها القارئ أن يكون رفيع مركزي ، باختصار الاستفتاء الذي ترغب به جبهة البوليساريو يهدف في جوهره إلى الانفصال ، وهو مشروع أوسع من مسألة الصحراء الغربية ، لأن بمجرد رضوخ الرباط للاستفتاء سيظهر تباعاً مطالبات مماثلة في الجزائر وتونس وليبيا ومورتانيا ، طالما مصطلح شمال أفريقيا يمتد من الشواطئ الأطلسية في الغرب إلى قناة السويس البحر الأحمر في الشرق ، وهذه المنطقة تعج بالقبائل والقوميات والأعراق ، وبالتالي فتح مثل هذا الباب هو في مضامينه تهديد للمنطقة بالكامل ، بل مساندة البعض لانفصال الصحرويون عن الرباط يؤكد عن قصور في الوعي كما كان الحال مع الخليفة يعقوب المنصور الموحدي ، فكل من هو ممعن بتاريخ العلاقات المغربية المشرقية يعي حجم التكلفة التى تكبدها صلاح الدين الأيوبي عندما الأول رفض مساعدة الأخير بمده بقطع بحرية من الأسطول المغربي .
بقيت النار ذاتها مضمرة تحت الرماد ، تركد تارةً وتحتدم سعيرها تارةً أخرى ، لهذا لكي يغلق المغرب ملفه الصحراوي بالكامل ويتحرر كلياً من أجل الالتفات بقوة للجزر المحتلة ، لا بد من فتح قنصليات عربية هناك وايضاً وضع مشروع وطني يلامس المواطن ، تماماً كما انكبت الحكومة المصرية الحالية في إعادة الأواصر التاريخية والوطنية في سيناء عبر حضور الدولة ، أي عندما قدمت الحكومة الخدمات وبدأت تتوالى المشاريع الكبرى ، بالطبع ، تغيرت نظرة ساكن سيناء ولم تعد فكرة الانفصال ضرورة طالما الدولة يتغير حالها للأفضل ، وبالتالي الانتماء لها يصبح غاية عامة ومطلب شخصي . والسلام
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الأدميرال ميغويز: قدراتنا الدفاعية تسمح بالتصدي للأسلحة التي
.. صدامات بين الشرطة وإسرائيليين عند معبر كرم أبو سالم
.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية ليلية تستهدف مناطق في مدينة ر
.. احتجاجات حرب غزة تقاطع حفل تبرعات للرئيس بايدن
.. ضربات إسرائيلية على مدينة حلب تسفر عن مقتل 38 شخصا من بينهم