الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألله يحب عباده العلماء

رياض رمزي

2020 / 11 / 4
كتابات ساخرة


من رمزيات رياض رمزي رقم 2
هل سيحالفهم النجاح هذه المرة؟.
لن يمروا كما قالها الثوار الأسبان.
عندما أُعلن أن الحجر سيستمر شهرا وربما شهورا ذهبت مع نهلة إلى بارك قريب تحسبا لعزلة قد تطول. وبدلا من مشاهدة الأخضر وأقول كما كان مانيه، حين يعود من جولاته، يقول" لقد شبعت من الأخضر" لكني قلت لنهلة أن الريح القوية تكف عن الهبوب فقط حينما تواجهها شجرة قوية. قلت ذلك مصطنعا أقصى الجد، وكأني أول من يكرر هذه العبارة معتبرا نفسي حجةً في استنبات جمل جديدة . بدلا من ممارسة أفعال المجاز قالت متذكرة عبارة كنت قد شرحتها لها عندما يبكي المطرب من شدة ألمه فيقول لزميله الجالس إلى جانبه مشيرا إليه"على الطيّب يعبر ونيني". استباقا لأي شكوى، قالت أنا جاهزة لسماع " المقتل". ساورتها الخشية من الاسترسال في ترديد أنشودتي الممجوجة عن البلاد العظيمة.
بلاد ليست غير ضحية مقصودة كأن هناك قوى تشبه ثملا ويمتطي حصانا حرونا في شارع يكتظ بالسكان. وجّه راكب الحصان قصده ليدهس الكثرة السائرة عامدا، أما بداع من ثأر قديم، أو أنه يسعى لإظهار قوته، أو يتعطش لتحقيق أنجاز غير مسبوق، وكأن إلحاق الأذى يقع ضمن مسؤولياته، أو كأنه يخشى أن تتصدع هيبته إن ترك السكان في راحة، برغم أنهم لم يتوقعوا الكثير لا منه ولا من دنياهم.
شاهدنا في القرب قناني فارغة مفرّغة تماما لم يترك شاربوها، وعادة ما يكونون بولونيون، حتى رائحة أو شميما خفيفا. قلت هذه القناني ربما أثنتهم عن الشكوى من حياة عادت عليهم بالضنك والهجرة. قالت أنت تختلق الذرائع وردّدت مثلا فلسطيني يقول" يا أخي دخّن عليها تنجلي".
ما جدوى المحاجة ونحن نرى تحت أبصارنا كل شهادات سوق مريدي يتم الاعتراف بها ، وهناك دلائل تشهدعلى درجة مثابرتهم في التحصيل؟. كلهم " صنايعية" وأساتذة في التحصيل أيا كان نوعه ودرجته. حتى أن البعض سيدعو إلى نصب تمثال لمريدي بدلا من عبد الجبار عبد الله. قلت دعني آخذ ما حدث وأرى النتائج بجلاء. كلا دعني أولا أستخرج منجزات المغفور له مريدي الذي سار على هدي أساتذته قُدّس سرهم الطوسي والمجلسي.... ثم أتابع النظر في منجزات البروفيسور مريدي نفسه وكيف طوّر علومهم، وسأستخرج مؤلفات له( مريدي) وأثبت بالبينة أنه حصل على شهادة حجة في علوم السطوح. إن اعترض أحد على ذلك سأريه المراهم التي كدّسها في صيدلية حانوته ضد لسعات الناموس التي ملأت جسده حين كان يقضي لياليه فوق وحانوته أو في بيته وهو يتوسد السطوح. نحدد أين تجلت انجازاته العلمية وسنرى أنه فيلسوف لا وجه للشك في قدراته على منح شهادات تفوق أرقى الجامعات، وهو يقدّم لهم علما ورثه عن أسلافه وأسلاف أسلافه.. وهي شهادات علمية ومهنية عالية حصل منها على وسام سليل علوم أهل الدار. بما أننا نعرف أن لكراهية أهل البيوت صنوف فسنصدر بعدها مرسوما يعاقب كل من يشكك أو يسخر من نلك العلوم ويجعلها مثار ظن أو سخرية. لأهل الدار علمائهم وعلومهم وغالبا ما ينصح بنقع الصحائف التي حوت حروففا من علومهم كأدوية علاجية لمن يحتاج لغوث طبي.
سنقوم أولا بإثبات صدق نبوءات السيد مريدي. هو من قال أن المهدي عجّل الله فرجه سيهبط من السماء بوسيلة وهي ثقوب مصنوعة حسب الطلب يُحدثها المولى أسمها الثقوب السوداء. إذن هي ليس فيها ضرر كما يدعي علماء الأمم الكافرة، بل لها فائدة وستدين لها البشرية بالفضل لأنها ستسهل مرور الإمام من رحاب الرب حين ينزلق عن طريق تلك الثقوب إلى الأرض. حسنا هي ثقوب سوداء وليست صفراء. لماذا؟. لأن الأسود هو الزيه الرسمي للمهدي عجّل الله أطلاق سراحه. وسيتم بالشواهد المرئية إثبات أن جسده بعد ألف عام على غيابه لم يتعرض لأذى، لأنه كان يسكن في مسكن عميق الغور في منطقة الإسكيمو التي شُيّدت له وسع السماء السادسة، كي لا يصيب جسده التلف. لماذا يُسأل البروفيسور مُريْدي كذلك هو اسمه بقرار حوزوي، إذ تم منع لفظ أسمه بطريقة السخرية فيها بادية الوضوح( كي لا يعرف إبليس وزبانيته موقعه فيرمون كل المواقع الثلجية بشواظ من نار. هناك طالب له سمعة سيئة لأنه علماني كما يقال، قال أن سبب الثقوب سببٌ بشري. صعد الغليان في رأس الفيلسوف مُريْدي وبدأ يصرف أسنانه حتى بلغ به الغيظ مبلغا جعله يصرخ" فظنا من هاي السيرة التي تدعي العلم وإلا حرمتك من مصدر عيشك". قال ذلك وهو يجلس على منصة الأساتذة جلسة ملاح في قمرة القيادة واضعا تربته وسبحته على المنصة كأنها لوحات التحكم في كابينة القيادة.
بدأ الطلاب يعتبرون الدرس برمته مكانا يبعث على المتعة. حيث يُسمع في الفرصة طنين عال للمقتل مرتّلا بصوت الكعبي الشهير. كان ذلك في أول يوم من أيام فتوى تنصيبه بروفيسورا في علوم أهل الدار وكل ما جاورها من علوم.
عندما دخل لأول حصة تدريسية ووجد البنات والولد يدرسون جنبا إلى جنب، أطبقت الكآبة عليه وقال همسا لنفسه يمينا لأجعل الدراسة عَلَوية وأحولها إلى مزية تحسب لصالح أهل الدار. أسند نفسه على الجدار وراح يفكر. قام أولا بإدخال أبن عمة زوجته الرابعة في الجامعة وألحقه في الدرس، كانت مؤهلاته أنه يعرف القراءة ولا يعرف الكتابة ولكن، كما فكر البروفيسور، أنه لتحسين الدين على أكمل وجه لا بد من تنازلات تجعل موقفنا صوابا، وعلينا أن لا نلجأ إلى تهالك على مبادئ قد يشل أيدينا عن رفعة ديننا. كانت آلامه في محلها، هناك إصلاحات أخلاقية يتعين تحقيقها. في الدرس الأول شاءت مصادفة حسنة أن تهطل الأمطار بعد طول انحباس فنهض أبن عمة زوجته الرابعة وصرخ من أعمق مكان في قلبه المؤمن وهو يشير إلى المنظر البهي لتساقط المطر: أللهم صلي على محمد" توقف وقال بصوت جهير" وآله". ثم أخرج من جيبه مرش ورد عطّر القاعة، فعمت روائح الكافور التي عصفت بأنوف الجميع فلزموا السكينة. قال البروفيسو، بعد أن أقسم بأبي فاضل دون ذكر اسمه بل بكنيته، أنه سيقاتل كل من يكون موضع شبهة في الصف. وجاءت صرخة التهليل مرة ثانية من ابن عمة الزوجة الرابعة. تعقب البروفيسور الجميع بعينيه الصقريتين وقال بلهجة شعبية " كلكم راح تفرحون من التغيير باجر". سوف يأتي السيد بعمل محبّب لأهل الدار، كما أوضح أبن عمة الزوجة.
نهض البروفيسور من ليلته مفزوعا وظهر له في الحلم من قال بكلام لم يبد خفوتا في الصوت، تزعزع كيان السيد حين قال له رجل الحلم" الحرص على الأخلاق فريضة دينية. يجب مسك الغارقين في الخطايا من معاصمهم كي تكونوا أشد تشريفا بتعاليمنا". لم يختل توازن السيد من الحلم بل شعر أنه كُلّف بمهمة تبعث الفخر فيه. ذهب في الصباح إلى سوق قريبة، وقعت عيناه على ستارة سوداء طولها خمسة ياردات أشتراها من جيبه الخاص، ثم أشترى سكة حديدية بنفس طول الستارة مع مسندين من حديد. جاء في اليوم التالي مع عامل قام بنصب سكة الحديد وعليبها ستائر مسدولة طوال الصف من منصته إلى الجدار، قام بعزل البنات عن الأولاد. ما أن تم العزل حتى نشأت مشكلة أخرى فالأولاد طالبوا بأن يكون في الجانب الآخر من محيط العزل بنات من نفس العشيرة، للحصول على راحة السكن قرب أهل القربى، كما هو الحال في قواطع مدينتهم. طالب طلبة عشيرة آل مقص بذلك، تبعهم طلبة عشيرة حلفاء البراري، ثم أفرادة قبيلة سواعد النشامى. نظر البروفيسور بنظرة أبوية لما صنعه فكره المؤمن بتراث أهل داره. لكنه لاحظ لغطا في نهاية الصف، أراح وجهه على أصابعه كي يتبين ما يحدث وجد ما هو أدعى للاستغراب. هناك مجموعة أطلقت على نفسها ألبدون. أنهم أبناء المدينة الذين لا ينتمون لعشيرة. توجّب على البروفيسور أن يحل المشكلة فورا. جاء في اليوم التالي ومعه ثلاثة وعشرون كيسا من النخالة وزعها على الطلبة البدون مع قائمة برؤساء عدة عشائر تحت عنوان" الكلائط فخر العرب". طلب من كل طالب اختيار مضيف كليط، يذهب إليه لينثر النخالة أمام الشيخ طالبا الهداية منه تمهيدا لقبوله عضوا في العشيرة. كانت حكمة بالغة جعلت كل فرد عضوا في عشيرة كمرجع يستند إليه.
مرت على الحادثة عدة أيام حيث حصل كل طالب على حماية من قبيلة، يسهل استدراج عونها في وقت الملمات. وبعد أن حصلوا على ما يثبت إنسانيتهم، بدأ الدرس الأول في علوم فقه الدين. سؤال واحد شكل مضمون الدرس الأول. قام سائل بطرح السؤال التالي " أيها البروفيسور مرضت أختي.." أسكته البروفيسور وكأنه فقد صوابه من عبارة أختي، قال" قلْ رضيعتي". تابع الطالب سؤاله قائلا" مرضت رضيعني وكان ألمها شبيها بقرصٍ يلسع، نصَحَنا المومن، كما قال، أن نسقيها من حليب فرسنا بعد أن نطعمها عشبا قريبا من مرعى نبت فيها حشيشٌ موشح بدموع موالينا أين نصبت قرب الموقع خيام عزاء، تغرّد عليه طيور الجنة التي ترافق نموه". قال المومن" هو غذاء مصنوع حسب الطلب لعلاج محبي أهل الدار". تابع الطالب كلامه قائلا" ألم الشفاء بها سريعا، انتعشت ولبست ثوبا تناثرت عليه الزهور وخضرة وكفوف مطبوعة على الثوب وهي أشارات أدركناها تمام الإدراك. يا سيادة البروفيسور هل يصح لنا أن نركب الفرس؟". صرخ البروفيسور كما ليس بوسع أحد الصراخ، وظهر عبوس على وجهه وهو يجالد لمنع نفسه من البكاء" أنها أختك بالرضاعة". ثم صرخ وهو في حالة ارتعاش" هل يصح لك أن تركب أختك؟". نهض ابن العمة وأطلق هتافا جعلت بروفيسوره يكْبر بأعين طلابه " أللهم صلي على محمد" ثم سار صوته صعدا نحو منعطف" وآل محمد".
استنار وجه البروفيسور. استجمع نفسه ناهضا وقام طالبا صاحب السؤال وانهال بالتقريظ عليه. اجتذبه جانبا ووعده ، كما تم الاتفاق عليه، بأعلى درجة لأنه قام بما كُلّف به من مهمة خير قيام.

هدف حاملي الشهادات الجديدة فرض كامل السيطرة على من لم يشارك. كيف؟. ثمة تجاور خطر بين الثلاثي: الجهل والدين والمال. إن توافرت لرجل دين الشهادة العلمية فسيبدع الأعاجيب. يقول أحد الوعّاظ وهو دكتور من حملة شهادات سوق مُريْدي، أن أعداء الحسين يُشحنون إلى الجحيم بقطار حمولات يرميهم في المطْهر بدون تدقيق. يتحولون أولا إلى غربان سوداء. حالما يبدأ ريشهم بالتطاير فأن عملية سلقهم وشوائهم قد بدأت. هذا التسونامي البشري يحدث فقط عند وصول أعداء أهل البيت إلى بوابات الجحيم. تحويل الصورة إلى واقع هدفها ليس بعث السرور في قلوب مشاركي الطقوس، بل إدخال الفزع بقلب من لم يشارك، باعتبارهم المطرودين من الفرقة الناجية. أنها مسحة من استخفاف وعدم اكتراث بحياة من لم يشارك في الطقوس. أنها صورة ما تفتأ تعاود الجهلاء وما أكثرهم، كي يسهل تطويعهم واستدراجهم. عندما كان يُبطش بأعداء أهل الدار لم يكن يعصف بأفراد الفرقة الناجية القلق، فهي قد اغتسلت بالطين وعوت كالكلاب وركضت الركضة الشهيرة ولا يمكن أن يكونوا من ضمن ركاب الحمولة سيئة الصيت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة